أمريكا تخاف المغرب!

هل يعقل أن أمريكا بكل عظمتها وقوتها وجبروتها، ونفوذها الواسع وتأثيرها الكبير، تخاف من إمكانيات المغرب البلد الأفريقي والثالثي، والذي يتلقى من “العم سام” مساعدات سنوية عينية ومالية.
بلد بدون بترول ولا غاز ولا ماس، يقف شوكة في حلق أقوى دولة في العالم، وهى الراغبة في احتضان تظاهرة رياضية في كرة القدم، بل الأكثر من ذلك، هي المعززة بكل من كندا والمكسيك.
سبحان الله، “عشنا وشفنا” لكي نرى أمريكا القوية، تخاف من دخول المنافسة أمام دولة فقيرة، مسلحة فقط بإيمان بقدراتها مهما كانت ضعيفة، مقارنة بالمنافس الأكبر.
أمريكا وهي تتقدم بترشيحها لاحتضان مونديال 2026، لم تنس الهزيمة التي تلقتها أمام قطر الغنية في ملف نسخة 2022، هزيمة كانت سببا في إحداث تغييرات جذرية على دواليب الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وقيادة أكثر من عضو داخل باللجنة التنفيذية إلى السجن، وإجبار الفاسد جوزيف بلاتر على الرحيل، والإتيان بآخر بديلا عنه.
والبديل ليس إلا رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (الويفا) سابقا السويسري جياني إنفانتينو، الاسم الذي لم يكن مطروحا بالمرة، لكنه خرج إلى الواجهة بمساعدة القوى العظمى، ليترأس أقوى جهاز رياضي دولي على الإطلاق، وحين نقول القوى العظمى فنعني أساسا أمريكا، مع مباركة من إنجلترا التي لم تنس هي الأخرى هزيمتها أمام روسيا في ملف مونديال 2018.
حاول العالم نسيان كل هذه الحقائق، وصدق الخطاب الجديد الذي جاءت بها الإدارة الجديدة لـ (الفيفا)، خطاب مبني شفهيا على الشفافية والوضوح والمساواة بين الدول، وعدم الانحياز ولا الكيل بمكيالين وغيرها من الشعارات التي باركها المجتمع الدولي، وعلى هذا الأساس تقدم المغرب بملف ترشيحه لاحتضان مونديال 2026، وهي النسخة التي لم يبعها بلاتر قبل رحيله غير المأسوف عليه.
إلا أن الغريب أن ترشيح المغرب الذي فاجأ ربما القيمين على دواليب (الفيفا) ومعهم مسؤولو الملف الثلاثي، وجد نفسه محاصرا بمجموعة من الشروط والقوانين والخطوط الحمراء، والتي أجبر على احترامها بالحرف دون زيادة ولا نقصان، بل كل ما أملي عنه من طرف إدارة إنفانتينو طبقه بالحرف، والأكثر من ذلك تفادى الدخول في مواجهة غير متكافئة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
ألا أن ما حرم على الملف المغربي، حلل على نظيره الثلاثي، ولعل آخر مظاهر غياب الإنصاف هي السماح لمسؤولي الطرف المنافس بالدعاية لملفهم أمام اجتماع اتحاد دول جنوب القارة السمراء (كوسافا) خلال اجتماع عقد بأفريقيا، وأغلب الدول المنتمية لها تدور في فلك دولة جنوب أفريقيا، هذه الأخيرة التي لم تظهر حتى الآن، أي مساندة للملف المغربي الذي يحظى بمساندة مطلقة من طرف الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) وأغلب الاتحادات التابعة لها.
كل هذا يؤكد أن أمريكا تخاف المغرب، وعلى هذا الأساس تمارس ضغوطات من مختلف الاتجاهات، وتستمعل نفوذها على الفيفا، من أجل تمرير قوانين وإجراءات للحد من حرية المنافس، وما على بلادنا إلا الدفاع عن كامل حظوظها إلى آخر رمق، شريطة أن تبقى (الفيفا) على الحياد الذي وعدت به …

محمد الروحلي

Related posts

Top