الإعلامي عبد العزيز كوكاس في مؤلف جديد:يداعب أحلام المغاربة غير منتهية الصلاحية

هل هناك أحلام منتهية الصلاحية وأخرى غير منتهية؟ قد يحمل السؤال أكثر من مغزى ماكر.. لكن حين نبدأ بمطالعة كتاب يحمل ذات العنوان للصحفي والكاتب عبد العزيز كوكاس، ندرك أن هناك أحلاما بالفعل تشبه أضغاث أحلام، وأخرى أحلام حقيقية لفرد أو أمة تبقى دوما حاضرة وتظل مثل الوقود الذي يعطي الطاقة للأفراد والجماعات، لقد ظل كوكاس وفيا للاسم المستعار الذي كان يوقع به مقالاته السياسية منذ نهاية 1995 حتى عرف به والتصق بشهرته الإعلامية، كما أن ما يعالجه الكتاب من قضايا سياسية مرتبطة بالحرية والتنمية والديمقراطية وحق الشعب في تحرير طاقاته لبناء مغرب متقدم وحداثي، وهي ذات القضايا التي توجد في قلب اهتمام حتى الجيل الجديد من المغاربة الذي يرغبون في الانتقال نحو مغرب مغاير، يدل على أن الأمر يتعلق بأحلام غير منتهية الصلاحية..
أجمعت أربع شهادات لكل من الناقدة زهرة العسلي والسياسي محمد الساسي والروائي عبد القادر الشاوي والمبدع والصحافي الراحل عبد الجبار السحيمي على القيمة المضافة لكتابات الإعلامي عبد العزيز كوكاس، باعتبارها كتابات منحوتة بلغة أنيقة وتتقصد القبض على الجوهري الكامن وراء الأحداث والوقائع العابرة وتملك نفسا واسعا من النقد والسخرية.. ورغم أن بعضها كتب قبل ثلاثة عقود، فإنها لازالت تملك راهنية التحليل وحجية التوصيف لواقعنا السياسي، هذا ما نستنتجه من الكتاب الحديث الصادر عن منشورات النورس والمعنون بـ “أحلام غير منتهية الصلاحية.. في وصف حالنا” للكاتب والإعلامي عبد العزيز كوكاس والذي يقع في 188 صفحة من الحجم المتوسط..
يقول كوكاس في تقديم الجزء الأول من أحلام غير منتهية الصلاحية: “هذه الكتابات الصحافية تشكل مرآة تعكس مرحلة مهمة من تحول الصحافة الورقية بالمغرب مع بداية تراجع الصحافة الحزبية وظهور الصحافة الخاصة أو المستقلة التي أصبحت مؤثرة في تأطير الرأي العام، خاصة بعد دخول المعارضة مجال التسيير الحكومي، والذي خلق فراغا في الحقل السياسي بدا كما لو أن الصحافة المستقلة بدأت تملأه وتتحول تحت سلطة قدر أعمى إلى معارض شرس للسلطة وهو ما كلفها والمسؤولين عنها محنا، آثار بعضها لازالت حاضرة حتى اليوم”.
ولأن الصحافي هو أول من يكتب مسودة التاريخ كما يقال، فإن المقالات التي وردت في هذا الكتاب تعكس فترة هامة من التحول السياسي والمجتمعي والثقافي بالمغرب، بمخاضها وتحولاتها، بعناصر الشد والجذب فيها، بنجاحاتها وانكساراتها.. فما يتبقى لنا هو هذا الجوهري الذي نجح كوكاس في القبض عليه في ثنايا الكتاب الذي يحيل على مرحلة مهمة من تاريخ التحول في المغرب.. يقول عبد القادر الشاوي في شهادته في مفتتح الكتاب: “لم أقرأ لكوكاس على امتداد عقدين من الزمن إلا ما صدر عنه، كتابة في غالب الأحيان، في صيغة تأملات فكرية مثمرة زَادُها المعرفة الجادة: إن كان الموضوع سياسيا تغلب عليه بالأسئلة والتقليب على الوجوه الممكنة، أو كان حدثا اجتماعيا أو ثقافيا بسط دوافعه وأحاط بمراميه، أو جدالا يتعلق بالقضايا الراهنة عرض لها بالحجج المنطقية وأقام من حولها البراهين. فهو، على هذا الأساس، دائم البحث عن العلل المنطقية المقنعة التي تسوغ القول الهادف.
وأدركتُ أنه لا يسابق الأحداث بل يتعقبها بالتحليل، وإذا استشهد بالأقوال الدالة فهو لا يفعل ذلك إلا ليؤكد رأيا استنتجه من خلال البحث.. ثم يتجلى في كتابة هادئة تحتفل بالمعنى أكثر من احتفالها بالعرض، وبالسياق في محتواه أقوى من اهتمامها بالمواقف في ظرفيتها”.
يضم كتاب “أحلام غير منتهية الصلاحية.. في وصف حالنا” الصادر عن دار النشر النورس مقالات عديدة منها: براد المخزن ونخبة السكر، وزراء السيادة وسيادة الوزراء، غزو الرداءة للسياسة والتفاهة تتسيّد إعلامنا، مجرد حلم ربما، راسبوتين الذي يتكرر، صباح الخير أيها الفساد… والعديد من المقالات المنحوتة بلغة أنيقة وأسلوب ممتع تميز به الكاتب والصحافي كوكاس الذي قدر له أن يكون منتميا لصحف النقمة بدل صحف النعمة كما قال في حوار سابق مع موقع هسبريس.

Related posts

Top