أرشيفنا

جرى الاحتفال في بحر الأسبوع الجاري باليوم الوطني للأرشيف، أخذا بعين الاعتبار الأهمية التي يشكلها هذا العنصر في التأريخ لمراحل من أنشطتنا في شتى مناحي الحياة.
من المؤكد أن بلدنا لم يشرع في العناية بمسألة الأرشفة إلا في وقت متأخر، ولعل أبرز دليل على ذلك أنه لم يتقرر إنشاء مؤسسة أرشيف المغرب سوى خلال بداية العقد الأخير، وهو ما أدى بدون شك إلى ضياع رصيد مهم من الملفات والوثائق ذات القيمة التوثيقية، إما بسبب تلاشيها وإما بسبب تهريبها أو شيء من هذا القبيل.
الوعي المتأخر بقيمة الأرشيف في صيانة الذاكرة المغربية، سيجعلنا في صراع مع الزمن، خصوصا إذا علمنا بأن القانون المنظم لمهنة الأرشيفيين لم يخرج بعد إلى حيز الوجود.
إن أي دولة لا تعنى بأرشفة الوثائق التي تنتجها مختلف قطاعاتها، سواء تلك التابعة للعموم أو للخواص، لا شك أنها تفتقد إلى الشفافية والوضوح .. وبالتالي لا يمكن لها أن تحقق أي نهضة.
الأرشيف لا ينحصر فقط في ما تتحصل عليه المؤسسة الوصية على هذا القطاع، وهو دون مستوى التطلعات، بل يمكن لكل مؤسسة أن تنتج أرشيفها الخاص، غير أنه مع شديد الأسف نجد المؤسسات والجمعيات لا تعنى بأرشفة وثائقها، مع أنها هي المعنية بها أكثر من غيرها.
نعيش هذا الوضع المتردي في ما يتعلق بالأرشفة، في الوقت الذي تحققت ثورة تكنولوجية على مستوى الاتصال، وبات من اليسير جدا تصنيف وترتيب وتسجيل وتخزين مختلف الأشغال التي نقوم بها، باعتبارنا أفرادا أو مؤسسات.
لقد مضى الاحتفال إذن باليوم الوطني للأرشيف، يوم الثلاثين من الشهر المنصرم، وجرى تنظيم لقاء أو ربما لقاءات بالمناسبة، لكن ماذا بعد؟
لا يكفي إلقاء الخطب وتدبيج المقالات الإنشائية للتأكيد على أننا احتفلنا بهذه المناسبة الوطنية، ثم يذهب كل واحد إلى حال سبيله، بل لا بد من مواصلة تكثيف الجهود لأجل إعادة الاعتبار لأرشيفنا، من أجل صيانة ذاكرتنا والحفاظ على هويتنا.
لا بد من القيام بمبادرات عملية، ولعل أولى هذه المبادرات: تقنين مهنة الأرشيفيين، العمل على استعادة رصيدنا من الأرشيف الضائع..
نحن إذن أمام ورش كبير، يتعين الاشتغال فيه بكثير من الصرامة والجدية.. وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها بهذا الخصوص فتتولى بنفسها تدبير أرشيفنا ولا تفوضه للغير، أخذا بعين الاعتبار أن الأرشيف هو تراث وطني.

عبد العالي بركات

[email protected]

الوسوم
Top