إقصاء مبكر للوداد في أول مشاركة بمونديال الأندية

بقدر ما كان التفاؤل كبيرا، بقدر ما جاءت خيبة الأمل كبيرة وصعبة التصديق، ففريق الوداد البيضاوي حل بالإمارات وهو يحمل التاج الإفريقي، وهذا يعني أن صاحبه استحق إلى أبعد الحدود تتويجه، بعد أن خاض مراحل متعددة، وواجه كبريات الأندية على الصعيد القاري، وقطع مسافات طوال، ليتوج هذا المجهود الكبير بلقب ثمين، لا يناله إلا أصحاب الطموح الكبير والإرادة القوية والإعداد المتكامل.
أما نادي باتشوكا المكسيكي، فهو ممثل منطقة الكونكاكاف التي حتى وإن كانت تضم عددا لا يستهان من الفرق، فان البلدان الإحدى عشر المشكلة لها، لا تضم فرقا قوية، وعلى هذا نلاحظ سيطرة شبه مطلقة على هذه التظاهرة من طرف الأندية المكسيكية، وبتواجد شبه دائم بكأس العالم للأندية، عكس إفريقيا التي تضم أكثر من 50 دولة، مع تسجيل مشاركة بلدان لها باع طويل في هذه المسابقات.
هكذا هو قانون المسابقة، وتقسيم القارات التي تتحول من رقم خمسة، كما هو متعارف عليه جغرافيا، إلى ستة حسب تقسيم الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وعليه، فإن التنافس لا يضمن نوعا من التكافؤ، والدليل أن ممثلي الأوروبية وأمريكا الجنوبية، لا يلعبان سوى مباراتين فقط.
كان الوداد، وهو يخوض أول كاس عالمية في تاريخه، يمنى النفس بحضور لافت، على الأقل بالوصول إلى المربع الذهبي، ولم لا لعب النهائي أمام نادي ريال مدريد الإسباني، كما تمنى ذلك جمهوره الذي شكل خلال مواجهة باتشوكا نقطة مضيئة شدت انتباه كل متتبعي هذه البطولة.
أكثر من 12 ألف متفرج من جمهور الوداد، كانوا حاضرين بمدرجات ملعب مدينة زايد الرياضية، وأسمعوا صوت الوداد عاليا، كما رددوا النشيد الوطني، وتفاعلوا مع الأغاني المغربية التي تعمد المنظمون إطلاقها بين شوطي المباراة، وقبل اللجوء للشوطين الإضافيين، وكان من الممكن أن يتزايد العدد أكثر، لو انتصر الوداد خلال مباراته الأولى.
الجمهور المغربي الذي كان علامة متميزة خلال هذه البطولة تكون أساسا من الجالية المغربية المقيمة سواء بالإمارات أو باقي الدول العربية المجاورة، كما حضر أفراد من بعض الدول الأوروبية، هذا دون إغفال النسبة المهمة التي حضرت مباشرة من المغرب، وتميزت بطريقة تشجيع لفتت انتباه المنظمين، سواء من اللجنة المنظمة المحلية أو (الفيفا).
إلا أن مجموعة من السلبيات اجتمعت للأسف دفعة واحدة، لتحكم على الوداد بالإقصاء المبكر ومغادرة هذه المسابقة التي تسعى (الفيفا) إلى ضمان استمراره بنفس الإثارة المطلوبة، إلا أن عدم ترشح دول أخرى للتنظيم غير اليابان (8 مرات) والإمارات (3 مرات وستستضيف دورة 2018)، والمغرب (مرتان) والبرازيل (مرة واحد)، وكانت خلال النسخة الأولى سنة 2000، يقلل نسبيا من قيمة هذه البطولة.
أولى هذه السلبيات كانت وصول بعثة بطل إفريقيا المتأخر للإمارات (يوم الخميس 7 دجنبر 2017)، مع ما ترتب عن ذلك من تعب وعدم التأقلم مع ظروف الطقس التي تعرف عادة رطوبة عالية، بالإضافة إلى الفارق الزمني الذي يبلغ 4 ساعات، ومسالة التعود عليه، تتطلب وقتا أطول.
العامل السلبي الثاني هو عدم التوفر على العدد الكافي من اللاعبين الجاهزين للمشاركة، ما تسبب في انحصار اللائحة في 18 لاعبا جراء كثرة الأعطاب أو تراجع المردودية، وهذا ما كان له تأثير بالغ على أداء الفريق، خاصة بغياب الجناح الطائر محمد أوناجم الذي يعد العنصر الفعال في الخط الأمامي ومفتاح أغلب العمليات الهجومية للوداد.
ودائما مع إصابات اللاعبين، فالمدافع يوسف رابح يغيب منذ مدة عن صفوف الفريق، وجمال أيت بنيدر مصاب، ومحمد أولاد يعاني من ألم في الظهر، في حين لم يتعاف إسماعيل الحداد بشكل كامل، ومع ذلك تم الاعتماد عليه في الشوط الثاني، وظهر بأداء لا بأس به، وغيرها من الحالات التي قللت من مساحة الاختيار أمام المدرب الحسين عموتة.
من بين العوامل السلبية كذلك، ويمكن أن نعتبره الثالث من حيث التراتبية، هناك الطرد الذي تعرض له العميد إبراهيم النقاش في الدقيقة 69، مما حد من أداء الوداد وجعله يتراجع للوراء تاركا مساحات أوسع للفريق الخصم، كما أن الحصول على طرد في مسابقة ذات مستوى عالمي، يعتبر حالة غير مقبولة تماما، مع العلم أن صاحب الطرد هو”مول لعقل” إبراهيم النقاش، وكان عليه التقليل من الاندفاع الذي تعود عليه خلال المواجهات الإفريقية، إلا أنه على الصعيد الدولي، فالحكام أكثر صرامة، ولا يتساهلون أمام الأداء المبني على التدخلات القوية، والتي تصل إلى حد الخشونة المتعمدة.
ورغم كل هذا، فقد كان الوداد الأفضل في هذه المباراة، وتمكن من التحكم في الكرة وتهديد مرمى الخصم، إلا أن حالة الطرد كان لها تأثير كبير على ما تبقى من عمر الشوط الثاني والشوطين الإضافيين، ونحن نعرف عدم انفتاح عموتة على اللعب الهجومي حتى وهو يلعب بتشكيلة متكاملة، فبالأحرى بعشرة لاعبين وغيابات مؤثرة.
حكمت الوداد على نفسها بالإقصاء المبكر، على أمل تكرار التجربة مرة أخرى، وتكرار التجربة يعني الفوز مرة أخرى بعصبة الأبطال الإفريقية، والوصول إلى ذلك يتطلب ركوب المغامرة من جديد، بنفس متجدد وجهد مضاعف، وتوظيف إمكانيات جديدة واستخدام كفاءات أخرى من لاعبين وتقنيين ومسيرين وغيرها.
هذا هو المطلوب، فالتحول إلى رقم صعب داخل القارة الأفريقية وكسب الصفة الدولية، يتطلب استمرار الحضور بنفس المستوى ونفس التعبئة، فهل تتوفر على الوداد على نفس ثان يسمح لها بتكرار التجربة مرة ثانية وثالثة ورابعة، وجعل مسابقة عصبة الأبطال الإفريقية بطولة محببة بدل انتظار ربع قرن للظفر بها من جديد …

> مبعوث بيان اليوم إلى دبي: محمد الروحلي

Related posts

Top