الرميد يعلن قرب الاستقلال التام للسلطة القضائية عن السلطة التنفيذية

فنن العفاني
أعلن مصطفى الرميد وزير العدل والحريات أن المغرب سيشهد خلال الأشهر القليلة المقلبة حدثا ديمقراطيا تاريخيا يتجلى في الاستقلال التام للسلطة القضائية عن السلطة التنفيذية، وذلك بانبثاق المجلس الأعلى للسلطة القضائية انتخابا وتعيينا، بعد المصادقة النهائية على القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة.
إعلان الوزير جاء خلال تقديمه لحصيلة الإصلاح القضائي والتي قدمها تحت عنوان”الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، مطلب شعب، وإرادة ملك، وإنجاز حكومة”، وذلك في ندوة صحفية عقدها أول أمس الثلاثاء بمقر المعهد العالي للقضاء بالرباط، بحضور رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران .
وقد أكد مصطفى الرميد، في هذا الصدد، على نجاح مسار تنزيل ميثاق إصلاح منظومة العدالة، والذي استجاب لمضامين الدستور والمعايير الدولية في المجال، بدليل أن كل المؤشرات تترجم ذلك انطلاقا من التقعيد القانوني الذي يعد أحد أوجه إرساء هذا الإصلاح، والمصادقة على القانونين التنظيميين الخاصين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، مرورا بإقرار عدد من التدابير والإجراءات من أجل الوصول إلى قضاء مستقل نزيه وفعال.
وبعد أن أشار الرميد، خلال هذه الندوة الصحفية التي تأتي على بعد أشهر معدودة من نهاية ولاية هذه الحكومة، على أن الإصلاح نتاج لجهد تشاركي، ودعم ملكي، شدد على أن ضمان استمرار نجاح هذا الورش يتطلب مواصلة التعبئة وبذل المزيد من الجهد والتحلي باليقظة والوعي بمدى جسامة المسؤولية.
وأوضح الوزير أن الإصلاح الذي يعد مطلبا للمواطنين ومطمحا للمستثمرين يروم تحقيق منطوق فصلين دستوريين، ويتعلق بإصدار أحكام عادلة في أجل معقولة وقالبة للتنفيذ. وهذا الأمر يتطلب، بحسب المتحدث، توفير محاكم ذات بنايات لائقة تستجيب لمتطلبات تقديم خدمة العدالة للمواطن، وموارد بشرية كافية ومؤهلة، وقضاء مستقل ونزيه فعال”، مستطردا بالتأكيد “إن ما تحقق، سواء على مستوى الإصلاح المؤسساتي والقانوني والإداري، خاصة باعتماد المحكمة الرقمية،  قد يتجاوز ما هو معمول به في بلدان متقدمة كفرنسا، وبلجيكا، وهولندا، وبريطانيا.
ومن أجل تحقيق قضاء نزيه، أشار الرميد إلى اعتماد مقاربة متعدد الأوجه، إحداها تتأسس على التحفيز حيث تم تسجيل زيادة تاريخية في أجور القضاة في الدرجات الثلاث، إذ بمقتضى مرسوم 23 يناير 2014، فاقت نسب الزيادة في أجور القضاة حديثي التعيين 52 في المائة، حيث وصل الأجر إلى 14 ألف درهم و346 سنتيما، كأعلى أجر يتربع على هرم أجور الوظيفة العمومية، فيما ارتفع أجر قضاة الدرجة الثانية إلى 16 ألف درهم و774، بنسبة تتجاوز 31 في المائة، أما قضاة الدرجة الأولى فبلغ أجرهم 21ألف درهم و589 بنسبة تتجاوز 16 في المائة.
وأضاف أن هذه الزيادة استفادت منها أيضا هيئة كتابة الضبط، وذلك منذ سنة 2011، بشكل بوأت كتابة الضبط مكانة أجرية عالية، كما تم تخصيص تعويضات لهم لأول مرة عن الإدارة القضائية وعن الديمومة وعن الانتداب، كما استفاد أيضا المحامون بمقتضى مرسوم المساعدة القضائية، حيث تم رصد مبلغ 60 مليون درهم في الميزانية السنوية قابلة للزيادة كل سنتين.
وشملت مقاربة التحفيز كلا من المفوضين القضائيين حيث تم الرفع من تسعيرة أجورهم وفقا لقرار مشترك بين وزارتي العدل والحريات والمالية، حيث بات تسليم الاستدعاء الذي كان بسعر 30 درهم، أصبح ب50 درهم،مع إضافة 3 دراهم لكل ذهاب وإياب، مشيرا أن مشروع مرسوم يخص تحددي أتعاب الموثقين يوجد في طور الإنجاز، هذا مع الإشارة إلى أن كافة المهن القضائية خصص لها دعم في مجال التكوين.
وفيما يخص بمحاربة الفساد والرشوة في الوسط القضائي، أكد الوزير أن القضاة ملزمون بالتصريح بممتلكاتهم، وأن إجراءات الرقابة على ثروة القضاة وتتبعها تضمنها القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، حيث مكن الرئيس المنتدب للمجلس من تتبع ثروة القضاة، وإمكانية المتابعة التأديبية في حق كل قاض تثبت زيادة ممتلكاته خلال فترة ممارسته لمهامه زيادة ملحوظة لا يستطيع تبريرها بصورة معقولة.
وكشف المسؤول الحكومي أن عدد الشكايات التي تتوصل بها الوزارة بادعاء فساد القضاة وموظفي كتابة الضبط والتي تحال كلها على المفتشية العامة، بلغت خلال سنة 2015 نحو 729 شكاية، أحيل منها 489 على الجهات المختصة، وأنجزت منها 229 شكاية، كما توصلت المفتشية ب55 أمرا بإجراء البحث، 38 منها انتهت بشأنها أبحث وأنجزت بصددها تقارير، مضيفا أن العملية أسفرت ما بين سنوات 2012 و2015،عن  إحالة 109 قاضيا على المجلس الأعلى، اتخذ في حق 29 منهم قرار العزل، فيما تم الإقصاء المؤقت عن العمل بالنسبة ل33 قاضيا، وتوجيه التوبيخ ل13 قاضيا، والإنذار ل 9 قضاة، فيما تم تأخير الترقي من رتبة إلى رتبة بالنسبة لقاضيين.
ومن جانب آخر أقر المسؤول الحكومي يبطئ معالجة ملفات جرائم الأموال والتي تعود لكثرة الملفات المحالة على الفرقة الوطنية، مذكرا بهذا الخصوص بمختلف المبادرات التي قامت بها الوزارة في مجال تخليق الحياة العامة،وتسريع معالجة القضايا المطروحة على القضاء  منبها إلى التعقيدات المحيطة بالجرائم المالية والاقتصادية والتي تتطلب تكوينا خاصا لقضاة التحقيق حيث أن الملفات تقتضي دراية بقراءة المعطيات المالية والبيانات المحاسباتية .
وأعلن فيها هذا الصدد عن إحداث أربعة فرق جهوية للفرقة الوطنية للشرطة القضائية والدرك الملكي مختصة في الجرائم المالية، وذلك لمواكبة عمل النيابة العامة في جرائم الأموال بكل من مدن الدار البيضاء، والرباط، ومراكش، وفاس، كما سيتم دعم أقسام جرائم الأموال بقضاة متخصصين وبالوسائل اللازمة لتسهيل معالجة الملفات.
وكشف ارميد أن الحوار جار مع رئيس المجلس الأعلى إدريس جطو لبحث إمكانية إحالة الملفات ذات الطابع الجنائي المسجلة من قبل قضاة المجلس الأعلى للحسابات بشكل مباشر على النيابة العامة، دون المرور على وزارة العدل والحريات ومرحلة البحث والتحقيق من لدن الشرطة القضائية.

Related posts

Top