الشاعرة المغربية مليكة كباب: صرنا نعاني حالات اغتراب وغربة داخل أنفسنا

تقول : «إن كل دواوينها الشعرية تصب مضامينها في بعد إنساني بلا حدود بين قضايا اجتماعية وتربوية تجسد الانتماء والهوية وصورا في الرومانسية بين الألم والفرح بهدف الإصلاح والبناء، من أجل النجاح. هذه الدواوين عبارة عن صرخة في نداء بصوت وصورة المرأة المغربية والعربية وبكل لغات العالم: أشكُلُ لغة الخوف .. لغة التحدي ….لغة الجمال .. لغة العشق .. لغة الوطنية ..لغة الكيان والكرامة.. لغة العزم والإرادة في سبيل النجاح «.
أصدرت سبعة دواوين: من أنا؟ إلى متى؟ هل سيعود؟ لمن؟ ولم الخصام؟ ألم تر؟ وماذا لو؟
إنها مليكة كباب، الشاعرة المجددة التي تتنفس لغة الشعر وروعة القصيدة. في هذا الحوار نلامس جزء من عوالمها الإبداعية الرحبة والواسعة.

المتتبع لمسارك الإبداعي / الشعري يقف عند العناوين، حيث جيئت كلها عبارة عن سؤال مقلق، من أنا ؟ إلى متى؟هل سيعود٠٠ ؟ لمن٠٠ ؟ ولم الخصام٠٠ ؟ ألم تر٠٠؟ وماذالو٠٠؟ لماذا هذا الاختيار، وما هي مرجعيته الفلسفية؟
< المرجعية الفلسفية في كل تساؤلاتي هو السؤال الوحيد الذي اطرحه على نفسي، لماذا أنا موجودة، في هذا الكون الواسع الذي يحضنني وأمثل فيه دور المرأة كعنصر كامل وأساسي يرتكز عليه المجتمع، دور التكوين والبناء، فكانت صرختي عبارة عن نداء بصوت وصورة المرأة وبكل لغات العالم أترجمها في لغة التحدي، لغة البناء، لغة الجمال، لغة العشق، ولغة التكوين، هل أنا كائن حي في الوجود أم أنني مجرد أداة تسلية عابرة في التواجد، من أنا من أجل تحقيق الذات، فإلى متى سيظل الخصام مع النفس وإلى متى سيظل الحصار في دوامة اليأس، وهل سيعود ذاك الحنان والحنين إلى الزمن الجميل، إلى الحب الذي يقوينا ويجعلنا نبني المعجزات. نعود إلى تلك القيم التي افتقدناها من أمن وأمان واستقرار في العالم العربي خاصة. ولمن نقص هذه الحكايات التي باتت خرساء صماء، لمن نرقص ولمن نغني، لمن نقرأ في زمن باتت فيه القراءة صعبة والكتابة صعبة لإيجاد خطاب جميل سليم لجيل يعتمد عليه مستقبلا في بناءالمجتمع.. لم يعد يبالي بالتقاليد ولا بما تركه الأجداد من كنوز وقيم تحدد له ما يريد من عصر سلبياته أكثر من إيجابياته. حاولت في ديواني ألم تر؟ أن أجسد هذه الرؤيا والإحساس بالانتماء والوطنية بالعقل بالعين والقلب في شتى مواضيع اجتماعية وإنسانية تركت أ ثرا بالغا في نفسي كما في ديواني ماذا لو الذي يدعو للصلح والتصالح مع الذات، مع ا لمرآة التي تعكس حاضرنا ومستقبلنا.
> أيضا أنت غزيرة الكتابة والإصدارات. ما سر هذه الشهية الإبداعية المفتوحة؟
< هي تراكمات ومعاناة داخل واقع حي ملموس غلبت عليه الأنا والأنانية المفرطة، قل فيه التضامن والتعاون، صرنا نعاني حالات اغتراب وغربة داخل أنفسنا ووطننا، تباعد الكل عن الكل وخسرنا الدفء الأسري في تقليد أعمى لمناهج في الحياة حسبوها تقويما وتقدما بقدر ما هي تدمير للمبادئ التي تعلمناها من آبائنا وأجدادنا تتجلى في حب الوطن وحب الآخر في التضحية والعطاء، في الوفاء والإخلاص، في الضمير الحي، في المساندة بيننا من أجل البناء. حين أرى التلوث ولا أستطيع أن أقوم بواجب النظافة، حين أرى خبث النفوس ولا أستطيع أن أغير ما بها، حين أرى الفساد والضياع والتشرد في عيون أطفال يتامى، في قلوب شباب حائر متهور غير مستقر على وضع تائه وراء الفشل غير قادر على زرع نقطة أمل وتفاؤل لا يجيد المسؤولية يتألم ليس من الفقر بقدر ماهو افتقار للعزم والإرادة والنضال من أجل النهضة والتوعية لزرع خيوط الحب والأمل والتجديد. فلنغسل قلوبنا ونغير ذواتنا قد حان الوقت لنتحد ونصنع الأمل، نراهن من أجل الوصول والنجاح.
> في تقديم ديوانك الموسوم بـ ” ماذا لو..؟ يقول الدكتور: فوزي الخطبا: ” تعبر نصوص الأديبة مليكة كباب عن ذات كونية متحدة مع إنسانيتها وهواجسها وتطلعاتها، وهي تحمل رسالة قضية تؤمن بها وتصدر عنها..”، ماهي القضية الإنسانية التي تحملها مليكة كباب في قصائدها وفي وجدانها الإبداعي؟
ـ قضيتي الإنسانية والتي يحملها وجداني الإبداعي هي قضية سبب وجودنا وتواجدنا في هذه الحياة، تحمل لواء الحب عاليا في سماء الكون، إنسانية بلا حدود.. نواسي بعضنا البعض، نحب بعضنا البعض، نساعد بعضنا البعض فخير قوة المجتمع في اتحاده بقدر ما هم على كلمة واحدة. هدفنا الارتقاء بالروح وإسعاد البشرية جمعاء، لم البغض والحسد لم التفرقة الحروب دون انتهاء.. في الأوطان وفي العالم أجمع. كل الذخائر تنتهي والكلمة الطيبة تتعالى في سماء المعرفة.
> في إهداء، ديوان ” ماذا لو… ؟ تقولين:
< … مشتاقة أنا .. لرؤياكم، وفية لعهدكم. عاشقة..”، من تقصدين تحديدا بـ “رؤياكم”؟.
ـ مشتاقة أنا لرؤياكم، حتى في الحلم وفية لعهدكم وكأن لي موعدا مع قرائي أحبائي الكرام عبر صلة الحرف الراقي البهي الذي يجمعنا روحا قلبا وقالبا. يجمعنا في لقاء حميمي شيق حيث ترتقي أرواحنا، حينها أجدد وفائي وعهدي، على قسم أني لن أخون العهد الذي اتخذته مع نفسي اتجاه وطني وبلدي وأهلي وعلى تراب أقدسه وأنا خاشعة أني مهما أعطيت أو بنيت، مطالبة بأن تتواصل صرختي وندائي عبر كل الأجواء أني لا أستطيع العيش دون هذا الحب الروحي الذي يجمعنا شوقا واشتياقا بحنين العودة إلى أصولنا.
> ثمة جمال حسي في قصائدك، تتالي الصور مادية ملموسة،صور الواقع، المقاومة، التحدي، الحلم، الحب، الإنسان، العشق والأصوات. ألا تخافين هذا الجمال الذي قال عنه مرة راينر ماريا ريلكه بأنه ليس سوى بداية الرعب ؟
< حقا يصير الجمال بداية الرعب حين يتخلى عن الروحانيات و يرتبط بما هو مادي، ولا يرعبني الحرف حين يصول ويجول بداخلي ليشدني بكل ما هو جميل مكتمل، لا ترعبني نظراتي إلى الأفق البعيد حين أتكلم عن التحدي والعشق والجمال والمقاومة وتصحبها دموع تأبى أن تجف. كل قطرة من السماء سقطت إلا وبها الأرض ارتوت لتثمرزرعا.. يزيد في العطاء.. ولكن يرعبني القلم، وهو تنزيل من السماء حين يأبى أن يكتب عن الصم والبكم فيه يصرخ الألم ولا تنتهي مأساتي بحكايتي في قصيدتي. مرجعية الداء عند الشاعر النمساوي الأصل راينر ماريا ريلكه حين قال أنه لا يعيش في الأحلام التي ربما تكون المستقبل بل يعيش على تأملات المستقبل وحسب قوله كذلك كل ما هو فظيع يحتاج للحب وأنا بدوري أقول بكل الأصوات بلغة العشق والجمال ومن جسر التسامح بالحب نتحدى الألم.
> أعود معك إلى الشعر، إلى هذا السر المفتوح الذي أسميه القصيدة، إلى هذه اللغة الجميلة. داخل اللغة ما الذي يؤسس القصيدة؟
< داخل اللغة تتأسس القصيدة صورة ونغمة وإيقاعا وبلاغة ومجازا من اللغة المكتملة، هي القصيدة حدث تهابه اللغة.
> بم تشعرين بعد كل هذه الأيام المليئة بالقصائد .. أي لحظة روحية تعبر الآن؟
ـ أشعر بأني ما زلت لم أكتمل بعد ولم أصل إلى هدفي المنشود. أن يكون الحرف ببهائه هادفا يحمل كل معاني الارتقاء والجمال.
> مع من من الشعراء تحسين بقرب روحي؟
<ـ قرأت للعديد من الشعراء العرب والعالميين وتأثرت كثيرا بما يحملون من هاجس وطني وعربي وإنساني، والأسماء كثيرة، أذكر منها جبران خليل جبران، أبو القاسم الشابي، محمود درويش، نزار القباني وطاغور.. لكن أحس بالقرب الروحي أكثر مع شاعرين يسكنان وجداني وكياني.
منذ ولادتي من طفولتي إلى شيخوختي وحتى الممات: أبي ووطني، حين يتكلمان ينحني البحر خشوعا لمعنى العطاء والحب.

حاورها : محمد معتصم

Related posts

Top