إعلان حالة الطوارئ بشأن التنوع البـــيولوجي من أجل التنمية المستدامة

من المنتظر أن تعقد هيئة الأمم المتحدة بعد يوم غد الأربعاء “قمة التنوع البيولوجي”، قمة عن بعد وفي زمن كورونا سيحضرها رؤساء الدول والحكومات من أجل وضع “إجراءات عاجلة بشأن التنوع البيولوجي من أجل التنمية المستدامة”.
هي إذن قمة أممية تواكب احتفال الدول الأعضاء بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لهيئة الأمم المتحدة. هذه الذكرى التي تعد بمثابة إعلان بداية “عقد جديد للأمم المتحدة”، عقد للعمل وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، واستثمار عقود الأمم المتحدة السالفة والمتعلقة باستعادة النظم الإيكولوجية وعلوم المحيطات من أجل التنمية المستدامة، عقد للإدراك عبر اعتمادنا على كوكب سليم و عبر العمل معا من أجل تغيير إيجابي في سلوكيات الإنسان.

الانتظارات من قمة التنوع البيولوجي

وستسلط الجلستان العامة والافتتاحية الضوء على الروابط التي تجمع بين التنوع البيولوجي والمجتمعات والاقتصادات، حيث من المرتقب أن يصل قادة العالم من رؤساء الدول والحكومات الى مرحلة الادراك لأهمية المساهمات المتعددة والأساسية للتنوع البيولوجي في التنمية المستدامة، في أفق الالتزام بتسريع العمل بشأن التنوع البيولوجي من أجل التنمية المستدامة، عبر نهج المجتمع لمجموعة من الإجراءات الفعلية لاستعادة منافع التنوع البيولوجي واستخدامها على نحو مستدام وحفظها وتقاسمها بإنصاف. ومن المنتظر أن تجيب الجلسة الافتتاحية على مجموعة من الأسئلة الموجهة لقادة ورؤساء الدول والحكومات والذين من المفروض أن يأتوا الى القمة -التي ستعقد عن بعد- وهم محملين بعناصر الإجابة لمجموعة من الإشكاليات والتساؤلات الجوهرية التي تهم التنوع البيولوجي و التنمية المستدامة، من قبيل: ما هي رؤيتك كرئيس دولة أو حكومة للتنمية المستدامة الإيجابية للناس وللطبيعة؟ وما هي خططك لدمج الإجراءات الطموحة والمتسارعة للتنوع البيولوجي في جهود التنمية المستدامة في بلدك؟ وما هي الإجراءات التي ستتخذها بصفتك قائدا في بلدك بشأن التنوع البيولوجي التي يمكن أن تسرع التقدم في معالجة تغير المناخ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة؟ وما هي الخطوات التي ستتخذها حكومة بلدك لضمان اتباع نهج “صحة واحدة” للحد من مخاطر الأوبئة الحيوانية المنشأ في المستقبل؟

قمة الطموح و التحدي

وستركز القمة على الأزمة التي تواجه البشرية بسبب تدهور التنوع البيولوجي والحاجة الملحة لتسريع العمل بشأن التنوع البيولوجي من أجل التنمية المستدامة، وستكون فرصة لرؤساء الدول والحكومات والقادة الآخرين لرفع الطموح لتطوير إطار التنوع البيولوجي العالمي لما بعد عام 2020 ليتم اعتماده في المؤتمر الخامس عشر للأطراف لاتفاقية التنوع البيولوجي في عام 2021، حيث يجب أن يضع هذا الإطار وتنفيذه الفعال الطبيعة على طريق الانتعاش بحلول عام 2030 لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحقيق رؤية “العيش في وئام مع الطبيعة” .

2020 عام التنوع البيولوجي بامتياز

واعتبر الخبراء عام 2020 عاما استثنائيا للطبيعة، عام اجتاحت فيه جائحة فيروس كورونا جميع بقاع العالم، عام كان من المفترض أن يتميز بتنظيم عدة مؤتمرات عالمية لولا الجائحة التي عطلت كل شيء وأجلت قمما ومؤتمرات عالمية تهدف إلى الاتفاق على تقوية وتسريع تدابير حماية التنوع البيولوجي، ولإبطاء تغير المناخ على مدى العشر سنوات القادمة، ونخص بالذكر الدورة الخامسة عشرة لمنتدى الأمم المتحدة المعني بالغابات، المؤتمر العالمي للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، قمة الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي والاجتماع السادس والعشربن لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، فباستثناء قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي تم تأجيل كل هذه المؤتمرات العالمية بسبب جائحة فيروس كورونا.
لقد انتشر الوباء، وسلط الضوء كذلك على حالة الطوارئ العالمية المتمثلة في فقدان التنوع البيولوجي، في تغير المناخ وكذلك في الأزمات الصحية، وهي قضايا عالمية مترابطة فيما بينها. كما يشير انتشار الوباء إلى تدمير وتدهور التنوع البيولوجي الذي يضعف الكائنات الحية ويزيد من خطر انتقال الأمراض الحيوانية إلى البشر، كما سلط انتشار الوباء الضوء على العديد من الحلول الموجودة بالفعل، ويبرز تقدم استجابة المجتمع العالمي للوباء فرصة فريدة لإجراء تغييرات جوهرية، يعني الاستثمار في التنوع البيولوجي وفي صحة كوكبنا وكذلك الاستثمار في مستقبل البشرية.
ومع اقتراب نهاية عقد الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي 2011-2020، فإن التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التنوع البيولوجي عالميا بما في ذلك أهداف التنمية المستدامة لا تزال غير كافية، حيث توجد العديد من الأمثلة الناجحة على المستوى المحلي ولكن على الصعيد العالمي فإن التنوع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي الخاصة بها تتراجع بمعدل لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية، مع تداعيات أكبر على البشر والكوكب.

رؤية 2050 للتنوع البيولوجي

وفي الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية التنوع البيولوجي،الذي من المنتظر عقده في بداية العام المقبل، ينبغي اعتماد إطار عالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020 للمساهمة في خطة التنمية المستدامة لعام2030، وتمكين المجتمع التقدم العالمي نحو تحقيق رؤية 2050 للتنوع البيولوجي تحت شعار: “العيش في انسجام مع الطبيعة”، حيث من المفروض أن يسمح إطار العمل وتطبيقه الفعال لوضع الطبيعة على طريق التجدد بحلول عام 2030، من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة. هذا المؤتمر كان في البداية مقررا عقده في أكتوبر 2020 في كونمينغ الصينية لولا أن تم تأجيله بسبب جائحة كورونا.
و من المقرر أن يعد رئيس الجمعية العامة محضر وقائع للمناقشات التي ستجرى خلال قمة الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، قبل الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي، لذا فإن جميع المنظمات التابعة لمنظومة الأمم المتحدة هي مدعوة للمشاركة في مؤتمر القمة من أجل تسليط الضوء كذلك على الحاجة إلى دعم الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020، و النظر في المبادرات ولا سيما في إطار فريق الإدارة البيئية للأمم المتحدة من أجل المساهمة في الأعمال التحضيرية للقمة المنتظر عقدها في بداية عام 2021 بجمهورية الصين الشعبية.

مشاركة الصين في قمةالتنوع البيولوجي

أصدرت الصين ورقة تبرز موقفها بشأن قمة الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي تحت عنوان “بناء مستقبل مشترك لجميع أشكال الحياة على الأرض: الصين في العمل”، ورقة جد مهمة تمت بلورتها بعد بصيص الأمل الذي أعطت إشارته الصين وحددت لنفسها هدفا لحياد الكربون لعام 2060، حيث تم الإعلان عن ذلك من قبل الرئيس شي جين بينغ خلال كلمته في اجتماع الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي انعقد عبر تقنية المناظرة الرقمية.
فاجأ هذا الإعلان العالم بأسره على اعتبار أن الصين تعتبر الملوث الرائد في العالم، والمسؤول عن ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ولكون الصين تواصل بناء العديد من محطات الفحم الحجري، بالإضافة إلى أنها تخطط حاليا لتوسيع قدرتها على توليد الطاقة من الفحم من محطات قيد الإنشاء وأخرى قيد الإعداد، محطات سترفع سعة محطات الطاقة التي تعمل بالفحم إلى 205.9 جيجاواط بالمقارنة مع الولايات المتحدة حيث تبلغ سعة محطات الطاقة التي تعمل بالفحم 246.2 جيجاواط وفي الهند 229 جيجاواط.
لهذا السبب ترك إعلان الرئيس الصيني بعض العلماء الصينيين متشككين وترك شي جين بينغ قضية المناخ للأجيال القادمة، بالفعل في نهاية القرن العشرين أرادت الصين خفض استهلاكها من الفحم إلى 1.2 مليار طن سنويا، ومع ذلك في عام 2018 استهلكت 4.84 مليار طن، لذا فإن وعود عام 2060 تبقى حلما صعب التحقيق.
من المقرر إذن أن تعقد قمة الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي في 30 شتنبر2020، وفي هذا الاطار أصدرت وزارة الخارجية الصينية ووزارة البيئة الصينية بشكل مشترك ورقة موقف قمة الصين في 21 سبتمبر بعنوان “بناء مستقبل مشترك لجميع الحياة على الأرض: الصين في العمل”، توجز من خلالها الصين تجربتها وتقدمها، وموقفها ومقترحاتها بشأن الحفاظ على التنوع البيولوجي من منظور وفلسفة الحضارة البيئية، وتدابير السياسة الوطنية، وتعزيز التنمية الاستدامة، والتزام المجتمع بأسره، والحكامة الجيدة للتنوع البيولوجي، والتبادل والتعاون الدولي.
وكما ورد في ورقة الموقف، ستظل الصين ملتزمة بمتابعة الحماية البيئية والتنمية الخضراء، وستواصل الصين رفع راية التعددية عاليا وستظل ملتزمة بمفهوم المصير المشترك للبشرية، وستشارك الصين بنشاط في الحكامة العالمية الجيدة للتنوع البيولوجي وستجلب الحكامة إلى الحضارة البيئية العالمية والمستقبل المشترك لجميع أشكال الحياة على الأرض، وباعتبارها الدولة المضيفة للمؤتمر الخامس عشر للأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي، فإن الصين سوف تستعد له بنشاط وستقف على أهبة الاستعداد للعمل مع الدول الأخرى من أجل إطار طموح ومتوازن وواقعي وعالم نظيف وجميل. ومليئة بالحياة.

التنوع البيولوجي وأهداف التنمية المستدامة

وترتبط استعادة التنوع البيولوجي ارتباطا وثيقا بالقضاء على الفقر وبتوفير الوظائف المستدامة والتنمية الاقتصادية وبتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويدعم البرنامج الأممي لأهداف التنمية المستدامة المحافظة والاستخدام المستدام والتقاسم العادل لفوائد التنوع البيولوجي بحلول عام 2030، ويبقى اعتماد البشرية على التنوع البيولوجي من المسلمات وشيئا معترفا به على نطاق واسع، حيث تعد الطبيعة ضرورية لتحقيق وإنجاح الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، بما في ذلك تلك المتعلقة بتحقيق الأمن الغذائي والصحة وسبل العيش والعمل والأمن المائي والمحيطات وتغير المناخ والوقاية من الكوارث، إذ يعتمد أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي بشكل معتدل أو كبير على الطبيعة، من خلال مساهمات الطبيعة في الإبقاء على صحة جيدة للإنسان عبر توفير التلقيح ونوعية المياه والموارد الطبيعية.
وتعد قطاعات البناء والفلاحة والتغذية القطاعات الرئيسية الأكثر اعتمادا على الطبيعة، ففي السنوات الأخيرة، حدد قادة الأعمال فقدان التنوع البيولوجي باستمرار على أنه أحد المهددات الرئيسية لكبريات الشركات العالمية، ويعتمد الجميع على كوكب صحي تلعب فيه الطبيعة دورا حيويا في توفير الغذاء والدواء ومجموعة متنوعة من المواد الأساسية للرفاهية الجسدية والعقلية وسبل العيش للجميع، فعلى سبيل المثال تشير التقديرات إلى أن 4 مليارات شخص يعتمدون على الأدوية الطبيعية لصحتهم ونحو 70٪ من الأدوية المستخدمة لعلاج السرطان هي منتجات طبيعية أو اصطناعية مستوحاة من الطبيعة. وتساهم الطبيعة أيضا في الجوانب غير المادية لنوعية الحياة، بما في ذلك الإلهام والتعلم، والتعبير الثقافي، والتنمية الجسدية والنفسية والروحية.
وليومنا هذا يستمر تدهور النظم البيئية في مختلف مناطق العالم بسبب إزالة الغابات والحرائق المتعمدة التي تعرفها الغابات الاستوائية، والتنافس في استخدام الأراضي، والتوسع غير المنضبط للزراعة، لا سيما للزراعة المكثفة، وبسبب تطوير البنيات التحتية على حساب تدمير الطبيعة وتخريب مكوناتها. وأدى الاستغلال غير المستدام للموارد الطبيعية إلى خلق “عاصفة كاملة” لانتشار الأمراض من الحياة البرية إلى البشر.
وتعتبر الاستثمارات في التنوع البيولوجي، لا سيما من خلال خلق الوظائف، وإصلاحات الادارة التي تسهر على المحافظة الغابات و المناطق الرطبة، والحوافز التي تقدم للساهرين على المحافظة على النظم البيئية، والسياسات التي تحفز على المحافظة على مكونات النظم الايكولوجية والاستعادة والاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي، كل هذه الأمور تعتبر “عناصر أساسية للحد من مخاطر الأوبئة الحيوانية المصدر في المستقبل وضمان الانتعاش المستدام والعادل والأخضر للاقتصادات”.

الاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي

ويعد الاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي والحفاظ عليه أمرا ضروريا لضمان عدم تخلف أحد عن الركب، حيث يعتمد كل شخص في كل مجتمع على التنوع البيولوجي، ولكن الفئات الأشد فقرا وتهميشا هي الأكثر تعرضا بشكل مباشر لفقدان التنوع البيولوجي، ويذكر الخبراء أن حوالي ثلث الوظائف في البلدان النامية تعتمد بشكل مباشر على التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، وتعتمد المجتمعات الريفية والأصلية بشكل خاص على الطبيعة في سبل عيشهم وثقافتهم، في حين أن أكثر من ربع مساحة الأرض في العالم مملوكة تقليديا للمجتمعات المحلية أو تديرها أو تستخدمها أو تشغلها الشعوب الأصلية، وتغطي ثلث جميع الأراضي البرية المتبقية، ولذلك فإن الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لها دور مهم بشكل خاص كحراس للطبيعة.
وستكون استعادة التنوع البيولوجي وتنفيذ الحلول القائمة على الطبيعة أمرا أساسيا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فتدهور النظام البيئي يقلل من قدرة التنوع البيولوجي على التعامل مع تغير المناخ ويقوض التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع التأكيد على أن الحاجة الملحة للعمل على التنوع البيولوجي من أجل التنمية المستدامة تحتم علينا استعادة ما لا يقل عن ملياري هكتار من الأراضي المتدهورة حاليا لتحسين التنوع البيولوجي وخدمات النظام البيئي والإنتاجية الزراعية، بالإضافة إلى ذلك، يعتمد أكثر من ثلاثة مليارات شخص على التنوع البيولوجي البحري والساحلي لكسب عيشهم، وأكثر من ثلث الأرصدة السمكية بحاجة ماسة إلى الانتعاش.
ويمكن أن تسهم الحلول القائمة على الطبيعة في التخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه، وتحقيق الأمن الغذائي والمائي، والوقاية من الفيضانات وغيرها من الأحداث المتطرفة التي تنتج عن حدة تغير المناخ، كما أنها توفر فرصا رئيسية لتعميم التنوع البيولوجي في المجتمعات، وهي إجراءات جد مهمة لتسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر حيث يمكن أن توفر الحلول القائمة على الطبيعة حوالي ثلث الحلول اللازمة لتحقيق أهداف التخفيف من آثار تغير المناخ الواردة في اتفاقية باريس. وتقدم هذه الحلول أيضا مجتمعاتنا مرتبطة ارتباطا وثيقا وتعتمد على التنوع البيولوجي.

الأدوار الرئيسية للتنوع البيولوجي

التنوع البيولوجي ضروري للبشرية، لا سيما من خلال توفيره للأغذية والمياه النظيفة والأدوية والحماية من الأحداث المناخية المتطرفة، في حين يؤدي فقدان التنوع البيولوجي وتدهور مساهماته للناس إلى تعريض التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة وتحقيق رفاهية الإنسان للخطر.
لقد سلط وباء كورونا الضوء على أهمية العلاقة بين الإنسان والطبيعة، ونتذكر جيدا أنه عندما ندمر ونحط من التنوع البيولوجي، فإننا نقوض شبكة الحياة ونزيد من خطر انتشار الأمراض من الحياة البرية إلى البشر. وتمثل الاستجابات للوباء فرصة فريدة للتغيير التحويلي كمجتمع عالمي، لذا فالاستثمار في صحة كوكبنا هو استثمار في مستقبلنا.
وبينما نقترب من نهاية عقد الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي 2011-2020، فإن التقدم نحو أهداف التنوع البيولوجي العالمية، بما في ذلك أهداف التنمية المستدامة يبقى غير كاف، في حين أن هناك العديد من الأمثلة المحلية للنجاح تبقى قابلة للتقاسم ولنسخها على مجموعة من المناطق التي عرف فيها التنوع البيولوجي تراجعا عالميا خطيرا وبمعدل لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية.
وخلصت التقييمات الأخيرة التي أجراها المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية إلى أن معدلات انقراض الأنواع أعلى بعشرات إلى مئات المرات من المتوسطات التاريخية، وأن75٪ من سطح الأرض قد تغير بشكل كبير بفعل الأعمال البشرية، بما في ذلك على سبيل المثال فقدان حوالي 85٪ من مساحة الأراضي الرطبة و 66٪ من منطقة المحيطات لتأثيرات متعددة من السكان، بما في ذلك الصيد والتلوث والتغيرات الكيميائية بسبب تحمض مياه البحار والمحيطات.
وكانت اتفاقية باريس للمناخ الموقعة في عام 2015 ، والتي ستحل محل بروتوكول كيوتو ابتداء من هذه السنة، قد حددت الهدف الرئيسي المتمثل في ضبط درجة الحرارة العالمية في أقل من 2 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل العصر الصناعي، أو حتى حصرها في 1.5 درجة مئوية، ومع ذلك، وفي شكلها الحالي، فإن الالتزامات التي تم التعهد بها بموجب هذه الاتفاقية، حتى لو تم الوفاء بها من قبل الدول الأطراف الموقعة على نص الاتفاق، ستؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة 3 درجات مئوية على الأقل بحلول نهاية القرن، لهذا السبب حذرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في أكتوبر 2018 من التأخير العالمي الكبير في مكافحة تغير المناخ وعواقبه داعية جميع الدول إلى تكثيف جهودها دون تأخير.

تحديات التنوع البيولوجي

يمثل التآكل الحالي للتنوع البيولوجي بمعدل غير مسبوق تحديا آخر يعتمد عليه بقاء مجتمعاتنا وأنشطتنا، ويحذر تقرير المنتدى الحكومي الدولي من أن “الطبيعة آخذة في التدهور على الصعيد العالمي بمعدل غير مسبوق في تاريخ البشرية وأن معدل انقراض الأنواع آخذ في التسارع، مما يتسبب بالفعل في آثار خطيرة على السكان في جميع أنحاء العالم”، بشأن التنوع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي.
ويقدر خبراء التنوع البيولوجي أن حوالي مليون نوع من الحيوانات والنباتات مهددة الآن بالانقراض، فعلى الصعيد العالمي بلغ الانخفاض في متوسط وفرة الأنواع أكثر من 40٪ خاصة منذ بداية القرن الماضي واختفى ما لا يقل عن 680 نوعا من الفقاريات منذ القرن السادس عشر، أما فيما يتعلق بالبيئات البحرية والساحلية، فيظهر مؤشر صحة المحيطات أن أكثر من ثلث الثدييات البحرية مهددة اليوم وأن نصف الشعاب المرجانية قد اختفت في ظرف ثلاثين عاما.
لا يمكن لفرنسا مثلا، والتي تمتلك ثاني أكبر مجال بحري في العالم و10٪ من الشعاب المرجانية على كوكب الأرض، أن تظل غير مبالية بهذا، توجد هذه الاتجاهات في فرنسا الحضرية: فقد انهارت وفرة الخفافيش هناك بنسبة 38٪، ووفرة الطيور المشتركة والخاصة بنسبة 22٪. ومن حيث البيئات، لنأخذ هذا المثال فقط، 52000 هكتار من المروج تفقد سنويا في المتوسط منذ عام 1990، وترجع أسباب هذا التدهور لأمور متعددة منها الاستغلال المفرط للموارد، اصطناع التربة، تدمير الموائل، التوسع في الزراعة، الصيد المكثف والزراعة، التلوث، تغير المناخ إلخ… ومع ذلك، فقد تم تحديد الدور الأساسي للتنوع البيولوجي في الأداء السليم للأنظمة الإيكولوجية والخدمات التي تقدمها للمجتمعات البشرية، هذا هو الحال خاصة بالنسبة لتنظيم المناخ.

الأهمية العالمية للتنوع البيولوجي الفرنسي

وتشكل خدمات النظام البيئي هذه شبكة أمان أساسية لبقاء البشرية وجميع الكائنات الحية: (جودة الهواء، وتنقية المياه، والغذاء، والمناظر الطبيعية، وما إلى ذلك..). ومع هذا، فإن الفجوة بين النتائج المتعلقة بتدهور التنوع البيولوجي والسياسات المنفذة لا تزال كبيرة، منذ الدراسات الاستقصائية الأولى التي أجريت في الستينيات والسبعينيات، والأحكام التشريعية والتنظيمية التي تلت ذلك، وتعهدت فرنسا بالتزامات دولية خلال مؤتمرات الأطراف المتعلقة باتفاقية التنوع البيولوجي والتزمت في عام 2010 بأهداف أيشي العشرين، مع نهج إطار للعمل اقترحته المفوضية الأوروبية للتنوع البيولوجي بحلول عام 2020، فإنها بذلك تلهم الاستراتيجية الوطنية الثانية للتنوع البيولوجي للفترة من 2011 إلى 2020.
وتشكل هذه الأدوات الإطار الذي يتوافق معه القانون الفرنسي أيضا، فقد تطور القانون الفرنسي بشكل كبير منذ قانون 1976 بشأن حماية الطبيعة، أدى هذا التطور إلى اعتماد قانون “استعادة التنوع البيولوجي والطبيعة والمناظر الطبيعية” ، في شهر غشت 2016 والذي أنشأ من بين العديد من التدابير: “الوكالة الفرنسية للتنوع البيولوجي” والتي تم استبدالها فيما بعد لتصبح المكتب الفرنسي للتنوع البيولوجي، واعتمدت فرنسا أيضا خطة التنوع البيولوجي عام 2018 والتي تهدف إلى استعادة التنوع البيولوجي في المناطق وحماية واستعادة الطبيعة بجميع مكوناتها؛ وتطوير خارطة طريق أوروبية ودولية طموحة للتنوع البيولوجي وتكريس المعرفة و التثقيف والتكوين مع تحسين فعالية سياسات التنوع البيولوجي عبر بناء اقتصاد خال من التلوث وبتأثير ضئيل على التنوع البيولوجي.
في فرنسا اقترح مشروع قانون المراجعة الدستورية الاعتراف بقيمة التنوع البيولوجي من خلال ذكره على النحو التالي في مادته الأولى: “تعمل الجمهورية من أجل الحفاظ البيئة والتنوع البيولوجي وضد تغير المناخ”، على الرغم من هذا الإطار، لم يتم تحقيق حماية التنوع البيولوجي أو استرداده، حيث بالنسبة لهذه القضية، كما هو الحال بالنسبة لتغير المناخ والطاقة هناك فجوة كبيرة بين النتائج والأهداف والسياسات المنفذة على أرض الواقع.

سياسة استعادة التنوع البيولوجي الفرنسي

في مواجهة التسارع غير المسبوق في انقراض الأنواع البيولوجية والاستجابات غير الكافية، أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأوروبي منذ فترة طويلة، بمبدأ “تجنب وتقليل وتعويض» أو تكملة بمبدأ استعادة التنوع البيولوجي أو إعادة التأهيل، ويجب أن يشمل هذا المبدأ إعادة استخدام الأراضي القاحلة الصناعية والحضرية والتجارية، لتسهيل التقدم نحو هدف “الصفر الصافي للتصنيع”.
في الواقع، فإن مكافحة تصنيع التربة وضمان خصوبتها في نفس الوقت يسمح بالإنتاج الزراعي، والحفاظ على التنوع البيولوجي وتخزين كميات كبيرة من الكربون في ظل ظروف معينة للاستخدام في التربة، لذلك يوصي المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأوروبي بالحكامة الجيدة المنظمة للتنوع البيولوجي، من المستوى الوطني إلى المحلي حيث أوصى بتطوير وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية الجديدة للتنوع البيولوجي 2020-2030 ضمن إطار عمل مشترك بين الوزارات، وينبغي أن تتضمن على وجه الخصوص خطة محدثة “للطبيعة في المدينة” مع التمويل، وتعزيز التزامات الجهات الفاعلة؛ أما على المستوى المحلي فالأمر متروك للجهات والجماعات الترابية لضمان تماسك هذه السياسة، لذلك يجب دمج قضايا الطبيعة والاستمرارية البيئية في وثائق التخطيط و التهيئة العمرانية والمجالية الإقليمية، وخاصة في المخطط الإقليمي المستقبلي للتنمية المستدامة ومخطط المساواة الإقليمية.

توصيات المجلس الاقتصادي و الاجتماعي الأوروبي

يجب أن نتذكر أن 87٪ من التنوع البيولوجي الفرنسي يقع في أقاليم ما وراء البحار ويمثل 10٪ من التنوع البيولوجي على كوكب الأرض، من بين 20000 نوع مستوطن تم تسجيله، تم العثور على 4/5 في أقاليم ما وراء البحار، ويؤكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأوروبي على أن الجهود المبذولة لحماية الموارد الوراثية للتنوع البيولوجي فيما وراء البحار والبحث عنها وتعزيزها يجب أن تكون أولوية للتنمية الاقتصادية للأقاليم فيما وراء البحار، مع احترام التقاسم العادل للمنافع الناتجة عن بروتوكول ناغويا لعام 2010.
ويوصي المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأوروبي بتكثيف الجهود البحثية على الأقل بما يتماشى مع الأهداف الأوروبية التي تستهدفها استراتيجية لشبونة أي 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل جهد إضافي قدره 16 مليار يورو سنويا من القطاعين العام والخاص معا ويؤدي تغيير نموذج التطوير إلى تعديل أساليب الإنتاج والاستهلاك من خلال مراعاة التأثيرات البيئية خلال دورة حياة الخدمات والمنتجات، وهذا يتطلب تنظيم ودعم هيكلة واستثمارات القطاعات الصناعية الحالية والجديدة.
ويجب أن تدمج هذه السياسة النظم البيئية الصناعية التي تعتبر جميعها عوامل رئيسية للتحولات الناجحة عبر مشاريعها الإقليمية الجماعية، والتي تشمل الشركات من جميع الأحجام وفي جميع القطاعات، لذلك يوصي المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأوروبي بإنشاء برنامج متعدد السنوات لدعم الصناعة، يتم تقييمه ومراجعته على فترات منتظمة، مما يسمح برؤية طويلة المدى لتصميم السياسات العامة للقطاعات المسجلة في المناطق والاستجابة للتحديات البيئية.

تشجيع التحول إلى الاقتصاد الدائري بفرنسا

في الواقع، يتطلب تغير المناخ وتحول الطاقة تطوير عمليات ومنتجات جديدة ومبتكرة: الطاقات المتجددة، ومعدات النقل الفردية أو الجماعية، ومعدات العزل الحراري، إنها أيضا فرصة هائلة من حيث رفع جودة المنتجات وعامل مهم للاستقلال الصناعي من خلال تأمين إمدادات المواد الخام والطاقة بالإضافة إلى الاعتماد على الاقتصاد الدائري حيث يساهم هذا النوع من الاقتصاد في إحداث تغييرات في النماذج الاقتصادية من خلال تشجيع التحول من الاقتصاد الخطي إلى اقتصاد دائري، تم تشكيله بواسطة الاستهلاك المسؤول، التصميم البيئي، الاقتصاد الوظيفي، البيئة الصناعية والإقليمية وإعادة الاستخدام والإصلاح وإعادة التدوير والتوريد المستدام، كل هذه الخصائص لا يمكن فصلها عن بعضها، ويسمح التصميم الإيكولوجي بالإصلاح أو إعادة التدوير؛ وتسمح نفسها بالاستهلاك المسؤول؛ حيث سيكون لهذا تأثير على العرض.

الاستراتيجية الوطنية منخفضة الكربون بفرنسا

وتهدف الاستراتيجية الفرنسية منخفضة الكربون لخفض الانبعاثات إلى النصف تقريبا بحلول عام 2050 هدف يشكل تحديا حقيقيا للقطاع الزراعي، وينطوي خفضها على تغييرات كبيرة لكل من المنتجين والمستهلكين على حد سواء، ولكن أيضا على السياسات العامة.
في هذا السياق، يجب إيلاء اهتمام خاص للحد من الآثار السلبية لأنماط معينة من الإنتاج الزراعي ولتطوير خدمات النظام الإيكولوجي التي يمكن أن تقدمها الزراعة، وكذلك تقييم آثارها؛ عبر تشجيع ودعم الممارسات الزراعية البيئية والعضوية من خلال الآليات الوطنية والأوروبية، فيما يتعلق بوسائل الراحة التي توفرها وتعزيز الصفات الصحية لمنتجاتها. ويتعلق الأمر بتحديد أهداف كمية مع التزام النتائج والاستخدام الأفضل للوسائل المخصصة لدعم المزارعين نحو التحول الزراعي البيئي من أجل تحقيق هدف التخفيض 50٪ من مبيدات الآفات بحلول عام 2025 ووضع أهداف وسيطة حسب المحصول والمنطقة بالإضافة إلى ذلك، يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأوروبي أن يتم تمويل مدفوعات الخدمات البيئية التي توفرها هذه الممارسات من خلال الضرائب البيئية بناء على العوامل الخارجية السلبية لطرق الإنتاج الأكثر تلويثا، بالإضافة إلى الإيرادات من الضرائب البيئية المفروضة على المنتجات من جانبها، فإن عمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأوروبي يجعل من الممكن تقديم عدد معين من الحلول التي تعتبر هيكلية، بل ضرورية بدون أن تكون شاملة، ولا يمكن تصور المناهج التكاملية والتعاونية بدون بعد إنساني يجب أن يلعب دورا أساسيا والذي يمكن أن يتخذ عدة أشكال منها إشراك مجموعات المزارعين، سواء كانت مؤسساتية أم لا، أو اتحاد أصحاب المصلحة بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والمواطنين الذين يعتبرون هم أيضا مستهلكين ودافعي الضرائب.

أهداف التحول في المناخ والطاقة والتنوع البيولوجي

وتولد أهداف التحول في المناخ والطاقة والتنوع البيولوجي والتغيرات الرقمية والتحول الضروري للنماذج الاقتصادية عدة مخاوف لأنها تؤدي إلى تغيير عميق وقلب نموذج تنموي معروف، ففي الشؤون الاجتماعية في كل من القطاع العام والخاص تطورت الوظائف والمهن والمهارات دائما، لذلك كان على عالم العمل دائما أن يتكيف، بشكل مؤلم إلى حد ما، مع التغيرات التي يفرضها الاقتصاد أو التطورات التكنولوجية، وسيتم تنفيذ هذه التغييرات العميقة في غضون مواعيد نهائية محددة حسب كل قطاع، لذلك سيتعين على قطاع السيارات في غضون سنوات قليلة التحول من المحرك الحراري إلى النماذج الكهربائية أو الهيدروجينية، وسيتطلب هذا التطور، الذي سيتجاوز حدودنا، ترقبا حقيقيا من أجل إدارة تحول الوظائف والمهن والمهارات في ظل أفضل الظروف الممكنة، وسيتأثر عدد كبير من القطاعات وبدرجات متفاوتة (البناء، الطاقة، التنقل، الزراعة، جمع النفايات وإعادة التدوير)، وسيتم تقليص بعض المهن أو اختفائها، وسيتم إنشاء مهن جديدة، وسيتعين على البعض الآخر دمج مجموعات مهارات جديدة للتعامل مع القضايا المتعلقة بالبيئة أو التنوع البيولوجي أو يمكن تجديدها بشكل كبير من خلال دمج المعرفة من النظم البيئية، يجب توقع هذا التحول في الوظائف والمهن لمنع الانقسامات الاجتماعية والإقليمية من التدهور، لا سيما في مجالات التوظيف المتأثرة بالتراجع عن التصنيع أو بالتحولات المستقبلية المرتبطة بآثار الاحتباس الحراري، ويتطلب هذا التحول في نموذج الإنتاج نحو نمط التنمية المستدامة توقع وتلبية الحاجة إلى موظفين مؤهلين، من خلال إعطاء المجال الكامل للحق في الوصول إلى التكوين مع طموح رفع المؤهلات، المهارات وضمان تطوير المهن المستقبلية، وهذا سيتطلب جهدا غير مسبوق في التكوين الأولي والمستمر، وبالتالي، لن تكون هذه التحولات فرصة حقيقية للتوظيف إلا إذا تم إجراؤها بثبات وتصميم واتساق.
وسلط المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدة مرات الضوء بالفعل على الاهتمام والحاجة إلى توضيح سياسات الطاقة والتحول المناخي بشكل أفضل والحد من أوجه عدم المساواة، ولا سيما من خلال مع الأخذ في الاعتبار معيار العدالة المناخية، ففي وقت مبكر من عام 2016، أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي الاوروبي بدمج استراتيجيات مكافحة تغير المناخ وسياسات التكيف مع المناخ في سياسة مكافحة الفقر وتقييم سياسات وتدابير مكافحة تغير المناخ من حيث فوائدها لأفقر 20٪ وإعداد التحول البيئي ودعمه من خلال تدريب العمال وفقا لقطاعات النشاط؛ حيث يمكن أن يستفيد السكان الأكثر حرمانا من التدريب وخلق فرص العمل المرتبطة بتنفيذ التحول البيئي مع توقع مخاطر صحية وبيئية.

تقرير خبراء المناخ بشأن تأخر التزامات فرنسا اتجاه المناخ

دق فريق الخبراء المعني بتغير المناخ في أكتوبر 2018 ناقوس الخطر بشأن التأخير العالمي الكبير في مكافحة تغير المناخ وعواقبه الخطيرة، بالنسبة لفرنسا، أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي بشكل خاص، في رأيه حول موضوع “المناخ والطاقة” لعام 2019، على تأخير كبير في المسارات المخطط لها في عام 2015 لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم فقط في مجال نشر الطاقة المتجددة، كما أشار إلى زيادة في البصمة الكربونية الفرنسية.
تجدر الاشارة الى ان خطة المناخ التي أطلقتها الحكومة الفرنسية في شهر يوليوز 2017 تتألف من 23 محورا استراتيجيا، وللأسف لا تتم ترجمة هذه اأوهداف إلى حقائق وبالسرعة المطلوبة وبشكل ملموس وبدرجة كافية، أما بالنسبة لآخر خطة وطنية للتكيف مع تغير المناخ والتي تم إطلاقها في دجنبر 2018 فيتعين تحديد مؤشراتها من أجل أجرأة تنفيذها.

إجراءات الاتحاد الأوروبي لحماية التنوع البيولوجي

في عام 2011 تبنى الاتحاد الأوروبي استراتيجيته للتنوع البيولوجي، بما يتماشى مع التزامه بموجب اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي لوقف فقدان التنوع البيولوجي وخدمات النظام البيئي في الاتحاد الأوروبي والمساعدة في وقف فقدان التنوع البيولوجي العالمي بحلول عام 2020، فبالإضافة إلى الاستراتيجية، تستند جهود الاتحاد الأوروبي لوقف فقدان التنوع البيولوجي وخدمات النظام البيئي إلى تشريعات طموحة، وتساهم التشريعات التي تغطي قطاعات مثل التلوث والأنواع الغريبة الغازية وتغير المناخ في الحفاظ على التنوع البيولوجي من خلال معالجة دوافع فقدانه.
ويلعب الاتحاد الأوروبي أيضا دورا نشطا على المستوى الدولي، مما يساعد على ضمان الامتثال للالتزامات العالمية لحماية الطبيعة والتنوع البيولوجي بموجب اتفاقية التنوع البيولوجي واتفاقية التجارة الدولية في الأنواع من النباتات والحيوانات البرية المهددة بالانقراض.

استراتيجية الاتحاد الأوروبي للتنوع البيولوجي حتى
عام 2030

في شهر دجنبر 2019 دعا وزراء البيئة في الاتحاد الأوروبي المفوضية إلى وضع استراتيجية طموحة وواقعية ومتماسكة للتنوع البيولوجي للاتحاد الأوروبي لعام 2030 كعنصر مركزي في الصفقة الأوروبية الخضراء، وفي 20 ماي 2020، اعتمدت المفوضية اقتراحها بشأن استراتيجية التنوع البيولوجي للاتحاد الأوروبي لعام 2030، وتهدف الاستراتيجية إلى وضع التنوع البيولوجي في أوروبا على طريق الانتعاش بحلول عام 2030، مما سيفيد الناس والمناخ والكوكب، وتشمل الإجراءات الرئيسية التي سيتم تنفيذها بحلول عام 2030 إنشاء مناطق محمية على 30٪ على الأقل من اليابسة والبحر في أوروبا مع استعادة النظم البيئية المتدهورة في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030 من خلال سلسلة من الالتزامات والإجراءات الملموسة، بما في ذلك الحد من استخدام ومخاطر مبيدات الآفات بنسبة 50٪ بحلول عام 2030 وغرس 3 مليار شجرة مع تخصيص 20 مليار يورو سنويا للتنوع البيولوجي بفضل الأموال الأوروبية والتمويل الوطني والخاص وتبقى الاستراتيجية هي أيضا مساهمة الاتحاد الأوروبي المقترحة في إطار الأمم المتحدة العالمي للتنوع البيولوجي المقبل والذي سيتم مناقشته في مؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي في عام 2021.
وكان وزراء الزراعة في الاتحاد الأوروبي قد رحبو يوم 8 يونيو الماضي باستراتيجية المفوضية للتنوع البيولوجي من خلال تبادل وزراء الزراعة في الاتحاد الأوروبي وجهات النظر حول استراتيجية التنوع البيولوجي للاتحاد الأوروبي، التي نشرتها المفوضية الأوروبية في 20 مايو 2020.
كلمة الأمين العام لهيئة
الأمم المتحدة

استعرض الأمين العام أنطونيو غوتيريش قبيل افتتاح أشغال المداولات العامة رفيعة المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة تقريره السنوي عن عمل المنظمة الأممية مستهلا كلمته بالحديث عن الشكل غير المسبوق للاجتماعات هذا العام نتيجة جائحة كوفيد-19، و تطرق الأمين العام إلى الحديث عن ضرورة توجيه جهود التعافي نحو تهيئة مستقبل أفضل، اعتبارا من الآن، وقال: “إن الخطط الكفيلة بتحقيق ذلك موجودة بالفعل وهي ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وخطة عام 2030 للتنمية المستدامة واتفاق باريس للمناخ،
وطلب الأمين العام من جميع البلدان أن تنظر في اتخاذ عدة إجراءات مناخية إيجابية خلال سعيها إلى إنقاذ اقتصاداتها وإعادة بنائها وإعطاء انطلاقة جديدة لها أهمها جعل المجتمعات أكثر قدرة على الصمود وضمان مرحلة انتقالية تتسم بالعدل، بالإضافة إلى تهيئة فرص العمل الخضراء وتحقيق النمو المستدام مع جعل عمليات إنقاذ قطاعات الصناعة والطيران والملاحة مشروطة بمواءمة هذه الأنشطة مع أهداف اتفاق باريس، وضرورة وقف تقديم الإعانات المالية لقطاع الوقود الأحفوري مع وضع المخاطر المناخية في الحسبان في جميع عمليات صنع القرارات المالية والسياسية والعمل معا على ألا يترك أحد خلف الركب، وتبقى قمة التنوع البيولوجي التي ستحتضنها بعد غد مدينة نيويورك هي فرصة لإظهار القيادة والالتزام لتحسين علاقتنا مع الطبيعة، ومعالجة أسباب التغيير والتأكد من أن التنوع البيولوجي والمساهمات التي يقدمها للجميع تقع في قلب عالم التنمية المستدامة ومكافحة تغير المناخ.

التحالف العالمي “متحدون من أجل التنوع البيولوجي”

في اليوم العالمي للحياة البرية 2020، أطلقت المفوضية الأوروبية تحالفا عالميا جديدا للتنوع البيولوجي، من خلال هذه الحملة الإعلامية، تدعو اللجنة إلى تعبئة أقوى لزيادة الوعي بالحاجة إلى حماية التنوع البيولوجي، قبل الاجتماع الحاسم لمؤتمر الأطراف الخامس عشر لاتفاقية التنوع البيولوجي في عام 2021، حيث تبحث اللجنة في جميع المتنزهات الوطنية، وأحواض الأسماك، والحدائق النباتية، وحدائق الحيوانات، ومتاحف العلوم والتاريخ الطبيعي لإسماع صوتهم بشأن أزمة الطبيعة، وتعد هذه المؤسسات من خلال مجموعاتها وبرامجها التعليمية والمحافظة عليها أفضل سفراء لإعلام الجمهور بالآثار الدرامية لأزمة التنوع البيولوجي.
خلال مؤتمر الأطراف الخامس عشر المرتقب العام المقبل، من المتوقع أن يتبنى 196 طرفا في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي إطارا عالميا جديدا لحماية الطبيعة واستعادتها، وكما هو مطلوب وبقدر ما ركزت اتفاقية باريس على حالة الطوارئ المناخية، ستركز القمة الأممية المرتقبة بعد يوم غد الاربعاء على إعلان حالة الطوارئ بشأن التنوع البيولوجي.

بقلم: محمد بنعبو

رئيسي جمعية أصدقاء البيئة

Related posts

Top