أدباء مغاربة وعرب وضعوا حدا لحياتهم..

إن من ينتحر ليس بالضرورة إنسانا يكره الحياة، بل إنه يحبها بشدة، غير أنه لم يجدها كما كان يتمناها. العديد ممن اختاروا أن يضعوا حدا لحياتهم تركوا رسائل ذات معنى بليغ، ومنهم من لم يترك أي رسالة، لكن انتحاره كان في حد ذاته خطابا
. بليغا إلى من يهمه الأمر
العديد من الأدباء والمبدعين المغاربة والعرب وجدوا أنفسهم ذات لحظة يأس
. وإحباط؛ مرغمين على توديع الحياة رغم حبهم الشديد لها
ضمن هذه الفسحة الرمضانية، سيرة لمجموعة من هؤلاء المعذبين على الأرض، إلى
جانب نماذج من إنتاجاتهم الإبداعية، تكريما لأرواحهم الطاهرة

الشاعر كريم حوماري

رمى بنفسه تحت عجلات القطار في أحد أيام أكتوبر من يوم الثلاثاء 4 مارس 1997، وضع الشاعر المغربي كريم حوماري حدا لحياته، بشنق نفسه بحبل على مقربة من ميناء أصيلة.
ولد الشاعر الراحل سنة 1972 بمدينة صفرو، تابع دراسته الابتدائية والإعدادية بمدينة بن سليمان، و حصل على شهادة الباكلوريا ـ شعبة الآداب العصرية ـ من ثانوية وادي الذهب بأصيلة سنة1987
انتقل إلى مدينة فاس لمتابعة دراسته الجامعية، بجامعة محمد بن عبد الله، إلا أنه ولظروف صحية، حرم من متابعة دراسته.
اختار مهنة الشعر والكتابة، ونشر بغزارة في العديد من الصحف الوطنية، ونشر كذلك خارج الوطن. عمل مراسلا لجريدة الاختيار الديمقراطي، وشارك في عدة تظاهرات ثقافية، وطنية. حصل على شهادة تقديرية في لقاء شعري. ترجمت بعض أشعاره إلى اللغة الهولندية. كان عضوا نشيطا في جمعية قدماء تلاميذ ثانوية الإمام الأصيلي وتحمل المسؤولية في أحد مكاتبها، وأيضا، كان عضوا في أحد مكاتب فرع المدينة للجمعية الوطنية لحملة الشهادات العاطلين.
عمل مستشارا في مكتب جمعية نبراس ـ الفنون البصرية، المنضوية تحت الجامعة الوطنية للأندية السينمائية. لم يخلف خلال عمره القصير سوى مجموعة شعرية واحدة، لم يكتب لها أن ترى النور إلا بعد رحيله.

قصيدة من ديوانه الوحيد “تقاسيم على آلة الجنون”:

السكاكين تطعن ظهري

أمامنا أشواك
وراءنا أشواك
غربة أمل
دارة ألم
بقايا الجذوع المترامية
في الصمت في القيود
لي آخر رقم في لائحة المعدومين
بقايا الذاكرة في الرماد
قبل موت الأيديولوجيا
لي آخر رقم في لعبة الأصوات
ولي وطن اغتالته يد الشمس
صلبوه ساعة حضور العاصفة
ثم لي قلب أبى
يحتاج إلى توقيع
أنا حاملها وهي تحملني
تلك الغيوم تمطرني
هذا حامل العصا
ذاك الأمر
والسكاكين تطعن ظهري البريء
أينك والساعة انشطار الوردة
بين رفيقين في السجن
أين مكانك بين الكراسي الشاغرة
في المدى بين شتاءين
أين كأسك والدمع خمر
يغسل جسد التيه
أمامنا أشواك
وراءنا أشواك
سنلتقي كي لا نموت سنغني سنعبر الأسئلة
التي فرقتنا وجمعتنا
ليكن قلبنا نافذة للعشاق
ولتكن الأجوبة سر غرابتنا
مطارق تضرب الوهن
مطارق سرية تضرب الوطن
مسامير الليل تسقط في جيوبنا
وأيادينا لم تنطق بعد
فليسقط الظلام من قدسية التزوير
الوقت يقتل كل شيء
حتى دقائقه
غربة أمل
دائرة ألم.

> إعداد: عبد العالي بركات

Related posts

Top