“أكال” تجوب شوارع البيضاء دفاعا عن الأرض والعرض

خرجت ساكنة مجموعة من المناطق بجهة سوس ماسة، أول أمس الأحد، في مسيرة احتجاجية ضخمة هي الثانية من نوعها التي تنظم في ظرف سنة بالعاصمة الاقتصادية للتنديد بالرعي الجائر ونزع أراضي الساكنة.
وشاركت في هذه المسيرة التي انطلقت، وسط حضور مكثف لمختلف الأجهزة الأمنية، من ساحة الأمم المتحدة نحو شارع الحسن الأول، ثم شارعي باريس ولالة الياقوت وانتهاء بساحة النصر، العديد من التنظيمات والتنسيقيات الجمعوية المحلية والوطنية فاق عددها المئة، إلى جانب وفود من أبناء المناطق المتضررة قدموا من كافة أنحاء المملكة ومن دول أوروبية من أجل دعم ومساندة هذه التظاهرة التي شارك فيها عشرات الآلاف من المحتجين بغرض استرداد الحقوق المغتصبة .
وفي تصريح لجريدة بيان اليوم، أفاد حمو الحسناوي الناطق باسم تنسيقية “أكال” للدفاع عن حق الساكنة في الأرض، بأن هذه المسيرة الاحتجاجية، تأتي تضامنا مع الساكنة المتضررة من هجومات وصفها بالـ “مافيوزية” متخصصة في الرعي الجائر بكل من عمالات تزنيت، أشتوكة أيت بها، تارودانت وطاطا ومناطق أخرى، مبرزا أن هذه الأنشطة غير القانونية، محمية من جهات غير معلومة، لا علاقة لها بالرحل وإنما مرتبطة باستثمارات خليجية.
كما تأتي هذه المسيرة الاحتجاجية، يقول المتحدث ذاته، من أجل المطالبة برفع اليد عن أراضي الساكنة والتي تنتزع منها بذريعة تحديد الملك الغابوي، والكف عن إغراق هذه المناطق المتضررة بالخنزير والذئاب والزواحف السامة لتكريس الطابع الغابوي وتسهيل مصادرة الأراضي من مالكيها الذين توارثوها أبا عن جد.
وطالب المتحدث، بالتوقف عن نهب المعادن النفيسة التي هي ثروة هذه المناطق من خلال إنشاء المناجم بدون دفاتر تحملات واستخراج الذهب والفضة والنحاس وغيرها من كنوز الأرض التي تهرب ولا تستفيد منها هذه الأقاليم المقصية في إقامة مشاريع تنموية لصالح كافة أبناء هذه المناطق الذين ما أحوجهم لها في درء البطالة والحد من الهجرة التي تبقى الملاذ غير المفضل للشباب من أجل الانعتاق من براثين الفقر والتهميش.
وحمل المحتجون لافتات وإن اختلفت ألوانها وأحجامها، غير أن مضمونها يبقى واحد، وهو التنديد بسياسة الدولة التي وصفوها بغير الشعبية في تحديد الملك الغابوي، ونزع الأراضي، وزرع الخنزير البري والرعي الجائر وإقامة المناجم العشوائية في مناطقهم، وكل ذلك بغرض ترحيلهم من أراضيهم التي أقاموا فيها لمئات السنين.
وردد المحتجون شعارات مثل: “أجكال” (الرعاة الرحل) سير فحالك، إدوسكا ماشي ديالك”، “سوا اليوم سوا غدا، إزرفان (الحقوق) ولا بد”، “هادا عيب هادا عار، دوسكا في خطر”، يعبرون من خلالها عن رفضهم القاطع للاعتداءات المتكررة على ممتلكاتهم من قبل الرعاة الرحل واستنزاف ثرواتهم الطبيعية.
وقال أحد المشاركين في هذه المسيرة التي دعت إليها “تنسيقية أكال للدفاع عن حق الساكنة في الأرض والثروة”، ليست هذه المرة التي يخرج فيها أبناء دوار إداوسكا بتارودانت للاحتجاج، إذ سبق أن استنكروا الرعي الجائر للرحل، آخر ذلك، كانت وقفة احتجاجية نظموها، مؤخرا، أمام مركز الدرك الملكي لأيت عبد الله، مبرزا، خلال حديثه لبيان اليوم، الأضرار الكبيرة التي يتسبب فيها الرعاة الرحل الذين يلحقون أضرارا كبيرة سواء باستنزاف مياه الآبار التي يحتاج إليها للشرب ولسقي الماشية، أو بتخريب الحقول الزراعية للسكان من خلال رعيهم الجائر لقطعانهم من الإبل والمواشي، بل ولا يتورعون في الاعتداء على أصحاب هذه الممتلكات في حال تدخلوا لثنيهم عن أفعالهم غير القانونية. وتابع هذا المواطن، أنه في حال تمادي السلطات في غض الطرف عن هذه التصرفات اللاقانوينة، سيجر الرعي الجائر الساكنة المتضررة للمواجهة مع الرحل، من أجل حماية ممتلكاتهم، وهذا أسوء احتمال يأمل أبناء المنطقة في عدم حدوثه.
وطالب محتج آخر من دوار تومليلين التابع لنفس الإقليم، السلطات المحلية بتحمل مسؤولياتها في حماية السكان المتضررين من الرعي الجائر، موضحا في تصريح لبيان اليوم، أن الرعاة الرحل واصلوا ويواصلون منذ مدة أنشطتهم الرعوية في الأراضي الفلاحية للساكنة، متسببين بذلك في إتلاف شجر اللوز والأركان ونبات الصبار، مستغربا، عدم تدخل السلطات المحلية من أجل وقف هذه التجاوزات التي تضر بالبيئة والإنسان.
وقال المتحدث، إن السكان المتضررين بهذه البقعة الجغرافية من الإقليم بالرغم من تنظيمهم لوقفة احتجاجية في أكتوبر الماضي بالعاصمة الإدارية للمملكة، وتلقيهم وعودا من المسؤولين، ما تزال معاناتهم مستمرة في غياب تنفيذ هذه الوعود.
من جهة أخرى، وفي سياق هذا الحدث الهام على المستوى الوطني الرامي لاسترداد الحقوق المغتصبة، أصدرت الجهة المنظمة بيانا، تطالب من خلاله، بحل المندوبية السامية للمياه والغابات، التي تعتبر، حسبها، مؤسسة غير شرعية وغير دستورية وإسناد صلاحية تدبير القطاع البيئي والغابوي إلى مجالس منتخبة ديمقراطيا تراعي العرف القبلي كمصدر للتشريع، وإلغاء الظهائر التي وصفها البيان نفسه بالاستعمارية السالبة لأراضي السكان الأصليين، وكل ما بني عليها من مراسيم وقوانين، وتعويض المتضررين منها على أساس مبدأ جبر الضرر، ونهج مقاربة تشاركية في التشريع مع القبائل حتى تتلاءم مع بنياتها السوسيو ثقافية، بالإضافة إلى ضمان استفادة ساكنة المناطق القبلية من حقها من ناتج استخراج الثروات من أراضيها، وحماية الموروث البيئي و شجرة أركان المحمية من طرف منظمة اليونيسكو ومنظمة البيئة العالمية.
وعبر البيان عن رفضه القاطع لضم أراضي القبائل وامتداداتها الجغرافية والطبيعية، تحت ما يسمى بالملك الغابوي وتسييجها وتصنيفها كغابات ومحميات ومحصورات، مطالبا الدولة بالمصادقة على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالشعوب الأصلية، والإجابة على توصيات الأمم المتحدة حول التجريد من الأراضي وتهجير الساكنة، هذا تماما كما عبر عن عدم قبوله بقانون المراعي 21.221، وعمليات التحفيظ الجماعي واستخدامهما لغرض سلب أراضي الأفراد والقبائل، إضافة إلى تنديده بالمضايقات والمتابعات التي يتعرض لها مناضلو الحق في الأرض، والمطالبة بالإفراج الفوري عن جميع معتقلي الكرامة والأرض ووقف متابعتهم في كل ربوع الوطن.
وطالب البيان بإقرار نظام ضريبي عادل ومنصف لجميع التجار والمهنيين، وتمكينهم من كامل حقوقهم الاجتماعية التي يضمنها الدستور، ووضع حد للمنافسة غير الشريفة التي تتخبط فيها قطاعاتهم، داعيا في نفس الوقت المنتظم الدولي، والمنظمات الحقوقية الوطنية الدولية والجاليات المغربية بالخارج، لمساندة الشعب في نضالاته ضد الحكرة والنهب والتمييز العنصري وكذا التهجير القسري.
وهدد البيان نفسه، في حال تجاهل مطالب المحتجين، وتهرب الحكومة من فتح حوار جدي ومسؤول حولها، بخوض أشكال احتجاجية غير مسبوقة محليا ووطنيا، ومن ضمنها الدعوة إلى اعتصام وطني مفتوح بالرباط، مع تحميل المسؤولين ما سيترتب عنه من تبعات.

سعيد آيت أومزيد

Related posts

Top