اليوم العالمي للمسرح 2016

محمد حجيوي
نظمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع الرباط، يوم 10 مارس الجاري ندوة حول موضوع “الحماية الاجتماعية وحرية الإبداع في مشروع قانون الفنان والمهن الفنية” بمشاركة ثلة من الباحثين والفاعلين في المجال الفني والإبداعي.
وقد قاربت الندوة، موضوع قانون الفنان من زاوية حقوقية وفنية واجتماعية واقتصادية، في محاولة للإجابة على العديد من الإشكالات المرتبطة بالقانون وأيضا بتطلعات الفاعلين والعاملين في المجال الفني والإبداعي.
في هذا السياق، ركز الدكتور مسعود بوحسين، رئيس النقابة المغربية لمحترفي المسرح، على الجانب الحقوقي للمسألة وخاصة على المرجعيات الدولية المرتبطة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية من جهة وحرية الإبداع والتعبير من جهة ثانية.
وأشار نقيب المسرحيين المغاربة، أن مشروع قانون الفنان يركز على الوضعيات المهنية للفنان وليس على مضمون أعماله وبالتالي فإن القانون يتعلق بالحقوق الاقتصادية وما يترتب عنها من حقوق وواجبات مهنية.
وشدد مسعود بوحسين، على الطبيعة الخاصة للتشريع في المجال الفني، باعتبارها ظاهرة فريدة، تفرض على المشرع أن يتعامل معها كما هي، وذلك انسجاما مع روح المادة 26 من الدستور التي تنص على ضرورة تنظيم الفن بشكل مستقل، بالإضافة إلى المواثيق الدولية ذات الصلة خاصة منظمة العمل الدولية ومنظمة اليونيسكو.
وبالنسبة لمسألة مفهوم الاحتراف ركز المتدخل على أهمية التسلح ببعض القواعد الحقوقية والقانونية البسيطة، لفهم أن النقاش حول التفرغ من عدمه لممارسة الفن هو مجرد نقاش مغلوط نابع من جهل قانوني وحقوقي بطبيعة المشكل، مشيرا إلى أن مقترح القانون واضح بهذا الخصوص حيث يأخذ بعين الاعتبار تفييئ الوضعيات المهنية بناء على العقود وطبيعتها وبناء على وجود عمل آخر غير فني أو لا، وقال في هذا الصدد  “إن الهدف هنا واضح، وهو الحماية الاجتماعية للفنان العامل بعقود محدودة المدة، من جهة، ومن جهة أخرى إخضاع الجميع للقانون بما في ذلك الاقتطاعات الخاصة بتمويل الخدمات الاجتماعية”.
ودعا نقيب المسرحيين المغاربة، إلى ضرورة، فهم مقترح قانون الفنان كإطار لحل وضعيات قانونية شائكة وبالتالي، يضيف المتحدث، فهو أشبه بالقنطرة التي تقود الفنان إلى حقوقه المعلقة في الفضاء، والتي يجب أن تضمنها النصوص التنظيمية والاتفاقيات الجماعية.. وإن إعطاء فناني العروض وضعية الأجير، رغم أنها كانت متضمنة في قانون 2003، فإن التعديلات التي عرفها مشروع قانون 2016 تنمح لهذه الوضعية فاعلية متميزة، خاصة ما يتعلق بالعقد النموذجي والخدمات الاجتماعية وكل الأشياء التي تقود، في النهاية، إلى تمكين الفنان من الوصول إلى حقوقه التي لم تكن ممكنة لولا هذه الوضعية.
في المقابل استغرب مسعود بوحسين من بعض الآراء التي ترى في وضعية الأجير بالنسبة لفناني العروض كما لو أنها انتقاص من قيمته الاعتبارية، أو أنها ستحد من حرية التفكير والإبداع لديه، مشيرا إلى أن قانون الفنان مرتبط بحل الوضعية الاجتماعية لفئة فنية مهنية وهي مبدئيا في أسفل السلم الاجتماعي رغم أنها رمزيا في أعلاه.
وفي السياق ذاته، أكد المتدخل على أن وضعية الأجير بالنسبة لفناني العروض، هي السائدة على المستوى الدولي ويعتبر اكتسابها قانونيا انتصارا تاريخيا لهذه الشريحة من الفنانين، بالإضافة إلى عنصر التبعية الشغلية الموجودة لدى فناني العروض بحكم الأمر الواقع، على اعتبار أنها حقوق جماعية وتحتاج إلى إطار مقاولاتي أو مؤسساتي للإنجاز وبالتالي، يضيف مسعود بوحسين، فإن القانون لا ينظم سوى وضعية قائمة، يوجد فيها المشغل والأجير، ولذلك وجبت الحقوق الأساسية ووجب الاقتطاع ووجب التفاوض من أجل تحديد شروط العمل لحماية الفنان.
وبخصوص علاقة هذه الوضعية، أي وضعية الأجير، بحرية الإبداع، شدد نقيب المسرحيين المغاربة على أن للعمل الفني طبيعته، ومفهوم التبعية الشغلية المحدودة المدة لا تعني الحد من حرية التعبير، على اعتبار أن الفنان يشتغل وفق قناعاته الخاصة، له أن يقبل أو يرفض الاشتغال في أي عمل فني عرض عليه، كما أنه يمكن أن يشتغل لحسابه الخاص أو يشغل معه الآخرين، وبالتالي يقول بوحسين “فإن بعض التصريحات المتسرعة للبعض في هذا الموضوع هي نابعة إما عن جهل بطبيعة المجال الذي يتشغل فيه الفنان، أو هي فقط من باب إنا عكسنا”.
وذهب مسعود بوحسين إلى التأكيد على أن الاتفاقيات الجماعية على المستوى الدولي تكون دائما، متضمنة لآليات الحماية الحقوقية المرتبطة بالجوانب المادية والجوانب الاعتبارية ومنها على وجه الخصوص المعلومات التي يتعين على المنتج أن يقدمها للفنان، قبل التوقيع على العرض، والتي يطلعه فيها على كل التفاصيل التي تندرج في إطار حماية حرية الإبداع لدى الفنان.
وأضاف في السياق ذاته، أن وضعية الأجير بالنسبة لفناني العروض لا تنفي كل الحقوق المترتبة عن استغلال الأعمال الفنية التي يشاركون فيها بحكم قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، فيما يختص قانون الفنان بمراحل إنجاز الأعمال الفنية، في حين يختص قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة بالحقوق المرتبطة باستغلالها.
وفي نظر نقيب المسرحيين المغاربة، فإن الخلاف في الفهم، حول هذا الموضوع، راجع بالأساس إلى كون الفاعل السياسي والحقوقي والنقابي والمهني والأكاديمي لم يكن يثير من قبل مثل هذه المواضيع والإشكالات التي يمكن اعتبارها مستجدة على الساحة الوطنية.  
من جانبه، قارب رضا بنعثمان ناشط حقوقي، في تدخل باسم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الموضوع من زاوية العلاقة بين قانون الشغل وحقوق المؤلف على اعتبار أن مقترح القانون الجديد لم يفصل بشكل واضح في حماية الفنان.
وأضح في هذا السياق، أن المصنفات التي يتم التوصل إليها من طرف أجير يكون لها طابع خاص تتميز بتلاقي قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة مع قانون الشغل.. وهو ما يثير، في نظره، تساؤلا حول القانون الذي سيطغى على الآخر وهل هناك إمكانية تعايش وتكامل بينهما؟، مشيرا إلى أن عقد الشغل، انطلاقا من قانون الشغل، يقوم على أساس فكرة التبعية التي تعتبر عنصرا أساسيا تميز عقد الشغل عن غيره من العقود، في المقابل فإنه حسب قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة فإن الإبداع مشروط بحد أدنى من الحرية لدى المؤلف وهذا ما يطرح إشكالية الانسجام والتلاؤم بين وضعية الأجير مع وضعية المبدع.
وأضاف رضا بنعثمان، أن تطبيق قانون الشغل يفيد أنه ما دام يشكل الأجر  مقابلا لأداء الشغل مهما كانت طبيعته، فإن أي إبداع في هذا الإطار يعتبر ملكا للمشغل، فالمصنف الذي يتوصل إليه الأجير هو شغل فكري شأنه في ذلك شأن الشغل اليدوي وبالتالي فإنه من الطبيعي أن يتم مبادلته بالأجر الذي يمنح للأجير عن شغله وبذلك فإن المشغل هو صاحب كل الحقوق التي يمكن أن تنشأ عن هذا المصنف بما فيها الحقوق المعنوية، في المقابل، فإن تطبيق قواعد قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، حسب المتدخل، تؤدي إلى استفادة الأجير من الحقوق المترتبة على المصنف الذي يتم التوصل إليه في إطار عقد شغل باعتبار أن طبيعته الفنية والأدبية تتجاوز مفهوم أداء الشغل ولا يمكن أن يعتبر الأجر مقابلا لهذا الإبداع.
وأورد الناشط الحقوقي، أن تبعية المؤلف للمشغل فيها تقييد لحرية الإبداع، مشيرا إلى أنه مهما كان المؤلف موسيقيا أو رساما أو فنانا، فلكي يمارس إبداعه يجب أن يكون حرا في مواجهة كل ضغط خارجي، فله حرية اختيار موضوع إبداعه وطريقة معالجته والوقت اللازم لذلك.. غير أن هذه الحرية متجهة نحو الزوال، بحسب المتحدث، على اعتبار أن “التطور الذي يشهده المجتمع يسري في اتجاه خضوع المبدعين لتبعية من شأنها أن تحد من هذه الحرية” يقول رضا بنعثمان الذي أكد على أن الحرية والنشاط الإبداعي غير قابلين للفصل، فحرية التفكير والاستلهام تعتبر مكونا أساسيا لكل نشاط إبداعي مهما كانت المهنة الممارسة.
ومن ثمة يرى بنعثمان أن العنصر الأساسي المتمثل في الحرية، يولد نوعا من المفارقة عندما يتعلق الأمر بأجير مبدع، فالاعتراف للمشغل بسلطة إعطاء الأوامر والتعليمات وبمراقبة تنفيذها وبإنزال العقاب في حالة مخالفتها، يمكن أن يؤدي إلى نزع الطابع الأساسي للنشاط الإبداعي للأجير ومن أن يجعل منه مجرد منفذ لهذه الأوامر.
وبالنظر إلى الدور الخاص الذي يضطلع به فنان الأداء، أوضح رضا بنعثمان، أن ذلك أدى إلى  منحه حقوقا قريبة من حقوق المؤلف، فهو بمثابة وسيط ورابط ضروري بين المؤلف وجمهوره، وهو الذي يبرز القيمة الملموسة للمصنف حيث يسمح بنقل المصنف إلى الجمهور سواء تعلق الأمر بالجمهور في قاعة مباشرة أو جمهور واسع بطريقة غير مباشرة، مثل النقل التلفزي أو الإذاعي، فيصعب معرفة القيمة الإبداعية لأي مصنف بدون أدائه، وهو ما  يبرر، في نظر المتحدث، الوضعية المتقاربة بين المؤلف وفنان الأداء.
وبخصوص تعويض الأجير المبدع عن تفويت الحقوق المادية والمعنوية، أكد الناشط الحقوقي رضا بنعثمان، على أن التشريع المغربي عكس نظيره الفرنسي لم يتضمن أية مقتضيات خاصة بتعويض المؤلف في حالة تفويت حقوقه المادية بل ترك ذلك لحرية الأطراف، وتبعا لإرادتهم التعاقدية، مشيرا إلى أنه يمكن  للمؤلف أن يفوت حقوقه المادية بدون عوض على سبيل الهبة أو بعوض في شكل نسبة من أرباح الاستغلال أو بواسطة تعويض جزافي، والحالة الوحيدة التي أوجب فيها المشرع ضرورة النص على تعويض لفائدة المؤلف هي الحالة المتعلقة بعقد النشر.
وبدوره، تطرق الفنان والبرلماني ياسين أحجام، إلى أهم المستجدات التي جاء بها قانون الفنان، خاصة تلك المرتبطة بالحماية الاجتماعية للفنان وحرية الإبداع، مشيرا في هذا الصدد إلى أن ديباجة القانون تحدثت بشكل مفصل عن هذا الجانب المرتبط بحرية الإبداع في كل تجلياتها، وليس هناك ما يوحي في القانون عكس ذلك لتقييد هذه الحرية أو توجيهها، فقط أن يكون ذلك منسجما مع المقتضيات القانونية والدستورية التي تؤطر هذا المجال.
وبخصوص الحماية الاجتماعية، أوضح أحجام أن القانون ينص ويلزم السلطات العمومية بإخراج نص تنظيمي للذين لا يتوفرون على الحماية الاجتماعية الخاصة بهم، مشيرا إلى أن الفنان المتفرغ سيستفيد من نظام الحماية الاجتماعية وفق ما نص عليه القانون، وذلك عن طريق نظام الاقتطاعات التي يساهم فيها الجميع.
من جانب آخر، ذكر أحجام أن إشكالية العلاقة بين الأجير وحرية الإبداع تمت إثارتها داخل لجنة الثقافة والاتصال بمجلس النواب، وأنه تم الانتباه إلى ضرورة ملاءمة قانون الفنان مع قانون الشغل، مشيرا إلى أن وضعية الأجير بالنسبة لفناني العروض يرى فيها البعض أنها إيجابية وتعد مكسبا لهذه الفئة من الفنانين، فيما يرى البعض الآخر أنها سلبية على اعتبار أنها تقوض حرية الفنان وتجعله مرتبطا بالعلاقة الشغلية التي تفرض التبعية للمشغل، ومن ثمة، يضيف أحجام، فإن هذا النقاش الفقهي هو إيجابي في حد ذاته، ويطرح إشكال المبدع الأجير الذي يمكن أن يضمن مستحقاته المالية لكنه يمكن أن يفقد حريته الإبداعية ويفقد استقلاليته ما دام يتلقى الأوامر من مشغله.
وأضاف أحجام أن نفس النقاش عرفته لجنة الثقافة والاتصال بمجلس النواب والتي حاولت معالجة المشكل بإضافة فقرة إلى المادة الخامسة من القانون تتعلق بالمؤسسة الفنية، وتمت إضافة إمكانية أن يشتغل الفنان كمقاول ذاتي باستعمال الضريبة المهنية وباستقلالية تام عن المشغل المنتج، ووفق عقد يستند لإرادة المتعاقدين يتضمن شروط محددة متفق بشأنها، مشيرا إلى أن هناك أيضا  بعض الفنانين وخاصة فناني العرض سواء التسجيلي أو الحي الذين يفضلون الاشتغال في وضعية أجير لضمان مستحقاتهم وأيضا لكونهم لا يفهمون في الجانب المقاولاتي والتفاوضي.  
من جانبها، سجلت الفنانة والمخرجة نعيمة زيطان، أن قانون الفنان، تميز في ديباجته بالارتكاز على أحكام الدستور الجديد، دستور 2011، واعترافه بالتعدد اللغوي والثقافي، وتأكيده على العمل بمبدأ  دمقرطة الثقافة، مشيرة إلى أنه اعترف بأحقية الثقافة للجميع، مثلما ركز على الرأس مال المادي واللامادي.
وأضحت الفنان نعيمة زيطان أن فلسفة القانون تقوم على  حفظ  كرامة المبدعين، وتنظيم المجال الفني خاصة المسرحي منه، وتحسين الوضعية المزرية التي يعيشها الفنانون، والقطع مع ثقافة الاستجداء والاستعطاف التي يؤول إليها مصير الفنان المغربي في نهاية مشواره الفني.
وأكدت الفنان زيطان أن لا أحد يمكن أن يتفق على العشوائية التي يشتغل فيها الفنان في غياب كل الضمانات من تقاعد، وتغطية صحية، وحقه في العطلة السنوية، والتعويض عن العطالة وغيرها… لذلك يبقى تنزيل القانون شيئا ضروريا، تضيف المتحدثة التي اعتبرت أن هذا القانون جاء متأخرا مقارنة بما أسداه الفنانون من جيل الرواد إلى الجيل الجديد لهذا الوطن.
وسجلت نعيمة زيطان مجموعة من الملاحظات التي اعتبرتها ناقصة في القانون، من قبيل عدم إدراج مرجعية المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب في ديباجة القانون، كما لاحظت في الباب الأول وفي المادة التاسعة، عدم توضيح شروط الوساطة، ومقاييسها، وطرق اشتغالها، وكيفية مراقبتها، في إشارة إلى العلاقة بين الأجير والمشغل (الباطورنا) الشيء الذي قد يفرز، بحسبها، لوبيات جديدة تسيطر على المجال الفني مثلما هو عليه الحال اليوم.
وأضافت المتحدثة، أن المشرع في هذا القانون خاصة ما يتعلق باللجنة المختصة التي تعينها السلطات الحكومية والتي يعهد لها بالتفاوض الجماعي، لم يحدد شروط انتقاء اللجنة، ومدة صلاحياتها، وكيفية اختيارها، كما أنه لم يوضح، في الباب الثاني وفي المادة المتعلقة بالبطاقة المهنية، شروط الحصول على هذه البطاقة، وما هي الامتيازات التي توفرها للحاصل عليها، وكذا القيمة المضافة التي تضيفها للفنان، باستثناء البطاقة المهنية المتعلقة بمحترفي السينما، والتي تخول لهم الحق في الحماية الاجتماعية ومساطر التفاوض الجماعي.
وبخصوص شركات الإنتاج والتوزيع كما وردت في الباب الرابع من القانون، سجلت الفنان نعيمة زيظان، أن شركات الإنتاج والتوزيع اليوم، ما هي إلا منفذة للإنتاج، ذاك هو دورها الفعلي، لأن المال الذي تحصل عليه، هو مال عمومي، مصدره قنوات تلفزية عمومية، وبالتالي تضيف المتحدثة، فإن القانون لم يفصل في هذه النقطة ولم يحدد كيفية اشتغال تلك الشركات، وما هي مصادر تمويلها، أو على الأقل مساهمتها بنسبة مئوية في مجال الإنتاج والتوزيع.
كما أن القانون، حسب المتدخلة، لم يوضح كيف يمكن استخلاص الضرائب من الأشخاص الذاتيين، خاصة في مجال التشكيل والفوتوغرافيا وصناعة الحلي والديزاين، على اعتبار أنهم يشتغلون لحسابهم الخاص، في فضاءاتهم الخاصة، دون الاعتماد على الفضاءات العمومية المتيحة للمراقبة في أغلب الأحيان.
وفي نظر نعيمة زيطان، فإن القانون، أغفل مقاربة النوع في مجال العقوبات، حيث  لم يشر إلى أية عقوبة ذات الصلة بالسب والقذف والشتم والعنف الذي قد يمارس على المرأة في القطاع الفني، كما أنه لم يشر لحالة الحمل والولادة  وأحقية المرأة في تمتيعها بحقوقها في هذه الفترة.

****

الورقة التقديمية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان:

يعتبر الفن أو الفنون لونا من الثقافة الإنسانية، وهو نتاج إبداعي إنساني يُعيد صياغة الحياة، ويمكّن الفنان من تحقيق ما هو إنساني فيه من خلال مواد تعبّـر عن فكره وتترجم أحاسيسه، أو ما يراه من صور وأشكال يجسدها في أعماله، ويُذكي الروح الفردية ويهيئ الفرد للانفتاح على الآخر، ويحفز المخيال الاجتماعي ويطوّر العقليات الجماعية ويشجع على التنوع والتعدد ويربّي على المواطنة ويساهم في اكتساب المعارف والتمكن من التقنيات ويسهم بالتالي في تقدم الإنسانية..
 ووفق التعريف الذي حددته منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم «اليونسكو» فالفنان هو «كل شخص ينجز أو يساهم من خلال أدائه، في إنجاز أو إعادة إنجاز أعمال فنية، ويعتبر أن عمله الفني عامل أساسي في حياته، وأنه يساهم بالتالي في تطوير الفن والثقافة، ويكون معترفا به أو يسعى لأن يكون معترفا به كفنان، بغض النظر عن ارتباطه أو عدم ارتباطه بعلاقة عمل أو أية علاقة تشاركية»
إن تعدد الفنون وتنوع السياقات الفنية ووضعيات الفنانين ضمن نفس التخصصات الفنية والطرق التي يتبعها الفنانون للتعبير عن مواهبهم، تضعنا أمام وضعيات مهنية مختلفة يوحدها مبدأ حرية الإبداع وحرية التعبير والفكر، وتبقى المهن الفنية والإبداعية رغم ذلك غير محصنة بإطار قانوني وتشريعي يحمي الفنانين والمبدعين رجالا ونساء، إذ يلاحظ أنهم، ما فتئوا يتعرضون بشكل متزايد لأعمال غير مقبولة تطال كرامتهم الإنسانية وظروف عملهم المهنية وتحرمهم من حقهم في الإبداع بحرية وتعيقهم عن التمتع مليئا بالحق في حرية التعبير وإنجاز أعمالهم والمعاني الجوهرية التي يودعونها فيها، وتعيقهم عن ممارسة مهنتهم التي يقتاتون منها.
وتأتي هذه الندوة:
إيمانا من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بأهمية الثقافة والفنون والإبداع في خلق مجتمع متوازن يؤمن بحرية الإبداع والفكر وينمي قيم الاختلاف والتسامح لدى الأفراد والجماعات، وأن للفن هدفا ساميا وهو العمل والسعي إلى خدمة البشريّة والمجتمع بأفرادهِ جميعًا، من خلال تسخير الفنون لإبراز ما يحتاجه الإنسان في حياته على شتّى الصُعُد الشخصيّة والأخلاقيّة، الاجتماعيّة، الفكريّة وما إلى ذلك في سبيل رفعة حياة الإنسان ورقيّها والسموّ بها نحو حياة أفضل، من حيث تحسين ظروف معيشته وصون حقوقهِ والدفاع عنها.
تأكيدا من الجمعية على ما ورد في الفصل 19 من كلّ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) والعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية (1966) وخاصة الحق في حرية الرأي والتعبير، وتحديدا حق كل شخص في عدم التعرض إلى أي مضايقات أو ملاحقة نتيجة لآرائه، وفي البحث عن المعلومات والأفكار وتلقيها وترويجها، دون اعتبار للحدود، وسواء كان ذلك بطريقة شفوية أو كتابية، أو مطبوعة أو في شكل فني أو بأي طريقة أخرى من اختياره. علاوة على إقرار الحق في المشاركة في الحياة الثقافية، المنصوص عليه في الفصل 27 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الفقرة الأولى، والفصل 15 من الإعلان العالمي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الذي دخل حيز التنفيذ في سنة 1979) الذي يدعو الدول إلى الاعتراف بحق كل شخص في المشاركة في الحياة الثقافية، والاستفادة من التقدم التكنولوجي وتطبيقاته والتمتع بحماية الحقوق المعنوية والمادية المنجرّة عن أي إنتاج علمي، أو أدبي أو فني من إنتاجاته.
استنادا على التوصية المتعلقة بوضعية الفنان، التي تبنتها اليونسكو (1980) والتي تدعو الدول لضمان تمتع المبدع بالحماية التي يكفلها القانون الدولي والوطني في مجال حقوق الإنسان وأيضا تلك التي تكفلها مختلف آليات الحماية الاجتماعية للفنانين بما فيها حق المبدع في حماية الحقوق المعنوية والمادية المنجرّة عن أي إنتاج علمي أو أدبي أو فني من إنتاجاته، الذي أقره الاتفاق الدولي لحماية الفنانين المؤدين أو المنفذين، ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعة (روما 1961)، والاتفاقية الدولية حول حقوق المؤلفين، التي تم تنقيحها في باريس في 24 يوليوز 1971. والقرار الذي تبنته قمة كوبنهاغ (2012) حول حرية التعبير الفني، التي جمعت ممثلي أكثر من 1400 منظمة وشبكات دولية، وهو القرار الذي نبه إلى الحاجة الملحة لإطلاق مبادرة دولية لحماية وتعزيز حرية التعبير الفني والإبداع ومساعدة الفنانين الذين يتعرضون إلى صعوبات والتعرف على وضعيات الفنانين من ضحايا الرقابة، وحمّل الحكومات مسئولياتها بموجب الاتفاقات الدولية والقوانين الوطنية ذات الصلة.
وإذ تؤكد الجمعية مجددا بأن ميثاق الأمم المتحدة حمّل الدول المسؤولية الأولى في ضمان احترام الحقوق الأساسية للإنسان وكرامة وقيمة الذات البشرية والمساواة في الحقوق بين الرجال والنساء والمحافظة على السّلم والأمن الدوليين، وبذلك من واجب الدولة في المقام الأول بخصوص ذلك، اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان الإبداع الفني وإعادة الإبداع وأداء الأعمال الفنية، وحماية المبدعين وتحسين وضعياتهم واحترام مجمل حقوقهم غير القابلة للتصرف وتساهم في الدفاع عن الحرية والعدالة والسلم في العالم، باعتبار الفنانين يمثلون الضمير الحي للإنسانية، وأن حمايتهم مسؤولية جماعية تستوجب تضافر جهود كل السلطات العمومية والحكومية والمدنية.
وتجاوبا مع النقاش المجتمعي الراهن الذي عرفه الوسط الفني والتشريعي بخصوص مقترح قانون يتعلق بالفنان والمهن الفنية، الذي صادق عليه مجلس النواب مساء الأربعاء 10 فبراير 2016..
 تنظم  الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع الرباط، ندوة حول موضوع «الحماية الاجتماعية وحرية الإبداع في مشروع قانون الفنان والمهن الفنية» بمشاركة عدد من الفاعلين في مجال الفنون والإبداع الفني والحقل النقابي والحقوقي قصد تسليط الضوء على مشروع القانون من خلال مقاربات حقوقية، فنية، اجتماعية واقتصادية.
وتحاول الندوة الإجابة عن الإشكاليات الراهنة المرتبطة بمشروع القانون وتطلعات الفاعلين والعاملين في مجال الفن والإبداع. فإلى أي حد يستجيب هذا المشروع لمطالب وطموحات العاملين في مجال الفن والإبداع ؟ وما مآل مشروع قانون الفنان تنزيلا (على مستوى القوانين) وتفعيلا (على المستوى العملي)؟ وهل ينسجم المشروع على مستوى الحماية الاجتماعية مع تطلعات العاملين في مجال الفن والإبداع؟ وما مدى استجابة المشروع للوضعية المهنية للفنان والمبدع؟ هل مشروع القانون يشمل حقوق جميع الفئات من فناني العروض وفناني الفنون البصرية وفناني الفنون الأدبية؟.

Related posts

Top