المجلس الوطني لحقوق الانسان:مذكرة حول الإطار القانوني الخاص بالتجمعات العمومية

كشف إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن معدل التظاهرات التي شهدها المغرب بين سنتي 2013 و2014 تجاوزت 14 ألف مظاهرة، أغلبها تم دون تصريح، معتبرا هذه التظاهرات «ظاهرة صحية مادام أن المواطنين يخرجون للمطالبة بحقوقهم». وشدد إدريس اليزمي على أنه «لا يجب أن ينظر للأمر كظاهرة خطيرة تمس بهيبة الدولة، بل على العكس إنها تعبر عن نضج ووعي المواطنين الذين اختاروا استعمال التظاهر كأحد أشكال التعبير والمواطنة».
وسجل رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي اختار الاحتفاء باليوم العالمي لحقوق الإنسان، يوم الخميس الماضي، لتقديم مذكرتين ترتبطان بإشكالية أساسية تخص تنظيم التظاهر السلمي بالمغرب وحرية الجمعيات، والتي سبق أن ووجههما المجلس إلى رئيس الحكومة خلال شهر نونبر الماضي، أنه، استنادا لمعطيات استقاها المجلس من وزارة الداخلية، فإن سنة 2014 شهدت 303 تدخلا لقوى الأمن لتفريق مظاهرات غير قانونية، معتبرا أن تلك التدخلات تبقى نسبيا ضعيفة جدا.
ودعا اليزمي، في هذا الصدد، المواطنات والمواطنين إلى استعمال ما يخوله لهم الإطار القانوني من صلاحيات، تبدأ بتقديم التصريح للسلطات العمومية، احتراما للإطار المنظم لحق التظاهر السلمي بالمغرب، وجعل القضاء هو السلطة الدستورية المنظمة والضامنة لحرية الاجتماع والتجمع وحق التظاهر السلمي.
ويقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بحسب اليزمي، مراجعة الفصل 11 من ظهير 1958 المنظم للمظاهرات في الطريق العمومي بإعطاء حق تنظيم المظاهرات للأشخاص الذاتيين والمعنويين، وتبسيط مسطرة التصريح المسبق للمظاهرات إعمالا لمقتضيات الفصل 29 من الدستور الذي يضمن بشكل صريح حق التظاهر السلمي، وإقرار مبدأ قرينة قانونية الاجتماعات العمومية ما لم يثبت العكس، والتفكير في إدماج أشكال جديدة للفعل الجماعي.
كما طالب المجلس، يقول اليزمي، بتدقيق تعريف التجمع كحضور قصدي ومؤقت لعدد من الأشخاص يرغبون في التعبير عن قضايا مشتركة في فضاء عمومي، والعمل على إلغاء كل عقوبة ضد الأشخاص الذين شاركوا في مظاهرة غير مصرح بها قبليا، وإعفاء جميع الجمعيات المؤسسة بصفة قانونية، والأحزاب  السياسية، والهيئات النقابية والمنظمات المهنية من التصريح المسبق لعقد الاجتماعات العمومية، وتغيير مضمون مذكرة الوزير الأول رقم 28-99  بتاريخ 5 نونبر 1999 حول استعمال القاعات العمومية من طرف الجمعيات والأحزاب والنقابات إلى مرسوم.   
أما فيما يخص المذكرة الخاصة بحرية الجمعيات، فقال اليزمي إن السياق العام يتسم بنمو الحركة الجمعوية المغربية، وتكريس الدستور لمساهمة الجمعيات، وتكريس الديمقراطية التشاركية. فعدد الجمعيات بالمغرب استنادا لإحصائايت للمندوبية السامية للتخطيط، يقول المتحدث، يصل إلى 100 ألف هيئة، كاشفا أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتدخل بصفة مستمرة للسماح لبعض الجمعيات بالحصول على وصل الإيداع من لدن السلطات المعنية.
وأقر اليزمي، في هذا الصدد، باستمرار بعض الصعوبات التي لازالت بعض الجمعيات تواجهها، الأمر الذي دفع المجلس إلى وضع  أكثر من 90 توصية في المذكرة الخاصة بحرية الجمعيات، وأوصى بتمتيع جمعيات المهاجرين الأجانب بالمغرب بنفس الحقوق المخولة للجمعيات الوطنية طبقا للدستور ووفقا للسياسة الجديدة للهجرة التي نهجها المغرب، والعمل على إفساح المجال للأطفال ما بين 15 و18 سنة، بتمكينهم من الحق في تأسيس جمعياتهم، وذلك من أجل ضمان تفعيل حق الأطفال للمشاركة انسجاما مع التغيرات التي بات يعرفها المجتمع بالنسبة لهذه الفئة.
وفي جانب التمويل، والذي كان مثار جدل بالغ بين الهيئات الحقوقية والسلطات طيلة الأشهر الماضية، دعا المجلس إلى  نهج الشفافية في الوصول المتكافئ إلى مصادر التمويل عبر إنشاء بوابة تجمع كل المساعدات المالية التي تقدمها السلطات العمومية. كما دعا إلى تخفيف العبء الضريبي والجبائي على الجمعيات وتوسيع استفادتها من كل التمويلات، معتبرا أن هذا الجانب سيحفز على التشغيل في المجال الجمعوي، وامتصاص البطالة. وتعميما للفائدة، تنشر بيان اليوم، النصين الملخصين للمذكرتين المذكورتين أعلاه، والمتعلقتين بالتجمعات العمومية من جهة،  وحرية الجمعيات بالمغرب من جهة أخرى.

  ضمان حرية الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي

مساهمة في النقاش العمومي حول مراجعة الظهير الشريف رقم 1.58.377 صادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 نونبر 1958) بشأن التجمعات العمومية (كما وقع تغييره و تتميمه). تعتبر المذكرة التي تم اعتمادها في الدورة التاسعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان التي انعقدت بتاريخ 11 فبراير 2015، مساهمة منه في النقاش العمومي بشأن مراجعة الإطار القانوني المتعلق بالتجمعات العمومية، وفي إعمال الضمانات الدستورية المتعلقة بحرية الاجتماع والتجمهر والتظاهرالسلمي المنصوص عليها في الفصل 29 من الدستور.    
و قد ارتكزت هذه المساهمة على خلاصات دراسة للمجلس حول ممارسة الحق في التظاهر السلمي و كذا التوصيات المستخلصة من الورشات الموضوعاتية التي نظمها المجلس بخصوص هذا الموضوع مع المنظمات غير الحكومية، القضاة، المحامون، ممثلو مختلف القطاعات والإدارات المعنية بتدبير حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي.
وقد اعتبر المجلس في إعداده لتوصياته المتعلقة بإصلاح الإطار القانوني الخاص بالتجمعات العمومية، مرجعيات الهيئات الأممية (قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرارات مجلس حقوق الإنسان، توصيات المقرر الخاص المعني بحق الاجتماع السلمي وحرية الجمعيات) والجهوية (آراء لجنة البندقية التابعة لمجلس أوربا).
و قد ذكر المجلس أيضا بتوصيات هيأة الإنصاف والمصالحة وكذا الاجتهاد القضائي الوطني في مجال تدبير حرية التظاهر السلمي.
انطلاقا من هذه العناصر، تقدم المجلس بعدد من التوصيات تهم مراجعة الظهير رقم  1.58.377 صادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 نونبر 1958) بشأن التجمعات العمومية. وتنصب هذه التوصيات على بعض المقتضيات المشتركة، وأخرى حول بعض مقتضيات الظهير في حين تهم توصيات أخرى مبادئ استعمال القوة.

I : التوصيات المشتركة

بالنظر للفصل 30 من الدستور، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يوصي بأن تضاف بشكل ممنهج عبارة بطاقة الإقامة إلى جانب بطاقة التعريف الوطنية.
يوصي المجلس الوطني لحقوق الإنسان باستبدال العقوبات السالبة للحرية  والإبقاء على الغرامات  المنصوص عليها في الفصل 9 عن مخالفة مقتضيات الكتاب الأول المتعلق بالاجتماعات العمومية، و تلك المنصوص عليها في الفصل 14 عن مخالفة مقتضيات الكتاب الثاني المتعلق بالمظاهرات في الطرق العمومية.
وفي إطارنزع الطابع المادي عن المساطر، يقترح المجلس أن تدرج في الفصول 3 و 11 إمكانية القيام بالتصريح المسبق عبر الوسائل الإلكترونية.
 
II : توصيات تتعلق ببعض مقتضيات الظهير الخاص بالتجمعات العمومية

 الفصل الأول  

يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن يضاف إلى مبدأ حرية الاجتماعات العمومية مبدأ قرينة قانونية الاجتماعات العمومية، ما لم يثبت العكس.
و في إطار نفس الفصل، يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان استبدال التعريف الحالي للاجتماع العمومي، بتعريف أوسع بمقتضاه يعرف “الاجتماع العمومي” بالحضور القصدي والمؤقت لعدد من الأشخاص يرغبون في التعبير عن وجهة نظر مشتركة في فضاء عمومي. ويوصي المجلس أيضا بأن يكرس الفصل الأول الالتزام الإيجابي للسلطات العمومية بتسهيل وحماية الاجتماعات السلمية.   

الفصل 3  

من أجل تبسيط المساطر، يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان تعويض النسخ المصادق عليها من بطاقة التعريف الوطنية أوبطاقة الإقامة حسب الحالة بمجرد الإشارة إلى أرقام تلك البطاقات.  
ويوصي المجلس الوطني لحقوق الإنسان أيضا إعفاء جميع الجمعيات المؤسسة بصفة قانونية، و الأحزاب السياسية، والهيئات النقابية والمنظمات المهنية من سابق التصريح لعقد الاجتماعات العمومية.

الفصل 6

يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان إضافة مقتضى في هذا الفصل يمنح منظمي الاجتماع العمومي إمكانية نشر فريق لحفظ النظام يسهل التعرف عليه بطريقة تسهل التعرف عليهم من أجل تسهيل تنظيم الحدث، وضمان احترام كل قيد مبلغ طبقا للقانون. لكن ينبغي على هذا المقتضى أن ينص على أن فريق حفظ النظام لا ينبغي أن يتوفر على صلاحيات السلطات العمومية ويمنع عليه اللجوء إلى القوة، وإنما عليهم أن يضمن تعاون المشاركين في الاجتماع العمومي. ويعتبر المجلس أن هذه التوصية ستشجع على التنظيم الذاتي للاجتماعات العمومية
يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان أيضا أن يدرج في نفس المادة  بند يمنح للجمعيات والأحزاب السياسية والنقابات وباقي المجموعات الفعلية إمكانية استعمال القاعات العمومية بطلب منهم وحسب كيفيات يحددها نص تنظيمي. وبالنسبة لهذا النص التنظيمي، يقترح المجلس تحويل مضمون مذكرة الوزير الأول رقم 28-99  بتاريخ 5 نونبر 1999حول استعمال القاعات العمومية من طرف الجمعيات والأحزاب والنقابات إلى مرسوم.   

 الفصل 11

لاحظ المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن الممارسة تجاوزت الفصل 11 من ظهير 1958 المنظم للمظاهرات في الطريق العمومية. فمنذ عشرين سنة ، يتم القيام بالمظاهرات في الطرق العمومية من طرف المجموعات الفعلية (التنسيقيات، الجمعيات الفعلية، الائتلافات الترابية و الموضوعاتية، اتحادات الأطر العليا المعطلة…) غير تلك المنصوص عليها في الفصل 11 (الجمعيات، الأحزاب، النقابات، المنظمات المهنية). وإن تطور الممارسة، يبرر من وجهة نظر المجلس، استعجالية مراجعة هذا الفصل بإعطاء حق تنظيم المظاهرات في الطرق العمومية للأشخاص الذاتيين و المعنويين.    

الفصل 13  

يقترح المجلس إدراج مقتضى جديد في هذا الفصل بموجبه يمكن لموقعي التصريح الطعن في قرار المنع أمام  المحكمة الإدارية المختصة التي تبت فيه استعجاليا.
الفصل 14

في إطار تسهيل المظاهرات العفوية الذي يندرج في إطار الالتزام الإيجابي للسلطات العمومية في مجال تسهيل و حماية ممارسة الحريات موضوع هذه المذكرة. فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يوصي بتعديل هذه الفصل بإلغاء كل عقوبة ضد الأشخاص الذين شاركوا في مظاهرة غير مصرح بها قبليا.  

III : مقترحات تتعلق
 باستعمال القوة

يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن يدرج على مستوى الفصل 21 مقتضى يتيح لمسؤول القوات العمومية أو أي شخص مؤهل من قبله بالقيام بمحاولة تفاوض-وساطة قبل القيام بأي إنذار.   
وفي نفس الإطار، يوصي المجلس الوطني لحقوق الإنسان بأن يدرج بين الفصلين 25 و 26 مقتضى جديد يكرس صراحة مبدأين ينبغي أن يحكما اللجوء إلى القوة وهما مبدأي الضرورة و مبدأـ التناسب. كما أن نصوصا تنظيمية ينبغي أن تحدد، من وجهة نظر المجلس، الأشكال العملياتية المتعلقة باللجوء إلى القوة على قاعدة هذين المبدأين.   
كما يوصي المجلس الوطني لحقوق  الإنسان أن ينص مقتضى جديد على أن كل عملية لاستعمال القوة ينبغي أن تتم تحت مراقبة وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية. وأخيرا، فإن المجلس يذكر في نفس الإطار أن المقتضيات المقترحة ينبغي أن تضمن بشكل صريح سلامة الصحفيين و مهنيي الإعلام الذين يقومون بتغطية المظاهرات السلمية.    

Related posts

Top