“الإلدورادو” الأمريكي يتحول إلى جحيم لأطفال اللاجئين

كشف موقع “رولينغ ستون” الأمريكي أن عددا كبيرا من أطفال المهاجرين غير الشرعيين، المفصولين عن ذويهم، والمحتجزين في مراكز الاستقبال بعدد من الولايات الأمريكية، يتعرضون لأشكال من العنف الجسدي والجنسي، بل ويتم إجبارهم على تناول مخدرات قوية بدون وصفة طبية ودون موافقة أولياء أمورهم.
وأوضح الموقع في تقرير إخباري نشره قبل أيام، أن القضاء الفيدرالي قد وجه أوامره منذ أسبوع إلى الإدارة الأمريكية من أجل إخراج أطفال المهاجرين من مركز “شيلواه” بولاية تكساس، على الخصوص، حيث تتعرض صحتهم العقلية والعصبية لخطر داهم بسبب إجبارهم على تناول أدوية مخدرة.
ونقل محامون عن طفل محتجز في مركز “شيلواه” قوله: “لقد أعطوني تسع حبات في الصباح، وسبعا في المساء.. لم أعرف سبب تناولي لهذه الأدوية، لم يخبرني أحد”. وأضاف: “كانوا أيضا يعطونني حقنا لتهدئتي.. بعدها كنت أشعر بالوهن والتعب، ثم أغط في نوم عميق ولا أستيقظ إلا بعد ثلاث أو أربع ساعات، حيث أبدأ في استعادة وعيي وقوتي ببطء..”.
حالة هذا الطفل ليست الوحيدة، حيث حكى العديد من الأطفال من مركز “شيلواه” لأولياهم ومحاميهم بأنهم تعرضوا للعنف والاستغلال من قبل الطاقم المشرف على تسيير المركز، فضلا عن إجبارهم عن تناول أدوية مخدرة.
وكشف تحقيق تم فتحه على إثر هذه الاتهامات أن الطبيب الذي كان مشرفا على حالة الأطفال المحتجزين ومسؤولا عن الوصفات الطبية بالمركز، لم يعد مسموحا له بمزاولة مهنة الطب منذ سنوات!
وتنضاف هذه الأنباء إلى أخرى تحدثت في وقت سابق عما تعرفه المراكز المماثلة عبر التراب الأمريكي من تجاوزات وخروقات في حق هؤلاء الأطفال الذين وصل عددهم إلى 10.000 طفل، والذين تم تسليط الضوء على أوضاعهم بعد اتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال شهر أبريل الماضي، قرارا جديدا، يقضي بفصلهم عن ذويهم، في إطار سياسة “عدم التسامح مع الهجرة غير الشرعية” على الحدود الجنوبية، في مبادرة وصفت بأنها “كارثية” على المستوى الإنساني.
واعتبر محللون أن السلطات الأمريكية تحتجز هؤلاء الأطفال كـ “رهائن” لثني ذويهم عن متابعة مساطر طلب اللجوء والتوقيع على طلب المغادرة في سبيل إعادة لم شملهم مع أطفالهم.
وعلى الرغم من اضطرار ترامب إلى التراجع عن قراره وإصدار مرسوم آخر في يونيو المنصرم يقضي بالتوقف عن تنفيذ هذه السياسة اللاإنسانية، فإن مصير آلاف الأطفال الذين مازالوا محتجزين في المراكز مازال مجهولا في ظل تساؤلات حول التدابير والمساطر التي سيتم اتخاذها في هذا الشأن.

ويوجد في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 100 مركز لاستقبال أطفال المهاجرين، موزعة على العديد من الولايات ككاليفورنيا وتكساس ونيويورك ومينوسوتا وغيرها. وتعهد السلطات الأمريكية بتدبير شؤون مراكز الاستقبال المذكورة إلى عدد من الهيئات والجمعيات بتمويل وإشراف من “مكتب إعادة تأهيل اللاجئين” الفيديرالي.
وتتحدث تقارير وتحقيقات إخبارية أمريكية عن حالات تعود إلى سنة 2014 وأخرى لاحقا، تعرضت للمعاملة السيئة والتخدير تحت التهديد بل وحتى الاغتصاب والاستغلال الجنسي. وتوثق التقارير أزيد من 125 مكالمة تلقى فيها رجال الشرطة تنديدا بحالات الاعتداء الجنسي في مراكز أطفال المهاجرين في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتخفي هذه التبليغات العديد من الحالات الأخرى التي لم تخرج إلى النور، إذ يخشى الضحايا القاصرون إذا ما بلغوا عما يتعرضون له أن تتدهور الأوضاع القانونية لعائلاتهم. وذكرت جمعيات حقوقية أن السلطات كانت قد اضطرت إلى إغلاق أحد المركز في تكساس أيضا أواخر سنة 2011 بعد حادثة عنف جسدي على طفل أدى إلى وفاته مختنقا.
وفتحت هذه التطورات النقاش حول الوضعية القانونية والسياسة التدبيرية لهذه المراكز، حيث عبر محامون وحقوقيون أمريكيون عن قلقهم من الكيفية التي يتم بها اتخاذ قرارات مصيرية بحق الأطفال المحتجزين داخل المراكز، تحدد مدى “التزامهم” بالقواعد، أو مدى “خطورتهم” التي تحتم نقلهم إلى مراكز أخرى أكثر تشددا حيث يعاملون مثل الأسرى ويصبح من الصعب إخراجهم، وكل ذلك ضمن استراتيجية “تصنيف وتسيير” لهذه المراكز يقف وراءها “مكتب إعادة تأهيل اللاجئين”؛ وبالتالي فإن “أي طفل من الأطفال المحتجزين يمكن أن يتحول في أي لحظة إلى عنصر “خطير” ويتم نقله في جنح الظلام إلى مركز آخر وسجنه في زنزانة صغيرة، دون أن تقدم له أي تفسيرات أو يتم منحه فرصة للتعبير ومناقشة الأمر مع أحد”، كما صرحت بذلك ناشطة حقوقية وقانونية لموقع “رولينغ ستون”.

> سميرة الشناوي

Related posts

Top