أدباء مغاربة العالم

 كان الإنتاج الأدبي المغربي في بداية الاستقلال، المكتوب بالعربية والفرنسية، شبه متكافئ من حيث الوفرة، وكان للأدباء المفرنسين حظ الانتشار أكثر من غيرهم، على اعتبار أن إنتاجهم يترجم إلى أكثر من لغة.

 كانت الأسماء التي تكتب باللغات الأجنبية، بالأخص الفرنسية والإسبانية، معروفة جدا لدى القراء المغاربة على اختلاف مستوياتهم، اعتبارا لأن اللغة التي يكتبون بها، هي لغة المستعمر،  ويتم تدريسها في مختلف أسلاك التعليم، انطلاقا من سنوات الابتدائي، كما أن مقاطع من نصوصهم نجدها مدرجة ضمن المقررات الدراسية.

 استمر الإنتاج الأدبي بمختلف هذه اللغات، لكن ليس بالوتيرة نفسها، فمع مرور السنوات، وتراجع أعداد المتمدرسين الذين تلقوا أغلب مواد التدريس بلغة المستعمر، صارت كفة الإنتاج الأدبي باللغة العربية على الخصوص مرجحة أكثر من غيرها، وارتفع عدد من يكتبون بهذه اللغة، في مقابل ذلك، تضاءل حضور الكتاب الفرانكوفونيين وغيرهم ممن يبدعون باللغات الأجنبية.

 لكن هناك أدباء مغاربة يكتبون بعدة لغات أجنبية، ولديهم إنتاجات وافرة في مختلف صنوف الإبداع والمعرفة، غير أنهم شبه مجهولين في بلدهم الأصلي المغرب، هؤلاء الأدباء هم من يمثلون الجيل الثالث من الجالية المغربية المقيمة بالخارج.

 لقد ولدوا وترعرعوا هناك واكتسبوا ثقافة البلد الذي يستضيفهم، ومنهم من لا يجيد اللغة العربية، لكنه يظل مغربيا ما دام أن أصله مغربي.

 نادرة جدا المناسبات التي يتم فيها التفكير في هذه الأجيال التي قدر لها أن تنشأ خارج بلدها الأصلي، كان من المفروض أن يتم استدعاء مختلف الأسماء المغربية الفاعلة في حقول الإبداع والفكر والمعرفة؛ إلى المغرب، وتنظيم لقاءات معها، والتعريف بإنتاجاتها، وإعادة طبعها في دور نشر مغربية، والعمل على ترجمة أجودها إلى اللغة العربية على الأقل. 

 لعل الفرصة النادرة التي يتحقق فيها اللقاء مع نخبة من هاته الأسماء، هي دورات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، حيث يتكفل مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج بتكاليف تنقلهم وإيوائهم، غير أن لائحة الأسماء التي يكون من حظها تلقي دعوة الحضور لهذه التظاهرة، هي جد ضيقة، وتكاد تنحصر في الأسماء ذاتها، مع أن هناك أجيالا وأجيالا من الأدباء المغاربة الذين يقطنون في الخارج.

 المثير للانتباه أن  العديد من الأصدقاء الأدباء المغاربة، ممن يسافرون إلى الخارج، إلى أوروبا وغيرها من القارات، ما لبثوا ينشرون صورا لهم وهم يعانقون النصب التذكارية وغيرها من الديكورات، ثم يقفلون راجعين، مع أن في تلك القارات أدباء من أصول مغربية، لكنهم غير معروفين في بلدهم الأصلي المغرب، وكان أحرى بسياحنا الأدباء أن يصلوا الرحم بهم ويتبادلوا معهم الأفكار ويعملوا معا على إنجاز مشاريع للتعريف بإنتاجاتهم، عوض الاكتفاء بالتقاط الصور إلى جانب الديكورات المعروضة في الشوارع، وبهذا الصدد، أحيي المبادرة التي ينوي نادي القلم الدولي بالمغرب القيام بها، في ما يخص تنظيم ملتقى للأدباء المغاربة المقيمين بمختلف دول العالم.

عبد العالي بركات

Related posts

Top