أعضاء المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية بمجلس النواب ومجموعة العمل التقدمي بمجلس المستشارين يؤكدون على ضرورة الترجمة الفعلية للأولوية الاجتماعية التي حملها مشروع قانون المالية لسنة 2018

أكد أعضاء المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية بمجلس النواب ومجموعة العمل التقدمي بمجلس المستشارين على ضرورة جعل الأولوية الاجتماعية التي حملها مشروع قانون المالية لسنة 2018، مسألة حقيقية والدفع بها وتقويتها، إلى جانب تدابير الحكامة واستكمال تنزيل ورش الجهوية من أجل تقليص الفوارق المجالية، وتحسين تدبير السياسات العمومية وكذا الترافع من أجل التخفيف من العبء الضريبي الذي سيؤثر سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة التدابير الجبائية التي ذهبت في اتجاه الرفع من الضريبة على القيمة المضافة الخاصة بالمحروقات، والدفع أيضا من أجل التنصيص على مفهوم الإصلاحات الكبرى، واعتبار المشروع أرضية للانطلاق نحو بلورة نموذج اقتصادي جديد. وأكدت، عائشة لبلق رئيسة المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية بمجلس النواب، في الكلمة التي ألقتها في افتتاح يوم دراسي مشترك حول قانون المالية لسنة 2018، بتنسيق مع أعضاء من المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، ومشاركة خبراء اقتصاديين، خاصة المنتمين لمركز عزيز بلال للدراسات والأبحاث، مساء يوم الخميس الماضي، ( أكدت) أن محطة المناقشة والتصويت على قانون المالية هي لحظات قوية لتكريس الديمقراطية ومحطة مفصلية لكي تمارس المؤسسة البرلمانية سلطاتها التشريعية والرقابية، معتبرة في هذا الإطار، مشروع القانون المالي لسنة 2018 ، الذي وضعته الحكومة الحالية يعد المحك الحقيقي لهذه الأخيرة، إذ عبر مضامينه سيتم استنباط مدى وفاء الجهاز التنفيذي بالتعهدات التي تضمنها البرنامج الذي على أساسه نال ثقة المؤسسة التشريعية، قائلة” إن الميزانية ليست مجرد أرقام بل هي توجهات سياسية واجتماعية .
وسجلت موضحة، بشأن مضامين قانون المالية الحالي، أنه مشروع بذل فيه مجهود استثنائي للدفع بالقضايا الاجتماعية وجعلها تحظى بالأولوية، معلنة أن أعضاء المجموعة ستجعل لحظة مناقشة المشروع داخل الغرفة الأولى، فرصة للنقاش حول النموذج الاقتصادي للمغرب، الذي أكد جلالة الملك محمد السادس في خطابه خلال افتتاح الدورة التشريعية الحالية على ضرورة إعادة النظر في هذا النموذج ووضع آخر بديل يستجيب للتطورات التي يشهدها المغرب بما يتلاءم مع انتظارات وتطلعات المواطنين.
ومن جانبه أبرز عبد الواحد سهيل، عضو الديوان السياسي، ووزير التشغيل والتكوين المهني، سابقا، السياق الذي يطبع مشروع القانون المالي الخاص بهذه السنة، حيث يأتي في ظل القانون الإطار الجديد للمالية، الذي أصبح يشكل إمكانية أخرى بيد الحكومة والسطلة التشريعية، وتم إقراره بهدف تحسين أداء المالية العمومية.
واعتبرأن مشروع القانون الحالي، أعطى بعض الإشارات فيما يخص بذل الدولة لمجهود مالي واضح، يتمثل أساسا في رصده لإمكانات مالية أكبر للقطاعات الاجتماعية، في محاولة لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، لكنه أردف معتبرا، أن المال لا يكفي، إذا غابت عناصر أخرى من مثل الحكامة والاستهداف، وكذا التخطيط، حيث أوضح بالقول” على أنه ينبغي بالنسبة لمواجهة إشكالية التربية والتكوين ومنظومة الصحة العمومية، بذل مجهود متواصل وتكوين الرأسمال البشري وهي أمور ليس من السهل تحقيقها”، حسب تعبير عبد الواحد سهل.
كما سجل بإيجابية على المشروع تضمينه إجراءات تسعى لتحقيق الإنصاف في مساهمة كل مواطن في تمويل الميزانية، مشيرا إلى أنه في إطار ما يسمى بالإنفاق الجبائي، تم إقرار تنازلات تقدمها الميزانية بهدف دعم بعض الأنشطة وتحسين الدورة الاقتصادية، لكن، نبه في ذات الوقت إلى محدودية هذا الإجراء بالنظر لنتائج ذات الإجراءات في سنوات ماضية، إذ استفادت طويلا قطاعات من إعفاءات من هذا النوع، كما حصلت على الدعم المالي، غير أنها لم تساهم بما يكفي في تمويل الميزانية، مثيرا في هذا الصدد كمثال قطاع الفلاحة ، ويقصد كبار المستثمرين في القطاع، فضلا عن قطاع بناء السكن، الذي وصفه بأنه قطاع قوي وقائم الذات، وهما قطاعان رصدت لهما الدولة إمكانيات مالية هائلة واستفادا من إعفاء ضريبي، لكن لم يساهم بما يكفي في تمويل الميزانية العامة.
وقال منبها إلى” أن الخطاب الملكي خلال افتتاح الدورة التشريعية طرح إشكالية تتجاوز الميزانية لكونها تتعلق بالنموذج الاقتصادي”، ودعا في هذا الإطار إلى اعتماد نهج التخطيط على المستوى الاقتصادي، ببلورة خطة وطنية تمتد على نحو 20 سنة، والتخلي عن وضع استراتيجيات قطاعية والتي تغيب عنها الالتقائية، على حد تعبيره، ولا تساعد على استشراف الآفاق.
وأوضح في هذا الصدد، بأن الذين يعتبرون التخطيط غير مجدي على اعتبار أن عمر الحكومة لن يمتد لأكثر من 15 سنة كأقصى تقدير إذا جددت فيها الثقة بعد الانتخابات، مردود عليه، ذلك أن إقرار خطة وطنية تتوافق حول تحديد توجهات البلاد، هو نهج أظهر نجاعته في البلدان التي حققت تقدما، حيث استطاعت الوصول إلى ذلك من خلال إيجاد توافق حول عدد من القضايا، قائلا “أعتقد أن التوافق نحتاج إليه ليس فقط لبلورة دستور، بل لاستشراف الآفاق المستقبلية للبلاد ، بحيث ينبغي أن نحدد المغرب الذي نريد أن نبني، وهذا الدور يقع على كاهل البرلمانيين والسياسيين والفرقاء الاجتماعيين على حد سواء وبشكل جماعي، إذ عليهم العمل في هذا الاتجاه من أجل بلورة المشروع المجتمعي المراد بناؤه”.
ومن جانبه، وصف عبد اللطيف أوعمو رئيس مجموعة العمل التقدمي بمجلس المستشارين، مشروع قانون المالية لسنة 2018، بأنه مشروع للأولويات ممثلة في التوجه الاجتماعي بالأساس، والذي تترجمه الاعتمادات المالية المهمة المخصصة للقطاعات الاجتماعية والتي تبلغ 55 في المائة من حجم الميزانية العامة، حيث رصد 59 مليار لقطاع التعليم، كما تم الرفع من حجم الغلاف المخصص لقطاع الصحة والصناديق الخاصة التي تهم التنمية الاجتماعية.
وأشار أن المشروع تضمن تدابير تهم مسألة الحكامة، والجهوية، كما تضمن لأول مرة إعلان الحكومة التزامها بتقديم برنامج للتنفيذ، مؤكدا في هذا الصدد أن مجموعة العمل التقدمي بمجلس المستشارين، ستعمل من أجل الدفع بتعزيز التوجه الاجتماعي الذي حمله المشروع، قائلا” كديمقراطيين ويساريين ستكون المناسبة فرصة لنا أيضا لطرح قضايا الحكامة والتدقيق فيها من حيث المعايير ومخصصات الميزانية، على اعتبار أن الحكامة ليست مجرد شعار، بل هي أيضا آليات ويتطلب تنزيلها إمكانيات مالية”.
كما أكد بالنسبة للجهوية التي قدم بشأنها الخطاب الملكي الأخير توجهات تقنية دقيقة تسير في اتجاه تنزيل الدستور، والتي شكلت مطلبا قويا داخل حزب التقدم والاشتراكية، بأنها تمثل القناة الوحيدة التي يمكن عبرها معالجة قضايا التنمية وقضايا القرب، منبها إلى ضرورة إدخال تعديلات على مشروع قانون المالية برسم 2018، بحيث يتم تضمين مفهوم الإصلاحات الكبرى، وإعادة النظر في الضريبة على القيمة المضافة ، خاصة الضريبة على المحروقات، حيث سيتم الرفع التدريجي لها لتصل إلى 20 في المائة، وذلك من شأنه أن يؤثر سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين، كما أكد على ضرورة التدقيق في مسألة الإعفاءات الضريبية، خاصة وأن هناك قطاعات تستفيد من هذه الإعفاءات دون أن تحقق العائد المنتظر منها بالرفع من مستوى الاقتصاد الوطني، سواء في مجال التشغيل أو التنافسية.
هذا ونبه، أوعمو إلى أن التوجهات التي حملها مشروع القانون، بجعل الجانب الاجتماعي يحوز على الأولوية، قد تلقى بعض المناوئة من تيارات تحارب الإصلاح، لكن ذلك لن يعيق المجموعة عن القيام بدورها وتقديم مقترحاتها في اتجاه تقوية التوجه الاجتماعي والبحث في اتجاه إيجاد نموذج اقتصادي بديل بتقديم مقترحات تجود نص المشروع.
فيما اعتبر الخبير الاقتصادي صلاح كرين، أن عددا من التدابير الجبائي التي تضمنها مشروع القانون المالي تتطلب إجراء نقاش عميق بشأنها، خاصة ما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة التي تم مراجعتها في اتجاه الرفع، سواء بالنسبة لعقود التأمين على السيارات التي تم الرفع منها لتتحول من 14 إلى 20 في المائة، و بالنسبة للمحروقات، ارتفعت من 10 إلى 14 في المائة، حيث سيدفع المواطن 20 درهم في حال ملء خزان وقود سيارته، واصفا الإجراء الذي جاء استجابة لمقاولات النقل، بالغريب ويتناقض مع التوصيات الصادرة عن المناظرة الوطنية حول الجبايات، مشيرا أن هذا الإجراء يمثل مرحلة أولى تسعى الدولة عبرها للمرور إلى نسبة 20 في المائة .
وعدد كرين مجموع التدابير التي تضمنها المشروع والتي همت عددا من القطاعات، والتي من ضمنها إعفاء من رسوم التسجيل بالنسبة للأراضي المخصصة لإقامة فنادق، وعاب المتحدث أن يتم حصر الاستفادة من هذا الإجراء على المستثمر في القطاع السياحي، وعدم توسيعه ليشمل أيضا المستثمرين في القطاع الصناعي، الذي تطمح الدولة أن ترتفع مساهمته في الناتج الداخلي الخام، من 13 إلى 23 في المائة.
كما أشار الخبير الاقتصادي، باستغراب إلى الإجراء الذي تضمنه المشروع ممثلا في إحداث إلزامية تقديم بيان سنوي للزبناء المقيدين في الضريبة المهنية، متسائلا عن كيفية أجرأته بالنسبة مثلا للمكتب الوطني للسكك الحديدية، كما أشار إلى تضمين المشروع إجراء يهم إنشاء مسطرة للاستشارة الجبائية المسبقة، حيث يتوجه المقاول للإدارة وهي ملزمة بتقديم جواب خلال 3 أشهر، مشيرا أن هذا البند يجب تعديله بحيث يتم في حال عدم تقديم الإدارة الجواب أن يتم الأخذ بالقراءة التي قدمها المستثمر .
إلزامية تحميل الوثائق المحاسباتية على حامل إلكتروني، حيث جعل العقوبة تصل إلى 50 ألف درهم عن كل سنة في حال لم يتم القيام بذلك.
كما حمل المشروع إجراء لتخفيض الضريبة على الشركات المبتكرة وإجراء توحيد الأرباح الناتجة عن الأراضي الحضرية غير المبنية، فضلا عن إجراء يهم الإعفاء في حال التوقف المؤقت عن النشاط بالنسبة لشركة، لمدة سنتين مع سنة إضافية أخرى، لا تؤدي الحد الأدنى للضريبة على الشركات، وتصريح واحد على الضريبة على القيمة المضافة وتضع التصريح سنويا.
وسجل عبد السلام الصديقي، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، ووزير التشغيل والشؤون الاجتماعية سابقا، بإيجابية تضمين مشروع قانون المالية تدابير تهم الادخار العمومي، وبذل مجهود لعقلنة الموارد، منبها في ذات الوقت إلى إشكالية الديون والتي تصل كلفتها إلى 65 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
ولفت المسؤول الحكومي السابق، بشأن التحويلات المالية للدولة لفائدة المؤسسات والمقاولات العمومية والتي من المتوقع أن تصل إلى 30 مليار درهم برسم 2018، بأنها ضخمة، مشيرا أن هذه المؤسسات تتطلب القيام بوقفة كبيرة سواء على مستوى تعيين مسؤوليها وتدبيرها.
ومن جهتها، دعت رشيدة الطاهري، عضوة الديوان السياسي، إلى ضرورة الحرص على إعمال مؤشر النوع الاجتماعي لتجاوز النقص الحاصل في نسبة نشاط النساء وتكافؤ الفرص بين الجنسين، وأن يتم الأخذ بعين الاعتبار أن عددا متزايدا من الأسر تعيلها نساء، وينبغي لمشروع الميزانية أن يتضمن إجراءات تستمد مضامينها من روح الدستور الذي ينصف النساء بتنصيصه على المساواة.

فنن العفاني

Related posts

Top