سنة ثقافية حافلة بالأنشطة وكذا المشاريع التي تصب في اتجاه تطوير البنيات التحتية

اعداد: عبدالعالي بركات

كانت السنة التي نحن بصدد توديعها على غرار سابقتها، حافلة من الناحية الثقافية بالأنشطة وكذا المشاريع التي تصب في اتجاه تطوير البنيات التحتية.
 فقد تم إنشاء مركبات ثقافية جديدة بالعديد من المدن المغربية، كما أعطيت انطلاقة أشغال بناء قاعات مسرح، منها ما يشكل معلمة حقيقية، كما هو الحال بالنسبة للمسرح الكبير بالدار البيضاء الذي يوجد حاليا في طور الإنشاء.
 وواصلت وزارة الثقافة سياستها المتعلقة بدعم المشاريع الثقافية والفنية، في مختلف القطاعات: الموسيقى، المسرح، نشر الكتاب، التشكيل.. مما ساهم في الرفع من وتيرة الإنتاج، وخلق حركية ثقافية.
 وتمت المساهمة في توسيع شبكة معارض الكتاب؛ فبالإضافة إلى المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء الذي يعد مكتسبا هاما، بالنظر إلى الإشعاع الكبير الذي يحققه، من حيث الحجم الكبير لمعروضاته، وكثافة الندوات الفكرية والأدبية التي يقيمها بشكل مواز، هناك معارض أخرى تحمل الطموح نفسه، تكاد تغطي مختلف ربوع الوطن، لعل أبرزها معرض الكتاب العربي الذي احتضنته مدينة الرباط، تخليدا لليوم العالمي للغة العربية، ومعرض الدار البيضاء لكتاب الطفل والناشئة..  
 كما أن هذه السنة تميزت بحصول أسماء مغربية فكرية وإبداعية لا يستهان بها، على جوائز ذات طابع دولي، كما هو الحال بالنسبة للباحث المغربي نور الدين أفاية الذي فاز بجائزة أهم كتاب عربي، عن كتابه: “في النقد الفلسفي المعاصر “،  وفاز الباحث عمر التاور بجائزة إدوارد سعيد لنقد الخطاب الاستشراقي، التي تنظمها مؤسسة فلسطين الدولية، كما تم تتويج المطربة سميرة بنسعيد بلقب أفضل مطربة عربية.  
 وفاز الباحث والمترجم محمد أبطوي بجائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز للترجمة في مجال العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية…
 وعلى الصعيد الوطني، حافظت وزارة الثقافة على مكتسب جائزة المغرب للكتاب التي تعد أرفع جائزة وطنية، إلى جانب جائزة الأطلس التي تشرف عليها سفارة فرنسا، وجائزة الأركانة العالمية التي يشرف عليها بيت الشعر بالمغرب..
 وفي سياق إسهام المجتمع المدني في تفعيل الحركة الثقافية، برز اتحاد كتاب المغرب، على مستويين: إشرافه على طبع سلسلة من الإصدارات الأدبية والفكرية الحديثة لنخبة من أعضائه، والتزامه بعقد المناظرة الوطنية للثقافة، التي توزعت أشغالها إلى ثلاث عشرة  ورشة عمل، تتعلق بالسياسة الثقافية والدبلوماسية الثقافية، الثقافة والرأسمال غير المادي، الثقافة والجهوية، الثقافة الشعبية، الفكر والقيم، الهوية والتعدد الثقافي واللغوي، الثقافة والإعلام، الإبداع والترجمة، الكتابة والقراءة والنشر والتوزيع، المسرح، السينما، التشكيل ثم الموسيقى.. وخرجت بتوصيات وقرارات تلائم المرحلة الحالية. كما تميزت المناظرة بتوقيع وثيقة إحياء اتحاد الكتاب المغاربيين الذي سبق أن أرسى أدباء المغرب والجزائر وتونس لبنته الأولى في مطلع ستينيات القرن الماضي.
 ولأول مرة تم انتخاب المغرب بالإجماع نائبا أولا للأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في المؤتمر العام السادس والعشرين للاتحاد الذي أقيم بأبوظبي.
وتم خلال السنة نفسها تكريس الدخول الأدبي الذي بادر إلى تنظيمه اتحاد الناشرين المغاربة، وبهذه المناسبة أكد وزير الثقافة الأمين الصبيحي، على أن هذه المبادرة “تستحق كل التنويه والتشجيع، وذلك لدواع عدة. يكمن الأول في المقاربة التي اعتمدها الاتحاد والتي تسمح بتجميع جهود خمس عشرة دارا للنشر، تحقيقا لاحترافية أفضل لمهنة الناشر، ولتعزيز هذه الحلقة الأساسية على مستوى قطاع الكتاب. ومن ناحية ثانية؛ فإن الصيغة التي اعتمدها اتحاد الناشرين المغاربة لتنظيم موسمه الأدبي تكتسي طابعا مهما ومتميزا؛ لكونها  تمكن من مغادرة الفضاءات النخبوية وتسمح بالتقرب من القراء من خلال أكثر من سبعين فضاء ثقافيا عبر أرجاء البلاد: مكتبات، خزانات وغيرها من الفضاءات الثقافية”.

الباحث محمد يحيى قاسمي حصيلة  الأدب المغربي على امتداد سنة كاملة
تقوم الورقة التي نقدمها للقارئ الكريم  المشهد الأدبي المغربي بشقيه الإبداعي والنقدي. وهو تقويم يحاول أن يبرز مدى تطور هذا الجنس الأدبي أو ذاك من ناحية الكم في المغرب  في فترة زمنية تمتد عاما كاملا هو 2015 .
 أما ضوابط هذه الورقة فإنها تتقيد بما هو مطبوع بين دفتي كتاب، وتبعد الأعمال المنشورة على صفحات الجرائد والمجلات أو المواقع الإلكترونية، كما تبعد أدب الأطفال والأعمال المترجمة والكتب المدرسية وهي كثيرة.
ومن الخلاصات الجلية في هذا الجرد:
نشر الكتاب المغاربة 395 عملا أدبيا ونقديا
وزعت كما يلي:
*في الإبداع:
 •  334 عملا وزعت على الأجناس الأدبية كما يلي:
 • الشعر:  144 مجموعة
 • القصة القصيرة : 68 مجموعة
 • الرواية : 60 رواية
 • الزجل 53 مجموعة
 • المسرح: 7
 • سيناريو: 1
 • نصوص مفتوحة: 1

*في النقد: 61 عملا توزعت على أنواع النقود كما يلي:
 • النقد الشعري: 17
 • النقد العام: 14
 • النقد القصصي: 13
 • النقد الروائي: 11
 • نقد النقد : 4
 • النقد المسرحي: 2
– هيمنة الإبداعي على النقدي بنسبة كبيرة 334 على 395، مما يعني تخلف النقد عن موازاة الإبداع 61 على 395 .
– هيمنة الشعر في الإبداع المغربي المعاصر على باقي الأجناس الأدبية الأخرى، وكذا النقد الشعري في مجال النقد على باقي النقود .
– هيمنة الأقلام الذكورية إبداعا ونقدا إذ لم تسجل الحصيلة سوى مساهمة  خمس وتسعين (95)كاتبة  مقابل 300 قلما ذكوريا .
– الإقرار بنسبية النتائج المسجلة إذ قد تغيب عن هذا الرصد بعض الأعمال بسبب عدم توزيعها في أوانها من جهة، أو بسبب  سوء توزيعها من جهة ثانية.
– نأمل أن يملأ القراء الكرام الفراغات الممكنة حتى  تصبح حصيلة سنة 2015 قارة وثابتة.
***

القاصة والباحثة مليكة نجيب :كانت سنة أوراش دعم وإصلاح  وتجديد وترميم ولكن..  Sans titre-31
أتمنى بداية سنة سعيدة محملة بجديد مفرح وطيب وخير يمحو بعض مشاكل وإحباطات السنة التي تستعد للرحيل.
 لقد اعتقدت أن تقييم الشأن الثقافي لسنة 2015، مسألة هينة، لأكتشف أن الأمر عصي علي، لماذا؟
أولا هل أمتلك  أدوات وآليات التقييم ؟
ثم هل الشأن الثقافي واضح وشفاف وجلي ليتمكن الباحث من كشف مكوناته وخفاياه؟
   ولأنني أعجز حتى على الإحاطة بهذين التساؤلين، فإنني أجازف وأنقل ما أشعر به، مع العلم أن الشعور مسألة حسية لا تعتمد على العلم وبالتالي فرأيي لا يرتكز على اليقين، مجرد رأي حمال لكل التأويلات.
  يذهب  كثيرون إلى أن الثقافة هي وجه الدولة الذي يكشف صحتها وسلامة تفكيرها ونبض قلبها وتطلعات مواطنيها وأمانيهم وأحلامهم، هي الترمومتر الذي يقيس مستوى الحرية التي يتمتعون  بها والحق في التعبير الذي يقوي ويغني إبداعاتهم.
  وقد شهدت السنة المنصرمة قريبا، أوراش دعم وإصلاح  وتجديد وترميم  وتعميم، ذلك ما اتضح خاصة من خلال خطابات كثيرة، وبالفعل كانت هناك مبادرات تحمل التفاؤل وتبشر بنظام يصلح ثقوب الفساد التي لم تسلم منه الثقافة. فخطورة الفساد أنه أخطبوط نهم،  يلتهم كل الحيتان، خاصة تلك المضيئة أجسادها والطامحة إلى الخروج من العتمة إلى النور.
   ومن المبادئ الغائبة أو المغيبة  هي  تكافؤ الفرص ومقاربة التشارك والمشاركة، فعلى سبيل المثل لا الحصر، نجد مجموعة من الأشخاص تقوم وصية على الثقافة في المغرب، فهي حاضرة في كل الملتقيات والتظاهرات والندوات والتكريمات، هي المستفيدة من النشر والإصدار والترجمة وتمثيل المغرب في الداخل والخارج، نفس الأشخاص والأصوات والمنابر والتوجهات والمواقف وو..
      هل يمكن اعتبار ذلك ضمن الريع الثقافي؟ الخطير أن تداعياته مفلسة ومحبطة لكل المبدعين الذين لا يصطفون تحت خيمة من خيام “المحميات”، محمية القبيلة ومحمية الحزب ومحمية المحسوبية ومحمية الإخوانيات، ومحميات أخرى يسهر الفساد على تبنيها واحتضانها، لأنه يعشش في أحشائها.
      أعتقد أن الثقافة تتطلب استراتيجية رؤية ورؤيا وعمل تنفذها سياسات عمومية محترمة وتستجيب لدفاتر تحملات شفافة وواضحة، وتتيح مشاركة كل الفاعلين بمختلف انتماءاتهم وألوانهم ومعتقداتهم ومواقفهم. يجب إتاحة الفرصة للجميع. الثقافة تصير كاسدة تفترش اليباب عندما تحصر بين جهات بعينها، إنها تضعف وتجتر نفسها وتضيع على البلد سنين وسنين من التقدم.
     إن الشأن الثقافي في المغرب غالبا ما يعتمد على المناسبات والواجهات والأحداث الراهنية، بينما هو يتجذر في حياة الدول والشعوب ويشهد صادقا على مستوى رقي الدولة.                         
وبالرغم من الأوراش المتعددة المفتوحة والتي تروم النهوض بالثقافة، فللأسف يبقى الوضع الثقافي في حالة شروخ وعجز يغذيه تشتت المؤسسات الثقافية عوض التنسيق والتكامل بينها، وكذلك تتسبب المحميات المهيمنة في كبوة فرسها الذي يرمز إلى تنوع وغنى وتعدد مثقفين ومبدعين حالفهم طالع التهميش والإقصاء.

الوسوم , ,

Related posts

Top