أحزاب المعارضة في إسرائيل تطرح ملف إصلاح النظام القضائي

لم تمض أسابيع على تولي الحكومة اليمينية الإسرائيلية لمهامها حتى وجدت نفسها أمام معارضة شرسة عازمة على التصدي لها وقادرة على تحريك الشارع ضدها. وتعتبر الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل أول اختبار لصلابة المعارضة ومدى قدرة الحكومة على المناورة.

وتظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين ضد مشروع إصلاح النظام القضائي الذي قدمته حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ويهدف إلى تغليب سلطة النواب على سلطة القضاة.

وتؤكد الحكومة الائتلافية التي تضم أحزابا من اليمين واليمين المتطرف وتشكيلات يهودية متشددة، أن الإصلاحات تهدف إلى تصحيح حالة من عدم التوازن. لكن رئيسة المحكمة العليا إستر حايوت ترى أنه “هجوم محموم” على القضاء.

الحكومة تريد تمرير “بند الاستثناء” الذي يسمح للبرلمان بإلغاء قرار المحكمة العليا ما يعطي سلطة مطلقة للبرلمان

ويقول منتقدو المحكمة العليا إنها أساءت تفسير القوانين الأساسية لإسرائيل المعمول بها بدلا من الدستور، وأساءت كذلك استخدام صلاحياتها عبر إبطال قوانين. وتريد الحكومة تمرير ما يسمى بـ”بند الاستثناء” الذي يسمح للبرلمان بإلغاء قرار للمحكمة العليا بتصويت بأغلبية بسيطة.

ويرى معارضو هذا الإجراء أنه سيعطي سلطة شبه مطلقة للبرلمان. وفي حال تبنّيه، يمكن استخدامه لإلغاء إدانة محتملة لنتنياهو الذي يحاكم بتهمة الفساد في سلسلة من القضايا.

ويتم تعيين قضاة المحكمة العليا حاليا من قبل لجنة تضم قضاة ونوابا ومحامين من نقابة المحامين، تحت إشراف وزير العدل.

ويقترح التعديل إخراج المحامين من هذه اللجنة ليحل محلهم مواطنان ووزير واحد. وسيعقد الكنيست (البرلمان) أيضا جلسات استماع علنية بشأن الترشيحات.

وأبطلت المحكمة العليا في الثامن عشر يناير تعيين آرييه درعي وزيرا للداخلية والصحة، مشيرة إلى أنه أدين بتهرب ضريبي، وبالتالي لم يكن من “المعقول” أن يكون عضوا في الحكومة على الرغم من عدم وجود قانون يمنع ذلك منذ التصويت في ديسمبر على تعديل صمم له ليتمكن من الانضمام إلى السلطة.

واضطر نتنياهو لإقالته من منصبه لكنه انتقد قرار القضاة الذين اتهمهم بتجاهل “إرادة الشعب”. وتريد الحكومة منع القضاة من التذرع بما يعتبرونه “معقولا” في ظروف من هذا النوع.

وتريد الحكومة أيضا الحد من تأثير المستشارين القانونيين داخل الوزارات. ويستشهد قضاة المحكمة العليا بتوصياتهم عندما ينظرون في حسن سير الحكومة.

ويريد وزير العدل ياريف ليفين اعتبار هذه التوصيات بشكل واضح نصائح غير ملزمة. وأما المعارضون فيرون في هذا البند طريقة أخرى لحكومة نتنياهو لإضعاف سلطة الموظفين.

وكانت إسرائيل قد سلطت الضوء في وقت سابق على قوة المحكمة العليا في الحكم ضدها، كطريقة لتقليل الانتقادات الدولية لمثل هذه التحركات.

وحال إقرار هذه التعديلات، وفق إعلام عبري، ستكون أكثر التغييرات جذرية في نظام الحكم بإسرائيل، حيث ستحد من سلطة محكمة العدل العليا (أعلى سلطة قضائية) وستمنح الحكومة سلطة اختيار القضاة وتنهي تعيين النائب العام للمستشارين القانونيين للوزارات.

كما ستمنح هذه الإصلاحات السياسيين نفوذا أكبر في تعيين القضاة بإسرائيل، حيث يأتي معظم أعضاء لجنة الاختيار من الائتلاف الحاكم. ويمكن لهذه الخطة، إذا تم تحويلها إلى قانون، أن تسهل على الحكومة التشريع لصالح المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية دون القلق بشأن الطعون في المحكمة العليا.

وحذر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الأسبوع الماضي من أن بلاده تواجه “أزمة دستورية تاريخية” بسبب خطة إصلاح قضائي مثيرة للجدل، وقال إنه يقوم بوساطة بين الأطراف المعنية.

ومنذ أن منح الكنيست ثقته للحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل قبل أسبوعين، أعلنت المعارضة أنها لن تصمت عن تنفيذ الحكومة سياساتها. وفي المعارضة يعتبرون ما تنفذه الحكومة حاليا “انقلابا” ويحذرون من “حرب أهلية”.

وهذا الخلاف بدأ مع منح الكنيست صلاحيات واسعة لزعيم حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف إيتمار بن غفير كوزير للأمن القومي، مرورا بتصريحات نواب من الأحزاب اليمينية الدينية عن تطبيق الشريعة اليهودية في البلاد، وصولا إلى إعلان وزير العدل ياريف ليفين، وهو من قادة حزب ليكود بزعامة نتنياهو، عما أسماه خطة الإصلاح القضائي.

Related posts

Top