اتفاقية “رامسار” تصنف مدينة إفران ” مدينة الأراضي الرطبة “

إفران المدينة المغربية التي تتربع  في أعلى جبال الأطلس المتوسط على ارتفاع 1650 متر فوق سطح البحر، المنتشية بعبق أشجار الأرز والصنوبر البحري والبلوط الأخضر، الممتدة  على غابة  تصل 116  ألف هكتار، تحصل ، مؤخرا ، على علامة “مدينة الأراضي الرطبة” من قبل إتفاقية “رامسار” ، إصدار سنة 2022.

بحيرات ومنابع طبيعية  و فضاءات غابوية  متنوعة و شلالات مائية بهية  ،أهلت المدينة

كي تنتزع هذا الاعتراف العالمي الذي سيتم تسجيله رسميا خلال الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر الأطراف المتعاقدة في اتفاقية “رامسار” بشأن الأراضي الرطبة (COP14) الذي سينعقد من 5 إلى 13 نوفمبر 2022.

 وستمكن هذه العلامة مدينة إفران من تعزيز تدبير المحافظة على أراضيها الرطبة. وستوفر بشكل مستدام مزايا اجتماعية واقتصادية لفائدة الساكنة المحلية . وسوف تطور وتعزز علاقة إيجابية مع هذه النظم البيئية الثمينة ، خصوصا من خلال   المشاركة والتوعية لدى لجمهور ، فضلا عن دراسة متأنية للأراضي الرطبة في التخطيط وصنع القرار على المستوى الحضري.

تصنيف مدينة إفران “مدينة الأراضي الرطبة” جاء نتيجة التزام المدينة  بحماية أراضيها الرطبة الحضرية من أجل الساكنة والطبيعة، وبفعل تضافر جهود  مختلف الاطراف بين عمالة إفران والجماعة الترابية لمدينة إفران والوكالة الوطنية للمياه والغابات والصندوق العالمي للطبيعة و منظمة  Living Planet Morocco .

وسبق أن  أعلن الكاتب العام لعمالة مدينة إفران رسميا عن ترشيح المدينة للحصول على علامة “مدينة المناطق الرطبة المعتمدة من قبل اتفاقية ” رامسار” ودعمها من أجل إعداد ملف الترشيح  من قبل الصندوق العالمي للطبيعة (WWF) و منظمة “كوكب حي المغرب” (Living Planet Morocco) وذلك بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للأراضي الرطبة في سنة 2020 .

يشار أنه بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للأراضي الرطبة في 2 فبراير 2022 ، واستعدادا لهذا الاعتماد ، نظمت مدينة إفران بالشراكة مع الصندوق العالمي للطبيعة (WWF) ومنظمة Living Planet Morocco، حملة توعية لحماية النظم البيئية الطبيعية و المائية والتنوع البيولوجي تحت شعار ” إفران تحب الطبيعة”.

ويذكر أنه مع اعتماد 25 مدينة جديدة مرشحة ، سيشمل النادي المصغر “مدن الأراضي الرطبة” ما مجموعه 43 منطقة واقعة في 17 دولة. إفران هي أول مدينة مغربية تحصل على هذا التميز.

على بعد مسافة ساعة من  جنوب غرب العاصمة العلمية  مدبنة فاس المغربية  ، نحو 90 كلم ، تتواجد هذه المدينة  الغناء الزاهية. تنفرد عن سائر المدن المغربية  بالبرد القارس والثلوج التي تغطي سفوح جبالها في الخريف والشتاء و كذا جودة مناخها المعتدل في الصيف والربيع .

تحكي الرواية الشفوية أن مدينة إفران كانت تدعى  قديما “أورتي” أي” الحديقة ” بالامازيغية  لتأخد تسميتها الحالية في سنة 1928،  والتي تعني  “الكهف” بالأمازيغية.

تختال مدينة إفران الجبلية  وسط فضاءات طبيعة خلابة. تشكل أبرز المدارات السياحية الايكولوجية المغربية .  تشهد اكتظاظا على طول السنة  خصوصا فصلي  الشتاء والخريف وذلك  لمزاولة رياضة التزلج على الجليد في محطة “ميشليفن” الشهيرة  ومنحدرات جبل هبري ذائع الصيت و الذي تضم أجمل  المنتجعات سياحية بالمغربية ..

مؤهلات منطقة إفران الطبيعية متنوعة ،تشكل أكبر اتساع غابوي  . يعد معدل غطائها الغابوي من بين أكبر المعدلات على الصعيد الوطني بنسبة 33 % أي ما يعادل 116000هكتار  فضلا عن كونها  تضم ربع المساحة العالمية لأرز الأطلس وثلث المساحة الوطنية من هذا الصنف.

ويرجع الفضل لانضمام مدينة لإفران إلى نادي ” مدينة الأراضي الرطبة ”   إلى جهود  الصندوق العالمي للطبيعة  بالمغرب ومختلف الشركاء .

تأسست هذه المنظمة الغير الحكومية   في سنة 1961 من قبل مجموعة من الأفراد المتحمسين والملتزمين الذين سعوا لتأمين التمويل اللازم لحماية الفضاءات الطبيعية والأنواع المهددة بالتنمية البشرية. وجاءت فكرة التأسيس تبعا لسلسلة من المقالات في إحدى الصحف البريطانية كتبها السيد “جوليان هكسلي” (Julian Huxley) حول تدمير المواطن والحياة البرية في شرق إفريقيا. وأشار رجل الأعمال “فيكتور ستولان” إلى الحاجة الملحة لمنظمة دولية لجمع الأموال من أجل المحافظة والحماية. تمت مشاركة الفكرة بعد ذلك مع  “ماكس نيكلسون” ( Max Nicholson) المدير العام  لـلوكالة الحكومية البريطانية لحفظ الطبيعة ، الذي قبل التحدي بحماس.

كان الدافع وراء “نيكولسون” (Nicholson) جزئيا وهو الصعوبات المالية التي تواجه الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN) ، وشعر أن مبادرة جديدة لجمع التبرعات قد تساعد الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN) ومجموعات المحافظة الأخرى في تنفيذ مهمتها. وقام بصياغة خطة في أبريل 1961 كانت بمثابة أساس لتأسيس الصندوق العالمي للطبيعة (WWF)  ، والتي تمت الموافقة عليها بعد ذلك من قبل المجلس التنفيذي للإتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN)  في وثيقة تعرف باسم بيان  “مورجيس ” (THE MORGES MANIFESTO) .

قام “نيكلسون” وما يقرب من عشرين شخصا آخر ، بما في ذلك السيد “بيتر سكوت” (Peter Scott)  ، عضو المجلس التنفيذي للإتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN)  الذي وقع على البيان وأصبح فيما بعد النائب الأول لرئيس الصندوق العالمي للطبيعة (WWF)  ، بصياغة تفاصيل المنظمة الجديدة في سلسلة من الاجتماعات على مدى الأشهر التالية . وشمل ذلك اختيار اسم الصندوق العالمي للحياة البرية واعتماد شعار الباندا (PANDA)المشهور الآن.

كما تم إنشاء أول ثلاث “نداءات وطنية” (تسمى الآن المنظمات الوطنية) في عام 1961 في المملكة المتحدة وسويسرا والولايات المتحدة. منذ ذلك الحين ، نما الصندوق العالمي للطبيعة (WWF) لتشمل أكثر من مليون مؤيد وساعدت في قيادة مشاريع المحافظة في ألاسكا والسهول الشمالية الكبرى وحول العالم.

محمد التفراوتي

Related posts

Top