إلى متى غياب دفتر تحملات؟

أصدرت “لجنة مراقبة الأندية” بالاتحاد الفرنسي لكرة القدم، الأسبوع الماضي قرارا  رسميا، يقضي بـ”نزول” نادي بوردو، إلى دوري الدرجة الثانية.

جاء هذا القرار على خلفية إعلان النادي الفرنسي العريق منذ عدة أشهر، وصوله إلى حافة الإفلاس المالي، وعدم التمكن من تلبية كل المتطلبات المالية، والسبب كما هو معروف تداعيات تفشي فيروس “كورونا”، وهو ما دفع الجهات المسؤولة لتخصيص جلسات لمناقشة الوضع، ليتقرر هبوط الفريق للعب بالدرجة الثانية.

كان من حق هذا النادي الشهير، والذي يمثل مدينة كبيرة بفرنسا استئناف القرار، على أمل توفير مبلغ مالي يمكنه من تجاوز الخصاص، وتفادي قرار الهبوط، والحفاظ على مكانه  في “الليغ 1” في الموسم الكروي القادم.

وبالفعل تم التراجع خلال آجال معقولة، عن قرار إنزال بوردو للدرجة الثانية، بعدما تم تقديم مشروع لإنقاذ النادي من الهبوط، أمام لجنة الاستئناف، حيث تم على عجل توفير الضمانات التي طلبتها المديرية. وهو مشروع رياضي واقتصادي، مكنه من استعادة التوازن المالي، وهو شرط ضروري لا يمكن التسامح بشأنه قصد إنقاذ النادي.

وجاء نجاح إدارة النادي السابق للدولي المغربي مروان الشماخ والذي تألق معه بشكل لافت، في إقناع منتخبي منطقة “بوردو ميتروبول” المالكة لملعب “ماتموت أتلانتيك”، بعد الموافقة على الضمانات التي قدمها رجل أعمال إسباني، تقضي بدفع إيجار الملعب، وموافقة شركته “جوغو بونيتو” على تعويض مؤسسة كينغ ستريت مقابل دفعة سنوية تبلغ 9,4 ملايين يورو.

هذه تفاصيل الواقعة التي كرست حقيقة واحدة، ألا وهي احترام تام للقانون، لا تباك ولا مظلومية ولا ادعاءات فارغة، ولا شعبوية زائدة ولا محاولة لتهييج الجمهور والمحبين، رغم أن الخصاص المالي الذي سقط به بوردو، جاء لأسباب وظروف قاهرة، لم يتمكن النادي من تجاوزها، ورغم ذلك تم تطبيق القانون دون زيادة ولا نقصان.

والحرص على شرح بعض تفاصيل ما حدث لبوردو أحد الأندية المرجعية ليس فقط بالدوري الفرنسي، ولكن على الصعيد الأوروبي أيضا، يحلينا على ما يقع بالبطولة المغربية، حيث لازال التردد أو التلكؤ هو سيد الموقف.

صحيح أن هناك مجهودا من طرف لجنة مراقبة مالية تابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، مما جعل أندية تشعر أن هناك قانونا يجب احترامه، لكن لا زلنا بعيدين كل البعد عن الوصول إلى المستوى المطبق حاليا بالدوريات الأوروبية ولو في حدوده الدنيا.

ولا يعتبر الشق المتعلق بمراقبة التوازن المالي هو الجانب الوحيد المفروض الحرص على تطبيقه، فهناك أندية تحقق الصعود للدرجة الأولى، غير معنية تماما بتلبية شروط دفتر تحملات، وهذا جانب لا زال للأسف مغيبا داخل المنظومة الكروية بالمغرب، والدليل أننا نتابع تمكن فرق من الصعود للقسم الأول مثلا، لا تتوفر على مقومات وشروط أساسية، لا من حيث التوازنات المالية، ولا التوفر على ملاعب لاستقبال المباريات، بل هناك من الفرق من تفتقد حتى إلى ملاعب لإجراء التداريب.

والشرط الوحيد المطبق حاليا داخل جامعة كرة القدم هو الاستحقاق التقني، فيكفي احتلال المركزين الأول والثاني،  ليعلن عن الصعود، أي أن الاستحقاق التقني، هو الشرط الوحيد المعتمد حتى الآن، وهذا ما يضعنا أحيانا أمام حالات من عدم التوازن داخل المنافسة ككل، حيث نجد فرقا مثلا خلال مواسم سابقة، قد فقدت مبكرا كل الحظوظ في البقاء، مما أثر على مبدأ التنافس الرياضي المتكافئ والمتوازن.

والمفروض أن تحرص الجامعة على وضع دفتر تحملات ببنود صارمة ومحددة تحترم من طرف جميع الفرق، دون استثناءات أو تدخلات أو ضغوطات من طرف أية جهة من الجهات، وهذا شرط أساسي الوصول إلى منظومة كروية تؤمن بمبدأ أساسي ووحيد، ألا وهو احترام القانون.

محمد الروحلي

الوسوم
Top