إنصاف بلد

وأخيرا، قرر مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم يوم الأحد الماضي، خلال اجتماعه في العاصمة الروسية موسكو، الموافقة رسميا على مرور ملفي المغرب والثلاثي الأمريكي، إلى المرحلة الأخيرة، وهي مرحلة التصويت، التي ستقام يوم غد الأربعاء، والتي انتظرها الجانب المغربي طويلا، وعمل للوصول إليها منذ مؤتمر بوغوتا الذي تقرر فيها أحداث لجنة “تاسك فورس” ذات الوظيفة التقييمية أو الإقصائية حتى.
بلاغ الاتحاد الدولي الصادر بعد اجتماعه، أكد بأن “ملف كل من المغرب والثلاثي الأمريكي، تقرر مرورهما لمرحلة التصويت التي ستقام غدا الأربعاء في روسيا”، ما يعني أن البلد الذي سيستضيف هذا الحدث، سيتم تحديده من طرف الاتحادات الـ207 التي ستشارك في عملية التصويت.
فقد ناضل المغرب طويلا من أجل الوصول إلى هذه المرحلة الأخيرة والحاسمة، كما دافع عن كامل حظوظه بكل الطرق المشروعة بما فيها وسائل الاحتجاج المتاحة، والتي انتقد فيها من خلال رسائل مباشرة لرئيس الجامعة فوزي لقجع موجهة إلى (الفيفا)، مسألة استحداث لجنة تقييم تتجاوز مهامها الاستطلاعية، لتصل إلى حدود إقصاء ملف الترشيح، وهذا في نظر الجانب المغربي استهداف مباشر لملف “موروكو 2026”.
وسائل الضغط والتعاطف الدولي مع الملف المغربي أربكت حقيقة حسابات جهاز الاتحاد الدولي، وجعلته في موقف دفاع عن النفس، خاصة بعد التشكيك في مصداقيته واتهامه صراحة بالانحياز للملف الثلاثي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وتلعب فيه دور “الكامبراس” كل من كندا والمكسيك.
وعندما قاد المغرب حملة التشكيك والاحتجاج، فإنه كان على حق، على اعتبار أن مجموعة من المعطيات الملموسة وقرارات (الفيفا) طيلة سنة كاملة، كانت تؤشر إلى وجود دعم ضمني للملف الثلاثي، ذهب إلى حد محاصرة الملف المغربي، بينما لوحظ تعامل بكثير من الأريحية مع الطرف المنافس، وهذا ما كان محل انتقاد صريح حتى من طرف الكثير من الأوساط الدولية.
والآن، وبعد الوصول إلى مرحلة التصويت أمام الجمعية العمومية التي تضم 211 دولة، وصلنا إلى مرحلة الحسم التي تتطلب الرفع من الإيقاع واختبار السرعة النهائية للحصول على العدد الكافي من الأصوات التي بإمكانها كسب رهان تنظيم المونديال الذي راهن عليه المغرب طويلا.
مرحلة ليست سهلة، ولا في المتناول، والمغرب الذي أدى دوره كاملة من حيث حشد المساندة وتكثيف الاتصالات واللقاءات المباشرة وطلب الدعم، جالت وفوده القارات الخمس وقامت تمثيلياته الدبلوماسية عبر العالم بالدور المطلوب منها، عين سفراء من مختلف الجنسيات للملف، واستغل السمعة الطيبة لبعض نجومه السابقين، اختبر علاقاته وصداقاته المتعددة على أكثر من صعيد، دخل في مفاوضات المصالحة المشتركة مع دول نفاذة خاصة الأوروبية منها، راهن على المستقبل بكثير من الإصرار والعزم والتحدي، ليطالب في الأخير من العالم الحر والبعيد عن التبعية العمياء بالإنصاف.
إنصاف بلد تعرض في هذا الملف بالذات، للكثير من الظلم والإجحاف، والآن جاء الموعد مع التاريخ، وما على عالم كرة القدم إلا انصاف دولة تسعى للتنمية والتطور من خلال احتضان تظاهرة كونية راهنت عليها طويلا …

محمد الروحلي

الوسوم
Top