الأستاذة مها غازي خبيرة دولية في مكافحة التطرف والوقاية منه لـ “بيان اليوم”: عملية إعادة التأهيل وإدماج سجناء الإرهاب تواجه بتحديات خارجية متنوعة

قالت الأستاذة مها غازي، خبيرة دولية في مكافحة التطرف والوقاية منه، وباحثة دكتوراه تشتغل ميدانيا حول برامج فك الارتباط وإزالة الراديكالية وإعادة تأهيل وإدماج المدانين في قضايا الإرهاب السابقين والعودة من مناطق الصراع، إن “المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بدأت في تدبير ظاهرة التطرف بشكل موحد ومضبوط منذ عام 2016 غداة إطلاق برنامج “التثقيف بالنظير” بشراكة مع الرابطة المحمدية للعلماء وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وحكومة اليابان.
وأضافت الخبيرة غازي، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن هذا البرنامج يروم وقاية سجناء الحق العام من التطرف، مشيرة إلى أنه قد أقيمت تكوينات للموظفين بشراكة مع المركز العالمي للأمن التعاوني لتدبير المدانين في قضايا الإرهاب بشكل متجانس واحترافي ليصل عدد الموظفين المكونين إلى 96% (حسب التصريح الرسمي المعلن عنه من مديرية العمل الاجتماعي والثقافي للسجناء)، إضافة إلى تعزيز الشراكات الدولية وتبادل الخبرات في المجال، والتركيز على البنى التحتية.
وتابعت مها غازي أن هذه السياسة بدأت بشكل وقائي إلى أن تطورت في عام 2017 ليتم تبني برنامج “مصالحة” والذي يستمر إلى وقتنا هذا، حيث تم اختتام الدورة رقم 11 في فبراير 2023، مبرزة أن  عدد السجناء المنخرطين وصل إجماليا إلى 259 سجينة وسجينا، بلغت نسبة المستفيدين منهم من العفو الملكي السامي أكثر من 61.72% حسب آخر إحصائيات رسمية معلن عنها.
وسجلت الخبيرة الدولية في قضايا الإرهاب والتطرف عدد من الملاحظات أساسا حول هذا الاتجاه الجديد.

التواصل والشفافية
وقفت غازي -التي تعاونت سابقا كخبيرة متخصصة مع منظمة حلف الشمال الأطلسي (الناتو-محور الجنوب)- في ملاحظتها الأولى عند “إيجابية التواصل والشفافية حول وضعية السجناء المتطرفين”، مؤكدة “انفتاح المندوبية العامة لإدارة السجون وتطور تواصلها فيما يرتبط بالمدانين في قضايا الإرهاب سواء على مستوى دعم البحث العلمي، التصاريح الإعلامية، البلاغات، وحتى المؤتمرات واللقاءات الرسمية التي قدمت بيانات إحصائية تفصيلية حول وضعية وآلية تدبير المعتقلين على خلفية تشريع الإرهاب (على سبيل المثال في أبريل وماي 2022)، والعروض الفنية حيث قدمت هذه الفئة عروضا مسرحية في مسرح محمد الخامس بالرباط بدعوة مفتوحة للعموم في اليوم الوطني للسجين في سنة 2019 (مسرحية “حياة” التي أديناها نساء) ثم مسرحية “محاكمة” في دجنبر 2022. 
واعتبرت الخبيرة الدولية ذاتها، أن هذا الاتجاه الجديد يعكس “الشفافية في تدبير وضعية المدانين في قضايا التطرف والإرهاب”، مبرزة أنه: “لم يعد هناك أي مجال لفتح تأويلات حول وضعية “حقوق الإنسان” كما كان عليه الحال في وضعية الاعتقال ما بعد أحداث 2003، والتي عرفت حلقة مفرغة من آليات التدبير المختلفة إلى أن تم التوصل إلى الأكثر فعالية، وهو النظام المعمول به حاليا. 
واستطردت غازي: “وهذا عامل مهم في تعزيز الثقة وإشراك الرأي العام في الملف؛ كما ينعكس هذا التغيير على مستوى تدبير إدارة السجون على تطبيق مبادئ إصلاح القطاع الأمني  القطاع الأمني (SSR)، القائم على مبدأ التحديث والشراكة، وعدم التركيز على الأمننة وحسب في تدبير ظاهرة التطرف بما في ذلك المعلومات المرتبطة بها”.
وسجلت مها غازي، ضعفا في اتجاه جمعيات المجتمع المدني لممارسة أدوارها داخل السجون، مبرزة أن فقط 0.01٪ من مجموع الجمعيات بالمملكة لها أدوار تأطيرية داخل السجن، مما يفيد عدم تكوين خبرة مدنية محلية في مجال الشراكة والتوعية.

تقييم المخاطر ونظام التصنيف
وعرجت الخبيرة نفسها، في ملاحظتها الثانية على تقييم المخاطر ونظام التصنيف، معتبرة أن “أهم الآليات التي أثبتت نجاعتها في التعامل مع سجناء الإرهاب هي تبني تقييم المخاطر ونظم التصنيف، التي تقسم السجناء حسب معايير الخطورة (وكذا الاحتياجات) إلى الفئة (أ) وهي الأكثر خطورة، ثم الفئة (ب)، ثم الفئة (ج) والتي تنخرط في الأنشطة التأهيلية داخل المؤسسات السجنية”. 
وأوضحت خريجة مركز جنيف للسياسة الأمنية (GCSP)، التي حضرت جلسات استماع قضائية لمجرمي الحرب بالمحكمة الجنائية الدولية كجزء من تدريبها بأكاديمية لاهاي للحكم المحلي المخصصة للمهنيين في الشؤون الإنسانية بمنحة ممولة من وزارة الخارجية الهولندية، (أوضحت) أن هذا النظام يقوم على منح امتيازات أكثر كلما كان السلوك حسنا في إطار النظم القانونية وحقوق الإنسان المتعارف عليها عالميا.
وتابعت مها غازي أن هذا “أدى بشكل تلقائي إلى التقليل من المحجوزات والمخالفات القانونية (خاصة بعد اعتماد تدابير مثل منع القفة)،  طمعا للحصول على تصنيف أفضل، مشددة على أن هذا يعني أن الظاهرة الإرهابية أضحت متحكما فيها داخل البيئة السجنية ولم يعد هناك مجال كبير للتهديدات من قبيل الاحتجاجات والإضرابات الجماعية ومحاولات الهروب والتمرد كما عرفت في أحداث سابقة، كسجن القنيطرة عام 2008 وسجن سلا عام 2011 سابقا.  

الفصل والعزل
أما الملاحظة الثالثة حسب الخبيرة عينها، فتهم نظم تدبير الإيواء والحركية، حيث اعتبرت أن “آليات الفصل والعزل تأتي ضمن الممارسات الحسنة في كتيب الأمم المتحدة لعام 2016 وغيرها من الأطر الدولية، والتي تقسم إيداع سجناء قضايا الإرهاب في أحياء أو زنازين منفصلة عن سجناء الحق العام لمنع أي استقطابات، وتخصيص مؤسسات سجنية معينة ذات بنى تحتية مجهزة بتقنيات رقابية قادرة على استيعاب هذه الفئة والتعامل معها حتى على مستوى كفاءات العنصر البشري ونظم حقوق الإنسان مع تشتيتهم حسب الحالات، والتحكم في أعداد سجناء الإرهاب داخل الغرف السجنية ومنع أي مظاهر للاكتظاظ بينهم، بل اعتماد نظام لفصلهم عن بعضهم كذلك لمنع الاستمالة، أخذا بعين الاعتبار أن المدانين في قضايا الإرهاب هم شرائح واسعة وتضم جرائم كثيرة كالإشادة وعدم التبليغ والتمويل، لذلك فهم يتفاوتون في الخطورة، علما أن هذه الأخيرة غير مقترنة وحسب بتكييف الفعل الجرمي أو مدة العقوبة”. 

إعادة التأهيل
وهمت الملاحظة الرابعة حسب الخبيرة الدولية مها غازي، “تحديات عملية إعادة التأهيل”، مسجلة أن “هناك جهود عدة تثبت انفتاح المدانين في قضايا الإرهاب على برامج التأهيل خاصة برنامج “الجامعة في السجون”، وكتابة العديد منهم في “دفاتر السجين” التي تصدرها المندوبية، في حين أنهم كانوا ينخرطون بشكل أقل من باقي السجناء في هذه الأنشطة خاصة ذات الطابع الديني مع اتجاههم للتعليم بأعلى نسبة”. 
وتابعت الباحثة بناء على مقابلاتها مع شريحة واسعة من السجناء السابقين في قضايا التطرف والإرهاب في إطار أطروحتها للدكتوراه: “لكن بخلاف نقاط القوة أمنيا ورقابيا في فك الارتباط، فإن عملية إعادة تأهيل السجناء والأنشطة التعليمية والتكوينية والدينية وأيضا المواكبة النفسية تواجه بتحديات خارجية عدة”.
وأشارت مها غازي في هذا الصدد وعلى سبيل المثال إلى أن “التكوين المهني داخل السجون يفترض فيه عدة شروط مثل العالم الخارجي كوجود عدد مقاعد معينة والشواهد وغيرها، لكن أيضا هناك معايير داخلية ترتبط بالتخصصات المتاحة داخل كل سجن، وحسن السلوك، مضيفة: “كذلك يفترض أن يكون السجين مدانا وليس معتقلا احتياطيا.
واعتبرت غازي أن هذه في حد ذاتها إشكالية كبيرة ترتبط بالسياسة الجنائية بالدولة، معربة عن آمالها أن يساهم تعديل القانون الجنائي في مراعاتها؛ وأشارت إلى أنه يشترط أيضا أن يكون السجين قد أوشك على الانتهاء من عقوبته، ناهيك عن أن الطلبة الجامعيون لا يستطيعون مواكبة التعليم داخل الأسوار مقارنة بأقرانهم خارجها، بسبب عدم التوفر على الانترنت والمراجع والقيام بالأبحاث الميدانية، خاصة في التخصصات العلمية والتي تفترض وجود وسائل تقنية وتجارب. 

براغماتية برنامج “مصالحة”
وقفت الخبيرة الحاصلة على منحة السلام والأمن المشتركة من قبل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح في ملاحظتها الخامسة على “براغماتية برنامج مصالحة”، مبرزة “أن برنامج مصالحة يصنف ضمن برامج “فك الارتباط” التي تهدف إلى إحداث تغيير سلوكي، إلا أنه (برنامج مصالحة) لم يركز كثيرا على “نزع الراديكالية De-radicalization”، والتي يجب أن تكون مرتبطة بإحداث تحول فكري أيديولوجي.
إضافة إلى ذلك، حسب المتحدثة نفسها، فإن المغرب لا يعرف تنظيمات إرهابية ذات أيديولوجيا متماسكة وقيادات وبنى هيكلية كما هو الحال في دول عربية أخرى، بل مجموعة من التيارات والمسارات المتطرفة المختلفة، لذلك لا يمكن الحديث عن “مراجعات فكرية”، بل مبادرات فردية وسيرورة ذاتية حسب نظرية الاختيار العقلاني، يأتي برنامج “مُصالحة” لتسهيلها ولتحفيز عوامل الشد والجذب Push and Pull factors خلالها”.
واستطردت غازي: “لذلك أستطيع أن أصف البرنامج بكونه “برغماتي”، خاصة وأنه يدار بالموارد الذاتية للمندوبية العامة لإدارة السجون، ولم يخصص ميزانية أو تكلفة كبيرة كما فعلت العديد من التجارب التي أطيحت في الفساد وليس فقط في فشل النتائج”.
وأردفت الخبيرة نفسها: “بالرغم من أن البرنامج أطلق بعدة شراكات مؤسساتية من ضمنها الرابطة المحمدية للعلماء، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ووزارة العدل، والنيابة العامة، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، وبعض الخبراء المستقلين، يلاحظ أن التركيز على المحور القانوني والحقوقي كان هو الأكبر في هذا البرنامج وذلك على مستوى أعداد الفاعلين المتدخلين والتخصيص الزمني، وليس المحور الديني كما هو شائع”. 
وأضافت غازي أنه حيث يتم شرح تشريع الإرهاب وحقوقهم كمواطنين والمؤسسات التي يمكن اللجوء إليها، معتبرة أن هذا يساهم في تحييد عامل المظلومية والحقد “Grievance Theory” الذي قد يرافق المُدانين ضمن هذه الفئة”.
وأشارت الخبيرة الدولية في قضايا الإرهاب والتطرف أن “برنامج مصالحة ركّز بشكل كبير على مفاهيم الوطنية وثوابت الأمة ومقدساتها وعلى المؤسسات الوطنية كأساس مركزي لقياس فك الارتباط، مبرزة أن ذلك ما يلاحظ من خلال بلاغات العفو الملكي”.
وقالت باحثة الدكتوراه مها غازي، إن “برغم بعض الانتقادات التي توجه لبرنامج “مصالحة”، فهو يظل إحدى ركائز التجربة المغربية الملهمة التي أدت إلى افتتاح مكتب مكافحة الإرهاب والتدريب في أفريقيا التابع لبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب (UNOCT) بالعاصمة الرباط، اعتبارا أن منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط تعاني من ضعف البرامج المندمجة خاصة في السياقات الأكثر استقرارا، وأن تراكم التجارب في القارة الإفريقية يختلط ببرامج نزع السلاح، التسريح، وإعادة الإدماج للمقاتلين السابقين في سياقات ما بعد الصراع”.
وشددت الخبيرة مها غازي على أنه ينبغي ربط نجاحات البرنامج بمعايير أخرى عوض حصر نتائجه في “حالات العود ومعاودة الإجرام”، موضحة: “إذ بالرغم من أن أكثر من 200 شخص مغربي من ذوي السوابق الجنائية في قضايا الإرهاب التحقوا بالتنظيمات الإرهابية بمناطق الصراع بسوريا والعراق حسب إحصائيات المكتب المركزي للأبحاث القضائية، فإنه عامة وعلى الصعيد الدولي تعرف الجريمة الإرهابية حالات عود أقل من جرائم الحق العام مثل السرقة والمخدرات، لذلك فهو معيار نسبي وكلاسيكي للاعتماد عليه أحاديا في قياس درجة نجاح البرنامج، إذ حتى بدونه فستكون النسبة منخفضة عامة”.
واعتبرت غازي أن “من المعايير المهمة التي وضعها المشرفون على البرنامج، هي قياس درجة التحولات السلوكية خلال التقييمات الداخلية للمشاركين في السجون”، مسجلة أن هذه الفئة كانت على درجات من الحذر في الانخراط في البرامج التأهيلية عامة قبل السياسة الجديدة، الشيء الذي تطور تدريجيا منذ نجاح النسخة الأولى من برنامج مصالحة، حيث استمر السجناء في التعبير كتابة عن إرادتهم في الانخراط تجسيدا لمبدأ الطواعية الذي نهجه البرنامج، برغم أنه لم يربط بحوافز أو وعود كالإفراج المبكر أو العفو الملكي.
وسجلت الأستاذة غازي أن “كنتيجة لذلك، أصبحت هذه الفئة من السجناء يسجلون سلوكا حسنا بغية الاستفادة من البرنامج، معتبرة أن “المعيار الثاني الذي ينبغي الاهتمام به هو مستويات إعادة اندماجهم في المجتمع بعد الإفراج عنهم وتأثير البرنامج على الأمن الاجتماعي على المدى الطويل، وهي ما تسمى بنظرية التغيير Theory of change والتي أوظفها في أطروحتي للدكتوراه بخمس محددات: الكفاءة، الفعالية، الأثر، الصلة والاستدامة”. 
وشددت غازي على أن هذا البرنامج ينبغي أن “يتطور حتى لا يكون في شكل دورات تكوينية موسمية وألا يركز فقط على الفئة (ج) من الأقل خطورة، كما ينبغي بشكل مستقبلي على المدى الطويل التفكير في أن تكون برامج فك الارتباط جزءا من قضاء العقوبة نفسها وأن تكون مستمرة في كافة المؤسسات السجنية، وأن يتم اعتبار المجتمع المدني والشراكات غير الرسمية جزءا من تطوير هذه البرامج خاصة في مرحلة التهييئ للإفراج أو مواكبة ما بعد الإفراج”.
وأشارت الباحثة لدى المركز الدولي لدراسة التطرف العنيف (ICSVE) الكائن مقره بواشنطن العاصمة، إلى أن قرار مجلس الأمن 2396 الصادر عام 2017، أكد على أهمية كفالة مشاركة المرأة وأدوارها القيادية في إعداد، وتنفيذ، ورصد وتقييم الاستراتيجيات الخاصة بهذه البرامج، وضمان مشاركتها في التدخلات، مبرزة أنه “عنصر لم تتم إيلائه أهمية حتى النسخة الخامسة من البرامج التي كانت خاصة بالنساء فقط، وفي الدورة 11 التي شاركت فيها سجينتين، إذ أن المتدخلين أغلبهم هم رجال ولم يتم تسليط الضوء على أي جهود نسوية في هذا الباب، وهذه ثغرة ينبغي أن تتدارك ليس فقط في البرنامج، بل في فلسفة الوقاية ومكافحة التطرف والإرهاب بالدولة عامة”.

إعادة الإدماج
انصبت مها غازي، التي مثلت المغرب ضمن 20 امرأة أفريقية في برنامج تحت إشراف بعثة المراقبة الدائمة للاتحاد الأفريقي لدى الأمم المتحدة في نيويورك، في ملاحظتها السادسة على “محدودية إعادة الإدماج”، موضحة أن حصر برنامج “مصالحة” بالسجون يطرح إشكالية وفراغا كبيرا على مستوى تدبير العائدين من مناطق الصراع خاصة النساء اللواتي لم تتم محاكمتهن، وأيضا وضعية الأطفال والقاصرين وعائلات المتطرفين الذين يستلزم مرافقتهم ببرامج خاصة خارجة عن السجون. 
واعتبرت مها غازي أنه برغم الجهود التي حاولت مؤسسة محمد السادس لإعادة الإدماج القيام بها مع الصليب الأحمر ومع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لبناء القدرات، فهي تبقى محدودة وغير قادرة على بناء جاهزية مؤسساتية واجتماعية لاستيعاب أعداد العالقين والمعتقلين بسوريا والعراق الذين من المحتمل أن نستعيدهم ولو على دفعات، مضيفة أنه يفترض انخراط كافة الفاعلين الرسميين والمدنيين في هذه العملية.
وأبرزت مها غازي التي سبق أن عملت كباحثة لدى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) أن “عملية إعادة الإدماج في الواقع غير مقتصرة على الجانب السوسيواقتصادي كما يشاع، بل تمتد إلى الجوانب المسطرية الإدارية والمساعدة القانونية”، معتبرة أنها “ينبغي أن تشمل أيضا تعليم الأطفال والمواكبة النفسية والأسرية والاجتماعية خاصة فيما يرتبط بالوصم (stigma)”.
وتابعت غازي أنه ينبغي فهم أن “هذه الفئة تواجه بتحديات كثيرة خاصة ذوي العقوبات طويلة الأجل، وهناك مجموعة من التفاعلات التي تسمى “حواجز وموانع فك الارتباط “Exit barriers” والتي يصعب فيها إعادة إدماج السجناء السابقين برغم بذل الجهود، مثل وجود أفراد من العائلة منخرطين في التنظيمات الإرهابية، والشبكات الاجتماعية، أو استمرار استثمار السجناء لصفتهم السابقة كعلامة دعائية عوض التركيز على مسار مهني مستقل”.
“هناك جانب آخر ينبغي الالتفات إليه في كافة البرامج، وهو تعزيز الانخراط والتمكين النسوي في المجال المعني، إذ يشاد بتجربة المرشدات الدينيات واللواتي يمارسن أدوارهن حتى داخل السجن، لكن ينبغي أن يمتد ذلك شموليا للخبيرات والباحثات والأخصائيات النفسيات والعاملات في المجال الصحي والديني والاجتماعي والتعليمي، عملاً بأجندة الأمم المتحدة حول “المرأة، السلام، والأمن”” تضيف الخبيرة في مكافحة التطرف والوقاية منه.

عبد الصمد دنيدن

Related posts

Top