إسماعيل حمراوي*: الشباب المغربي أصبح يمارس السياسة “افتراضيا” بعدما فقد الثقة فيها على أرض الواقع

شدد إسماعيل حمراوي رئيس حكومة الشباب الموازية، على أن صلة الشباب بالعمل السياسي لم تنقطع أبدا، غير أنها انتقلت من الاهتمام المباشر على أرض الواقع إلى الاهتمام بها وممارستها في الفضاء الافتراضي فقط، أي مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت تستقطب ملايين الشباب، كل منهم يعبر بطريقته الخاصة في الشأن السياسي.
وسجل حمراوي ضمن هذا الحوار مع جريدة بيان اليوم، أنه أصبح من الصعب جدا إقناع الشباب المغربي بأهمية المشاركة السياسية التي لا تقتصر فقط في وضع “تدوينات”، بل الاهتمام بالانخراط في المسلسل السياسي، عبر التسجيل في اللوائح الانتخابية والتعبير عن القناعة السياسة عبر التصويت والاختيار السياسي ثم الانخراط الحزبي أو المدني من أجل تتبع الشأن العام.
وعزا المتحدث ذاته تراجع اهتمام الشباب بالفعل السياسي إلى عدة أسباب منها؛ غياب برامج موجهة للشباب من طرف الأحزاب والمكوث في الخطابات وعدم أجرأة البرامج وتدني مستوى الخطاب السياسي وغياب الإرادة السياسية لدى السياسيين وكثرة الأحزاب وبلقنة المشهد الحزبي في المغرب.
واقترح حمراوي، أن تركز الدولة في عملها، من أجل دفع الشباب إلى الاهتمام بالفعل السياسي، على وضع استراتيجيات ذات مؤشرات دقيقة لإرجاع ثقة الشباب في الممارسة السياسية، مبرزا أن جميع الإحصائيات تؤكد أن الشباب المغربي فقد الثقة في المؤسسات وبالتالي فقد الأمل في المستقبل معها، فطيلة السبع سنوات الأخيرة لم تفعل بشكل جيد المضامين التي جاء بها الدستور ذات الصلة بالشباب، داعيا إلى تبني نفس جرأة صياغة الوثيقة الدستورية في التفعيل لأن الدستور المغربي اليوم يعتبر سندا قانونيا لوضع سياسة شبابية قادرة على التجاوب مع تطلعات الشباب المغربي.

< بصفتكم رئيسا لحكومة الشباب الموازية، كيف تقيمون مستوى مشاركة الشباب في الشأن السياسي؟
> في نظري أن الشباب المغربي أصبح له اهتمام كبير بالشأن السياسي وأصبح متتبع يومي له، لكن في الفضاء الافتراضي فقط، أي مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت تستقطب ملايين الشباب، كل منهم يعبر بطريقته الخاصة في الشأن السياسي، بوضع تعاليق، أقول عنها سياسية بالأساس، رغم أنها في بعض الأحيان قد تكون مزحة أو نكتة أو كاريكاتير أو تقاسم فيديوهات تعبر عن واقع سياسي، لكن الأمر يبقى حبيس “السياسة الافتراضية” لكن على مستوى الواقع، أقول بأن الأمر أصبح جد صعب أن تقنع الشباب المغربي بأهمية المشاركة السياسية التي لا تقتصر فقط في وضع “تدوينات”، بل الاهتمام بالانخراط في المسلسل السياسي، عبر التسجيل في اللوائح الانتخابية والتعبير عن القناعة السياسة عبر التصويت والاختيار السياسي ثم الانخراط الحزبي أو المدني من أجل تتبع الشأن العام.

< كيف تلاحظون تفاعل الحكومة مع مبادرات الحكومة الموازية، وهل فعلا يتم تطبيق بعض مقترحاتكم، أم أنها تظل حبيسة الرفوف والمجاملات فقط؟
> بصراحة تفاعل رئيس الحكومة الدكتور سعد الدي العثماني مع المبادرة نسجله بشكل إيجابي وهو في حد ذاته التزام من جانبه من أجل التفاعل المستمر مع اقتراحات حكومة الشباب، وأيضا مسؤولية والتزام على كثف هذه التجربة الشبابية من أجل العمل بحزم وجدية لتتبع السياسات العمومية وإعطائها دفعة قوية والمساهمة في تجويدها عبر اشتغالها على بعض البدائل و الاقتراحات. وفي هذا الجانب اقترح السيد رئيس الحكومة على حكومة الشباب المغربية عقد سلسلة اجتماعات مع لجنة مناخ الأعمال بداية من الأيام المقبلة لاطلاعها على مقترحات حكومة الشباب وشرحها وأيضا معرفة طريقة اشتغال اللجنة. كما أكد لنا رئيس الحكومة أن الوزراء سيكونون مستعدين للتفاعل أيضا مع أعضاء حكومة الشباب الموازية.

< تدل عددا من المؤشرات والإحصائيات على أن نسبة مشاركة الشباب في الحقل السياسي لا تتعدى 1%، هل هذه النسبة طبيعية؟
> هذه النسبة تعبر عن انخراط الشباب في الاحزاب أو النقابات، ليس نسبة مرتبطة بمشاركة الشباب في العمل السياسي، وهي نسبة لبحث أنجزته المندوبية السامية للتخطيط، لأننا يجب أن نميز بين المشاركة الحزبية والمشاركة السياسية، فعند قرائتنا لمجموعة من الدراسات والتي حاولت أن تعالج قضية الشباب في علاقتها بالشأن السياسي فهي تدل أنها لم تتغير مذ أكثر من 20 سنة، حيث نجد مثلا في الاستشارة الوطنية للشباب والتي أشرفت عليها وزارة الشبيبة والرياضة قبل أكثر من 18 سنة، أنها سجلت نسبة 1,3% من الشباب فقط، أي ما يعادل 231 شاب من أصل 18109 يكونون العينة، عبروا عن انخراطهم في تنظيم حزبي أو نقابي، أي أن نسبة المنخرطين في الأحزاب السياسية جد منخفضة حتى أنها تكاد تصبح بدون أي معنى، مقارنة بحجم تواجد الشباب داخل النسيج الديمغرافي المغربي. وهناك دراسة أخرى في نفس التيمة أشرفت عليها جمعية مدنية مهتمة بقضايا الشباب حول الشباب والتربية على قيم الديمقراطية، فقد أعطت النتائج أن 97% من الشباب المستجوب، هو شباب غير مسيس ولا علاقة له بالأحزاب. كما أن المغرب جاء متأخرا في مؤشر تنمية الشباب الصادر عن أمانة “الكومنولث”، والذي يقيس التطور المسجل عبر الزمن في مجالات التعليم، والصحة، والرفاه، والتشغيل، والمشاركة السياسية، حيث قبع المغرب في المرتبة 120 من أصل 183 دولة
لذلك، أقول أن الأمر جد جد مقلق، لعدم اهتمام الشباب بالشأن العام على المستوى الحضور الواقعي لا الافتراضي وهو ما يؤكد فرضية عدم رضى الشباب عن العملية السياسية بصفة عامة وفقدانه الثقة في المؤسسات. لذلك أعتبر أيضا أننا اليوم يجب أن نجدد العرض السياسي للشباب لجعله أكثر جاذبية مما هو عليه اليوم.

< أين يكمل الخلل في عدم انجذاب الشباب للفعل السياسي، هل لضعف الأحزاب أم تدخل الدولة في الأجهزة الداخلية للأحزاب، أم لضعف الثقافة الديمقراطية بين قيادة الأحزاب السياسة؟
> كل ما قلته أعتبره جزء من الأسباب، لكن هناك أمورا أخرى بالإضافة لذلك، وهذا ما عبرت عنه في كتابي الذي أصدرته قبل سنتين حول الشباب المغربي والتحديات المشاركة السياسية، حيث أكدت أن المشاركة السياسية للشباب تبقى جد متواضعة، وذلك راجع بالأساس لعدم ثقة الشباب في المؤسسات السياسية ورفضهم للعمل السياسي وتولد ثقافة عدم “الايمان” بالفاعل السياسي لوجود مجموعة من المشاكل التي يتخبط فيها الشباب ولم يستطع الإجابة عنها. فالشباب اليوم لا يشارك في الحياة السياسية لعدة أسباب أساسية منها غياب برامج موجهة للشباب من طرف الأحزاب والمكوث في الخطابات وعدم أجرأة البرامج وتدني مستوى الخطاب السياسي وغياب الإرادة السياسية لدى السياسيين وكثرة الأحزاب وبلقنة المشهد الحزبي في المغرب. لذلك في حكومة الشباب الموازية ومن جانب مسؤوليتنا أيضا كشباب، وضعنا الأصبع على الخلل وطالبنا من رئيس الحكومة المغربية العمل على الرفع من منسوب مؤشر الثقة لدى الشباب في العمل السياسي، وقلنا أيضا إنه على الأحزاب السياسية أن تقوم بأدوارها كما يجب وأن تسعى إلى عصرنة طريقة عملها واشتغالها، وهنا اقترحنا فتح نقاش مع الأحزاب السياسية ودعوتها لتأسيس حكومات حزبية موازية، لعقلنة الممارسة السياسية وعصرنة أداءها، مما سيجعلها تفتح الباب للأطر والكفاءات الشبابية المغربية التي انسحبت من العملية السياسية.

< بما تسفر التأخر الحاصل في تفعيل الإستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب؟
> مع الأسف عندما نطلع على تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول الاستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب، نفهم أن المغرب لا يتوفر على سياسية وطنية دامجة ومدمجة للشباب، حيث أكد أن استراتيجيات الدولة لم تحقق جميع أهدافها، ولم يكن لها الأثر المتوقع على تنمية البلاد، إذ لم تتمكن من خلق القدر الكافي من الثروات لذلك فنحن اليوم في الحاجة الملحة، كما قال التقرير، إلى إعداد، وتنفيذ استراتيجية مندمجة، تروم إشراك الشباب بشكل كامل في الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، مع الحرص على إشراكه في المراحل الأولى لتنزيل الاستراتيجية، بما يكفل أخذ انتظاراته، وانشغالاته بعين الاعتبار، وبما يتيح تمكينه من الولوج إلى مرافق، وخدمات عمومية تلائم حاجياتهم الخاصة. والشباب بكل مبادراته سيكون مستعد لأي خطوة إيجابية من طرف القطاع الوصي لذلك فوزارة الشباب والرياضة مطالبة باحتضان كل المبادرات الشبابية المغربية، لأن في ذلك مأسسة للعمل الشبابي.

< هل من وصفة لدفع الشباب نحو الاهتمام بالشأن السياسي؟
> ليس هناك وصفة سحرية لأن الأمر مرتبط بفئة اجتماعية، لكن على الدولة أن تعي جيدا أن الأمر مرتبط بمستقبل الوطن، لذلك يجب تركيز استراتيجيات عملها على مؤشرات دقيقة لإرجاع ثقة الشباب في الممارسة السياسية، حيث إن جميع الإحصائيات تؤكد أن الشباب المغربي فقد الثقة في المؤسسات وبالتالي فقد الأمل في المستقبل معها، فطيلة السبع سنوات الأخيرة لم تفعل بشكل جيد المضامين التي جاء بها الدستور ذات الصلة بالشباب، لذلك يجب تبني نفس جرأة صياغة الوثيقة الدستورية في التفعيل لأن الدستور المغربي اليوم يعتبر سندا قانونيا لوضع سياسة شبابية قادرة على التجاوب مع تطلعات الشباب المغربي.

> حاوره: إسماعيل الأداريسي

Related posts

Top