أحداث وشخصيات -الحلقة 3 –

هؤلاء العباقرة الذين ننظر لهم من بعيد كأنهم كائنات خارقة، وهبت قوة غير عادية تجعلهم يشقون طريقهم للنجاح والإبداع بكل سلاسة، تحوطهم نظرات التقدير من الجميع ولا يعرفون الإحباط أو الفشل.

عندما تبحث في سير ذاتية للعظماء والمبدعين، ستجد أنها مليئة بالتحديات، لم يولد أحدهم وهو يحمل جينات في رأسه تختلف عن باقي البشر.. كانت ميزتهم فقط الفضول والمثابرة..  منهم ظل يبحث ويجرب، ومنهم من كانت إعاقة مثل العمى والصمم دافعًا له نحو تحقيق المستحيل… لكل منهم قصة وحكاية، تعالوا بنا نتعرف عليها ونستلهم منها.

جنكيزخان والتتار

ظهرت دولة التتار في سنة (603هـ=1206م) تقريبًا، وكان ظهورها الأول في «منغوليا» في شمال الصين، وكان أول زعمائها هو «جنكيزخان.

و«جنكيزخان» كلمة تعني: قاهر العالم، أو ملك ملوك العالم، أو القوي.. حسب الترجمات المختلفة للغة المنغولية، واسمه الأصلي «تيموجين»، وكان رجلًا سفاكًا للدماء، وكان كذلك قائدًا عسكريًّا شديد البأس، وكانت له القدرة على تجميع الناس حوله، وبدأ في التوسُّع تدريجيًّا في المناطق المحيطة به، وسرعان ما اتَّسعت مملكته؛ حتى بلغت حدودها من كوريا شرقًا إلى حدود الدولة الخُوارِزمية غربًا، ومن سهول سيبريا شمالًا إلى بحر الصين جنوبًا، أي أنها كانت تضم من دول العالم حاليًّا: (الصين، ومنغوليا، وفيتنام، وكوريا، وتايلاند، وأجزاء من سيبيريا، وذلك إلى جانب مملكة لاوس، وميانمار، ونيبال، وبوتان)

التتار

ويُطلق اسم التتار -وكذلك المغول- على الأقوام الذين نشئوا في شمال الصين في صحراء «جوبي»، وإن كان التتار هم أصل القبائل بهذه المنطقة، ومن التتار جاءت قبائل أخرى مثل قبيلة «المغول»، وقبائل «الترك» و«السلاجقة» وغيرها، وعندما سيطر «المغول» -الذين منهم جنكيزخان- على هذه المنطقة أُطلق اسم «المغول» على هذه القبائل كلها.

وكان للتتار ديانة عجيبة، هي خليط من أديان مختلفة؛ فقد جمع جنكيزخان بعض الشرائع من الإسلام، والمسيحية، والبوذية، وأضاف من عنده شرائع أخرى، وأخرج لهم في النهاية كتابًا جعله كالدستور للتتار؛ وسمى هذا الكتاب بـ«الياسك».

وكانت حروب التتار تتَّسم بأشياء خاصَّة جدًّا؛ مثل:

1 – سرعة انتشار مُدهشة.

2 – نظام محكم وترتيب عظيم.

3 – أعداد ضخمة من البشر.

4 – تَحَمُّل ظروف قاسية.

5 – قيادة عسكرية بارعة.

وكانت حروبهم حروب تخريب غير طبيعية؛ فكان من السهل جدًّا أن ترى في تاريخهم أنهم دخلوا مدينة كذا أو كذا فدمَّرُوا كل المدينة وقتلوا سُكانها جميعًا؛ لا يُفَرِّقُون في ذلك بين رجل وامرأة، ولا بين رضيع وشاب، ولا بين صغير وشيخ، ولا بين ظالم ومظلوم، ولا بين مَدني ومحارب! إبادة جماعية مرعبة، وطبائع دموية لا تصل إليها أشدُّ الحيوانات شراسة.

وكما يقول المؤرخون في أخبار التتار: «وكأن قصدهم إفناء النوع، وإبادة العالم، لا قصد الملك والمال»

كانت حروب التوسع والاحتلال على هذا النحو دائما ، كذلك حروب الفرس، وكذلك كانت حروب الرومان، و حروب الصليبيين في الشام ومصر، وفي الأندلس، ثم سار على طريقتهم بعد ذلك أتباعهم من المستعمرين الإسبان والبرتغال والإنجليز والفرنسيين والطليان… ثم الأمريكان! 

> سعيد الحبشي

Related posts

Top