الأدب الثوري

ارتبط الأدب المغربي في فترة من تاريخه – فترة الستينات والسبعينات أساسا – بالثورة، وتم النظر إلى هذا الأدب بخفوت الجانب الإبداعي فيه، اعتبارا لسيادة نزعته الإيديولوجية.
كان محرك هذا الأدب بطبيعة الحال هو طغيان مظاهر القمع والاعتقال التعسفي والاستبداد.. كان المظهر الثوري في هذا الأدب، أكثر جلاء في التجربة الشعرية، بالنظر لارتباط هذه التجربة بما هو حماسي وتحريضي وبإذكاء الروح النضالية.
العديد من رموز هذه المرحلة النضالية، كان مصيرهم الاعتقال أو التصفية، وهو ما يبرز مدى قوة الكلمة وإثارتها للرهبة في النفوس.
حدثت بعد ذلك انعطافة في أدبنا المغربي، خاصة مع الانفراج السياسي والاتجاه نحو المصالحة وطي صفحة الماضي.
صار هناك اتجاه نحو تغليب الجانب الإبداعي على ما هو إيديولوجي، بات الاهتمام بالجمالي وبالتالي انعكس ذلك على مضامين هذا الأدب، صار التطرق إلى التفاصيل الصغيرة والتافهة جزءا من التجربة الإبداعية المغربية التي تلت مرحلة الاحتقان السياسي. إضفاء الطابع الجمالي على الكلمة وعلى الصورة الأدبية صار هو المهيمن؛ لأجل تحقيق هدف أساسي هو خلق المتعة لدى المتلقي. وبالتالي، توارت تجربة الأدب الثوري إلى الخلف ولم يعد أحد تقريبا يوليها الاهتمام أو يعطيها قيمة، صارت متجاوزة، ومن يكتب على منوالها قد يعد متخلفا أو غبيا حتى..
أهملتها الصفحات الإبداعية ودور النشر التي تعتبر نفسها منفتحة على الحداثة، بمعنى آخر أن الأدب الثوري صار ينظر إليه باعتباره منتميا إلى المرحلة الكلاسيكية، وبالتالي فإن هذا الأدب لم يعد يجد له موقعا في ساحتنا الأدبية.
لكن ما نعيشه في وقتنا الحالي، ألا يستدعي إحياء الأدب الثوري وإحلاله المكانة اللائقة به؟
إن الوضع المغربي الراهن وما بات يشهده من حركات احتجاجية يومية ومتواصلة مع قوى النظام، لا شك أنه سيفرز لنا جيلا جديدا من الأدباء الذين تولد لديهم ميل إلى الثورة عبر المعايشة اليومية لواقع ضاغط وحرج.
وبالتالي من غير المستبعد أن يتوارى الأدب الذي ينشغل أساسا بما هو جمالي وبما يسعى إلى تحقيق المتعة أكثر من أي شيء آخر.
من المستحيل أن لا يتأثر الإنسان بما يشهده ويلمسه يوميا من مظاهر تتناقض مع آماله وأحلامه.. وبالتالي فإن هذا التفاعل لا بد أن ينتج لنا أدبا له طابع ثوري بصفة أساسية.
لنلق نظرة إلى الشعارات التي يحملها قطاع واسع من الشعب المغربي، إنها بالتأكيد ذات حمولة ثورية، وهي فضلا عن ذلك يمكن اعتبارها مؤشرا على إبداع أدبي جديد لا محالة قادم، إبداع له حمولة إيديولوجية مناهضة لوضع اجتماعي لا يبعث على الاطمئنان.

عبدالعالي بركات

[email protected]

الوسوم ,

Related posts

Top