إقصاء مر وجد قاس

انتهى على غير المتوقع مسار المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة بكأس أمم إفريقيا المقامة حاليا بالديار الموريتانية، بعد إقصاء قاس أمام نظيره التونسي، عن طريق الضربات الترجيحية، وانتهاء الوقت الأصلي والإضافي بصفر لمثله.
وعكس مباريات دور المجموعات، والتي قدمت خلالها العناصر الوطنية عروضا متميزة منحتها المرتبة الأولى عن جدارة استحقاق، بفوزين وتعادل ودون هزيمة، إلا أن الأمور في دور الربع، تغيرت رأسا على عقب، حيث ظهر عجز واضح في أغلب فترات المباراة، اللهم من فرصة أو فرصتين خلال اللحظات الأخيرة من الشوط الإضافي الثاني.
لم يقدم أصدقاء العميد تحيف ما يشفع لهم بتحقيق الفوز المنتظر، نعم فوز كان منتظرا بالنظر لفارق الإمكانيات بين المنتخبين، إلا أن الأداء المغربي غلبت عليه هذه المرة، الكثير من السلبية، والتحفظ المبالغ فيه، بل عجز كلي عن تجاوز النهج التكتيكي الذي رسمه بذكاء كبير ماهر الكنزاري.
فقد تبين أن مدرب المنتخب التونسي، قرأ جيدا مفاتيح اللعب التي يمتلكها المنتخب المغربي، كما إطلع جيدا على الملكات الفردية لكل العناصر، وفهم جيدا الكيفية التي يتم بها ترابط مختلف الخطوط داخل التشكيلة المغربية، وبناء عليه، اعتمد نهجا تكتيكيا لم يخرج عنه طيلة 120 دقيقة، فكان له ما أراد، حيث قاد مجريات المواجهة بالطريقة التي توقعها، إلى أن وصل لضربات الحظ، التي كان ينتظرها كحل من الحلول الممكنة.
كان التونسيون أكثر استعدادا لخوض الضربات الترجيحية، وفي الوقت المناسب تم تغيير الحارس الرسمي، بآخر يجيد صدها، وبالفعل تفوق هذا الاحتياطي في صد ضربتين حاسمتين، رجحتا كفة أصدقائه، ومنحتهم ورقة العبور لنصف النهاية.
تعمد الكنزاري السماح للاعبي المنتخب المغربي بالاستحواذ على الكرة، لكنه استحواذ سلبي وبنصف ملعبه، مع الحرص على ملء وسط الميدان، وربح النزالات الثنائية والكرات الهوائية، وعدم ترك المساحات أمام مهاجمي الفريق الخصم، وهذا ما غيب إلى حد كبير فعاليات العناصر الوطنية، التي ظلت عمليا تائهة وسط ورقعة الملعب، لا تعرف ما تقدم ولا تؤخر، ولم تظهر بنفس مستوى المقابلات السابقة.
تبين أيضا أن هناك فارقا كبيرا في الاستعداد البدني، لا من حيث البنيات الجسدية أو النفس الطويل، وتعمد التدخلات القوية، مما جعل أغلب اللاعبين المغاربة يتفادون ما أمكن، الاحتكاك المباشر مع لاعبي الفريق الخصم، وهذا عرض أيضا لاعبي المنتخب المغربي لنوع من النرفزة وفقدان التركيز، وعدم الحفاظ على الهدوء المطلوب في الكثير من الفترات، خاصة الحاسمة منها.
فاز التونسيون بالضربات الترجيحية، ولم يفوزوا خلال المباراة أو خلال الشوطين الإضافيين، وهذا منطقي لأنهم ببساطة لا يمتلكون الإمكانيات الكافية لهزم العناصر الوطنية، عن طريق بناء الهجمة المنظمة، أو الانفتاح على اللعب الهجومي، وتطبيق نهج تكتيكي يقود نحو اللعب الهجومي، فالكنزاري اعتمد على الإمكانيات المتوفرة لديه، وعلى أساسها بنى تكتيكه، الذي تمكن بواسطته هزم عبوب زكرياء، وهذه هي الحقيقة المرة، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نلصق سبب الهزيمة بالتحكيم.
إمكانيات مهمة وضعت رهن إشارة هذا المنتخب، لم تتوفر لكل المنتخبات داخل القارة الأفريقية بكاملها سواء كانوا كبارا أو صغارا، كما أن الرهانات كانت كبيرة والآمال عريضة، لكن جاءت النتيجة على غير الطموحات، لأن أخطاء ارتكبت، ولم يحسب لها أثناء الإعداد لهذه المباراة، أمام منتخب تونسي فاز تكتيكيا وبدنيا، ولم يتفوق تقنيا.
وبعد أن وقع ما وقع، لابد من مواصلة تقديم الرعاية الخاصة لهذه العناصر، لأنها تملك إمكانيات فردية مهمة، تعد مستقبلا بالكثير من العطاءات، ولا أعتقد أن هذا التصور يغيب عن إدارة جامعة كرة القدم، التي تتوفر على استراتيجية بعيدة المدى، لا يمكن أن توقفها أبدا نتائج سلبية تبقى عابرة، رغم مرارتها أو قسوتها.

>محمد الروحلي

الوسوم , , ,

Related posts

Top