الاجتماع الفرنسي- المغربي.. نحو ضخ دماء جديدة في العلاقة بين البلدين

افتتحت أول أمس الخميس بباريس، أشغال الدورة الـ 14 للاجتماع الفرنسي-المغربي رفيع المستوى، برئاسة مشتركة لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني والوزير الأول الفرنسي إدوار فيليب.
وتم خلال هذا الاجتماع، الذي عقد في إطار علاقة الصداقة الاستثنائية بين فرنسا والمغرب، تقييم المرحلة الحالية للعلاقة الفرنسية-المغربية في جميع المجالات: السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية وفي مجال محاربة الإرهاب.
وعرف الاجتماع مشاركة وفد رسمي مهم فرنسي ومغربي، حيث شارك عن الجانب المغربي وفد يضم محمد بنعبد القادر، وزير العدل، ومحمد حجوي، الأمين العام للحكومة، ومحمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، وسعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، ومولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، وعبد القادر اعمارة، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، ونزهة بوشارب، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة.
كما ضم الوفد عزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن والبيئة، ومحسن الجزولي، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وشكيب بنموسى، سفير المملكة المغربية في جمهورية فرنسا.
وعن الجانب الفرنسي، ضم الوفد على الخصوص وزيرة العدل نيكول بيلوبي والأمين العام للحكومة مارك غيلوم ووزير الاقتصاد والمالية برونو لومير وزير التعليم العالي والبحث والابتكار فريدريك فيدال ووزير التعليم والشباب ميشيل بلانكر ووزيرة التماسك الترابي والعلاقات مع الجماعات المحلية جاكلين غورو، وكاتب الدولة المكلف بالنقل جان بابتيست جيباري وكاتب الدولة لدى وزير أوروبا والشؤون الخارجية، جان بابتيست لوموان وسفيرة فرنسا في المغرب هيلين لوغال.

التوقيع على اتفاقيات ثنائية

توجت أشغال هذا الاجتماع بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات الثنائية تشمل مجالات تعاون متنوعة، تتوخى بث دينامية جديدة في الشراكة التي تجمع البلدين.
وتهم هذه الاتفاقيات، التي تم توقيعها خلال حفل ترأسه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني و الوزير الأول الفرنسي إدوار فيليب، في إطار الدورة الـ14 للاجتماع الفرنسي-المغربي الرفيع المستوى، مجالات اقتصادية واجتماعية وثقافية والتعمير والملكية الصناعة والتعليم والتعاون اللامركزي.
ويتعلق الأمر بإعلان نوايا يهم نشر خطاطة إجراءات تتعلق بمسطرة حماية الراشدين في وضعية هشاشة وذلك لدى المحاكم، وقعها وزير العدل محمد بنعبد القادر ونيكول بيلوبي وزيرة العدل الفرنسية، وكذلك اتفاق إداري يتعلق بمجال الملكية الصناعية بين المعهد الوطني للملكية الصناعية و المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية وقعه كل من بورنو لومير وزير الاقتصاد و المالية الفرنسي ومولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي.
ويتعلق الأمر أيضا بإعلان نوايا حول التعاون في مجالات التعليم الأولي والتكوين الأولي والمستمر للمدرسين والتربية الشاملة والتوجيه المدرسي، وقعه جان ميشيل بلانكر وزير التربية الوطنية والشباب الفرنسي وسعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي.
كما تهم هذه الاتفاقية إعلان نوايا يتعلق بتطوير الشراكة المبتكرة بين مؤسسات التعليم العالي المغربية والفرنسية في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وقعها الوزير الفرنسي المكلف بالتعليم العالي والبحث فريدريك فيدال وسعيد أمزازي.
وتم كذلك توقيع اتفاقية تعاون في ميادين التهيئة الترابية والتماسك الترابي والتعمير والسكن وسياسة المدينة والتنمية الترابية من قبل ميشيل بلانكر وزيرة التماسك الترابي والعلاقات مع الجماعات المحلية ونزهة بوشارب، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة.
أما الاتفاقية السادسة فتتعلق بإعلان نوايا حول متابعة وتعميق التعاون اللامركزي، وقعها عن الجانب الفرنسي كاتب الدولة لدى وزير أوروبا والشؤون الخارجية، جان بابتيست لوموان و عن الجانب المغربي محسن الجزولي، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.
من جهة أخرى، تم توقيع إعلان نوايا بين الأمانتين العامتين للحكومتين يهم تقنين وإعداد دراسات الأثر والتكوين المستمر للمستشارين القانونيين من قبل الأمين العام للحكومة الفرنسية مارك غيوم ومحمد حجوي، الأمين العام لحكومة المملكة.
كما يتهم اتفاق قرض بقيمة 150 مليون أورو لدعم تنفيذ سياسة التشغيل من أجل الاندماج الاقتصادي للشباب في ثلاث جهات نموذجية (سوس-ماس والرباط –سلا والقنيطرة وطنجة –تطوان-الحسيمة) تم توقيعه عن الجانب الفرنسي بيرتران والكينر المدير العام المنتدب للوكالة الفرنسية للتنمية وعن الجانب المغربي محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة. وفي الختام، تم توقيع اتفاقية شراكة بين معهد العالم العربي ومؤسسة متاحف المملكة المغربية من طرف جاك لانغ رئيس المعهد والمهدي قطبي رئيس مؤسسة المتاحف.

علاقات متميزة

أكد رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، الخميس بباريس، أن العلاقات بين المغرب وفرنسا متميزة، وتطبعها الصداقة والتعاون والاحترام المتبادل، مبرزا تطابق وجهات النظر بين البلدين بخصوص عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأبرز العثماني، خلال ترؤسه بمعية الوزير الأول الفرنسي ادوار فليب ، الدورة الـ14 للاجتماع رفيع المستوى، أن العلاقات بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية «ترتكز على أبعاد تاريخية وثقافية وإنسانية»، ويتعين علينا الحفاظ على طابعها المتفرد والاستثنائي ومواصلة تعزيزها».
وقال رئيس الحكومة إن هذه الدورة «تشكل مناسبة لتجديد التأكيد على الطابع المتميز للصداقة الراسخة، وعلى الاحترام المتبادل، اللذين طبعا على الدوام العلاقات بين البلدين»، مبرزا «تطابق وجهات النظر بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية بخصوص عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وهو ما يقوي قاعدة هذه الشراكة المتميزة التي تزداد عمقا وكثافة بشكل يجعل منها مرجعا على الصعيد الجهوي».
وأضاف العثماني أن الشراكة الاستثنائية بين المغرب وفرنسا مدعومة بالإرادة المشتركة لجلالة الملك محمد السادس والرئيس ايمانويل ماكرون في الارتقاء بها إلى مستوى التميز وفي جعلها مرجعا على الصعيد الأورو-إفريقي والأورو-متوسطي.
وفي معرض حديثه عن المواضيع التي تم اختيارها للدورة الحالية للاجتماع رفيع المستوى، والمتعلقة بالشباب والتكوين والتشغيل والتنمية الاقتصادية والتنافسية المجالية، إلى جانب اللامركزية والحركية والمناخ والبيئة، وكذا التوجه المشترك نحو إفريقيا، أبرز رئيس الحكومة وجاهة هده المواضيع، التي تجد «تفردها في قدرة شراكتنا على التكيف مع متطلبات التحديات الجديدة»، وفي «طابعها الديناميكي والمتجدد الذي ينعش شراكتنا التي تتطور وتجدد بشكل دائم».
وقال رئيس الحكومة إن العلاقات الاستثنائية بين البلدين تمتد أيضا لتشمل التنسيق والتشاور وتقاسم وجهات النظر بخصوص قضايا وتحديات جهوية ودولية مشتركة، مضيفا أن التعاون «المثالي الثنائي في مجالات محاربة الإرهاب والتطرف ومواجهة التغيرات المناخية وفي مجال الهجرة، يعكس هذا الطابع المتميز للعلاقات بين المغرب وفرنسا».
وأكد أن «علاقاتنا تشمل أيضا مشاريع مختلفة للشراكة مهيكلة في مجالات إستراتيجية، من قبيل صناعة السيارات وصناعة الطيران، والبنيات التحتية والطاقة والخدمات»، مبرزا أن» الشراكة الصناعية التي «تستجيب لأهداف إنتاجية مشتركة، تشكل أحد المجالات الأساسية التي تمكن العديد من الشركات الفرنسية، في إطار مقاربة توطين مشترك، من الرفع من تنافسيتها، كما تمكن اقتصاد ي بلدينا من تعزيز تموقعهما في الأسواق الخارجية، خاصة في إفريقيا».
وحسب العثماني فإن الشراكة بين البلدين تتوفر على مقومات وإمكانات كفيلة بتمكينها من مواكبة أفضل لطموحات البلدين وبجعل علاقاتهما باستمرار مرجعا على الصعيدين الإقليمي والأورو-إفريقي.
وبخصوص العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، أبرز العثماني أن «المملكة جعلت على الدوام أوروبا إحدى أولوياتها الإستراتيجية، من حيث التقارب»، مشيدا بجودة الشراكة الديناميكية النموذجية بين الجانبين التي تعتبر من بين الشراكات الناجحة إن لم تكن الأكثر نجاحا في الجوار الأوروبي».
وسجل أنه في إطار هذه العلاقة المتميزة، اتفق المغرب والاتحاد الأوروبي على تعزيز الوضع المتقدم عبر وضع أربعة فضاءات لتعاون مهيكل تم تحديدها خلال مجلس الشراكة الذي عقد في 27 يونيو 2019، وعززه محوران أفقيان يهمان البيئة ومحاربة التغيرات المناخية والتنقل والهجرة.
وأشاد رئيس الحكومة في هذا الصدد «بدور ومساهمة فرنسا في الالتزام الذي تعهد به الاتحاد الأوروبي من أجل الاستمرار في جعل المغرب شريكا استراتيجيا متميزا».

رغبة أكيدة في تعزيز العلاقات الاقتصادية

عبر المغرب وفرنسا عن عزمهما على دعم وتعزيز علاقاتهما الاقتصادية من خلال وضع إطار عام ملائم للأعمال بهدف تقوية وإنعاش المبادلات والاستثمارات.
وأكد البلدان في الإعلان المشترك الذي صدر في نهاية أشغال الاجتماع رفيع المستوى الفرنسي المغربي الذي عقد برئاسة مشتركة بين رئيس الحكومة سعد الدين العثماني والوزير الأول الفرنسي إدوارد فيليب أن حكومتي البلدين ستعملان على تشجيع وتكثيف مبادلاتهما الاقتصادية وتؤكدان مجددا على «ضرورة وضع إطار عام ملائم للأعمال من أجل تعزيز وإنعاش المبادلات والاستثمارات» .
وعبر البلدان عن «ارتياحهما» لأن فرنسا لا تزال أول مستثمر أجنبي في المملكة والمغرب هو الوجهة الأولى للاستثمارات الفرنسية في القارة الأفريقية، كما أشادا بـ «الشراكة الصناعية الثنائية التي تستجيب لأهداف المنتج المشترك مما يمكن العديد من الشركات الفرنسية من الرفع من قدرتها التنافسية كما يسمح لشركائهم المغاربة من دعم وتعزيز مواقعهم في الأسواق الأخرى خاصة في إفريقيا».
وأوضح الإعلان المشترك أن الحكومتين اتفقتا على دراسة إمكانيات دعم الشركات الصغيرة جدا والمتوسطة وكذا تقديم الدعم والمساعدة للمشاريع المشتركة بين الشركات الخاصة المغربية والفرنسية بما في ذلك الشراكات الموجهة نحو إفريقيا.
كما سجل البلدان اهتمامهما الكبير بمواصلة تعاونهما في مجال النقل البري لاسيما في ما يتعلق بالتراخيص الخاصة بالمبادلات الثنائية أو العبور في ضوء الزيادة التي تعرفها المبادلات التجارية بين البلدين مع مراعاة التحديات البيئية المرتبطة بالنقل البري.
وفي نفس السياق أكد البلدان على أهمية اجتماع اللجنة المختلطة حول النقل البري الذي سيعقد في المغرب خلال الشطر الأول من عام 2020.
وفي موضوع آخر التزمت حكومتا البلدين بجعل الشباب محورا مركزيا للشراكة الثنائية وسجلا أهمية تمكين الشباب من الاستفادة من التكوين ضمن أشكال جديدة في مجال التشغيل منذ التعليم الإعدادي والجامعي وصولا إلى الاندماج المهني في الحياة العملية.
كما نوه الجانبان بالتعاون اللامركزي بين الجماعات المحلية الفرنسية والمغربية من خلال إبرام العديد من الاتفاقيات بين المدن والجهات الفرنسية والمغربية بما في ذلك التوقيع على مذكرة التفاهم والصداقة بين مدينة باريس ومدينة الرباط.
وفيما يتعلق بالقطاع الطاقي جدد البلدان إرادتهما ورغبتهما في تسهيل تبادل الكهرباء المستدام بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط خاصة بين الدول الخمس المشاركة في مبادرة (خارطة طريق تجارة الكهرباء المستدامة) التي انطلقت خلال مؤتمر (كوب 22) بمراكش وهي ألمانيا وإسبانيا وفرنسا والمغرب والبرتغال.
وفي القطاع السياحي اتفق الطرفان على عقد اجتماع للجنة المراقبة والتتبع المغربية الفرنسية من اجل دراسة تنفيذ تدابير ومقتضيات خارطة الطريق في المجال السياحي للفترة ما بين 2017 و2020 التي تم التوقيع عليها خلال الدورة الأخيرة للاجتماع رفيع المستوى الفرنسي المغربي.
كما أشاد البلدان بالمستوى الجيد لتدخلات الوكالة الفرنسية للتنمية التي بلغت التزاماتها نحو 400 مليون أورو سنويا منذ عام 2017 مع 590 مليون أورو في إطار الاتفاقيات الموقعة في عام 2019 وحده مشيرين إلى رغبتهما في تقوية شراكات وتدخلات الوكالة في القروض الممنوحة للمملكة في ثلاثة مجالات تتمثل في دعم إصلاح قطاع التعليم والتكوين المهني وقطاع الصحة والحماية الاجتماعية فضلا عن تنشيط الاقتصاد في المناطق القروية.

شريك أساسي من أجل تحقيق الاستقرار

أبرز البيان الختامي الذي توج أشغال الاجتماع الـ 14 رفيع المستوى الفرنسي- المغربي، المنعقد أول أمس الخميس بباريس، أن فرنسا تعتبر المغرب كـ «شريك أساسي» من أجل تحقيق الاستقرار والسلام والنمو والتنمية».
وجاء في نص هذا البيان أن «فرنسا تعتبر المغرب، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، على الصعيدين الإقليمي والدولي، كشريك أساسي لتحقيق الاستقرار والسلم والنمو والتنمية في المنطقة».
وأكدت الحكومتان، من جهة أخرى، في بيانهما المشترك، تشبثهما بعلاقة الاتحاد الأوروبي والمغرب.
وعبرت فرنسا، بهذه المناسبة، عن استعدادها الكامل للعمل في إطار أربعة فضاءات لتعاون مهيكل تم تحديدها بين المغرب والاتحاد الأوروبي، خلال مجلس الشراكة الذي عقد في 27 يونيو 2019، وتتمثل في القيم المشتركة والاقتصاد والتماسك الاجتماعي، وكذلك في إطار محوران أفقيان يهمان البيئة ومحاربة التغيرات المناخية والتنقل والهجرة.
وبخصوص تنمية القارة الإفريقية، أكدت الحكومتان رغبتهما في تعميق جهودهما المشتركة بإفريقيا، من أجل النهوض بنمو مستدام وتحقيق الاستقرار بالقارة.
وأبرزت الحكومتان أن «قمة إفريقيا-فرنسا 2020»، التي ستعقد في بوردو من رابع إلى سادس يونيو 2020 ستشكل فرصة لإعطاء دفعة جديدة في هذا الاتجاه وإبراز أكثر التعاون المثمر في مختلف القطاعات للمدينة المستدامة، خاصة في مجال النقل الحضري وتوزيع الماء والكهرباء».
وأشارت الحكومتان أيضا إلى التقائية الجهود المبذولة في مجالات الهجرة، خاصة في إطار ميثاق مراكش و مسار الرباط. وجددتا، في هذا السياق، تشبتهما المشترك بحركية تتسم بالدينامية تمكن من تنقل انسيابي ومنتظم للأشخاص، باعتبارها السبيل الكفيل بتقوية العلاقة الثنائية في أبعادها الاقتصادية والثقافية والإنسانية.
ونوهتا بجودة المبادلات في إطار فريق مختلط دائم خاص بالهجرة تم تشكيله خلال الاجتماع رفيع المستوى الأخير وبمختلف لجانه الفرعية من أجل تدبير معقلن وشمولي لتدفقات الهجرة بين فرنسا والمغرب.
وذكرت، في هذا السياق، بالمساهمة الإيجابية للجالية واتفق الطرفان، من جهة أخرى، على تعزيز تعاونهما الأمني، خاصة في مجال محاربة الإرهاب و الجريمة العابرة للحدود بجميع أشكالها.
على صعيد آخر، أشادت الحكومة الفرنسية «بالمسار الذي حدده صاحب الجلالة الملك محمد السادس ضمن دينامية الانفتاح والازدهار والحداثة عبر مشروع النموذج التنموي الذي يتلاءم مع النهوض بالجهوية المتقدمة».
وبعد أن أعربت عن متمنياتها بالنجاح الكامل لسفير المغرب بفرنسا في مهمته لخدمة «هذ الهدف الطموح»، أكدت الحكومة الفرنسية «استعداد فرنسا لمواكبة المغرب في تنفيذ نموذجه التنموي، بمواصلة دعم التعاون القطاعي الطموح ومواكبة تطوير القطاع الخاص.
وأبرز النص أن البلدين سجلا بارتياح المساهمة الإيجابية لفرنسا كبلد شريك في العديد من التوأمات التي مولها الاتحاد الأوروبي، خاصة في قطاعات العدل والتنمية المستدامة والصحة والطاقة والاتصال والسمعي البصري».
وشكل الاجتماع الـ14 رفيع المستوى فرصة مثلى للحكومتين لتحديد أولويات جديدة، والتي سيمكن تنفيذها من تعزيز العلاقة الثنائية.
وأبرز البيان أنه «بالنظر للتحديات الجديدة التي تواجهها فرنسا والمغرب، قرر البلدان تطوير تعاون معزز في خمسة مجالات إستراتيجية من أجل مستقبل أفضل لعلاقتهما: الشباب والاندماج المهني والتكوين والتشغيل والتنمية الاقتصادية والتنافسية المجالية واللامركزية والتنقل والمناخ والبيئة، وكذا التوجه المشترك نحو إفريقيا».

تعاون أمني ممتاز ووثيق

أشادت الحكومتان المغربية والفرنسية بتعاونهما الأمني «الممتاز والوثيق» في مواجهة التحديات في جميع أنحاء المنطقة خاصة في الساحل والصحراء.
ومكن الاجتماع رفيع المستوى الفرنسي المغربي كلا من باريس والرباط من استعراض جميع محاور التعاون الثنائي بينهما وكذا القضايا الإقليمية بما في ذلك مكافحة الإرهاب لاسيما في منطقة الساحل «حيث لا يزال الوضع مقلقا» حسب رأي إدوار فليب الوزير الأول الفرنسي.
وأكد إدوار فليب خلال ندوة صحفية مشتركة مع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في ختام الاجتماع رفيع المستوى الفرنسي المغربي أن هذا الاجتماع شكل مناسبة للتأكيد على «مدى تعاوننا الوثيق في هذا المجال خاصة في إطار العمليات الحساسة والدقيقة التي تبادلنا حولها الرأي».
وعبر في هذا الصدد عن «شكره وامتنانه للمغرب على الدور الذي لعبه في هذه العمليات»، مشيرا إلى أن الجانبين تناولا أيضا الشراكة من أجل السلم والاستقرار في منطقة الساحل وكذا جميع المبادرات الإقليمية التي بإمكانها أن تساعد على تكريس أمن واستقرار المنطقة.
وقال «لقد تطرقنا أيضا إلى التعاون في مكافحة الهجرة غير الشرعية والمغرب فاعل رئيسي ومحوري يكافح معنا ومع أوربا ضد شبكات التهريب والاتجار بالبشر».
من جانبه اعتبر سعد الدين العثماني التعاون بين الرباط وباريس على المستوى الأمني بـ «الممتاز»، مؤكدا أن هذا التعاون «ما فتئ يتطور باستمرار من أجل مواجهة التحديات الرئيسية في المنطقة».
وأوضح العثماني أن المغرب تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس يولي اهتماما كبيرا لإفريقيا جنوب الصحراء وذلك تماشيا مع السياسة الإفريقية للمملكة مؤكدا على الأهمية التي توليها المملكة للتعاون الثلاثي مع فرنسا لفائدة إفريقيا سواء على مستوى الأمن أو على مستوى التنمية الاقتصادية.
وكانت القضايا الاقتصادية، من جهة أخرى، في صلب المباحثات خلال الاجتماع رفيع المستوى الذي توج بالتوقيع على تسع اتفاقيات للتعاون الثنائي تهم العديد من المجالات.
وفي هذا السياق، نوه الوزير الأول الفرنسي إدوار فليب بأن بلاده هي «أول شريك اقتصادي للمغرب» ويترجم هذا بالخصوص من خلال تواجد أزيد من 900 فرع لشركات ومقاولات فرنسية مستقرة بالمغرب تمكنت من خلق ما مجموعه 120 ألف منصب شغل.
وأكد فيليب «أنه بفضل فروع مقاولات أكثر تنافسية، ستكون لنا القدرة على كسب المزيد من حصص السوق وجلب المنافع لضفتي المتوسط».
من جهته أشاد العثماني بتميز العلاقات الاقتصادية الفرنسية المغربية التي تشمل مختلف القطاعات، «ما جعل فرنسا تعد أحد أهم شركاء المملكة».
كما نوه رئيس الحكومة أيضا بالنجاح الذي حققه الاجتماع رفيع المستوى، مسجلا أن اتفاقيات التعاون الموقعة بهذه المناسبة «تجسد الآفاق الواعدة للتعاون والعلاقة الثنائية».
وأكد العثماني أنه خلال هذا الاجتماع «لاحظنا أن العلاقات بين البلدين تتوفر على مقومات وإمكانات هائلة تمكنها من أن تتعزز وتتقوى أكثر».
وأشار رئيس الحكومة إلى أن هذا الاجتماع شكل مناسبة أيضا لتبادل وجهات النظر حول أهمية المبادلات الإنسانية بين البلدين، أخذا بعين الاعتبار تواجد جالية مغربية جد مهمة بفرنسا وكذا حول قضية التنقل بين البلدين ،والهجرة والتبادل الثقافي، مضيفا أن الجانبين أبرزا ضرورة العمل على تحسين هذه الحركية لفائدة الشعبين.
وقال العثماني إن التبادل الثقافي شكل أيضا محورا للنقاش في ضوء وجود أزيد من 40 ألف طالب مغربي بفرنسا، «كما بحثنا مع الجانب الفرنسي السبل الكفيلة بتحسين ظروف استقبالهم».
وأشار إلى أنه تم أيضا التطرق لملف تعليم اللغة العربية لفائدة المغاربة بفرنسا «وسجلنا الاهتمام الذي أبدته الحكومة الفرنسية حول هذا الموضوع وهو نفس الاهتمام الذي توليه المملكة».
وبخصوص قضية الصحراء المغربية، عبر رئيس الحكومة عن شكره لفرنسا على «موقفها الدائم والثابث» في دعم مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب من أجل إنهاء هذا النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وقال العثماني إن المغرب يشيد بالمواقف «الواضحة والثابتة» لفرنسا بخصوص المبادرة المغربية سواء على مستوى الأمم المتحدة ومجلس الأمن أو داخل الاتحاد الأوربي.

Related posts

Top