افتتاح السنة الثقافية بالرباط

تم أول أمس الخميس بالرباط افتتاح السنة الثقافية من خلال افتتاح معارض صور ومنتجات فنية وكتب وأرشيف، ووصلات موسيقية، وتوزيع الشهادات على خريجي المعاهد التابعة لوزارة الثقافة والاتصال، وذلك في أفق إرساء «تقليد سنوي يكون بمثابة عنوان لدخول ثقافي غني ومتواصل» حسب ما جاء في كلمة محمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال خلال حفل الافتتاح الذي حضره رئيس الحكومة سعد الله العثماني وعدد من الوزراء وشخصيات أخرى..
وقال الأعرج في كلمته إلإن هذه الاحتفالية ستكون «مدخلا إلى حركة ثقافية متواصلة»، داعيا إلى «إعطاء الثقافة مزيدا من الحيز في رقعة البرامج والمخططات. وبذلك سنتطلع بشكل مشروع إلى جعل الثقافة قاطرة للتنمية».
وأكد أن هذا الاحتفال يروم، بالأساس، إشراك لحظة العرض والتفكير هذه لينصب الاهتمام على محورية العمل الثقافي ودوره في البناء المجتمعي وفي مواجهة أسئلة الحاضر والمستقبل، مشيرا إلى أن ذلك «يحتاج، خاصة في بلادنا التي لم تراكم تقاليد معرفية متأصلة، إلى اشتغال مؤسساتي طويل النفس في هذا الاتجاه».
وذكر بأن وزارة الثقافة والاتصال، لم تدخر جهدا لبلوغ هذه الأهداف. لذلك وضعت مخططا بمحاور رئيسية تضم المحافظة على الموروث الثقافي الوطني المادي وغير المادي، والصناعات الثقافية، والولوج إلى الثقافة من خلال سياسة القرب والتجهيز الثقافي، وضمان الإشعاع الثقافي المغربي بالخارج. و»هو مخطط سيتأطر قريبا باستراتيجية ثقافية نص عليها البرنامج الحكومي، وتستند على مقاربة تشاركية ستستنير بتنظيم مناظرة وطنية حول الثقافة».
وأشار الأعرج إلى بعض المحطات الأساسية للفعل الثقافي المقبل والذي يجسد بعض جهود الوزارة في الاشتغال المؤسساتي على توفير شروط التنمية الثقافية المنشودة، ومنها تدشين الافتتاح الموحد للدراسة في المعاهد الموسيقية التابعة للوزارة بدفاتر بيداغوجية محينة الأسبوع المقبل. وتنظيم احتفالية الإعلان عن جائزة الحسن الثاني للمخطوطات في الأسبوع الموالي.
وستتم في الأسابيع الموالية إعطاء انطلاقة الأشغال لبناء المعهد الوطني للموسيقى والرقص ومقر المعهد العالي للفنون المسرحية والتنشيط الثقافي بالرباط، في انتظار افتتاح المعهد العالي للموسيقى والفنون الكوريغرافية في الدخول الجامعي المقبل.
وسيتم قريبا، يؤكد الوزير، استكمال تدارس القانون التنظيمي المتعلق بإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي سبق تقديمه بالبرلمان قبل اختتام دورته السابقة. كما ستتواصل دراسة التوصيات الصادرة عن اليوم الدراسي الذي تم تنظيمه بالبرلمان حول القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة.
وتم خلال هذا الحفل، الذي نشطه الفنان سعيد عامل وافتتح بشريط فيديو رصد الإنجازات الكبرى لوزارة الثقافة والاتصال (قطاع الثقافة)، افتتاح رواق محمد الفاسي وزيارة المعرض المنظم بالمناسبة، وتنظيم معرض لمنتجات من رصيد الوزارة من اللوحات الفنية ببهو قاعة باحنيني، ومعرض صور وزراء الثقافة السابقين، وصور من أرشيف المسرح المغربي (مديرية الفنون)، ونماذج من إصدارات وزارة الثقافة، وصور للمآثر والمواقع التاريخية.
وتم أيضا تقديم وصلة موسيقية مع الفنان عثمان الخلوفي (غناء وعزف على الساكسوفون والقيثارة)، ومجموعة ناصر المكاوي لعزف القانون (عزف جماعي على آلة القانون)، ووصلة موسيقية مع الفنان بلعيد العكاف (موسيقى على الآلات الوترية والإيقاع الامازيغي)، ولحظة احتفاء بالفرق الفنية الفائزة بالألعاب الفرنكوفونية بأبيدجان وهما فرقة ستايلرس كرو (الجونغلاج) الفائزة بالميدالية الذهبية، وفرقة 04 لكروا (الهيب هوب) الفائزة بالميدالية الفضية، قبل تسليم الشهادات لطلبة المعاهد العليا التابعة للوزارة.
فيما يلي النص الكامل لكلمة الوزير محمد الأعرج في افتتاح السنة الثقافية الجديدة:

السيد رئيس الحكومة؛
السيدات والسادة الوزراء؛
حضرات السيدات والسادة.
بسعادة واعتزاز بالغين، أتشرف بالترحيب بكم جميعا في هذه الاحتفالية التي نريد أن نرسي بها تقليدا سنويا يكون بمثابة عنوان لدخول ثقافي غني ومتواصل. إننا ندرك تمام الإدراك أن الثقافة في المجتمعات المتحضرة لا تخضع لمواسم ولا مواقيت، بل يجب أن تكون فعلا يوميا ملازما للذات الواعية ومؤطرا لسلوك وممارسة الأفراد والجماعات. إن المضامين الجمالية للثقافة في مختلف الحقول الإبداعية جديرة بأن تحاط بشروط الشيوع والانتشار الواسع، وأن تمتد بفعالية، على الخصوص، إلى مختلف تجاويف المنظومة التربوية وكل قنوات التنشئة الاجتماعية. إننا عندما نتملك زمام هذه المقاربة، نكون، بدون شك، قد وضعنا اللبنات الأساسية والمتينة لشخصية متوازنة ومجتمع سليم يوجه جهوده نحو الابتكار والتنمية.

حضرات السيدات والسادة
أود أن أعرب لكم أيضا عن شكري وتقديري، نيابة عن مسؤولي وأطر وموظفي هذا القطاع، على الاستجابة لدعوتنا التي لا تستهدف الاحتفال الصرف، بل تروم، بالأساس، إشراك لحظة العرض والتفكير هذه معكم لينصبّ اهتمامنا جميعا على محورية العمل الثقافي ودوره في البناء المجتمعي وفي مواجهة أسئلة الحاضر والمستقبل، في ظرفية دولية تُحجَز فيها أماكن الحياة والريادة، أكثر من أي وقت مضى، بقوة الفكرة وسَبْق الابتكار.
إن هذه الانشغالات لن تجد طريقها إلى التبلور بدون الاستناد على مجتمع المعرفة والفرد القارئ من خلال جعل إنتاج واستهلاك المعرفة سلوكا عفويا لدى مختلف فئات المجتمع. ولا شك أن ذلك يحتاج، خاصة في بلادنا التي لم تراكم تقاليد معرفية متأصلة، إلى اشتغال مؤسساتي طويل النفس في هذا الاتجاه.
إن وزارة الثقافة والاتصال، لم تدخر جهدا لبلوغ هذه الأهداف. لذلك وضعت مخططا بمحاور رئيسية تضم المحافظة على الموروث الثقافي الوطني المادي وغير المادي، والصناعات الثقافية، والولوج إلى الثقافة من خلال سياسة القرب والتجهيز الثقافي، وضمان الإشعاع الثقافي المغربي بالخارج. وهو مخطط سيتأطر قريبا باستراتجية ثقافية نص عليها البرنامج الحكومي، وتستند على مقاربة تشاركية ستستنير بتنظيم مناظرة وطنية حول الثقافة.
إن الشريط الوثائقي الذي أعددناه لهذه المناسبة يستعرض المضامين الأساسية لهذا المخطط، لذلك سأكتفي بالإشارة إلى بعض المحطات الأساسية للفعل الثقافي المقبل والذي يجسد بعض جهودنا في الاشتغال المؤسساتي على توفير شروط التنمية الثقافية المنشودة.
سنكون على موعد في الأسبوع المقبل مع تدشين الافتتاح الموحد للدراسة في المعاهد الموسيقية التابعة للوزارة بدفاتر بيداغوجية محينة. وفي الأسبوع الموالي، ستنظم احتفالية الإعلان عن جائزة الحسن الثاني للمخطوطات التي تمكن سنويا من كشف المخزون المتواجد لدى الخواص من المخطوطات الناذرة. وفي الأسابيع التالية، ستعطى انطلاقة الأشغال لبناء المعهد الوطني للموسيقى والرقص ومقر المعهد العالي للفنون المسرحية والتنشيط الثقافي بالرباط، في انتظار افتتاح المعهد العالي للموسيقى والفنون الكوريغرافية في الدخول الجامعي المقبل.
كما ستعرف نهاية شهر نونبر وبداية شهر دجنبر المقبل انطلاق فعاليات الدورة التاسعة عشرة للمهرجان الوطني للمسرح الذي يكون محطة سنوية لتتويج الإنتاج المسرحي لموسم 2016/2017، حيث تعرف الساحة الفنية تنظيم ما يناهز 670 عرضا مسرحيا سنويا. تليه في شهر فبراير 2018، الدورة الرابعة والعشرون للمعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء. وفي نفس المجال ستنطلق المعارض الجهوية الإثنى عشر للكتاب، فضلا عن معرض الطفل والناشئة بالدار البيضاء ومعرض تطوان للكتاب. تنظم الوزارة أيضا ما يناهز 4000 لقاء سنوي بالمكتبات التابعة لها تشجيعا لفعل القراءة والأنشطة ذات الصلة.
وستتواصل اللقاءات التي تنظمها دار الشعر بتطوان لفائدة الشعراء المغاربة، كما ستنطلق لقاءات مماثلة بدار الشعر بمراكش، كمؤسستين ثقافتين أحدثتا بتعاون مع إمارة الشارقة.
وعلاقة بالكتاب دائما، سيتواصل في شهر أبريل تنظيم جائزة المغرب للكتاب التي تسعى إلى تشجيع الفكر والإبداع المكتوب والتي حققت تراكما في حاجة إلى مزيد من التشجيع والإشعاع.
ستعرف الساحة الثقافية أيضا تنظيم المهرجانات التراثية والثقافية التي بلغ عددها 22 مهرجانا، وتهدف إلى حماية التعابير الفنية المتأصلة في موروث بلادنا الحضاري وإلى الرقي بمختلف الفنون وتنشيط الساحة الثقافية الوطنية وكذا تعزيز الدبلوماسية الثقافية وتكريس قيم الحوار والتعايش ودعم جهود بلادنا الرامية إلى تعزيز دعائم التنمية الشاملة. في نفس السياق سيُنظم شهر التراث في أبريل وسيكون كالعادة مناسبة لتسليط الضوء على قضايا التراث الثقافي الوطني والتحسيس بأهمية الحفاظ عليه. وفي هذه السنة، ستتواصل عمليات ترميم المآثر التاريخية بعدة مدن كالحسيمة ومراكش والصويرة والرباط وطنجة وتطوان. كما سيتم استكمال جرد وتوثيق التراث الشفهي الحساني بجهات المغرب الجنوبية، فضلا عن افتتاح مراكز التعريف بالتراث بموقع ليكسوس الأثري بالعرائش ومنتزه بيرديكاريس بطنجة وبيعة سيمون أسياس بالصويرة.
وتشكل المؤسسات العمومية التي تنتظم تحت وصاية قطاع الثقافة، أيضا، خلايا لحركة ثقافية مكثفة، إذ تشهد المكتبة الوطنية للمملكة المغربية والمسرح الوطني محمد الخامس إشعاعا فكريا وثقافيا متواصلا، ونفس الشيء بالنسبة لأرشيف المغرب الذي يحتفل سنويا باليوم الوطني للأرشيف بتنظيم أنشطة إشعاعية تمتد إلى مختلف أرجاء التراب الوطني من خلال المديريات الجهوية للثقافة.
كما ستتواصل التدابير التحفيزية للإبداع الثقافي الوطني من خلال دعم المجالات الثقافية والفنية بناء على تقييم للتجربة وتعزيز تراكمها نحو مزيد من الجودة والفعالية، ووضع الأسس الكفيلة بتشجيع الصناعات الثقافية.
إن نماء الفعل الثقافي واستمراره وتوزيعه بشكل عادل بين جهات المملكة، يحتاج إلى مؤسسات ثقافية حاضنة. لذلك ستشهد السنة الثقافية التي ندشن افتتاحها اليوم، استكمال 19 بنية ومركز ثقافي في طور الإنجاز بمدن وجدة والقنيطرة وإيفران وبن أحمد وبنسليمان وبوعرفة وطنجة وتامسنا وتمنصورت وقلعة السراغنة وشيشاوة والرشيدية وتاوريرت وتاونات والحسيمة وايمزورن وتازة وإعطاء انطلاقة 4 مشاريع مراكز ثقافية جديدة بمدن تنغير وصفرو وكرسيف وغفساي وبرمجة 11 مركزا ومؤسسات ثقافية أخرى بسلا وسيدي بنور والداخلة وكلميم وطانطان واللوطية والزاك وسيدي ايفني ولخصاص ومير اللفت والعيون. وفي إطار الاهتمام بالعالم القروي، ستعمل الوزارة على برمجة 5 مراكز ثقافية للقرب، وذلك سعيا إلى سد الخصاص المسجل على مستوى التجهيزات الثقافية على المستوى الوطني من جهة، وتقليص الاختلال في التوازن المسجل بين مختلف الجهات من ناحية أخرى.
ولاشك أن هذه التدابير تحتاج إلى تحيين للهياكل وتحديث الاختصاصات، وهو ما تنكب عليه الوزارة حاليا حيث يجري العمل على وضع منظومة جديدة للمصالح المركزية للوزارة. كما سنعمل على إطلاق الدراسات حول الإستراتيجية الوطنية للتنمية الثقافية تنفيذا لمضامين البرنامج الحكومي.
وعن هذه المنجزات والمشاريع، لا تغيب طبعا اعتبارات الحكامة وترشيد النفقات، حيث سيتم خلال هذا الموسم الشروع في بناء مقر جديد تتوفر فيه شروط اللياقة ويجمع مصالح ووحدات الوزارة، مما يعفيها من أعباء الأكرية التي تثقل كاهل ميزانية القطاع.

حضرات السيدات والسادة:
إلى جانب هذه البرامج ذات الطبيعة القطاعية، سنواصل الانكباب على المشاريع ذات الطبيعة الدستورية. وهكذا سيتم قريبا استكمال تدارس القانون التنظيمي المتعلق بإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي سبق تقديمه بالبرلمان قبل اختتام دورته السابقة. كما ستتواصل دراسة التوصيات الصادرة عن اليوم الدراسي الذي تم تنظيمه بالبرلمان حول القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة.
وتأسيسا لهذا التحول الذي ستشهده بلادنا في مجال الحقوق اللغوية والثقافية، فقد تم إطلاق برنامج تدريس الأمازيغية في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي والمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، وستتواصل هذه التجربة في أفق تعميمها على باقي مؤسسات التكوين التابعة للوزارة.
سنواصل أيضا تشريف التزامات بلادنا في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة بالمجال الثقافي، بالموازاة مع ذلك سيكون الموسم الثقافي مناسبة للانفتاح على المجتمع الدولي من خلال احتضان أسابيع ثقافية دولية بالمغرب والمشاركة في مناسبات وتظاهرات ثقافية دولية وذلك تعزيزا للدبلوماسية الثقافية ولمكانة بلادنا كأرض للحوار والتعارف بين الثقافات والشعوب.

حضرات السيدات والسادة
أود في الختام أن أجدد لكم الشكر والتقدير على هذا الحضور المتميز في هذه الاحتفالية البسيطة التي ستكون بإصرارنا وانخراطنا جميعا، مدخلا إلى حركة ثقافية متواصلة. إن هذه الحركة تحتاج إلى عرض وطلب، لن ندخر جهدا في إعطائهما مضامين الجودة والتألق. ولن يتأتى ذلك إلا بنجاحنا في توجيه الذوق إلى لذة الاستهلاك الثقافي. لن يكون الكيف والنوع إلا إفرازا للكم والعدد، لذلك ندعو الجميع إلى إعطاء الثقافة مزيدا من الحيز في رقعة البرامج والمخططات. وبذلك سنتطلع بشكل مشروع إلى جعل الثقافة قاطرة للتنمية.
شكرا لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله.

بيان اليوم

Related posts

Top