وزير الثقافة والاتصال يعرض رؤيته الاستراتيجية وفق مخطط خماسي

قال وزير الثقافة والاتصال، محمد الأعرج، الخميس الماضي بالرباط، خلال اجتماع للجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، خصص لتقديم ومناقشة برنامج عمل وزارة الثقافة والاتصال خلال الولاية الحالية، “2017-2021” أن المخطط الخاص بقطاع الثقافة يروم بث نفس جديد في المشهد الثقافي الوطني وتوفير شروط تعزيز دور الثقافة باعتبارها عنصرا أساسيا من عناصر التنمية المستدامة، بينما مخطط قطاع الاتصال للفترة ذاتها، يقول الوزير، يعتبر أداة تدبيرية فعالة لأجرأة وتنزيل رؤية القطاع الاستراتيجية، ويروم النجاعة وتكريس حرية الرأي والإعلام.

قطاع الثقافة

وبخصوص المخطط التنفيذي الخاص بقطاع الثقافة “2017-2021″، أوضح الأعرج أن مخطط عمل القطاع يتوخى تثمين المكتسبات التي تحققت وتجاوز الإكراهات والصعوبات، مشددا على ضرورة مضاعفة الجهود لرفع تحديات التنمية. 
ويرتكز هذا المخطط، يضيف الوزير، على محاور رئيسية يتمثل أولها في إرساء استراتيجية ثقافية وطنية تستند على الدستور الذي نص على هذا الحق في فصوله 5 و25 و26، وعلى التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس المتعلقة بقطاع الثقافة، فضلا عن البرنامج الحكومي الذي خصص حيزا هاما لتحسين الولوج إلى الثقافة وتعزيز الإشعاع الثقافي. 
وذكر أن مكانة الثقافة تعكس الطابع العرضاني والمسؤولية الجماعية للنهوض بها، وهو ما يقتضي إرساء استراتيجية وطنية للتنمية الثقافية، مضيفا أن الوزارة تشتغل حاليا على إعداد هذه الاستراتيجية بشراكة مع القطاعات المعنية واستنادا إلى استشارة وطنية مرتقبة.
ويتجلى المحور الثاني، بحسب الوزير، في حماية وتثمين الموروث الثقافي الوطني، باعتبار أن المغرب يمتلك تراثا ماديا وغير مادي غنيا، مشيرا إلى أن تسع مواقع للتراث المادي حظيت بتتويج دولي في لائحة التراث العالمي، وستة عناصر من التراث غير المادي صنفت تراثا عالميا لاماديا للإنسانية. 
وأشار في هذا الصدد، إلى أن وزارة الثقافة والاتصال أعدت وثيقة مرجعية تحمل عنوان “عناصر رؤية التراث 2020” تحدد مختلف جوانب جرد التراث الثقافي الوطني وتقييده وترتيبه وترميمه والمحافظة عليه والتعريف به وإبرازه وتثمينه وإدراجه في المنظور التنموي الشامل.
وتتوخى هذه الوثيقة، على الخصوص، جرد وتقييد وتثمين التراث الثقافي غير المادي؛ وتقييد وتسجيل، سنويا، 500 معلمة تاريخية وموقعا أثريا ومنظرا طبيعيا ومجموعة متحفية في عداد التراث الوطني؛ والعمل على تسجيل المدن العتيقة ومعمار الفترة الكولونيالية والمواسم وعناصر التراث المادي وغير المادي في لائحة التراث العالمي.
كما تروم تعزيز البحث الأركيولوجي؛ وإحداث شرطة الآثار؛ وتنمية اقتصاديات التراث عبر مواصلة إحداث مراكز للتعريف بالتراث ومحافظات المواقع والمباني التاريخية، وتحديث آليات تدبير المآثر التاريخية والمواقع الأثرية وإرساء مدارات سياحية تراثية؛ وإرساء اللجن الجهوية والوطنية للتراث.
وفيما يخص المحور الثالث المتعلق بعمل المخطط على مواصلة سياسة القرب الثقافي، أكد الوزير أنه تم تسطير برنامج لتوفير البنيات الثقافية الأساسية وتوزيعها بشكل عادل على المجال الترابي، وذلك بشراكة مع الجماعات الترابية والقطاعات الحكومية والقطاع الخاص.
وذكر أنه ستتم مواصلة الإحداث التدريجي للبنيات الثقافية الأساسية بعواصم العمالات والأقاليم وبالجماعات الحضرية؛ والانخراط في “سياسة المدينة” التي يبلورها القطاع المعني؛ وتفعيل البرنامج الوطني المشترك للتجهيز الثقافي لسد الخصاص في البنيات الثقافية للجماعات الحضرية والاستجابة للحاجيات الثقافية للمواطنين.
كما سيتم، حسب الوزير، وضع برنامج وطني لتجهيز العالم القروي بالبنيات التحتية الثقافية الأساسية، من ضمنها على الخصوص المراكز الثقافية للقرب، مضيفا أن الوزارة ستسهر على وضع برنامج للعرض الثقافي بالعالم القروي بشراكة مع الجماعات الترابية وبتنسيق مع وزارة التربية الوطنية لاستغلال الفضاءات المدرسية.
وقال إن المحور الرابع يسعى إلى إرساء أسس الصناعة الثقافية الوطنية من خلال التدخل في جميع حلقات سلسلة القيمة من إبداع وإنتاج وترويج وتوزيع، موضحا أن هذا التدخل أخذ بعين الاعتبار مستوى تطور الصناعة وما إذا كانت صناعة ناشئة أو صناعة في وضعية صعبة أو صناعة تحتاج إلى تدعيم.
وذكر الوزير أن المحور الخامس يتعلق بتعزيز الإشعاع الثقافي المغربي بالخارج، وذلك انطلاقا من محورية الدبلوماسية الثقافية في التعريف بالشخصية والحضارة المغربيتين وغنى المنتوج الثقافي المغربي وتقوية العلاقات مع مغاربة العالم. 
وقال في هذا الصدد، إن وزارة الثقافة والاتصال تعتمد، في هذا المجال، على مقاربة إرادية على مستوى الدبلوماسية الثقافية، من أهم مكوناتها إبراز صورة المغرب الثقافي وذلك من خلال تكثيف التعاون والتبادل مع الدول التي تربطها مع المغرب علاقات متينة، واستثمار إمكانيات ومبادرات مغاربة العالم، والمساهمة في تعبئة الإمكانيات والسبل لمشاركة الفرق الفنية الوطنية في المهرجانات والتظاهرات العربية والدولية. 
كما يتضمن هذا الجانب، يضيف الوزير، تعزيز وتوسيع إشعاع تنظيم الأيام الثقافية الأجنبية في المغرب بما في ذلك دعم علاقات التعاون مع المراكز الثقافية الأجنبية وتكثيف إقامة الأسابيع الثقافية المغربية بالخارج وترشيد تنظيمها وإعطاء الفرصة لأكبر عدد من المبدعين للمشاركة فيها والعمل على تسهيل عملية تداول المنتوج الثقافي المغربي بالخارج، فضلا عن تعزيز علاقات التعاون مع المنظمات الدولية ذات الاهتمام الثقافي كاليونسكو والمنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.
 وشدد الأعرج على أن تفعيل هذه المحاور الرئيسية يحتاج إلى تدابير وإجراءات مصاحبة، وتعبئة إمكانيات بشرية وموارد مالية مهمة، تتمثل بالأساس، في الرفع التدريجي للميزانية المخصصة لقطاع الثقافة، وتعزيز الموارد البشرية، وتحديث وتحيين المنظومة التشريعية، إلى جانب إعادة النظر في الهيكل التنظيمي للقطاع، لجعله يتماشى مع الوظائف الثقافية الجديدة في ارتباطها بتنزيل المقتضيات الدستورية وباستراتيجية التنمية الثقافية.

قطاع الاتصال

وأوضح الأعرج، خلال ذات الاجتماع، أن المخطط الخاص بقطاع الاتصال يروم تكريس حرية واستقلالية الإعلام وتعزيز بنيته التحتية، وذلك لضمان ممارسة تنافسية ومسؤولة بغية مواكبة التحولات المجتمعية والتطورات التكنولوجية.
وأضاف الوزير أن هذا المخطط يتوخى النجاعة في تنفيذ استراتيجية قطاع الاتصال، بما يخدم تحقيق إعلام مستقل، حر ومسؤول، يعكس التعددية السياسية والثقافية واللغوية، ويخدم الهوية الوطنية بروافدها المتعددة، وينخرط في التنمية المجتمعية ويواكب التطور الديمقراطي ويلتزم بأخلاقيات المهنة كما هو متعارف عليها دوليا.
وذكر أن هذا المخطط يعد تجسيدا لرؤية واضحة تقوم على ست ركائز، وهي ضمان الحرية والاستقلالية لوسائل الإعلام والاتصال؛ والعمل على إشعاع صورة المغرب؛ والإشراك الفعلي لمختلف المتدخلين في القطاع؛ وتعميم التعاقد مع المؤسسات الفاعلة في المجال؛ وتثمين الموارد البشرية ودعم البنيات التحتية؛ وتحقيق شروط الحكامة.
وقال الوزير إن المقاربة اقتضت الاشتغال على ثمان مجالات تهم الصحافة المكتوبة، وصحافة الوكالة، والسمعي البصري، والسينما، وحقوق المؤلف والملكية الفكرية، والتواصل المؤسساتي وحفظ الذاكرة الإعلامية، والإشهار، إلى جانب مجال الإدارة والحكامة. لتأتي بعد ذلك مرحلة تحديد برامج كل مجال على حدة وكذا المشاريع المتفرعة عنها والإجراءات الملموسة لترجمتها على أرض الواقع.
وسينصب العمل في مواكبة تطور مجال الصحافة المكتوبة “الورقية والإلكترونية”، بحسب الوزير، على ثلاث برامج تشمل تنزيل مقتضيات مدونة الصحافة والنشر؛ وتنمية قطاع الصحافة الورقية الوطنية والجهوية والإلكترونية وتتبع مؤشراته؛ ودعم المقاولات الصحفية وتأهيلها وتعزيز احترافيتها.
وسجل الأعرج أن وكالة المغرب العربي للأنباء تعتبر مصدرا رئيسيا للإخبار، كما أنها تعد نافذة المغرب على الخارج، مضيفا أنها كانت ولازالت تحظى بأهمية بالغة. ومن أجل الرقي بأدائها وتنويعه وتمكينها من الصمود في وجه المنافسة الأجنبية، ذكر الوزير بأنه تم تحديد “تأهيل الإطار القانوني والمؤسساتي المنظم لوكالة المغرب العربي للأنباء وتخويلها مهام وآليات عمل جديدة للرفع من تنافسيتها وتمكينها من التموقع على الصعيد الدولي خدمة لمصالح المغرب وإشعاعه” كهدف استراتيجي، موضحا أن ذلك سيتأتى من خلال تنفيذ برنامجين يهمان استكمال تحديث الإطار القانوني والمؤسساتي للوكالة، وإرساء استراتيجية العمل 2017 – 2021.
وذكر أنه حدد لتنفيذ هذين البرنامجين إنجاز ثلاث مشاريع مهيكلة ستحظى بفضلها الوكالة بإطار قانوني ومؤسساتي عصريين وباستراتيجية متوسطة المدى.
وأضاف الوزير أنه، في ما يخص مجال الاتصال السمعي البصري، تم تحديد الهدف الاستراتيجي للمجال في “تثمين استقلالية القطاع السمعي البصري العمومي وتقوية البنيات التحتية وتنويع وتجويد العرض”، موضحا أنه سيتم العمل لتحقيق هذه الغاية وفق ثلاث برامج في إطار المقاربة التشاركية، تهم الدراسات وتطوير الإطار القانوني، والرفع من حكامة تدبير شركتي القطب العمومي وتجويد الخدمات، وضمان تمويل الإعلام العمومي.
وأكد الوزير أن الوزارة ستصب جهودها على العمل على تبويء مجال السينما المكانة اللائقة به، بما يخدم الصناعة السينمائية وجودة الفيلم المغربي وتنافسيته، مضيفا أن كل المجهودات المبذولة من أجل النهوض بقطاع الإعلام والاتصال، تبقى رهينة بمدى توفير بيئة سليمة لاحترام حقوق المؤلف والملكية الفكرية، لما في ذلك من ضمان للحقوق المادية والأدبية لكل أشكال الإبداع.
وفي ما يخص مجال التواصل المؤسساتي وحفظ الذاكرة الإعلامية الوطنية، قال إنه سيتم الاشتغال على ثلاث برامج تتعلق بتقوية آليات الرصد الإخباري والتفاعل مع الصحافة الأجنبية، والإسهام في إشعاع صورة المغرب إعلاميا في الخارج، وتقوية الحضور الإلكتروني للقطاع والإسهام في الحفاظ على الذاكرة الإعلامية الوطنية .
كما ستنصب مجموعة من المشاريع، بحسب الوزير، على تحسين صورة المغرب من خلال إعداد حملات تواصلية للتعريف بالأوراش والمشاريع الكبرى التي يدشنها المغرب، وتنظيم رحلات لمختلف مناطق المملكة للوقوف على هذه المشاريع وأثرها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
وسيجري، في إطار تطوير حفظ الذاكرة الإعلامية الوطنية، تخصيص بعض المشاريع للمحافظة على الرصيد الوثائقي الوطني من الضياع والتلف الذي يلحق الوثائق، وذلك بمعالجته آليا وإتاحته إلكترونيا ووضعه رهن إشارة عموم الباحثين والمهنيين، كما سيتم من جهة أخرى تعزيز التواجد الرقمي لقطاع الاتصال على شبكة الأنترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث، مع إطلاق عملية التحيين المستمرة للمواقع وإحداث “صفحة المغرب” على موقع اللجنة العربية للإعلام الإلكتروني.
واعتبر الوزير أن مجال الإشهار يعد ركيزة أساسية في النموذج الاقتصادي للمقاولة الصحفية، موضحا أنه سيتم العمل وفق المخطط على “مواكبة تنمية قطاع الإشهار والتشجيع على التنظيم الذاتي وتنظيم مجال الإعلانات” كهدف استراتيجي، يتم تنزيله عبر إنجاز برنامجين يهمان الإطار القانوني، ودعم وتنمية قطاع الإشهار.
وشدد الوزير على أن كل تدبير يتوخى النجاعة يبقى رهينا بمدى استيفاء شروط وآليات الحكامة، وتكريسا للنهج المتبع في هذا الإطار، مشيرا إلى أنه سيتم التركيز على تحقيق غايات الهدف الاستراتيجي لهذا المجال والمتمثل في “مضاعفة وتيرة عصرنة وتحديث التدبير الإداري والزيادة في نجاعته وكذا تطوير دور المديريات الجهوية”.
وخلص إلى أنه، نظرا لأهمية هذا المجال، سوف يتم إنجاز أربعة مشاريع تتعلق بتنزيل برامج تثمين الموارد البشرية بالوزارة، واستكمال تأهيل المديريات الجهوية للقطاع، وتنزيل الإجراءات الرامية إلى ملاءمة الهيكلة الإدارية مع الحاجيات المستجدة، وتطوير النظام المعلوماتي للقطاع.

Related posts

Top