الأديب مصطفى ملح: على المعرض أن يتصف بالديمقراطية الثقافية من حيث التمثيلية

صدرت للأديب المغربي مصطفى ملح، خلال السنة الأخيرة مجموعة من المؤلفات: رواية (صياد الليل)، ومجموعة قصصية للفتيان بعنوان (أعشاب تنمو في القلب)، إضافة إلى رواية للفتيان بعنوان: (الطفل الذي هزم الغول)، بمناسبة الدورة الحالية للمعرض، كان لبيان اليوم حوار معه.

< ماذا يشكل بالنسبة إليك المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء؟
 
> يفترض في المعرض الدولي للكتاب أن يكون فرصة للمثاقفة والاطلاع على جغرافيات ثقافية أخرى، بغية تنويع إيقاع التجارب وخلق مسارات متعددة تتسم بالعمق والرحابة. يفترض فيه أيضا أن يتصف بالديمقراطية الثقافية من حيث التمثيلية؛ إذ يُسمع صوت الجميع الذين يشكّلون الجسد الثقافي، وينتسبون إلى السّرب الفكري والإبداعي داخل هذا الوطن، فليس من المستساغ أن يُستدعى عمرو ويقصى زيد، وليس منطقيا الاحتفال بتجارب تغلب بينما يتم إقبار تجارب عبس أو ذبيان.
يفترض في المعرض كذلك أن يحمل قيم الإبداع والخلق والمغايرة، وألا يكون خيمة ضيقة يحضر إليها الحواريون الذين رضي عنهم الخليفة، بينما المئات يطلّون من بعيد كما لو كانوا ضيوفا غير مرغوب فيهم.
إن المتتبع لأطوار المعرض الدولي وفعالياته سيكتشف أن أسماء بعينها تتكرر خالقة نشازا في إيقاع المنطق. أسماء لا تكاد تتغيّر، وهي بتكرارها الغير مبرر، صارت تمثّل عبئا على أيّ إقلاع ثقافي، لأنها بحضورها ذلك تخفي الحساسين والعنادل المحلقة في غابة الأبجدية.
منذ خمس عشرة سنة، كنت أرجو أن يكون الشأن الثقافي، في هذا الوطن، رافعة لثقافة ترسّخ قيم الجمال والنبل، وكنت ساعتئذ شاعرا أسعى إلى البحث عن موطئ قدم، وكنت بسبب ذلك أحتاج أن أشارك في المعرض مثل باقي الحواريين الذين رضي عنهم الخليفة، لكنني مع مرور السنوات اكتشفت اليقين المر الذي مفاده أن المعرض الدولي هو مجرد خيمة تنصب في قلب القبيلة لتكريم شيوخ القبائل، أما فتيان القبائل فيزج بهم في السجن؛ سجن النسيان والعدم.
مع مرور السنوات صارت لدي قناعة بأن الظل الذي أرتكن إليه هو العش الدافئ الذي يمنحني سببا لأكتب، فأحمد الله لأنني لم أنتسب يوما إلى السرب المحلق فوق الصراط المعوج، والحمد لله لأنني لست من الأسماء التي تتكرر سنويا في برنامج المعرض الثقافي، لأنها بتكرارها أصيبت بالصدإ وصارت مجرد خفافيش تقيم في العتمة.

<ماذا عن تجربتك بخصوص الحضور والمساهمة في فعاليات المعرض؟

>بالنسبة لمشاركتي في المعرض الدولي لموسم 2019 فهي تتمثل في تنشيط ورشة للأطفال، وذلك باستدعاء كريم من مديرية الكتاب بالدار البيضاء. وأقرّ بأني أشارك وأنا أحمل مشاعر سلبية، ذلك لأنني لا يلتفت إلي على اعتبار أنني شاعر، أو روائي. وهذه المشاركة لن يكون الدافع فيها إلا الاقتراب من عوالم الطفل الذي أقترب منه عميقا في حياتي اليومية وفي أوراش الكتابة.
فيما يتعلق ببرامج المعرض الدولي الثقافية، أشعر بأنني غريب مثل صالح في ثمود. لطالما تلقيت الصفعات المتتالية من كفّ هذا الوطن الذي اعتبرت أنني جزء لا يتجزأ من كيانه، فإذا بي أكتشف بأنني مجرد كائن إلكتروني ضخت شراييني بدماء معدنية وركبت لي أنابيب ومجسات فبت أشتغل ببطارية صناعية. هذا ليس تعبيرا مجازيا أو سورياليا وإنما هو إحساسي ككائن داخل هذا الوطن الذي رماني في فوهة البركان. لذلك بت أشعر بأنني لست معنيا بما يحصل في المعرض الدولي وكل ما يهمني هو أن أكتب وأعيش وأستنشق أوكسجين الحياة حتى الرمق الأخير.
متقشف أنا مثل عشبة برية، وبسيط مثل رغيف في فرن تقليدي، وعار مقل عجين في شفة النار. لا أريد شيئا سوى أن تظل الشمس تشرق من المشرق وأن تغرب من المغرب، ولكنني متأكد بأن الحواريين في المعرض الدولي للكتاب لن يستطيعوا تغيير مسارات الشمس!

< ما هو أحدث إصداراتك وما هي خطوطه العريضة؟

فيما يخص إصداراتي الجديدة لهذه السنة هي أربعة: رواية (صياد الليل) ضمن منشورات القصبة، ومجموعة قصصية للفتيان ضمن منشورات سليكي إخوان بعنوان (أعشاب تنمو في القلب)، وهذان الكتابان مدعمان من قبل وزارة الثقافة، إضافة إلى رواية للفتيان بعنوان: (الطفل الذي هزم الغول) منشورات إديسيون بلوس.
في الحقيقة لا أملك تصورا من شأنه أن يطور ويصلح الأعطاب التي تصيب الجسد الثقافي، فالمسألة مركبة ومعقدة، ولا يمكن معالجتها بمعزل عن إصلاح شمولي يطاللا منظومة القيم السائدة في هذا الوطن، لن يتحقق أي إقلاع ثقافي إلا بإصلاح التعليم، لأنه هو الذي يزرع في المتعلمين والنشء حاسة الاقتراب من الثقافة وأسئلتها.

> حاوره: عبد العالي بركات

Related posts

Top