روسيا تلعب ورقة الدعم ضد الجهاديين لتثبيت نفوذها في منطقة الساحل

عرض وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الثلاثاء مساعدة موسكو لدول منطقة الساحل وخليج غينيا على محاربة العنف الجهادي.

وتريد روسيا أن تظهر قدرتها على مساعدة حلفائها الجدد في منطقة الساحل مستفيدة من انسحاب فرنسا من قيادة المعركة ضد المجموعات المتطرفة ووسط رفض متزايد لوجود قوات فرنسية في مناطق النفوذ التقليدي لباريس.

وقال لافروف خلال زيارة إلى مالي إن “محاربة الإرهاب هي طبعًا موضوع راهن بالنسبة إلى الدول الأخرى في المنطقة”، مضيفًا “سنقدّم لها مساعدتنا للتغلب على هذه الصعوبات. هذا يخصّ غينيا وبوركينا فاسو وتشاد وبشكل عام منطقة الساحل وحتى الدول المطلة على خليج غينيا”.

وتحدث وزير الخارجية الروسي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المالي عبدالله ديوب أثناء زيارة اعتبرها الطرفان “تاريخية” وغير مسبوقة لوزير خارجية روسي إلى مالي.

وتجسّد زيارة لافروف إلى دولة مالي، التي تشهد أعمال عنف جهادية وأزمة عميقة متعددة الأبعاد، التقارب بين موسكو والمجلس العسكري المالي منذ العام 2012 في نفس الفترة التي قطع هذا الأخير فيها التحالف العسكري مع فرنسا وشركائها.

ووعد لافروف مالي بمواصلة دعمها عسكريًا من خلال تسليم الأسلحة وإرسال المئات من الجنود ممن هم مدرّبون في الجيش الروسي أو أعضاء في مجموعة فاغنر المسلّحة.

وتعهّد أيضًا بزيادة تدخل موسكو في القارة التي تواجه، بحسب قوله، “مقاربات استعمارية جديدة” من قبل الغرب.

وأضاف “سنقدّم دعمنا لحلّ المشاكل في القارة الأفريقية، ونعمل باستمرار على مبدأ أن المشاكل الأفريقية يجب أن تحل بالحلول الأفريقية”.

ولا تقتصر زيارة لافروف على الوضع في مالي بل تعد جزءا من إستراتيجية النفوذ في كل القارة حيث امتنعت الكثير من الدول عن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا. وقام لافروف في يناير بجولته الثانية في أفريقيا خلال ستة أشهر.

ويجد وزير الخارجية الروسي في انسحاب فرنسا من المعركة ضد الجهاديين فرصة لإضفاء مشروعية على دور مجموعة فاغنر بالرغم من تصنيفها بالقائمة السوداء في الولايات المتحدة، في وقت تحتاج فيه دول الساحل إلى قوة ميدانية فعالة وذات خبرات لقيادة الحرب على الإرهاب ولا يهمها موقف أيّ دولة تكتفي بالمراقبة أو تريد الحرب عن بعد.

وقد لا يعرف ما إذا كانت مجموعة فاغنر تخطط للتوسع نحو بوركينا فاسو التي قطعت العلاقات العسكرية التقليدية مع فرنسا، وتشنّ بدورها حربا ضد الجهاديين.

وقبل أسبوعين طلبت الحكومة العسكرية الحالية في بوركينا فاسو من فرنسا سحب ما تبقى من قواتها الخاصة من البلاد.

وأكد المجلس العسكري الحاكم أنه أمهل فرنسا شهرا لسحب وحدتها العسكرية المنتشرة في البلد والمؤلفة من نحو 400 عنصر، ما دفع فرنسا لاستدعاء سفيرها في بوركينا فاسو.

وهذه هي الخطوة الثانية بعدما طالب المجلس العسكري الحاكم في مالي بمغادرة القوات الفرنسية.

ويقول المراقبون إن جولة لافروف، التي من المتوقع أن تشمل السودان وموريتانيا بعد جولة ماضية شملت دولا في جنوب وشرق القارة، تهدف إلى مواجهة مساع لعزل بلاده ومنعها من تقوية نفوذها في أفريقيا والشرق الأوسط من خلال تصنيف فاغنر “منظمة إجرامية دولية”، وكذلك إلزام دول المنطقة بالعقوبات المفروضة على روسيا على خلفية الحرب في أوكرانيا.

وقبل أيام، هاجم وزير الخارجية الروسي فرنسا، وقال إنها تنهب ثروات أفريقيا عبر الانقلابات وإثارة الفوضى، وإنها تتصرف “بعصبية” مع تراجع “نفوذها الاستعماري الجديد” في أفريقيا.

جاء ذلك خلال حديث لسيرجي لافروف في اجتماع بالعاصمة موسكو للجنة المجلس العام لحزب “روسيا الموحدة” حول التعاون الدولي ودعم المواطنين في الخارج.

ورحب وزير الخارجية الروسي بصوت أفريقيا المتنامي على الساحة الدولية قائلا إن “ذلك يثير استياء باريس”.

ونوّه إلى أن “الصوت المتضامن (لأفريقيا) في الشؤون العالمية يبدو أكثر انسجاما، ونرحب بعملية التحرر الشاملة لبلدان القارة”.

وتابع “يظهر ذلك جلياً عند متابعة مثال الضغط المستمر لمجال النفوذ الاستعماري الجديد لفرنسا وسط أفريقيا وغربها، ما يتسبب في رد فعل عصبي إلى حدّ ما من قبل باريس، وهو ما يدل على رغبة الأخيرة في عدم التخلي عن أيّ شيء كانت تعتبره ملكها يوما ما”.

وردا على الحملة الروسية، اتهمت فرنسا موسكو بما أسمته “التورط السياسي الاستعماري الجديد” في أفريقيا، واعتبرت أن باريس “ليست في حالة حرب” مع موسكو.

Related posts

Top