الفنان الفوتوغرافي حسن بدر الدين

تراود الفنان الفوتوغرافي حسن بدر الدين رغبة أثيرة في العودة إلى بلده المغرب، ليتقاسم تجربته الفنية مع الجيل الجديد من المولعين بعالم الصورة.
 ويحكي حسن بدر الدين باندهاش كبير، عن سبب انجذابه المبكر لهذا الفضاء السحري، ويتذكر ذات طفولة بعيدة، الصورة الأولى التي التقطها له أحد الأقارب في الوقت الذي أحس فيه الطفل بإحراج كبير، عندما تذكر بأن قدميه حافيتان، لكن المصور وعده بتدارك ذلك بعد لجوئه إلى الغرفة المظلمة، ليرى الطفل بأم عينيه كيف تم تركيب نعال في رجليه وجعله راض على  الصورة.
بلحية مشذبة بعناية فائقة تليق بعارف لأسرار الغرفة المظلمة، يتذكر ابن مدينة الدار البيضاء، سنة   1964، سفره قبل سنوات خلت إلى إيطاليا وتعرفه على معلمه الأول الذي سلمه صك الاعتراف بموهبة فنية صاعدة. وسرعان ما ستعتبره مجلة «فوتو إيطاليا» الرائدة في عالم الصورة أوروبيا «ساحر الصورة وشاعرها’»، بعد أن أصبح أحد العلامات المضيئة في فن التصوير الفوتوغرافي في إيطاليا وخارجها.
 ولأنه فنان يؤمن بفضيلة الاعتراف لا يتردد حسن بدر الدين في تكريم معلمه الأول الإيطالي ماريو جياكوميلي، كما أنه لا ينسى عميد المسرح المغربي الراحل الطيب الصديقي، حيث يقدم معرضا يحمل اسمه بالإضافة إلى معرض «شظايا الصمت» بمسرح محمد السادس بمدينة وجدة.
 وفي هذا الحوار يمني حسن بدر الدين نفسه الأمارة بالفن، بأن يلقى هذا الاعتراف الذي حظي به في الخارج صداه في بلده المغرب، لأن وقعه سيكون مضاعفا ويجعله يبدع أكثر داخل الفضاء الذي يحتل كيانه رغم تجربة الاغتراب الطويلة التي عاشها في إيطاليا.

> في  صورك يلاحظ أنك ترسم بعينيك لوحات فنية، هل أثر فيك الفن التشكيلي إلى هذا الحد؟
< أعيد عبر التصوير، قراءة  الطبيعة، وذلك من خلال تقديم صيغة مؤثرة للمشاهد الطبيعية في بعض الأحيان. فالتصوير بالأساس غنائي، ومركز اهتمامي الإنسان، بكل أعباء ألمه، وبنبضات روحية وصوفية تمنحنا النشوة والابتهاج.
> تشتغل في صورك على الأبيض والأسود هل يرجع ذلك إلى تشبثك بالأصل أم أنك ذلك يساعدك على الاشتغال والتحكم في الضوء والظل؟
< أنا أحب اللونين الأسود والأبيض، فالأسود يثير الظل الذي يخفي كل ما عندي من آلام، والأبيض هو الضوء الذي يلغي كل شيء في طريقه. وأنا أتكلم من غنائية مجردة و”رائحة”،عند استحضار روائح كيميائية لطبع الصور في غرفة مظلمة. رؤية الصورة تخلق تحت عينيك، إنها صناعة السحر، التي نفتقدها اليوم.
> إلى أي حد ساعدت التقنيات الحديثة: الفوتو شوب والمونتاج الرقمي في التأثير على الصورة؟
< من قبل كانت للصورة مصداقيتها لكن اليوم من الصعب أن نعتقد بها، بعد مرورها بمرحلة ما بعد الإنتاج   الفوتوشوب، و(خاصة الريبورتاج).
> تمزج بين التشكيل والتصوير في لوحاتك، حيث تجسد في بعضها الأسلوب التجريدي. هل هذا الاختيار مرتبط بكون الواقع تجريدي في أساسه؟
< أنا فنان فوتوغرافي، الفرق يكمن في  استخدامي لأداة ميكانيكية، لا أقوم باستعادة الطبيعة، أنا أعمل على تحويل الواقع لقول الأشياء، فأعمالي تنتمي إلى التشكيل التصويري أكثر من التصوير.
 فالصورة لا تخرج بسرعة مثلما يحدث مع آلة النسخ، فهي تبقى محصورة في زمن سرمدي  لتطوير شعرية النظرة التي تمثل بالنسبة لي العلامة والشكل.
 > ألا ترى أن العرب خاسرون في معركة الصورة؟  
< لا أعتقد أبدا أننا خسرنا، فنحن في البداية. ففي النهاية الفن ليس منافسة في رأيي.
 > ما الذي يمكن فعله لانتشار اللوحة الفوتوغرافية في الوطن العربي؟
< أولا وقبل كل شيء، أن تكون لنا ثقافة الصورة، وبعد ذلك الصدق الفكري لأنني أومن بأن العلم هو الصدق.
 > كيف تصف وضعية الفنان الفوتوغرافي العربي؟
< أعتقد أن الفنان العربي، في ظل الوضع الحالي، يعيش موقفا لا يحسد عليه، حيث يفتقر إلى شجاعة المواجهة ولا ننسى أنه يفتقر أيضا إلى ثقافة الصورة.
> ما هي الصور التي تمنى حسن بدر الدين أن تكون من إبداعه؟
<  بالتأكيد صور معلمي ماريو جياكوميلي.
 > بصفتك عارفا بأسرار الغرفة المظلمة، ما هي نصائحك للمريدين الجدد؟
< الأمر يتطلب بعض الوقت، إنها طريق طويلة.
> من هم المصورون الفوتوغرافيون الذين تأثر بهم حسن بدر الدين؟
< كان لي الحظ أن يكون لي معلم مثل ماريو جياكوميللي، وأنا أيضا أحب الفنانة الفوتوغرافية
الكبيرة تينا مودوتتي،  وباختصار أميل أكثر إلى المدرسة الإيطالية.
> ما الذي يمثله ماريو جياكوميلي بالنسبة لك؟
 < ماريو جياكوميللي بالنسبة لي المعلم، كان مثل الوالد أو صديق ترك أثرا غير قابل للمحو.
> كيف ترى رحيل عميد المسرح المغربي الطيب الصديقي من خلال الصورة الفنية؟
< الطيب الصديقي إسم على مسمى، هرم ثقافي ساهم رحمه الله في تربية أجيال، لهذا ارتأيت أن أكرمه في أحد معارضي.
 > ما هي أحلام حسن بدر الدين؟
< كفنان فوتوغرافي تتملكني رغبة كبيرة في العودة لوطني والحصول على اعتراف من بلدي على أعمالي. كما يخامرني  حلم مشاركة تجربتي الفنية مع زملائي الشباب. إنني أعمل مثل التلميذ المجد، فمع بداية كل يوم، أعتبر أنني أبدأ التصوير لأول مرة.
 > مشاريعك المستقبلية؟
< مؤلف عن الدار البيضاء ومعارض فنية.

> حاوره: خالد الكطابي

Related posts

Top