إنجازات خالدة في تاريخ الرياضة الوطنية

من المؤكد أن ذاكرة الرياضة المغربية، لا تخلو من لحظات كثيرة ونادرة لا ولن تسنى من عقول المغاربة على اختلاف الأعمار وتعاقب الأجيال، بفضل ما حققه رياضيون ورياضيات بمحافل رياضية كبرى في مختلف الألعاب سواء كانت جماعية أو فردية، لكن -مع الأسف- فالكثير من الأجيال اللاحقة والمتأخرة عن تلك اللحظات تجهلها تماما ..
في كرة القدم ثم ألعاب القوى والملاكمة وكرة المضرب، وهي رياضات من الدرجة الأولى سجلت فيها المغرب حضورا بارزا، أكثر من مرة، على المستوى الدولي في الزمن الجميل، إضافة إلى بعض الومضات المتفرقة لألعاب أخرى، سطعت أسماء لأبطال وبطلات حققوا إنجازات وفازت بألقاب وبطولات وحطمت أرقام قياسية، أعلت بها راية الوطن خفاقة وسط أعلام دول العالم  ..
في الوقت الراهن، وأمام التراجع المخيف للرياضة المغربية التي باتت عاجزة في العقد الأخير عن التموقع مع الأقوياء ولو على المستوى القاري، نستعرض حلقات لأبرز اللحظات التي صنعها أبطالنا وعاشها الجمهور المغربي، وهو يتابع مباراة أو نزالا أو لقاء أو سباقا لمغربي أو مغربية في رياضة من الرياضات ببطولة عالمية أو ألعاب أولمبية..
هي مناسبة إذن لإحياء هذه اللحظات التاريخية والخالدة في سماء الرياضة المغربية، وعرضها بالنسبة لأجيال تجهل ساعات الفرح والحزن تجهل كيف قارع أبطال مغاربة كبار الساحرة المستديرة وأم الألعاب والفن النبيل والكرة السمراء، وتفوقوا عليهم في بعض الأحيان..
    «بيان اليوم» اختارت هذه السنة، بمناسبة شهر رمضان الأبرك، استعراض حلقات من الماضي القريب والبعيد للحظات لاعب كرة قدم سجل هدفا ثمينا قادر فريقه إلى انتصار أو تأهل تاريخي أو عداء أحرز ميدالية ذهبية أو حطم رقما قياسيا، أو لاعب تنس وقف ندا لعملاق مع عمالقة اللعبة، أو ملاكم صال وجال بالحلبات.

إبراهيم “طاطوم”..رفض اللعب ببطولة يديرها الاستعمار الفرنسي

من ذكرياته سماع طلقات نارية أثناء إحدى مباريات باستيا..

المرحوم إبراهيم زهار من مواليد 25 مارس 1935 بمدينة الدار البيضاء أبرز مبكرا مواهبه، حيث انضم سنة 1949 إلى نادي الإتحاد الرياضي (اليوسا) بمدينة الدار البيضاء، وتدرج في كل فئاته وتزامن وصوله إلى الفريق الأول مع حدث نفي المغفور له جلالة الملك محمد الخامس، وهي المناسبة التي رفض معها المغاربة اللعب في بطولة يديرها الإستعمار الفرنسي.
وبعد الإستقلال انضم طاطوم في أول تجربة إحترافية له لنادي راسينغ باريس بتوصية من صديقه عبد الرحمان بلمحجوب، الذي كان وقتها لامعا في صفوف منتخب فرنسا ومشتهرا بحمله لقب “أمير حديقة الأمراء”، وكانت المناسبة ليلعب إبراهيم طاطوم إلى جانب بلمحجوب في دوري دولي بفرنسا شاركت فيه أندية عملاقة كسانطوس بأسطورته بيلي، ريال مدريد وأس ميلان الإيطالي، ومن الطرائف أن طاطوم خلال مباراة فريقه راسينغ باريس أمام أس ميلان أصيب في وجهه من طرف الإيطالي الشهير سيزاري مالديني، ولما اقترب منه بلمحجوب ليستفسره عن قوة الإصابة قال له “هل سجلنا الهدف؟”، فأجابه بلمحجوب بالإيجاب فكان أن قال طاطوم “يمكنني الآن أن أموت، ليس هناك من خطر عليك”.
سنة 1961 إنتقل إبراهيم طاطوم إلى نادي بوردو الفرنسي بصفقة مالية بلغت 18 مليون فرنك فرنسي، حصل منها طاطوم على 8 مليون فرنك وعلى راتب شهري قدر بحوالي 3000 درهم مغربي، إضافة إلى منح المباريات.
وخلال نفس سنة انضمامه لنادي بوردو تمكن طاطوم من تسجيل 16 هدفا، وقال عن تلك الفترة من تاريخه الرائع: “كنت سعيدا بما وصلت إليه من نضج ومن إبراز للقوة فقد كانت أكبر نقط قوتي هي الضربات الرأسية، لقد كنت قاتلا في هذا المجال”، ويذكر طاطوم أنه لعب في تلك الفترة إلى جانب أسماء كبيرة ستشتهر في فرنسا مثل إيمي جاكي، الذي قاد كمدرب منتخب فرنسا إلى الفوز بلقب كأس العالم سنة 1998 وروجي لومير، الذي تولى تدريب منتخب فرنسا وقاده للفوز بلقب كأس أوروبا سنة 2000، كما درب المنتخب المغربي بعد ذلك ودجوركاييف الأب.
وبعد سنوات رائعة مع نادي بوردو إنتقل طاطوم رفقة كومندو من اللاعبين إلى نادي باستيا ليؤمن صعوده إلى القسم الوطني الأول، وعن تلك الفترة يقول: “الصحف الفرنسية قالت لحظة وصولنا، الكورسيكيون لا يمزحون، إنهم قادمون، خلال المباريات كنا نسمع داخل الملعب طلقات نارية ومع ذلك تحدينا كل شيء”.
وإلى جانب هذا الحضور الرائع لـ (طاطوم) في فرنسا، إلا أن أكثر اللحظات يعزها الرجل هي حمله للقميص الوطني، إذ يذكر جيدا المباراة التاريخية التي خاضها برفقة المنتخب الوطني سنة 1961 خلال آخر دور إقصائي مؤهل لنهائيات كأس العالم 1962، وكان المنتخب الإسباني وقتها يضم بين صفوفه نجوما كبارا مثل بوسكاش، دي ستيفانو، خينطو وديل صول وغيرهم، وكان بمقدور الفريق الوطني تحقيق المعجزة والوصول لأول مرة إلى نهائي كأس العالم لولا أن الحظ خانه في كثير من المناسبات.
والمرحوم إبراهيم طاطوم يحمل لقبه من أحد كبار نجوم نادي هارليم لكرة السلة الأمريكي، وقد أعطاه إياه الإعلامي الفرنسي دانييل بيلار الذي كان يشتغل وقتها في صحيفة “لوبوتي ماروكان” التي كانت تصدر بالمغرب.

 إعداد : القسم الرياضي

Related posts

Top