إعادة فتح الأسواق الأسبوعية يعيد الطمأنينة إلى الساكنة المحلية بمدينة الجديدة

في إطار إجراءات التخفيف من الحجر الصحي بعدد من أقاليم المملكة المغربية، كل حسب الوضعية الوبائية لفيروس كورونا، مع الإبقاء على حالة الطوارئ الصحية، سارعت السلطات المختصة إلى الإعلان عن إعادة فتح بعض الأسواق الأسبوعية بمجموعة من الأقاليم، ومنها إقليم الجديدة، وذلك بشكل تدريجي، بعد إغلاقها لمدة شهرين و نصف، منذ 20 مارس الماضي.
وهكذا تم فتح السوق الأسبوعي لثلاثاء سيدي بنور و أحد أولاد افرج، الأسبوعي الماضي، في وجه تجار الأغنام و الأبقار، وانضاف إليهما هذا الأسبوع إعادة فتح كل من سوق مولاي عبد الله أمغار، سبت سايس، جمعة أولاد رحمون، سوق ثلاثاء أولاد حمدان و اثنين شتوكة، حيث تم فتح هذه الأسواق الشعبية الأسبوعية في وجه جميع الحرف باستثناء بعض الحرف كالمقاهي الشعبية، وإعداد المأكولات الخفيفة، و محلات الحلاقة.
وبدأت عملية تسويق مختلف المنتجات، وانطلق معها الرواج التجاري لتعويض فترات الركود بسبب فرض حالة الطوارئ الصحية نتيجة انتشار فيروس كورونا، وبدأ الزوار يحجون لاقتناء حاجياتهم، مما بعث الأمل والطمأنينة في نفوس الفلاحين والكسابين ومربي الدواجن ومختلف الحرفيين والتجار والمهنيين، الذين شرعوا في ترويج منتوجاتهم وتجارتهم ثم ممارسة حرفهم، التي يعتمدون عليها في حياتهم المعيشية اليومية.
ومعلوم أن هذه الأسواق الشعبية تشكل شرايين الحياة بالعالم القروي، حيث تعتبر المصدر الرئيسي للرزق و كسب القوت اليومي، لدى عدد كبير من المواطنين، الذين ينتظرونها أسبوعيا بفارغ الصبر
وللاقتراب من أجواء إعادة فتح هذه الأسواق الأسبوعية، ونقل ارتسامات و تصريحات المواطنين. على اختلاف انتماءاتهم، من زوار، وافدين، متبضعين، فلاحين ، كسابين، حرفيين، تجار و مهنيين،
قامت ” بيان اليوم” بجولة في أروقة كل من السوق الأسبوعي لأحد أولاد افرج، سوق ثلاثاء أولاد حمدان ثم سوق جمعة أولاد رحمون بإقليم الجديدة.
ففي سوق أحد أولاد افرج الذي يبعد عن مدينة الجديدة بحوالي 50 كيلومتراجنوبا، والذي يعتبر أكبر سوق أسبوعي بإقليم الجديدة، من حيث شساعة مساحته وحجم المنتوجات التي تروج به، عادت تجارة الأبقار والأغنام لجلب تجار من مدن بعيدة، حيث يزوره تجار من مدينة الجديدة، مراكش، سطات، الدار البيضاء، الرباط، بئر الجديد، ويباع به أضخم وأكبر الثيران يصل ثمنها أحيانا إلى أربع ملايين سنتيم للثور الواحد، وهناك سوق صغير منفصل عنه، ينعقد في وسط الأسبوع، خاص ببيع وشراء الدواب.

كما يعرف هذا السوق بترويج أجود مختلف الخضر والفواكه ذات الإنتاج المحلي، إضافة إلى بقية حاجيات المواطنين من سلع، وتوابل، وأواني وملابس …كما تروج فيه المحاصيل الزراعية من شعير، وقمح، وذرة، وقطاني .
وقد انطلقت جولتنا بهذا السوق، من رحبة الأبقار، حيث لاحظنا أن العرض يفوق الطلب،علما أن إقليم الجديدة لا زال يوجد في المنطقة رقم 2، مما منع عددا من التجار من أن يأتونه من باقي الأماكن خارج الإقليم.
وفي هذا الصدد صرح لـ ” بيان اليوم” تجار في الأبقار المخصصة للذبيحة، من بينهم الجزار”الحاج عبد القادر – ب ” قائلا: ( لقد عايننا كثيرا مع هذه الجائحة، ولكن الآن، الأمور بدأت تعود إلى طبيعتها، وبخصوص الأبقار الموجهة للذبيحة، فثمنها لا زال منخفضا وهو أمر طبيعي في البداية) . وبخصوص كثرة العرض قال: ( شيء طبيعي لأن الكسابة لم يبيعوا منتوجاتهم من الأبقار، لحوالي شهرين ونصف، وأن قلة الطلب ترجع إلى استمرار الحجر الصحي وعدم السماح للتجار من خارج الإقليم بزيارة هذا السوق، وأن المشكل سيحل في الأيام المقبلة).
وفي تصريح مماثل قال الكساب ” عبد الرحيم – ش ” : في الحقيقة هذا المرض أثر علينا أكثر من الجفاف، لأنه مع الجفاف المواطنين يخرجون ويتحركون بحثا عن رزق، أما مع كورونا، فقد منعتنا و حبستنا في المنازل وهذا هو المشكل الأكبر، وما زاد من معاناتنا أن البهائم، لم نجد لمن نبيعها، وهي مصدر رزقنا) .
وخلال مرحلة الحجر الصحي، سجل بعض الفلاحين أن بعض الجزارين استغلوا الفرصة لشراء الأبقار بأثمنة رخيصة، دون أن يراعوا ارتفاع تكاليف الأعلاف وتوقف الأنشطة التجارية. والغريب في الأمر أن هذه المعاملات التجارية كانت تتم دون تدخل من أي جهة لحماية المنتجين من فلاحة و كسابة، وتلك إحدى المشاكل التي خلفها قرار إغلاق الأسواق الأسبوعية.
وبخصوص هذا المشكل صرح كساب آخر أن “بعض الجزارين الذين استغلوا هذه الأزمة، كانوا يتنقلون إلى الدواوير، ليشتروا الأبقار بأثمنة رخيصة، مقارنة مع أثمنتها في السوق العادي).
وبرحبة الأغنام، كان الفلاحون والكسابة يمسكون بأغنامهم و أعناقهم تشرئب لزائر أو تاجر قد يشتري من عندهم منتوجاتهم من الأغنام، لاسيما وأن الفلاحين والكسابة الذين جاؤوا في اليوم الأول لافتتاح هذا السوق، كانوا مضطرين ومكرهين، كون بيع منتوجاتهم من الأغنام هي مصدر رزقهم و الوسيلة التي تمكنهم من شراء حاجياتهم الضرورية للعيش، وبواسطتها يسددون ديونهم، حيث إن أغلبهم لازالت عليه ديون القرض الفلاحي، ولا يعرف هل سيتم إعفاؤهم، أوسيتم تأجيل تلك الأقساط .
ومن المؤكد أن إعادة فتح هذه الأسواق أعاد الأمل أيضا لأصحاب سيارة الأجرة الكبيرة والنقل المزدوج، الذين عانوا هم الآخرين من تداعيات فرض الحجر الصحي لأزيد من شهرين ونصف، ومع إعادة افتتاح هذا السوق، عادت الحركة تدريجيا إلى صفوف هذه أصحاب هذه المهنة وبدأت مداخيلهم تنتعش شيئا فشيئا.
في مدخل السوق، وبالضبط على جنبات الطريق المؤدية إلى مدينة الدار البيضاء، ركن عدد من سائقي سيارات الأجرة الكبيرة وأصحاب سيارات النقل المزدوج، في انتظار زبائن قد يأتون أو لا يأتون.
وفي تصريح عفوي لأحد ممثلي هذه الفئة من المهنيين قال ” المصطفى – ق”: ( نحن نعاني في صمت من كثرة المصاريف المتمثلة في أقساط التأمينات وواجبات المأذونية وأقساط قروض تجديد سيارات الأجرة، ولهذا نطالب الحكومة بمساعدة أصحاب النقل العمومي من سيارة الأجرة الكبيرة وحافلات النقل وغيرها، كالتخفيف من الضرائب هذه السنة).
و كان للزوار والوافدين على هذا السوق، في أسبوعه الثاني بعد إعادة افتتاحه، ارتسامات أجمعت كلها على مدى ارتياحهم وأملهم الكبير في العودة إلى الحياة الطبيعية في الأيام المقبلة ، بل منهم من اعتبر البادية بدون سوق أسبوعي تكون ناقصة، و لهذا اليوم طقوس خاصة. وفي هذا السياق، قال أحد الزوار: (البادية بدون سوق أسبوعي، تكون ناقصة، فهو مثل العيد الكبير، ننتظره كل أحد، وله طقوس خاصة، ففي هذا اليوم لا نشتغل، بل نذهب إلى السوق للتجارة و للتبضع والاستراحة بالجلوس مع الأصدقاء في المقاهي الشعبية، وفي ليلة هذا السوق لا بد من تناول عشاء مميز بلحم أحمر جديد، وعندما كان هذا السوق مغلقا، لم نعد نعرف حتى أسماء الأيام).
وبجماعة أولاد حمدان التي تبعد عن مدينة الجديدة ب28 كيلومترا جنوبا، ينعقد كل يوم ثلاثاء السوق الأسبوعي لثلاثاء أولاد حمدان، وهو سوق يعرف رواجا تجاريا لا بأس به، حيث تباع و تشترى فيه كل السلع و المنتوجات، باستثناء تجارة الأبقار، أما تجارة الأغنام فهي ضعيفة جدا بهذا السوق، مع الإشارة إلى أن رحبة الأغنام، أصبحت تعاني من تراكم الأزبال، أمام صمت المسؤولين على الشأن المحلي بالجماعة الترابية، وقد تمت يوم الثلاثاء 16 يونيو 2020، إعادة فتح هذا السوق الأسبوعي، بعد أن أغلق بقرار من رئيس جماعة أولاد حمدان، بشكل مؤقتا منذ 24 مارس الماضي
( لمدة شهرين و نصف) في إطار تدابير حالة الطوارئ الصحية، وهكذا عادت الحياة و الحركية والرواج التجاري إلى هذا السوق الشعبي، الذي استقبل تدريجيا جميع المهن والحرف التقليدية البسيطة المرتبطة بالحياة المعيشية للسكان، باستثناء حرفة المقاهي الشعبية و إعداد المأكولات الخفيفة و محلات الحلاقة، التي من المنتظر أن تعود في الأيام المقبلة لتستأنف نشاطها.
و قد لوحظ في الساعات الأولى من صباح نفس اليوم وجود السلطة المحلية في شخص قائد قيادة أولاد حمدان مرفوقا بأفراد القوات المساعدة و أعوان السلطة، وحضور قوي لعناصر الدرك الملكي التابعين لمركز أولاد افرج، الذين أقاموا حواجز أمنية عند المداخل الثلاثة لهذا السوق، لمراقبة مدى توفر الوافدين على رخصة التنقل الاستثنائية واستعمالهم للكمامات.
هذا و قد عرف اليوم الأول من افتتاح هذا السوق، بعد تخفيف الحجر الصحي، وفرة العرض لجميع المنتوجات من مختلف الخضر،أنواع الفواكه، لحوم حمراء و البيضاء، المنتوجات الفلاحية، إضافة إلى مختلف السلع التي تعرض عادة في الأسواق الأسبوعية، وذلك بسبب توافد عدد مهم من التجار والحرفيين، الذين كانوا ينتظرون إعادة فتحه بفارغ الصبر، كونه يشكل مصدرا مهما لترويج تجارتهم و لكسب رزقهم اليومي. و بخصوص العرض قال أحد تجار في الخضر والفواكه: ( نحن مستعدين لتوفير جميع حاجيات المواطنين، و فرحين بعودة هذا السوق إلى نشاطه ونتمنى أن يكون أحسن في المستقبل) .
وبالجماعة الترابية لأولاد رحمون التي تبعد عن مدينة الجديدة بحوالي 17 كيلومترا جنوبا، على جنبات الطريق الجهوية رقم 318، ينعقد كل يوم جمعة سوق أسبوعي، تمت إعادة افتتاحه يوم الجمعة 12 يونيو 2020، حيث سمح لجميع المهنيين والحرفيين والتجار بعرض منتوجاتهم، باستثناء المقاهي الشعبية ومحلات إعداد المأكولات الخفيفة ثم حرفة الحلاقة.
وقد سهرت السلطة المحلية معززة بأفراد القوات المساعدة و عناصر الدرك الملكي التابعين لمركز مدينة أزمور، على تنظيم المتبضعين و الحرص على احترام تدابير الوقاية من انتشار فيروس كورونا. كما تدخلت جمعيات المجتمع المدني بتراب هذه الجماعة، لمساعدة السلطة المحلية، حيث تمكنت جمعية المسار للتنمية و جمعية العطاء بجماعة أولاد رحمون، من تقديم ارشادات ونصائح للمرتفقين و المتبضعين تصب في اتجاه استمرار أخذ الحيطة و الحذر، من انتشار جائحة كورونا.

< محمد الغوات

Related posts

Top