أنانية الوداديين والرجاويين

قبل استئناف البطولة الاحترافية المغربية لكرة القدم بقسميها الأول والثاني، كانت هناك أصوات تطالب باعتماد النتائج المسجلة مباشرة بعد الإعلان عن توقف كلي للأنشطة الرياضية منتصف شهر مارس الماضي.
واغلب الذين كانوا ينادون باتباع قرار فرنسا التي أعلنت عن توقيف مبكر لمسابقة الدوري، ومنح اللقب لباري سان جرمان، هم من أنصار الوداد البيضاوي، بعدما كان فريقهم يحتل المرتبة الأولى بسبعة وثلاثين نقطة، من مجموع ثمانية عشرة دورة، مع العلم أن مطلبهم حظي بدعم من بعض الفرق المهددة بالنزول أبرزها اتحاد طنجة.
إلا أن هذا المطلب لم يحظ بالقبول من طرف الجامعة التي عبرت عن الرغبة في استئناف الدوري، وضمان تكافؤ الفرص من خلال النتائج المسجلة فوق أرضية الملعب، وهي الرغبة التي لقيت الضوء الأخضر من طرف الحكومة والسلطات العمومية ومصالح وزارة الصحة، وهذا الرفض عبرت عنه أيضا الأوساط الرجاوية بشدة، معتبرة منح اللقب للمتزعم المؤقت، خرقا سافرا لمبدأ تكافؤ الفرص.
ومباشرة بعد انتهاء الشطر الأول من برنامج استئناف البطولة الوطنية، والذي هم إجراء المباريات المؤجلة، تغيرت المعطيات بسلم الترتيب، ولم تعد الزعامة بيد الوداد، حيث تمكن غريمه التقليدي الرجاء، من انتزاع المرتبة الأولى بفارق نقطتين، هنا انقلبت الآية، وأصبح الرجاويون يفضلون إنهاء الدوري في حدود الدورتين 20 و21.
علل الرجاويون مطلبهم لسببين، أولا تساوي الفرق من حيث عدد المباريات، وثانيا تسجيل عدد مقلق من الإصابات بفيروس كورونا المستجد على الصعيد الوطني، ووصول الوباء إلى مجموعة من اللاعبين، كما هو الحال بالنسبة لاتحاد طنجة، وبالتالي لابد من توقيف البطولة، مخافة من الزيادة في انتشار الوباء.
هنا برزت بالمقابل، وكما كان متوقعا، معارضة الجهة الودادية، في إطار لعبة القط والفأر المعتادة، إذ لم يعد الأمر ممكنا بالنسبة لهم توقيف المنافسات، ولابد من إنهاء الدوري الذي لم يتبق على انتهائه، إلا عشر دورات فقط، والتاريخ المحدد لختامه هو الثاني عشر من شتنبر القادم.
كل طرف يفسر الأمور من جانب معين، كما ينظر للأشياء من منظور المصلحة الخاصة بها، وكأن باقي الأندية لا وجود لها، ولا حظوظ لها، وليست لها مصالح، أو ليس لديها رأي بالمرة في تطور الأحداث سواء بالإيجاب أو السلب.
غريب حقا ما يحدث من عبث، وكيف تطورت الأمور إلى أي حد أن كرة القدم الوطنية، أصبحت حقيقة رهينة بيد هاذين الناديين المتصارعين منذ الأزل، واللذين يملأن الساحة بضجيج وصراخ واحتجاجات، ومطالب في الكثير من الأحيان مبالغ فيها، في غياب أي منطق أو تغليب للمصلحة العامة.
الذي لا نقاش فيه أن الوداد والرجاء، ناديان مرجعيان بتاريخهما ورصيدهما الغني وقاعدتهما الجماهيرية الكبيرة، لكن المطلوب أن لا يبالغا في التصرف بكثير من جنون العظمة، وأن لا يلغيا من تفكيرهما أن هناك أندية أخرى بمختلف الجهات على الصعيد الوطني، لها هي أخرى مصالح ومطالب ومشاكل مختلفة، ولا تنظر بعين الرضا لكل هذه الأنانية المفرطة التي تتعامل بها جهات محسوبة على الناديين الكبيرين.

>محمد الروحلي

Related posts

Top