إنجاز يحتاج إلى تعزيز

اعتبر وصول أربعة فرق مغربية لنصف نهاية المنافسات الإفريقية لكرة الخاصة بالأندية، إنجازا غير مسبوق في تاريخ المسابقتين، إذ لأول تضمن دولة وصول هذا العدد من الفرق لهذا الدور المتقدم ماذا يعني هذا الإنجاز؟ وكيف يمكن تعزيزه؟ وكيف يمكن ضمان الاستمرارية؟
مجموعة أسئلة تتزامن مع هذا الحضور اللافت للأندية المغربية على الصعيد القاري، والذي بدأ يزعج مجموعة من الأطراف التي ألفت احتكار السيطرة لسنوات طوال، مع ما رافق هذا الاحتكار من طرق وأساليب غير نزيهة تماما، والأمثلة كثيرة على ذلك، ولعل آخرها موقعة رادس الشهيرة.
في البداية لابد من التأكيد على أن تألق الأندية المغربية لم يأت من فراغ، بقدر ما هو راجع إلى مجهود مالي وتقني وإداري وتراكم تجربة مكنت من ضمان مسار متوازن وبدون خطأ، مجهود ساهمت فيه بطبيعة الحال، الجامعة التي أصبحت ترى في هذا الحضور، تعزيزا لصورة المغرب العائد بقوة على الساحة الإفريقية بمستويات ومجالات مختلفة.
لكن وللإنصاف، فهناك مجهود أيضا من طرف الأندية نفسها، والتي لم تعد ترى في مثل المسابقات مجرد ضياع للوقت كما كان في السابق، وهذا راجع لتطور الوعي بأهمية تقوية الحضور القوي قاريا، باعتباره النافذة التي نطل من خلالها على العالم.
كما أن التحسن الذي أصبحت تعرفه ظروف المسابقات من حيث النقل التلفزي وتحسن الملاعب، وتواجد أماكن الإقامة بشكل أفضل، وارتفاع المردود المالي، كلها عوامل بدأت تشجع هي الأخرى على الاستمرار في المغامرة، وكسب المناعة الضرورية في مواجهة كل التحديات.
من هنا، فإن الحفاظ على نفس الحضور وتعزيزه أصبح ضرورة ملحة، وإلا سيصبح مجرد فترة عابرة، لن تطبع تاريخ هذه المسابقات ولن تعزز رصيد الأندية المغربية التي لازالت بعيدة عن الإنجازات التي حققتها الأندية التقليدية على الصعيد القاري.
ضمان استمرار الحضور بفعالية يتطلب مجموعة من الأسس التي لا غنى عنها، أولها استمرار الدعم من طرف الجامعة وتقويته، مع الحرص على مساهمة أطراف أخرى خاصة الحكومية منها، بالإضافة إلى البحث عن موارد مالية إضافية، حتى تتمكن ميزانية الأندية من المنافسة على جلب أبرز اللاعبين، والحفاظ على العناصر الأساسية التي تتوفر عليها، وذلك بتحسين قيمة المنح والرواتب، على غرار ما هو معمول به بأندية تونس ومصر وجنوب إفريقيا والكونغو.
كما أن الأندية المغربية مطالبة هي الأخرى ببذل مجهود إضافي من حيث تطوير أساليب التسويق والتدبير، وتقوية الهيكلة الإدارية والتقنية والطبية، وضمان الحكامة في التسيير وإضفاء المزيد من الشفافية على تدبيرها المالي، والرفع من نسبة النزاهة في عقد جموعها العامة، والانفتاح على الكفاءات والخبرات، والإيمان بكون مسألة خلق شركات مساهمة خيارا استراتيجيا يخدم الحاضر والمستقبل.
كل هذه الأسس وغيرها تعتبر مسألة حيوية لا غنى إذا كان الهدف الأساسي هو ضمان استمرار حضور قوي وفعال على الصعيد القاري، وبدونه فسرعان ما تتم العودة إلى الأشكال التي كانت عليها الأمور في السابق، ألا وهى حضور متقطع ومشاركات غالبا ما تنتهي بالأدوار الأولى.

محمد الروحلي

Related posts

Top