ألعاب القوى فقدت تواصلها مع الجمهور

اعتبر العداء المغربي والبطل العالمي والأولمبي السابق هشام الكروج أن ألعاب القوى فقدت التواصل مع جمهورها، مبرزا أن تراجع الحضور لا يقتصر على بطولة العالم الحالية التي اختتمت أول أمس الأحد في العاصمة القطرية الدوحة.
ودعا الكروج المتوج بألقاب عدة في مسيرته تتقدمها ذهبيتا سباقي 1500 م و5000م في أولمبياد أثينا عام 2004، في حوار أجرته معه وكالة الأنباء الفرنسية، إلى بذل مجهود أكبر من رياضة “أم الألعاب” لتعزيز الحضور الجماهيري الذي بدا محدودا في الأيام الأولى لنسخة 2019.
وأشار الكروج الذي فاز باللقب العالمي في سباق 1500م أربع مرات (أثينا 1997 وإشبيلية 1999 وإدمنتون 2001 وباريس 2003)، إلى أن ما وقع بالدوحة ليس غريبا، حيث سبق أن شارك في بطولات عرفت عزوفا جماهيريا، رافضا وصف ظروف إجراء سباق الماراطون بـ “الخطرة”.
وتحدث الكروج عن رقمه القياسي العالمي في سباق 1500م الذي حققه بملتقى روما سنة 1998 (3 دقائق و26 ثانية)، قائلا إنه سعيد بأن هذا الرقم ظل صامدا طيلة 22 عاما، لكنه يشعر بالحزن أيضا لأن الأرقام وجدت لكي تحطم.
وتذكر أفضل عداء في التاريخ في المسافات المتوسطة، كيف أنه عاش قصة ساحرة على مستوى الألعاب الأولمبية بعد سقوطه قبل 50 مترا الأخيرة في دورة أطلانطا 1996 وإصابته بالربو في نسخة سيدني 2000، قبل أن يعوض ذلك في أثينا 2004 بتتويج بطلا لسباقي 1500م و5000م.

> ما كانت أهمية الجمهور في أدائك؟
< لطالما أدى الجمهور دورا هاما في مسيرتي، كان المحرك وصاحب الفضل في عروضي. للأسف في بعض الأحيان، لا تكون الملاعب مليئة عن آخرها كما حصل لدى تحطيمي الرقم القياسي العالمي في سباق الميل (روما 1999) وسباق 2000م (في برلين 1999). عندما تكون المدرجات ممتلئة، يشكل ذلك دافعا للركض بسرعة أكبر كما حصل في سيدني وأثينا (أولمبياد 2000 و2004)، وبطولة العالم في باريس (2003). هذا أمر طبيعي، فنحن بشر نتدرب طوال العام بمفردنا، في الغابة، دون حضور أحد، أما في الملعب فيتواجد مدربنا فقط.

> كيف تفسرون غياب الجمهور في الدوحة؟
< هذه مشكلة موجودة دائما في بطولات عدة، والأمر لا يقتصر على الدوحة. إذا تحدثنا عن إشبيلية الإسبانية عام 1999، كان الملعب فارغا في الأيام الخمسة الأولى، والأمر ذاته ينطبق على إدمونتون الكندية عام 2001. صحيح ثمة مشاكل في الدوحة، لكنها مشكلة أشمل في رياضة ألعاب القوى لأننا فقدنا التواصل مع جمهورنا. يتعين بذل جهود أكبر لجذب الناس. نزاول رياضة استثنائية، الرياضة الأولى الممارسة من قبل البشر، أكثر من كرة القدم. لكنا في المقابل نفتقد الأدوات لجذب الجمهور إلى الملاعب.

> ألا تعتقد بأن ظروف إقامة الماراطون في الدوحة كانت خطرة؟
< لا أعتقد ذلك، الأمر صعب وشاق لكن يمكن تحمله. سبق لي أن ركضت في ظروف معقدة كما في إشبيلية عام 1999. يجب رؤية الأمور من نظرة شاملة. لا يمكن أن تصبح هذه الرياضة عالمية إذا لم نذهب إلى دول مثل قطر.
> أقيم أمس الأحد نهائي سباق 1500م في الدوحة، كيف تفسر بأن رقمك القياسي (3:26.00 دقيقة) ما يزال صامدا حتى الآن؟
< عندما حطمت الرقم القياسي (يحمل أيضا الرقم القياسي في كل من سباقي الميل و2000 م)، لم أكن أعتقد أنه سيصمد لهذه الفترة الطويلة. بالنسبة إلي، وجدت الأرقام القياسية لكي تحطم يوما ما، وبالتالي أنا سعيد وفخور لأن رقمي صمد طويلا، لكن حزين أيضا لأن أحدا لم يقترب منه على مدى نحو 22 عاما. صحيح أنه من الصعب تحطيم أرقامي، فقد عانيت كثيرا لتحقيقها لاسيما في سباق الميل الذي كان صعبا للغاية.

> كيف سار ذلك السباق (لدى تحطيمه الرقم القياسي في روما)؟
< حدث ذلك في 14 يوليوز 1998 بعد يومين من تتويج فرنسا بلقب كأس العالم (في كرة القدم). أذكر أنه في صبيحة ذلك اليوم وخلال قيامي بتدريباتي، صادفت هايله جبريسيلاسي (الإثيوبي المتوج بالذهب الأولمبي وبطولة العالم)، وقال لي بالحرف الواحد: هشام، اليوم ستحطم الرقم القياسي. وهذا ما حصل. كنت قويا جدا من الناحيتين البدنية والذهنية. كان في إمكاني أن أركض بأقل من 3:25 دقائق، كنت قادرا على ذلك. كان هدفي تسجيل زمن أقل من 3:24 د.

> اختبرت أوقاتا صعبة في الألعاب الأولمبية بعد سقوطك الشهير في أطلانطا ثم الاكتفاء بالفضية في سيدني قبل الانجاز بإحراز الثنائية (1500 م و5000م) في أثينا، هل يمكن أن تحدثنا عن هذه التجربة؟
< ما أعطى سحرا لمسيرتي الرياضية هي القصة الأولمبية. سقوطي وخسارتي في الأمتار الـ50 الأخيرة في أطلانطا، ثم المشاكل مع الربو في سيدني جعلتني أشكك في نفسي. الفوز في السباق الأول في أثينا (1500م) وخوض الثاني إلى جانب وحشين مثل (الإثيوبي كينينيسا) بيكيلي و(الكيني ايليود) كيبشوغي، أعتقد أنها قصة رائعة. نعم حطمت أرقاما قياسية عدة في مسيرتي لكن قصتي الأولمبية جعلتني أبحث عن حدودي الذاتية. إنها قصة ملهمة تعطي الأمل. كنت رياضيا رصينا لا أعيش إلا من أجل السباقات، كنت أستلهم من عذاباتي وأسعى إلى تطوير نفسي كل يوم، كل هذا من أجل تدوين اسمي في السجلات الأولمبية.

> هل يمكن لبيكيلي أو كيبشوغي تحطيم الرقم القياسي العالمي في سباق الماراطون؟
< هما عداءان استثنائيان طبعا تاريخ ألعاب القوى لمسافتي 5000م و10000م. لا يزالان ينافسان ويتخطيان الذات، يقومان بأمور لا تصدق. كلاهما لديه القدرة على النزول تحت حاجز الساعتين في سباق الماراطون. يملكان قدرة التحمل، القوة البدنية والذهنية. يركضان بسهولة تامة. آمل في رؤية كيبشوكي ينزل تحت حاجز الساعتين في الماراطون.

Related posts

Top