انهيار سياسي لإسرائيل وانتصار ديبلوماسي لفلسطين

رغم تواصل التصريحات والانتقادات الدولية لانتهاكات حقوق الفلسطينيين، تواصل إسرائيل على الأرض تسمين الاستيطان وتوبيخ دبلوماسيين أجانب لا يروق لها قولهم أو فعلهم.
فقد انتقدت وزارة الخارجية الألمانية في بيان شجب شديد اللهجة قانون مصادرة الأراضي الفلسطينية. وقال الناطق بلسانها إن مصادقة الكنيست عليه قوضت ثقة ألمانيا بالتزام إسرائيل بالسلام. واوضح الناطق ان كثيرين في ألمانيا، من الذين يقفون الى جانب إسرائيل ويشعرون بالتماثل الكبير معها، يجدون أنفسهم الآن وهم يواجهون خيبة أمل كبيرة جراء هذه الخطوة. وتابع « ثقتنا بالتزام حكومة اسرائيل بحل الدولتين تضعضع بشكل أساسي»
وتطرق الناطق باسم الخارجية الألمانية الى الدعوة التي يوجهها عدد من وزراء الحكومة الإسرائيلية لضم أجزاء من الضفة، وقال انه عليها العمل لدفع حل الدولتين. وتابع «نحن نتمنى ان تجدد الحكومة الإسرائيلية التزامها بحل الدولتين الذي سيتم تحقيقه في المفاوضات، وتثبت ذلك من خلال تدابير عملية بناء على مطالب الرباعية الدولية».
وبعد يوم من توجه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الى نظيره البلجيكي شارل ميشيل، بطلب وقف تمويل الجمعيات غير الحكومية التي تعمل حسب زعمه ضد جنود جيش الإسرائيلي، اجتمع ميشيل، أمس مع ممثلين عن منظمتي «يكسرون الصمت» و»بتسيلم». وجرى اللقاء دون أي تنسيق مع إسرائيل الرسمية وبدون إبلاغ السفارة الإسرائيلية في بروكسل.
وكان أعضاء البرلمان البلجيكي المرافقين لميشيل في زيارته لإسرائيل وفلسطين قد ابلغوا السفارة الإسرائيلية بأنهم ينوون التقاء ممثلي «يكسرون الصمت»، لكن اسرائيل لم تعرف بأن رئيس الحكومة البلجيكية أيضا سيشارك في اللقاء الذي جرى في فندق الملك داوود في القدس المحتلة مع يهودا شاؤول مؤسس «يكسرون الصمت» وحجاي إلعاد، المدير العام لمركز «بتسيلم». ليس هذا فحسب فقد نشر رئيس الحكومة البلجيكية خلال وجوده في إسرائيل، عدة تغاريد حول زيارته بما في ذلك صورة من اللقاء مع رئيس الدولة رؤوبين ريفلين والزيارة الى متحف الكارثة «ياد فاشيم»، لكنه لم ينشر صورة من لقائه مع نتنياهو. وفي أعقاب ذلك اوعز نتنياهو لوزارة الخارجية بتوبيخ السفير البلجيكي لدى إسرائيل.
وعلى خلفية التقليصات والمس بالخدمات الخارجية لإسرائيل وإغلاق عدد من سفاراتها في العالم كشف أمس ان السفارات والبعثات الدبلوماسية الفلسطينية في العالم تزيد عن سفارات وبعثات إسرائيل. وتحت عنوان « يا للحرج « أوضحت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أنه بينما يوجد للفلسطينيين سفراء في 95 دولة في العالم، يوجد لإسرائيل 78 سفارة فقط، ومقابل 103 بعثات دبلوماسية للفلسطينيين، يوجد لإسرائيل 102 بعثة.
وعلى خلفية كل ذلك تعتبر صحيفة «هآرتس» أن إسرائيل تواجه انهيارا سياسيا بخلاف مزاعم نتنياهو الذي يدأب على المفاخرة بتحسين مكانتها الدولية بناء على مقياس عدد الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية معها. وتؤكد الصحيفة أن هذا ادعاء زائف لا يتفق مع اختبار الواقع ويتم إسماعه، ضمن أسباب أخرى، من أجل تبرير إصرار نتنياهو على التمسك بحقيبة الخارجية. وتذكر «هآرتس» مجددا أن هناك ارتباطا واضحا بين صورة اسرائيل كساعية الى اتفاق سياسي مع جهات عربية وبين استعداد العالم لإقامة علاقات صداقة معها، وعندما ترتسم إسرائيل كرافضة للسلام، تصاب العلاقات معها بالبرود. وتلفت الى ان هذا ما يحدث في الأشهر الأخيرة، وبشكل خاص في هذه الأيام، على خلفية المصادقة على قانون المصادرة. وتضيف «هذا ليس مفاجئا: لقد حذر نتنياهو نفسه من نتائج خطيرة للقانون الذي سيصادر أملاك الفلسطينيين مقابل تعويض مالي لم يطلبوه، وكل هذا فقط لكي يتم بشكل تراجعي تشريع نشاطات إسرائيلية غير قانونية».
وللتدليل على رؤيتها تستذكر الصحيفة المناوئة لتوجهات نتنياهو أنه حين حدث المتوقع، لم يقلص تحقق التوقعات قوة الضربة. وتقول إن رئيستي الحكومتين في لندن وبرلين ـ تيريزا ماي وانغيلا ميركل ـ هما محافظتان، تخرجان من جلدتيهما من أجل الاعتراف بالاحتياجات الأمنية لإسرائيل لكنهما لا تستطيعان التسليم بهيجان الائتلاف الحالي الذي يقوده نفتالي بينيت. وتتوقف عند ألاعيب نتنياهو بالقول إنه ذهب لالتقاط صورة مع ماي فتحدثت هي عن العملية السياسية، فرد عليها بالحديث عن إيران. وقبل رحلته الى البيت كانت ماي قد اتفقت مع أكبر خصم لها، زعيم حزب العمال جيرمي كوربين، في انتقاده لقانون المصادرة وإعلان نتنياهو عن نيته توسيع المستوطنات من خلال بناء آلاف الوحدات الإسكانية. وأول من أمس انضمت اليها ميركل في التحفظ على سياسة المصادرة والاستيطان والإعراب عن عدم ثقتها بنتنياهو.
يشار الى انه إضافة لبريطانيا وألمانيا، انتقد الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند، أيضا، وبشكل قاس قانون المصادرة وطالب بإلغائه. وقالت مفوضة خارجية الاتحاد الأوروبي، فدريكا موغريني إن «القانون اجتاز حافة جديدة وخطيرة»، بينما قال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش ان «القانون يتعارض مع القانون الدولي وستكون له أبعاد قانونية بعيدة المدى بالنسبة لإسرائيل». وهذا كله قبل لقاء نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض في الأسبوع المقبل. وتخلص «هآرتس» للتحذير على غرار أوساط المعارضة «نتنياهو، من أنه بخنوعه للمتطرفين من البيت اليهودي، يدفع العالم ضد اسرائيل. ما نسمعه اليوم كشجب وتصريحات يمكن ان يتحول لاحقا الى محاكمات في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، وعقوبات اقتصادية صعبة وخطوات سياسية أحادية الجانب ضد إسرائيل».
الى ذلك ورغم قرار المحكمة العليا، يرفض قائد جيش الاحتلال في الضفة الغربية، السماح للمزارعين الفلسطينيين في قرى شمال رام الله، بزراعة أراضيهم. وتنتمي احدى القسائم لفوزي ابراهيم من قرية جالود، والثانية لعائلة معين موسى من القريوت. وفي كلتا الحالتين منع أصحاب الأراضي من حرية الوصول الى أراضيهم بسبب قربها من البؤر التي يكثر سكانها من التنكيل بالمزارعين الفلسطينيين. وتقوم الى جانب أرض ابراهيم بؤرة «ايش كودش»، فيما بنيت على أرض عائلة موسى، بؤرة «ييشوب هداعت».

 وليد أبو سرحان- غزة

Related posts

Top