إنجاز علمي كبير لبلادنا…

حقق المغرب منجزا علميا كبيرا من خلال إطلاق أول قمر اصطناعي للمراقبة انطلاقا من قاعدة كورو التابعة لمنطقة غويانا الفرنسية، وذلك لتقوية قدراته العسكرية والأمنية والاستخباراتية والرصدية والاستطلاعية، كما ينتظر تدعيم ذلك في السنة القادمة بإطلاق قمر اصطناعي ثان شبيه للأول.
المختصون والعارفون بتكنولوجيا الفضاء نوهوا بالخطوة المغربية الكبيرة، واعتبروا أن المملكة، بذلك، ولجت مرحلة وزمنا مختلفين عما سبقهما، وأن هذه التكنولوجيا المتطورة من شأنها مضاعفة قدرات بلادنا في محاربة الاٍرهاب، وفي مراقبة حدودها البرية والبحرية، وأيضا في مكافحة الهجرة السرية وتهريب البشر والمخدرات، وتمتين جهودها لحماية أمنها وسيادتها الترابية…، فضلا على أن امتلاك مثل هذه التقنيات الرصدية المتطورة سيساعد في تطوير قطاعات تنموية واقتصادية أخرى ذات قيمة مضافة.
وبقدر ما أن هذا الإنجاز العلمي الكبير الذي تحقق لبلادنا اليوم يستحق الاعتزاز والتقدير، فإن قيمته لا تكمن فقط في تصنيع القمر الاصطناعي وإطلاقه، ولكن أساسا في القدرة على تدبيره فيما بعد واستثمار ما سيوفره من صور ومعطيات وبيانات، وهذا يفرض، بالخصوص، توفير البنيات التحتية والقاعدة الأرضيّة اللازمة، والخبرات والكفاءات، وأيضا صياغة المشاريع والبرامج والسياسات التي بإمكانها الاستفادة من الكم الهائل من المعلومات التي توفرها مثل هذه التكنولوجيا الحديثة والدقيقة.
إن أهمية وقيمة الأقمار الاصطناعية تتجسد في المعلومات والصور التي تستطيع أن توفرها للدول، وهذه المعلومات، بالذات، صارت أساسية في تشكيل مقومات قوة أي بلد في عالم اليوم، وحولها تقام حروب حقيقية، وهي القادرة على تأمين المصالح الاستراتيجية للبلدان، وحماية التوازن الضروري بينها.
وحتى ندرك قيمة وأهمية القمر الاصطناعي المغربي، يجب أن ننتبه إلى ما خلفه إطلاقه أول أمس من ردود فعل في إسبانيا والجزائر بالخصوص، ذلك أنه مباشرة تحركت المؤسسات الأمنية والاستخباراتية والعسكرية هناك، وشرعت في الكشف عن مشاعر عدائها لبلادنا، وبدأت تخطط لسبل مواجهة هذا التفوق المغربي، والبحث عن شكل الرد.
لا يمكن تفسير هذا إلا بكون العداء الباتولوجي لبلادنا متفشيا ومتفاقما لدى جارنا الشرقي، وبأن جارتنا الشمالية، بدورها، لم تتخلص من اعتبار المملكة عدوا دائما لها، يهدد كيانها ومصالحها، ومن هنا نفهم معنى تسابق الدول وحروبها من أجل المعلومة وامتلاكها.
المغرب يستثمر في تكنولوجيا الفضاء لتطوير مساره التنموي الداخلي، ولكن أيضا لحماية حدوده وسيادته وأمنه، كما أن نجاحه في تحقيق ذلك سيفيد بلدانا أخرى، على غرار إسبانيا نفسها وباقي أوروبا، من حيث محاربة الاٍرهاب وتجارة البشر وتهريب المخدرات والهجرة السرية، ومن ثم، يعتبر تحقيق التوازن الإستراتيجي في المنطقة، وتمتين استقرار وأمن المملكة، من ضمن المصالح الأساسية والحقيقية لإسبانيا أيضا، ويجب أن تدعم ذلك، بدل أن تنغلق داخل عقلية هيمنية عتيقة ومتكلسة، أو أن تسعى لتنافس النظام العسكري الجزائري في العداء المرضي لكل ما يقوم به المغرب.
أما بلادنا فهي تفتخر بما تحقق لها من إنجاز علمي كبير، وهي مصرة على الاستمرار في تطوير مساراتها التنموية والديمقراطية، وتعزيز قدراتها الأمنية والعسكرية، ومكانتها الإستراتيجية، وأيضا انخراطها الجاد والقوي في كل ما من شأنه تحقيق الأمن والسلم والتقدم في المنطقة وفي العالم.

محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top