اختتام الدورة الأربعين لموسم أصيلة الثقافي الدولي

على امتداد أزيد من عشرين يوما متواصلة، احتضنت مدينة أصيلة الدورة الأربعين لموسمها الثقافي الدولي الذي تسهر على تنظيمه مؤسسة منتدى أصيلة.
كانت هذه الدورة ناجحة بكل المقاييس، ويتجلى ذلك من خلال حسن تنظيم وتدبير فقرات البرنامج الكثيرة والمتعددة، والتي لامست معظم المجالات المعرفية والإبداعية، كما يتجلى ذلك من خلال المشاركة الفاعلة لأسماء وازنة قدمت من مختلف القارات.
وقد صرح الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة محمد بنعيسى بالمناسبة بأن “دورات موسم أصيلة أتاحت فرصا ثمينة لاختلاط الجامعيين المغاربة بزملائهم من الغرب والعالم العربي وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، فمثلما أعجب الوافدون الأجانب على مواسم أصيلة بالمستوى العلمي للباحثين المغاربة، كذلك استفاد هؤلاء من حوار فكري ونقاش خصب مع الجانب الآخر، بخصوص مختلف القضايا التي عولجت في رحاب دورات جامعة المعتمد ابن عباد الصيفية أو على هامشها”.
وقد كان اليوم الدراسي الذي خصص لتجربة المؤرخ المغربي محمد القبلي، آخر الجلسات الفكرية والنقدية للدورة الأربعين لموسم أصيلة الثقافي، فقد أجمعت مختلف العروض التي ألقيت بهذه المناسبة من طرف العديد من الباحثين الأكاديميين ممن جايلوا أو تتلمذوا على يد المحتفى به، على سلوكه الإنساني الرفيع، وعلى إسهامه في الإصلاح الجامعي، وحسن تدبيره لمجموعة من المؤسسات الأكاديمية والبحثية، وإدارته السديدة والمحكمة لمجموعة من مشاريع البحث الكبرى، ويأتي في صدارتها مؤلف “تاريخ المغرب..تحيين وتركيب”.
وفي كلمة للأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة بالمناسبة، ذكر أن “الذي سبقنا إلى تكريم الأستاذ القبلي ونبهنا إلى قامته الأكاديمية، ونزاهته الفكرية، ووطنيته الصادقة هو جلالة الملك محمد السادس، حين أسند إلى الأستاذ الجليل مهمة علمية وإدارية بالغة الأهمية، وعينه مديرا للمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، المؤسسة البحثية المستقلة غير المسبوقة في تاريخ المغرب التي تتولى إعادة كتابة تاريخ المغرب على يد مختصين وفق مقاربة وآليات توافقية ومنهجية علمية مضبوطة..

قاد الأستاذ القبلي فريق الباحثين بما هو معروف عنه في المحافل الجامعية من أخلاق وتواضع العلماء، استطاع أن ينجز في زمن قياسي المهمة الموكلة إليه على أحسن وجه، رفقة فريق عمل من الباحثين في تاريخ المغرب ومن تخصصات أخرى ذات الصلة.. فقد أصبح في متناول المغاربة كتاب ودليل مرجعي يعرفون من خلاله المسار السليم لتاريخهم الوطني، بكل ما فيه من نقط مضيئة ومحطات معتمة.. إنه إرث مشترك زاخر أصبح ناصعا في المصنف الكبير الموسوم بـ”تاريخ المغرب: تحيين وتركيب” الصادر بأربع لغات والواقع في أكثر من 800 صفحة “الطبعة العربية الموسعة” الموجهة للمختصين وأساتذة التاريخ، أضيف إليها “كتاب موجز” روعيت في تحريره المعايير التعليمية وأساليب العرض السلس، لكنه لا يختلف في جوهره عن المرجع الأصل..”. وأضاف كذلك أنه “ليس من السهل الخوض في الانشغالات الأكاديمية للأستاذ القبلي، تكفي الإشارة إلى أنه باحث تتسم أعماله بالصرامة العلمية والنظرة الشمولية إلى المواضيع التي خصها بأبحاثه التأسيسية. إن انكبابه على دراسة العصر الوسيط في بلاد المغرب واختياره موضوعا لأطروحته لنيل دكتوراه الدولة، ليعد بشهادة أهل المعرفة من الدراسات الرائدة في تاريخ المغرب..”، وأكد المتدخل على إيمانه بـ “الدقة العلمية التي ميزت أعمال العميد محمد القبلي والتي نقلها إلى من عمل معه في المعهد أو زامله في الجامعة، مشرفا ومؤطرا للرسائل والأطروحات..”.
وعبر المحتفى به في هذا اليوم الدراسي الأستاذ محمد القبلي عن تأثره العميق بالعواطف الأخوية التي أصبغها عليه مختلف المتدخلين، وذكر أن ممارسة البحث في التاريخ بالنسبة إليه لها علاقة بالتساؤل المفضي للتأمل، ووقف عند ملحوظة وهي أن جامعة المعتمد ابن عباد تبدو أنها تنوب عن جامعات تقليدية حاضرة في الذهن على مستوى المشاعر والوجدان، وأن الجامعة المذكورة أصبحت منتدى أعلى للثقافة، في غياب مجلس رسمي أعلى للثقافة، فالإطار الحالي للمنتدى وظف أحسن توظيف اندماج المغرب في القارة الأفريقية، وعيا بأن بناء المغرب كان انطلاقا من عمق الصحراء، فهي التي صاغت المغرب الأقصى ككيان.

> مبعوث بيان اليوم إلى أصيلة: عبد العالي بركات

Related posts

Top