إدارة الجمارك بين تحقيق البعد الأمني وحماية الاقتصاد الوطني

تعتبر مؤسسة الجمارك والضرائب غير المباشرة، ذلك المرفق العمومي الذي يتولى تأمين الخدمة الرامية إلى تصفية وتحصيل الإيرادات الضريبية الناشئة على البضائع موضوع الاستيراد والتصدير، كما أنه يؤشر على حدود ترابية وتجارية لا يمكن اجتيازها إلا طبقا لقوانين وتنظيمات خاصة، كل ذلك من أجل حماية الاقتصاد الوطني. ويكمن التحدي الأكبر أمام الجمارك في عالم اليوم في مدى قدرتها على التوفيق بين التعارض الواضح في الأهداف وفي تنفيذ السياسة الجمركية، حيث أنها تضطلع بعدة أدوار تتجلى في دورها الاقتصادي الذي يقوم على حماية المجال الاقتصادي الوطني وعلى دورها الجبائي، حيث أنها تتولى تحصيل الرسوم الجمركية،ودورها الحمائي الذي يتجلى في مراقبة السلع و الأشخاص ووسائل النقل، وأيضا السهر على تطبيق القوانين والنصوص التنظيمية الهادفة إلى محاربة التهريب ومحاربة التزييف، وكذا تنظيم التجارة الخارجية بمراقبة الصادرات والواردات، مما استدعى تبني استراتيجية شمولية سواء على المستوى التأسيسي والتنظيمي أو على المستوى التكنولوجي، من خلال تحديث الإدارة الجمركية لتبسيط الإجراءات وخلق الثقة بين المرتفقين وإدارة الجمارك، بالإضافة إلى تسهيل تتبع حركات السلع ومتابعة عبورها للمنافذ الحدودية وتسريع وتيرة العمل والرفع من قدرة رجال الجمارك على التدخل السريع لضبط عمليات الغش والتهريب، فكان لإدخال النظم المعلوماتية لإدارة الجمارك قفزة نوعية لتسهيل المعاملات التجارية وإنعاش الاستثمار الأجنبي، وبالتالي اندماج إدارة الجمارك المغربية في النظام الاقتصادي العالمي بشكل يضمن المرونة والنجاعة الكافية.فإلى جانب مهامها الجبائية والاقتصادية تضطلع الجمارك بمهمة أمنية إلى جانب الأجهزة المعنية الأخرى تتمثل في ضمان حماية مصالح الدولة والمواطنين.
وفي هذا الصدد، تعزز إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة تعاونها مع المصالح الأمنية الوطنية والدولية عن طريق إبرام شراكات تهم الجانب الأمني في إطار ترسيخ مبادئ الحكامة الأمنية حيث تعمل على تطوير تبادل المعلومات مع الجمارك في ما يتعلق بمكافحة الجريمة عبر الحدود، كما تشارك في عمليات المراقبة المشتركة التي تديرها المنظمة العالمية للجمارك. لهذه الغاية تم اتخاذ عدة إجراءات من أجل تأطير عمل المصالح الميدانية، وذلك عبر تقوية المراقبة الأمنية على مستوى النقط الحدودية، وتبادل المعلومات مع السلطات الأمنية الوطنية والدولية. حيث يتطلب نجاح هذه الإصلاحات قيادة صارمة ودعما متجددا على جميع المستويات الهرمية في سلسلة القيادة بدءا من التدبير الاستراتيجي إلى المتابعة العملية، مرورا بالمراقبة الداخلية من خلال تبني خطة استراتيجية خماسية تمتد إلى غاية سنة 2021.
كما أنشئت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة موقعها على شبكة الانترنيت، حيث جعلته يستجيب للحاجيات والمعلومات المطلوبة من مختلف المتعاملين معها على اختلاف اهتماماتهم بكون أن الموقع يتضمن النصوص القانونية والتنظيمية ذات الصلة بالعمل الجمركي كمدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة، بالإضافة إلى مجموعة من الدوريات والتقارير وذلك لتقريب إدارة الجمارك من المقاولة من جهة،ومن جهة أخرى فإنه غالبا ما يشكو المستثمرين من بطئ العمل الإداري وتماطل المسطرة وتعقيدها وندرة المعلومات المتعلقة بالوثائق والإجراءات وكثرة الشكليات القانونية،إلا أنه في إطار تجسيد البعد الاقتصادي للدولة تم استعمال شبكة المعلومات لخدمة المستثمرين، ويتجلى ذلك في العمل بنظام بدر حيث أصبحت جميع مراحل مسطرة التعشير تتم بطريقة معلوماتية، ووعيا بأهمية الأمن المعلوماتي، عمدت إدارة الجمارك إلى توقيع اتفاقية بين المديرية العامة لأمن نظم المعلومات DGSSI للإشراف على أمن نظامها المعلوماتي، من خلال هيأة تسمى MACERT أي المركز الوطني للتنسيق والاستجابة لحوادث أمن المعلومات ،حيث تعمل على الإشراف على أمن النظام المعلوماتي لإدارة الجمارك من أجل الكشف عن الحوادث الأمنية المحتملة في آن حدوثها وإخبار المسؤولين من أجل اتخاذ التدابير اللازمة والدعم والاستشارة في ميدان امن نظم المعلومات.

■ بقلم: ذ. نهاد أفقير

Related posts

Top