مهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير بإفران

تحتضن قاعة المناظرات بإفران يوم الخميس 24 غشت الجاري ابتداء من الثامنة والنصف ليلا حفل افتتاح الدورة التاسعة عشر لمهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير بحضور فنانين ومثقفين وجمعويين وممثلي السلطات المحلية والمجالس المنتخبة وعشاق السينما عموما.
وسيكون ضيف شرف هذه الدورة الجديدة، المنظمة من طرف جمعية نادي الشاشة للطفولة والشباب وشركائها، الفنان العربي الكبير مارسيل خليفة.
يتضمن برنامج هذا الحفل الافتتاحي تكريمات لوجوه سينمائية من إفريقيا من بينها الممثلة المغربية القديرة الأستاذة فاطمة وشاي. فيما يلي ورقة تعرف بها وبأعمالها:
 
مسار ممثلة مغربية كبيرة: 

أصبحت الممثلة الكبيرة فاطمة وشاي جد معروفة ومألوفة لدى الأسر المغربية من خلال مشاركاتها المستمرة في السلسلات التلفزيونية الشعبية الناجحة “حديدان” و”رمانة وبرطال”، من توقيع المخرجة فاطمة بوبكدي، وفي برنامج “مداولة” الأسبوعي، من إعداد وتقديم القاضية رشيدة أحفوظ، وفي غيرها من الأعمال الفنية المختلفة، وأصبحت لها شعبية جد واسعة داخل المغرب وخارجه بفضل حضورها المتميز في العديد من المسرحيات والأفلام السينمائية والتلفزيونية والمسلسلات وغيرها. وهذه الشعبية الواسعة لم تأت من فراغ وإنما هي نتيجة عمل دؤوب وتعلم مستمر ومثابرة دائمة، ولعل الوسط العائلي المنفتح على الفنون والآداب الذي تربت فيه والتكوين الذي تلقته داخل معهد الدار البيضاء للموسيقى والرقص والفن المسرحي والانطلاق من مسرح الهواة في الستينات والسبعينات من القرن الماضي والارتباط في منتصف الثمانينات بزوج فنان (الإعلامي والقصاص والكاتب والمخرج المسرحي محمد شهاب) هي العوامل الأساسية التي صقلت موهبتها الفطرية في التشخيص وأدخلتها عالم الاحتراف من أبوابه الواسعة.
ولدت فاطمة وشاي يوم 3 دجنبر 1955 بحي لقليعة بمدينة آسفي، وترعرعت داخل أسرة تعشق الفنون حيث كان أبوها الفقيه محمد بن المامون، شاعر الملحون وخريج جامعة القرويين بفاس والمحب للموسيقى، يصطحبها معه وهي طفلة أو يافعة لمشاهدة الأفلام السينمائية والمسرحيات والاستمتاع بنغمات وأغاني الحفلات الموسيقية. ومن هنا تربى لديها عشق كبير للفن وتولدت فيها رغبة عارمة لاقتحام عوالمه وفضاءاته. وعندما لاحظ والدها ميلها المبكر لفن التشخيص سجلها بمعهد الفن الدرامي بالبيضاء سنة 1973 وكان يرافقها إليه ذهابا وإيابا.
تلقت في هذا المعهد تكوينا رصينا على امتداد سنوات إلى جانب زملاء لها في الدراسة نذكر منهم على سبيل المثال حميد برودان وعلي أصمعي وبوشعيب الطالعي وحسن فولان وغيرهم، وكان يؤطرهم آنذاك، نظريا وعمليا، فنانون وأساتذة كبار من عيار فريدة بورقية وأحمد الصعري والراحلين محمد الركاب وفريد بنمبارك وغيرهم.
أثناء دراستها بالمعهد المذكور شاركت فاطمة وشاي سنة 1975 كممثلة في فيلمين سينمائيين أمريكيين، صورا جزئيا بالمغرب، هما “عودة النمر الوردي” من إخراج بلاك إدواردز  و”الرجل الذي أراد أن يكون ملكا” لجون هيوستن (وهو فيلم شارك فيه ممثلون مغاربة آخرون، وعلى رأسهم الراحل العربي الدغمي). ولم تمثل هذه المشاركة بالنسبة لوشاي أول وقوف لها أمام الكاميرا، بل سبقتها مشاركة في فيلم تلفزيوني مغربي سنة 1973 من توقيع المبدع الراحل محمد الركاب، صديق والدها، بعنوان “شبح العاشق”  كتب له السيناريو زميلها في الدراسة حميد برودان.
والملاحظ أن المسيرة الفنية لفاطمة وشاي، قد انطلقت أولا من المسرح حيث شاركت كممثلة هاوية أو محترفة وهي صغيرة السن في مجموعة من الأعمال، نذكر منها المسرحيات التالية:
“قيس العبدي وليلى الدكالية” لحميد نوجدة سنة 1965 و”مسامر الميدة” (1967) و”لحكيم كرفوح” (1968) و”الزوج الخائن ” (1969) لشعيب رشاد. كما شاركت في ملحمة “مولاي إدريس” سنة 1973 من إخراج الطيب الصديقي، وفي عدة مسرحيات.
بعد تخرجها من معهد الدار البيضاء شاركت في المسلسل التلفزيوني “كلها وحرفتو” من إخراج أحمد حيضر سنة 1981 وفي الفيلمين السينمائيين المغربيين “الزفت” (1984) من إخراج الطيب الصديقي و”غراميات” (1986) من إخراج لطيف لحلو، وغير ذلك من الأعمال.
وبحلول عقد التسعينات وما بعده تكثفت مشاركاتها في الأعمال السينمائية والتلفزيونية والمسرحية بوتيرة أسرع من وتيرة الثمانينات وتنوعت أدوارها في مختلف الأعمال، وهكذا شاهدناها سينمائيا في الأفلام الفرنسية الثلاثة   “ليلة القدر” (1992) للمخرج نيكولا كلوتز و”الفيس عزيز” (1996) للمخرج فريدريك كوبان و”قضية أجنبية” (2010) لفانسانزو مارانو والفيلم البلجيكي “البارونات” (2009) من إخراج نبيل بن يدير، كما شاهدناها في الأفلام المغربية التالية: “المطرقة والسندان” (1990) لحكيم نوري  و”عرس الآخرين” (1990) لحسن بنجلون و”نامبر وان” (2008) لزكية الطاهري و”آلو 15″  (2010) لمحمد اليونسي.. وغيرها.
أما الأعمال التلفزيونية التي ساهمت بقدر كبير في انتشار فاطمة وشاي وتكريس شعبيتها الواسعة، على عكس السينما التي لم تعطها لحد الآن الأدوار الملائمة والفرص الكافية لتفجير طاقاتها الكبيرة في التشخيص، فعددها كبير نذكر منها بالخصوص المسلسلات التالية: “خمسة وخميس” (1990) و”حوت البر” (1992) لفريدة بورقية و”ظلال الماضي” (1994) لمحمد عاطفي و ” كواليس ” (1995) و ” لا تبحثوا عني ” (1997) لمصطفى الخياط و”ذئاب في دائرة” (1997) لشكيب بنعمر و”سرب لحمام” (1998) لمحمد عاطفي و “أبواب النافذة” (1998) و”الباحث” (2007) لجمال بلمجدوب و”النوارس” (2008) لطارق بن ابراهيم و”بوكيوض” (2008) لفاطمة بوبكدي و”الزبير وجلول” (2009) لهشام الجباري و “حمرا خضرا” لجيهان البحار و”ألوان في المنفى” (2014) و” إشاعة ” (2017) لمصطفى مضمون..وغيرها.
لقد تميزت الفنانة فاطمة وشاي في تشخيصها للعديد من الأدوار (الزوجة والأم والجدة والحماة…) على امتداد ما يقارب نصف قرن من العطاء، وكان حضورها قويا أمام كاميرا التلفزيون سواء في دور المرأة المغلوبة على أمرها (فيلم ” الحي الخلفي ” ومسلسل ” دواير الزمان ” من إخراج فريدة بورقية ، نموذجان) أو في دور المرأة الشريرة والمتسلطة (مسلسل ” ثورية ” ليونس الركاب نموذجا ) أو في غيرها من الأدوار الكوميدية وغير الكوميدية التي شخصتها بعفوية وتلقائية في المسرح والسينما والتلفزيون  .
ننتظر أن تتاح لها في السينما المغربية نفس الفرص والأدوار، كما في التلفزيون والمسرح، الذي لازلنا نتذكر صولاتها وجولاتها  على ركحه في أعمال كثيرة.

Related posts

Top