رمضان كريم…

يحل شهر رمضان وتستعد كل الأسر لاستقباله وقضائه بما يليق بدلالاته وفضائله الدينية والاجتماعية، لكن معظم فئات شعبنا تنشغل هذه الأيام بغلاء الأسعار وتدهور قدرتها الشرائية وأوضاعها الاجتماعية الصعبة، وتتطلع إلى السلطات العمومية للتدخل الجاد، والسعي للتخفيف عن الأسر الفقيرة من حدة تداعيات ما تعيشه الأسواق من التهاب في الأسعار.
بديهي أن الشهر الفضيل يعرف إقبالا كبيرا على التبضع، وتزداد حاجيات الأسر، وهو ما يفرض تأمين تموين طبيعي للأسواق بالمواد الاستهلاكية والمنتجات والسلع الأساسية، وبالتالي توفير العرض اللازم والكافي، علاوة على التصدي الصارم للغلاء والتلاعب في الأسعار والاحتكار والمضاربة، وأن تسهر المصالح المختصة على ضمان البيع بأسعار معقولة.
ربما هذه المطالب والتطلعات الشعبية تتكرر كل رمضان، وينادي بها الناس، لكن هذا العام يتسم رمضان بسياق اقتصادي واجتماعي لا يخلو من صعوبات، ذلك أن الآثار الاقتصادية لما بعد الجائحة لا زالت مستمرة، والظرفيات المستجدة بدورها فرضت إكراهاتها على الفئات الفقيرة والمتوسطة بالخصوص، زد على ذلك أن الجمود الحكومي وعدم بلورة إجراءات وبرامج اجتماعية جوهرية زاد الوضع تعقيدا، وساهم في تردي أكبر للقدرة الشرائية وسط شعبنا.
كل هذا يجعل المسألة الاجتماعية وتحسين الوضع المعيشي اليومي للأسر المــــــغربية أولوية، فضلا على أن ذلك من شأنه مساعدة شعبنا على إحياء وقضاء شهر رمضان باطمئنان وسكينة، كما تفرض الدلالة الدينية والروحية.
من جهة أخرى، شهر رمضان يفترض، في المعنى الديني وفي الغاية والدلالة، أن يكون شهر عبادة وعمل، وأن تستمر، خلاله، الحياة طبيعية، وألا يتم تكريس الجمود والكسل بداعي الصيام.
قد يكون المقصود بهذا الأفراد وسلوكهم وعلاقتهم بالعمل والواجب المهني، او في صلاتهم الاجتماعية، ولكن الأمر يشمل أيضا المؤسسات والإدارات والحكومة، حيث من الضروري أن تواصل البلاد سيرها الطبيعي، وكذلك إنجاز الإصلاحات وتفعيل البرامج والسياسات العمومية، والإهتمام بالأوضاع العامة للناس.
لا يجب جعل رمضان فترة مبتورة من العام تقضيها البلاد ضمن الجمود والسلبية و… الفراغ، ذلك أن الوقت لا يرحم الدول والأفراد معا، فضلا على أن بلادنا اليوم في حاجة إلى الانخراط في سرعة أكبر، على مستوى إنجاز الإصلاحات الكبرى والمهيكلة والشجاعة، خصوصا في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والديموقراطية والتنموية.
نتطلع أيضا أن يستمتع شعبنا، خلال شهر رمضان، بعرض فرجوي ذكي وجاد في إعلامه السمعي البصري الوطني، وببرمجة عامة تنصت وتنشغل بالتحديات والانتظارات التنموية والاجتماعية والديموقراطية التي يعبر عنها شعبنا، وألا يكرس التلفزيون، بالخصوص، الرداءة المعهودة في أكثر من رمضان، كما نأمل أن يكون الشهر الفضيل مناسبة لتشجيع وتحفيز عرض ثقافي وفني وتأطيري بمختلف ربوع المملكة، والمساهمة، بذلك، في إنماء الوعي العام لشعبنا، وتقوية إقباله على القراءة بشكل عام.
وفي الإطار العام، نأمل أن يكون الشهر الكريم فرصة لتشجيع السلام والأمن والاستقرار والعدل في كل بقاع العالم، وأن تستطيع شعوب البلدان المسلمة معانقة الأمان والسلم والحرية والاستقرار والعدالة الاجتماعية، وأن تختفي المآسي والأزمات والحروب التي تعاني منها.
كل رمضان وشعبنا الطيب بألف خير، وأن تحيا كل الشعوب المسلمة في أمن وسلام.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

الوسوم ,

Related posts

Top