احترافية أشرف حكيمي

شكل انتقال أشرف حكيمي لنادي إنتر ميلانو الإيطالي، حدثا ذا أهمية كبرى وسط الانتقالات على الصعيد الأوروبي، بالنظر لقيمة هذا اللاعب الشاب الذي حقق في ظرف سنتين أرقاما مهمة بالدوري الألماني، جعلته من أبرز اللاعبين بالقارة العجوز.
بعد سنتين رائعتين، وهي مدة الإعارة لدورتموند الألماني، كان على أشرف الحسم في مستقبله الرياضي، إما العودة لناديه الأصلي ريال مدريد الإسباني، أو البحث عن فضاء آخر يليق بمستواه الحالي، ويستجيب لطموحه المشروع في مواصلة الإبهار والتألق.
كانت أمامه عروض واختيارات عديدة، وبامتيازات مالية مهمة، لكنه فضل اختيار المشروع الرياضي بالدرجة الأولى، وعلى هذا الأساس أشر بالإيجاب على عرض الإنتر ، مقررا الرحيل عن الريال، بحثاً عن فرصة اللعب بشكل منتظم، و هو الأمر الذي قد يجده في كتيبة أنطونيو كونتي.
رفض البقاء في ريال مدريد، بعدما علم أنه لن يكون الخيار الأول، كما لم يقبل الانتقال لمانشستر سيتي، رغم أن الكبير بيب غوارديولا طلب وده، مفضلا في الأخير الرحيل صوب إيطاليا، والتضحية بمال زائد رغبة منه في اللعب بشكل دائم، بعد التأكد من أنه سيكون جزء من مشروع كونتي لعودة الإنتر مرة أخرى لمنصات التتويج.
احترافية أشرف لم تظهر فقط في طريقة الاختيار ومناقشة مستقبله، لكن أيضا في قيمة تواصله وطريقة تعبيره وخطابه الرزين، والذي تحدث فيه عن الريال بيته الأصلي، وعن دورتموند الحضن الدافئ الذي فتح له الباب بكل الحب والمودة، فاسحا أمامه مجال التعيير عن إمكانياته.
انظروا لما قاله بعد الاختبار النهائي، لتتأكدوا أننا أمام نموذج يحتذى للاعب يتصرف بكثير من الحكمة وبعد نظر، تفوق تجربته في الحياة، وتتجاوز خبرته في التعامل مع محيطه الرياضي.
قال مخاطبا إدارة دورتموند :”حان الوقت لغلق مرحلة رائعة من حياتي، أستعد لمغادرة النادي الذي قضيت فيه أوقاتا سعيدة. حظيت بالرعاية والاهتمام منذ قدومي إلى هذه المدينة الجميلة، تأكدت الآن أن اختيار دورتموند كبيت لي لموسمين كان قرارا صائبا، أشكر زملائي، الطاقم التقني وكل مكونات النادي، على حبهم وثقتهم التي أظهروها لي في كل الأوقات، أريد أيضا أن أشكر جمهور النادي الرائع على تشجيعهم لي، لن أنسى أبدا الحائط الأصفر، إنهم رائعون”.
حتى وهو يوقع لناد آخر لمدة خمس مواسم، لم يقطع أشرف حبل الود مع الريال، البيت الذي تعلم فيه، وهو صغيرا أبجديات كرة القدم، ومبادئ الحياة، ليقدمه للعالم شابا يافعا متعلما، بتكوين متكامل:
“لم أكن أتخيل أن أعيش هذه اللحظة، هذا ليس وداعا، لأنه لا يمكن أن تقول وداعا لبيتك، يمكنك أن تهرب، لكنه المكان الذي طالما أحسست فيه بالسعادة والقيمة التي جعلتني أتطور، ريال مدريد منزلي، لقد نشأت وتعلمت هناك، للوصول للشخص الذي أنا عليه الآن، في الريال لا يتم تدريب اللاعبين فقط”.
هذا ما قاله لإدارة الريال وللجمهور الأبيض، ورحل نحو وجهة أخرى بحثا عن فضاء أرحب، يمكنه من التعبير والإبداع وتحطيم الأرقام، وهذا ليس غريبا على شاب اختار وهو في سن مبكرة جدا، تلبية نداء القلب، حمل ألوان الأصول والأجداد، مع كل ما كان يحمله هذا الاختبار في البداية من تضحيات وغياب ضمانات، لكن كل شيء يهون من أجل حمل القميص الوطني، ليفوز في الأخير بكل شيء، وفي المقدمة حب الناس، وهذا جزاء الصادقين…

محمد الروحلي

Related posts

Top