أبناؤنا وخطر التعرض للمحتوى الجنسي على الإنترنت

ألواقع اليوم أن علاقة أطفالنا بالشاشات والأجهزة الالكترونية الذكية تكاد تصبح يومية، سواء للعب أو لمشاهدة الرسوم المتحركة، كلنا يعف خطورة الأمر ويحاول الحد من آثاره بكيفية أو بأخرى. ولكن الخطر الأكبر يكمن في احتمال تعرضهم لمحتوى جنسي عن طريق الخطأ أو عن طريق الإعلانات التي قد تظهر لهم.
وبالفعل، تتزايد شكاوى الآباء والأمهات من مشاهدة أطفالهم الذين تتجاوز أعمارهم الـ7 سنوات أو أقل أحيانا، لمواقع إباحية أو فيديوهات إباحية على اليوتيوب، أو من مصادفتهم يلعبون ألعابا فيها تعرض للأعضاء الجنسية سواء باللمس أو المشاهدة، فيقع الآباء والأمهات أنفسهم تحت هول الصدمة ولا يعرفون كيف يتصرفون في مثل هذه الحالات.
وقد تتعامل كثير من الأمهات بشكل سلبي مع طفلها عند رؤيته يشاهد موقعا أو فيديو إباحيا على اليوتيوب حيث أنها تشعر بالذعر والفزع، فتشرع في الصراخ أو ضرب الأطفال والتعنيف بشكل مبرح.
وهذا التصرف من الأم يعد رد فعل ناتجا عن مخزون من الخوف من عرض المحتوى الجنسي، وأنه أمر لا يصح أن نتكلم فيه ولا أن نعرفه، بالإضافة إلى خوف الأم وفزعها من معرفة الأطفال هذه الأشياء فيطبقوها ويقوموا بالتحرش بأحد أو أن يقوم أحد بالتحرش بهم ولا يرفضون. وهناك نوع آخر من الخوف وهو الخوف من الأب بمعنى أن الأم تخاف من اتهام الأب لها بعدم تربية الأولاد أو عدم سيطرتها عليهم.
لكن الصراخ والضرب لا يؤديان في الحقيقة إلى أي نتيجة إيجابية، بل قد يولدان لدى الطفل فضولا أكثر لمعرفة هذه الأشياء التي أغضبت الأم بهذا الشكل ولماذا، وستكون هذه المرة في الخفاء، بل قد يبحث عن شخص آخر يشاهد معه أو يحكي له ما رآه في الفيديو أو يحاول تجربة اللعب معه، بعيدا عن نظرات الأهل، سواء في المنزل أو خارجه. هذا بغض النظر على الآثار السلبية لاقتران هذا الموضوع بالعنف في ذاكرة ووجدان الطفل.
والإجابة النموذجية لسؤال الأمهات “ماذا أفعل عند اكتشاف أن طفلي يشاهد موقع أو فيديو إباحي؟” هي “أن تتصرفي كأنك لم تشاهدي شيئا” لأن هناك قاعدة تشير إلى أن الضرب والصراخ سيجعله يفعل ما شاهدته وعاقبته عليه، دون علمك، لذا تنصح الأم بالتعامل بهدوء بفصل الإنترنت في حينه، قبل أن تعمل على مراجعة التدابير المتخذة في المنزل فيما يخص التعامل مع الانترنت واليوتيوب، خاصة بالنسبة للأطفال.
ولابد أن يكون هناك قاعدة في البيت تخص استخدام اليوتيوب والانترنت وهي أن يتم مشاهدة ما يريدون مشاهدته في الصالة أو في غرفة المعيشة، وليس في غرفهم المغلقة، وليس من الضروري حدوث أزمة في المنزل من أجل تثبيت هذه القاعدة بل إنه يمكن أن يبدأ الأبوان في تطبيقها في أي وقت لأن الوقاية خير من العلاج.
ومن الضروري أيضا تغيير إعدادات واختيارات اليوتيوب من خلال الحد منها وتوجيهيها بحسب احتياجات الطفل. هذا لا يمنع وجود الفيديوهات السيئة بالكامل ولكن يقلل منها بشكل أو بآخر. ومن الممكن أن يختار الأم والأب الفيديوهات التي يشاهدها الأطفال ويتم تحميلها لهم، مع إلغاء اليوتيوب، خاصة في سن أقل من خمس سنوات. علما أن الأمهات سيكون عليهن أيضا بذل مجهود شخصي في هذا الاتجاه، حيث أصبحنا نجد كثيرا من الأمهات يفضلن ترك أطفالهن مع “جليس” هو شاشة الهاتف أو الكمبيوتر أو التلفاز ومعها اليوتيوب، معتذرة بانها ترغب في إنجاز أشغال البيت دون إزعاج، أو اقتطاع وقت للراحة، ومتناسية التأثير الخطر للشاشات على صحة وشخصية طفلها.
ومن الأفضل تشجيع الأطفال على إيجاد متعتهم في ألعاب أخرى غير الألعاب الالكترونية كما أنه بعد وضع القاعدة الخاصة بالشاشات، بمشاهدتها فقط في الصالة أو في غرفة المعيشة، لابد أيضا من تنظيم وقت التعرض لها، خاصة في فترات العطل الأسبوعية أو الموسمية، حيث يتسلل الملل إلى نفوس الأطفال في غياب أنشطة ملائمة. وهنا يجب أن تفكر الأسرة بجدية في إمكانية تسجيل الأطفال في تدريبات رياضية منتظمة، أو ممارسة أي أنشطة يحبها الطفل سواء خارج البيت أو داخله حيث يمكن أن يمارس مثلا التلوين والبازل والخياطة أو الطبخ للبنات، أو شراء لعب تعتمد النشاط اليدوي وتعزز الذكاء الفكري. كما يمكن أن يلعب الكبار مع الأبناء في أوقات الفراغ المشتركة. وتبقى القاعدة الهامة في موضوع لعب الأطفال هي المشاركة التي لا تعني الالتصاق بالأطفال بل تعني تحديد وقت يخصصه الأبوان للطفل ويشاركانه نشاطاته.
وفي حال تكرار مشاهدة هذا النوع من المحتوى على الانترنت، يمكن أن يبدأ الأبوان بتوجيه غير صريح من خلال سرد قصة تدور حول ما فعله الطفل، ولكن إذا تكرر بعد وضع القواعد يتم التحدث معه بشكل مباشر بقول “أنا ألاحظ أنك تشاهد أشياء سيئة”، وشرح أن مشاهدة هذه الأشياء تشعرنا بالاسى والحزن لاحقا، وأننا كما يجب أن نحافظ على أجسامنا فلابد أيضا ألا نشاهد جسم الآخرين. وهناك بعض الحالات التي يصبح فيها الأمر جديا بحيث يتطلب عرض الطفل للمساعدة النفسية حتى يتم مسح تلك المشاهد من ذاكرته وآثارها على نفسيته تدريجيا.

Related posts

Top