أسرار الريال

يستمر الصراع الأزلي بين قطبي كرة القدم الإسبانية، ريال مدريد ونادي برشلونة، وجاء استئناف الدوري هذا الموسم، بعد التوقف الاضطراري بسبب وباء “كوفيد 19″، ليتأكد للجميع أن الناديين الكبيريين يغردان وحدهما خارج السرب.
فقبل أربع دورات عن انتهاء الدوري، يبتعدان بفارق مريح من النقط عن أقرب المنافسين، وبالتالي فإن صراع اللقب ينحصر كما جرت العادة، بين العملاقين اللذين يهيمنان بقوة على مجريات الأحداث الرياضية بالدولة الإيبيرية.
أول أمس الأربعاء حقق فريق برشلونة فوزا صعبا في ديربي كاطالوني امام إسبانيول الغارق في أسفل الترتيب، بهدف الأوروغواياني لويس سواريز، عن الجولة الخامسة والثلاثين، هذه النتيجة قلصت الفارق مؤقتا، ليصل إلى نقطة واحدة فقط، إلا أن ريال مدريد قادر على استعادة “مسافة الأمان”، اذ تنتظره مباراة سهلة بميدانه يومه الجمعة ضد ديبورتيفو ألافيس، ورغم افتقاد كتيبة زيدان خدمات القائد سيرخيو راموس بسبب تراكم البطاقات، فإن حظوظ تحقيق انتصار ضروري لا يمكن مناقشتها خاصة في هذا الظرف بالذات.
إلا أن المثير للانتباه، هو هذا الظهور القوي للريال، وتحقيقه سلسلة من الانتصارات المتتالية، منذ استئناف مباريات الدوري المتوقف منذ 3 أشهر، حيث اظهر فريق العاصمة الكثير من الإصرار والتحدي، لاستعادة اللقب الذي غاب عن خزائنه منذ موسمين.
وحسب أغلب المختصين، فان تغييرا ملحوظا طرأ على أداء الفريق الملكي، فاجأ به باقي الفرق، إلى درجة لم يظهر على لاعبيه أي تأثير من جراء فترة التوقف الطويلة، خاصة من الناحية البدنية، وهذا واحد من الأسرار المهمة التي رجحت كفتها في أغلب المباريات الحاسمة.
رغم ظروف العزل الصحي التي عاشها كل اللاعبين، ركز زيدان على تحسين الجانب البدني، وهذا ما فاجأ به باقي المنافسين، حيث تم التعاقد مع أشهر المختصين في الإعداد البدني، وكان الاشتغال على هذا الجانب، طيلة أيام العزل الصحي، مما شكل الفارق الذي نشاهده حاليا.
وبعد أن ركز على الاستعداد البدني، تمكن المدرب زين الدين زيدان، من تحقيق توازن غير المسبوق في الأداء، والأمر تعلق هنا بالجانب الدفاعي الذي شكل منذ عدة سنوات، الحلقة الأضعف في تركيبة الريال، وكثيرا ما ضيع عليه فرصا سهلة للتتويج.
استطاع زيدان وانطلاقا من معرفته الدقيقة بإمكانيات كل لاعب، إيجاد التوليفة المناسبة التي تجمع بين التوظيف الجيد، وخلق التماسك المطلوب، وذلك بالاعتماد على خمسة لاعبين بشكل دائم بجميع المباريات، وكانوا الدافع الأساسي في الوصول إلى تحقيق نتائج مكنته من الحفاظ على الصدارة.
ويأتي في المقدمة الحارس تيبو كورتوا الذي ظهر بمستوى كبير هذا الموسم، وهناك سيرخيو راموس، رفائيل فاران، دانيل كارفاخال، هؤلاء هم الثابتون، أما في الجهة اليسرى لخط الدفاع، فان التنويع يكون عادة بين ميندي ومارسيلو، وكلاهما بنفس المستوي تقريبا.
الخامس في التشكيل الثابت هو كريم بنزيما، الذي شارك هو الآخر في جميع المباريات، لكن ضمن تصور يعطي الأسبقية للواجبات الدفاعية بالدرجة الأولى، انطلاقا من فلسفة خاصة تراعي إمكانيات الفريق ككل، وحاجته إلى نقط ضرورية في هذه المرحلة الحاسمة، وهذا يمر عبر ضبط المنظومة الدفاعية، قبل التفكير في الشق الهجومي.
وهذا الخيار راجع إلى حدوث تغيير في مراكز القوة داخل الريال، بعد افتقاد الثقل الخاص الذي كان يتمتع به أيام تواجد كريستيانو رونالدو، فكان لابد من تحصين الدفاع أولا، وانتظار التسجيل في أية لحظة، حتى ولو كان ذلك عن طريق ضربة خطأ، أو اصطياد ضربة جزاء.
وغالبا ما كان احد أفراد الدفاع هو صاحب الحل الناجع، كما هو الحال بالنسبة لراموس أو كارفخال ومارسيلو، وأيضا كاسميرو، هذا الأخير يبصم على أداء عال، بتحمل مسؤولية تشكيل الحائط الأول لخط الدفاع، ثم تحوله هو الآخر إلى هداف حاسم، كما كان الشأن خلال المباراة القوية ضد إسبانيول مذيل الترتيب.
زيدان يقدم هذا الموسم مع الريال دروسا بالمجان، يضعها رهن إشارة من يريد أن يستفيد من المدربين المغاربة المجتهدين، أما الغارقون في النمطية والكسل، فلا يعنيهم ما يقدم لا من طرف لا زيد أو عمرو …

محمد الروحلي

الوسوم ,

Related posts

Top