الاقتصاد الوطني.. مندوبية التخطيط والــــبنك الدولي يرصدان رهانات المستقبل

يرتكز الاقتصاد المغربي منذ عقود على النشاط الفلاحي، ويعد الأخير أحد دعاماته الأساسية، ويعتبر القطاع الفلاحي، بتوفيره حوالي 4 ملايين منصب شغل، أحد أهم قطاعات النشيطة على الصعيد الوطني حسب الموقع الرسمي لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.
وكشف المصدر نفسه أن القطاع الفلاحي يمثل نسبة مهمة من الاقتصاد الوطني بقرابة 74 مليار درهم، وهو ما يعادل 14 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وتمثل الواردات الفلاحية على الصعيد الدولي حسب المصدر ذاته، بين 14 و 24 في المائة من الواردات الإجمالية للمغرب، فيما تمثل الصادرات الفلاحية ما بين 15 و21 في المائة من مجموع الصادرات الوطنية.
واعتماد الاقتصاد المغربي على النشاط الفلاحي، يجعل من الأخير متحكما في معدل النمو، وبالتالي يبقى الاقتصاد المغربي ومعدل النمو رهينا بمستوى الإنتاج الفلاحي، الذي يعتمد بشكل كبير على التساقطات المطرية، مما يجعل منه جيدا إذا عرفت السنة تساقطات مطرية جيدة، ويضعف بضعف التساقطات المطرية.
وعلى خلفية ما تمت الإشارة إليه، حاولت جريدة بيان اليوم، رصد أهم المؤشرات التي جاء بها تقرير مندوبية الحليمي في الثالث من الشهر الجاري والذي كشف عن انخفاض في نسبة الواردات وتراجع في العجز التجاري، مسجلا تباطؤا في الاقتصاد الوطني، إضافة إلى ما جاء به تقرير البنك الدولي بداية الشهر الجاري، الذي وصف النمو الاقتصادي بالمغرب، بالبطيء ودون إمكاناته، لاعتماده على قطاعات الموارد الطبيعية وتقييده بانخفاض الإنتاج.
وفي السياق ذاته تواصلت الجريدة مع أستاذ علوم التدبير بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، محمد بنحريميدة، والذي قال في إطار تصريحه، إن اقتصاد المغرب يبقى دائما رهين القطاع الأولوي للفلاحة، موضحا أنه عندما يكون الموسم الفلاحي جيدا يكون أيضا مستوى معدل النمو جيدا، كما تم التواصل مع الخبير المالي والاقتصادي، الفقير المهدي، واعتبر الأخير أن المؤشرات التي جاء بها تقرير المندوبية السامية للتخطيط تؤكد تباطؤ النمو الاقتصادي، مشيرا إلى أن التبعية للقيمة المضافة الفلاحية تؤكد وترسخ فصلا بعد فصل أن هناك تباطؤ في النمو الاقتصادي.

المندوبية السامية للتخطيط: الاقتصاد الوطني يواصل تباطؤه متأثرا بانخفاض القيمة المضافة الفلاحية

كشفت المندوبية السامية للتخطيط أنه من المتوقع أن يشهد الاقتصاد الوطني نموا بنسبة 2,4 في المائة، خلال الفصل الثاني من 2019، عوض 2,5+ في المائة خلال نفس الفترة من السنة الفارطة.
وتوقعت المندوبية في تقرير لها، توصلت الجريدة بنسخة منه، أول أمس الأربعاء، حول الظرفية الاقتصادية بالمغرب، أن يحقق الاقتصاد الوطني نموا يقدر ب 2,3 في المائة، خلال الفصل الأول من 2019، عوض 3,3+ في المائة في نفس الفصل من السنة السابقة، متأثرا بانخفاض القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 8,4 في المائة، متوقعة زيادة بنسبة 3,3+ في المائة بالقيمة المضافة دون احتساب الفلاحة حسب التغير السنوي، مدعومة بتحسن أنشطة قطاعات المعادن والصناعة والخدمات.
وأضافت المندوبية أنه من المتوقع أن تواصل الأنشطة غير الفلاحية تطورها بنفس الوتيرة، خلال الفصل الثاني من 2019، مشيرة إلى أن القيمة المضافة الفلاحية ستشهد انخفاضا يقدر ب 4,3 في المائة.

انخفاض نسبة الواردات وتراجع العجز التجاري

ارتقبت مندوبية الحليمي حسب التقرير نفسه، أن يحقق الطلب الخارجي الموجه للمغرب ارتفاعا يقدر بـ 2,8 في المائة، حسب التغير السنوي، عوض 5 في المائة السنة الفارطة، مشيرة إلى أنه في المقابل، ستعرف الصادرات الوطنية نموا بنسبة 3,5 في المائة، بفضل ارتفاع مبيعات قطاع الطيران والمواد المصنعة الغذائية والإلكترونيك، إضافة إلى صادرات قطاع الفوسفاط ومشتقاته ستشهد بعض التحسن بفضل ارتفاع مبيعات الأسمدة والحامض الفوسفوري، بالموازاة مع ارتفاع أسعارها في الأسواق العالمية حسب التقرير نفسه.
وجاء في التقرير ذاته أنه من المنتظر أن تحقق المبادلات التجارية العالمية زيادة تقدر بـ 1,5 في المائة خلال الفصل الأول من 2019، عوض 5,9 في المائة السنة الفارطة، متأثرة بتراجع واردات الدول المتقدمة، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
ورجحت المندوبية أن تشهد الواردات من السلع، خلال الفصل الأول من 2019، انخفاضا بنسبة 2,4في المائة، بعد ارتفاعها خلال السنة السابقة، مبرزة أنه يرتقب أن تتقلص المقتنيات من المواد الطاقية بنسبة 8,7 في المائة، عقب تراجع أسعارها في الأسواق العالمية وتقلص الكميات المستوردة، مشيرة إلى أنه في المقابل، يتوقع أن تشهد الواردات من المواد الخام وأنصاف المواد بعض الارتفاع موازاة مع تحسن الطلب الداخلي، معتبرة أنه في ظل ذلك، يرتقب أن يتراجع العجز التجاري بنسبة 11 في المائة وأن يتحسن معدل التغطية ب 3,6 نقط ليستقر في حدود 62,9 في المائة.
زيادة في نفقات الأسر وتباطؤ الاستثمار في قطاع البناء

قالت المندوبية في التقرير نفسه حول الظرفية الاقتصادية بالمغرب، إنه من المنتظر أن يواصل الطلب الداخلي دعمه للاقتصاد الوطني، خلال الفصل الأول من 2019، ولكن بوتيرة معتدلة، مضيفة أنه في ظل ظرفية تتسم باستقرار أسعار الاستهلاك مقارنة مع السنة الفارطة، يرتقب أن تحقق نفقات الأسر الموجهة نحو الاستهلاك زيادة تقدر ب 2,8 في المائة، حسب التغير السنوي، مساهمة بما قدره 1,6 نقطة.
وأوضح المصدر نفسه أن هذا التطور سيهم على الخصوص المواد المحلية، فيما ستعرف واردات سلع الاستهلاك زيادة طفيفة تقدر ب 0,8 في المائة، عوض 10,5+ في المائة، السنة الفارطة، موضحا أنه بالموازاة مع ذلك، ستشهد القروض الموجهة للاستهلاك ارتفاعا يناهز 5,7 في المائة، ثم أنه في المقابل، ينتظر أن يحقق الاستهلاك العمومي ارتفاعا بنسبة 2,6 في المائة، خلال نفس الفترة، في أعقاب ارتفاع نفقات التسيير في الإدارة العمومية.
وتوقع التقرير أن يشهد تكوين رأس المال بعض الانتعاش، خلال الفصل الأول من 2019، ليحقق زيادة بنسبة 3 في المائة، حسب التغير السنوي، بعد تراجعه بـ 1 في المائة، خلال الفصل السابق، وعزا التقرير هذا التطور بالأساس إلى تحسن استثمارات المواد الصناعية، في ظل ارتفاع القروض الموجهة للاستثمار بـ 1,8 في المائة، وأكد على أن الاستثمار في قطاع الأشغال العمومية، وخاصة البنيات التحتية، سيحافظ على ديناميكيته، مؤكدا على أن الاستثمار في قطاع البناء سيواصل تباطؤه متأثرا بضعف الطلب على السكن.
تراجع الأنشطة الفلاحية وارتفاع مرتقب في أثمنة اللحوم

فيما يخص القطاع الفلاحي، توقعت المندوبية في التقرير نفسه انخفاضا بنسبة 4,8 في المائة خلال الفصل الأول من 2019، مقارنة مع السنة الفارطة، وعزت هذا التحول بالأساس إلى تراجع الإنتاج النباتي، موضحة أنه بالرغم من أن الظروف المناخية لانطلاق الموسم قد حددت تقديرات محاصيل الزراعات البكرية في مستويات مقاربة للنتائج المحققة خلال المواسم الفلاحية 2006 و2013، فإن استمرار حالة الجفاف التي ميزت فصل الشتاء، ستساهم في تقليص أفاق إنتاجها. وارتقبت أن تشهد مردودية الحبوب الرئيسية والقطاني ومحاصيل الكلأ تراجعا في مناطق الإنتاج الرئيسية وخاصة الشاوية والحوز. في المقابل، ستواصل الزراعات السكرية والورديات ديناميكيتها في ظل غياب ضغوطات مهمة على مياه السقي.
في السياق ذاته أشار التقرير إلى أن الإنتاج الحيواني سيعرف بدوره نموا متواضعا بالرغم من تحسن أنشطة إنتاج الدواجن. حيث من المنتظر أن يتأثر إنتاج اللحوم الحمراء بضعف المراعي وغلاء بعض أسعار الكلأ. كما أن أسعار اللحوم الحمراء ستعرف ارتفاعا بـ 7,6 في المائة و7,4 في المائة، وذلك في ظل التخوفات من تقلص العرض من اللحوم عقب الحملات التلقيحية والقضاء على عدد من العجول والأبقار الحاملة لفيروس الحمى القلاعية.
تحسن في الأنشطة غير الفلاحية

ارتقب التقرير نفسه الصادر عن المندوبية السامية للتخطيط أن تشهد القيمة المضافة دون الفلاحة زيادة تقدر بـ 3,3 في المائة، خلال الفصل الأول من 2019، مدعمة بتحسن أنشطة القطاع الثالثي الذي سيساهم بـ 4,1 نقطة في الناتج الداخلي. في المقابل، سيشهد القطاع الثانوي زيادة بنسبة 3,3 في المائة، ليساهم بنقطة في الناتج الداخلي.
ورجحت المندوبية أن يعرف قطاع المعادن بعض الانتعاش، خلال الفصل الأول من 2019، بعد تباطؤه في متم السنة الفارطة، ليحقق ارتفاعا يقدر بـ 6,6 في المائة، عوض 0,3 في المائة خلال الفصل السابق. ويعزت هذا التطور إلى تحسن إنتاج الفوسفاط بـ 6,9 في المائة بفضل ارتفاع مبيعات الفوسفاط الموجهة نحو الصناعات التحويلية المحلية. كما سيساهم تحسن الطلب الخارجي على الأسمدة الفوسفاطية، بفضل ارتفاع واردات الهند والبرازيل وأمريكا، في الرفع من صادرات المغرب من الأسمدة والحامض الفوسفوري. في المقابل، يرتقب أن يظل إنتاج المعادن الأخرى متواضعا، ليناهز 1,1 في المائة، حسب التغير السنوي (يضيف التقرير نفسه).
وتوقع التقرير أن تواصل الصناعات التحويلية تطورها الإيجابي خلال الفصل الأول من 2019، محققة زيادة تقدر بـ 3,4 في المائة، عوض 3,2 في المائة خلال نفس الفترة من العام السابق، وربط هذا التحول بالأساس باستمرار ديناميكية الصناعات الميكانيكية والإلكترونية لتحقق نموا يقدر بـ 4,8 في المائة، عوض 4,5 في المائة السنة الفارطة، مدعومة بارتفاع إنتاج صناعة السيارات والمكونات الالكترونية. مضيفا أن القيمة المضافة لقطاعي النسيج والجلد ستشهد ارتفاعا ملموسا يقدر ب 4,5 في المائة، بفضل تحسن الطلب الخارجي الموجه نحوها. في المقابل، ستشهد الصناعات الغذائية وكذلك الكيميائية بعض التباطؤ في وتيرة نموهما، مقارنة مع السنة الفارطة، لتستقر في حدود 3,3 في المائة و 3,1 في المائة، على التوالي. كما ستواصل الصناعات الأخرى تباطؤها متأثرة بضعف الطلب على مواد البناء.
من جهته، أوضح التقرير أن قطاع البناء والأشغال العمومية سيشهد تحسنا طفيفا يقدر بـ 9,0 في المائة، في الفصل الأول من 2019، عوض 0,4+ في المائة، خلال نفس الفترة من العام السابق، معتبرا أن القطاع وبالرغم من هذا التطور لا يزال يعاني من ضعف الطلب الموجه إلى السكن، وذلك موازاة مع انخفاض في القروض الموجهة للمنعشين العقاريين بنسبة 3,3 في المائة. وفي هذا الصدد، أشارت المندوبية إلى نتائج البحث الأخير حول ظرفية قطاع البناء التي تشير إلى تراجع في الطلب الموجه للسكن و استمرار تباطؤ أشغال البناء وأنشطة الهندسة المدنية، بالموازاة مع تقلص الطلب على اليد العاملة.
وأضافت المندوبية أنه من المتوقع أن تحقق القيمة المضافة دون الفلاحة ارتفاعا يقدر بـ 3,3 في المائة، خلال الفصل الأول من 2019، عوض 3,4 في المائة خلال نفس

الفترة من السنة السابقة، مشيرة إلى أنه باعتبار انخفاض القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 4,8 في المائة، ينتظر أن يحقق الاقتصاد الوطني نموا يقدر ب 2,3 في المائة خلال الفصل الأول من 2019، عوض 3,3+ في المائة خلال نفس الفترة من السنة الماضية.
استقرار نسبي لأسعار الاستهلاك

أشار تقرير المندوبية إلى أنه من المرتقب أن تشهد أسعار الاستهلاك، خلال الفصل الأول من 2019، بعض الاستقرار مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق. وعزى ذلك بالأساس إلى تقلص أسعار المواد الغذائية ب 1,6 في المائة، بعد ارتفاعها ب 2,4 في المائة، خلال السنة الفارطة، عقب تراجع أسعار المواد الغذائية الطرية وزيت الزيتون، وذلك بالرغم من ارتفاع أسعار التبغ بداية هذه السنة.
وتوقعت مندوبية الحليمي أن تعرف أسعار المواد غير الغذائية بعض التباطؤ لتستقر في حدود 0,9 في المائة، عوض 1,6 في المائة، خلال نفس الفترة من السنة الفارطة، وذلك عقب تراجع أسعار المحروقات. وفي المقابل، سيعرف معدل التضخم الكامن، والذي يستثني أسعار المواد المقننة والطرية، بعض الاستقرار في وتيرة نموه ليحقق زيادة بنسبة 1 في المائة، حسب التغير السنوي.

تحسن القروض المقدمة للاقتصاد

رجحت المندوبية أن تشهد القروض المقدمة للاقتصاد بعض التحسن في وتيرة نموها، خلال الفصل الأول من 2019، بعد سنة ونصف من التباطؤ لترتفع بنسبة 53 في المائة، عوض 2,2 في المائة و3,4 في المائة خلال الفصلين السابقين، مدعومة بتحسن القروض الموجهة لخزينة المقاولات.
وتابعت المندوبية أنه في ظل ذلك، ستستقر أسعار الفائدة بين البنوك في حدود 2,27 في المائة وبفارق 2 نقاط أساس مقارنة مع سعر الفائدة التوجهي، مضيفة أنه يرتقب أن ترتفع أسعار فائدة سندات الخزينة لسنة بـ 5 نقاط، مقارنة مع نفس الفترة من السنة الفارطة، فيما ستنخفض أسعار فائدة سندات الخزينة لـ 5 و10 سنوات بنقطة و3 نقط، على التوالي.
وأشارت المندوبية إلى أنه بالموازاة مع ذلك، يرتقب أن تحقق الكتلة النقدية، خلال الفصل الأول من 2019، زيادة تقدر بـ 4 في المائة، حسب التغير السنوي، عوض 4,1+ في المائة في الفصل السابق، مشيرة إلى أنه في المقابل، ستشهد حاجيات السيولة بعض الارتفاع عقب انخفاض الموجودات الخارجية من العملة الصعبة بنسبة 3,6 في المائة، بعد تراجعها بـ 4,1 في المائة في الفصل السابق، كما ينتظر أن تواصل القروض الموجهة للإدارة المركزية تصاعدها، في ظل ارتفاع مديونية الخزينة بنسبة تقدر ب 11,3 في المائة، حسب التغير السنوي.

تراجع أسعار عدد كبير من أسهم البورصة

قالت المندوبية إنه سوق الأسهم من المرجح أن يشهد خلال الفصل الأول من 2019، بعض التسارع في تراجعه، متأثرا بانخفاض أسعار عدد كبير من الأسهم المدرجة في البورصة، وذلك في ظرفية تتسم بأسعار فوائد البنوك منخفضة. وأضافت أنه يتوقع أن يشهد كل من مؤشري مازي ومادكس انخفاضا بنسبة تقدر بـ 16,5 في المائة و 16,6٪، على التوالي، حسب التغير السنوي، بعد تراجعهما بـ 8,3 في المائة و6,8 في المائة، في الفصل السابق. كما يرتقب أن تتقلص رسملة البورصة بـ 7,1 في المائة و15 في المائة، خلال الفصلين وعلى التوالي، وذلك عقب تراجع أسهم شركات العقار والهندسة الصناعية والكيمياء والمعادن وصناعة الورق. كما ستساهم هذه التطورات في تقلص حجم المعاملات بنسبة 21,6 في المائة، مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية حسب التقرير نفسه.

تباطؤ الاقتصاد الوطني

توقعت المندوبية السامية للتخطيط، في تقريرها، أن يواصل الاقتصاد الوطني، خلال الفصل الثاني من السنة الجارية، تباطؤه متأثرا بانخفاض القيمة المضافة الفلاحية بنسبة تقدر بـ 4,3 في المائة، بسبب انخفاض الإنتاج النباتي والزيادة المتواضعة في أنشطة تربية الماشية.
وتابعت المندوبية إنه من المنتظر أن تتطور القيمة المضافة للأنشطة غير الفلاحية في ظل ظرفية دولية تتسم بارتفاع طفيف للتجارة العالمية يقدر بـ 2,1 في المائة، وذلك موازاة مع تراجع تدريجي للضغوطات السياسية والتجارية المرتبطة بالحواجز الجمركية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وتداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتأثيراتها على الاستثمار والأسواق المالية. وأشارت إلى أنه في المقابل، يتوقع أن يشهد اقتصاد منطقة الأورو بعض التحسن بفضل ارتفاع الطلب الداخلي، مشيرة إلى أن الضغوطات التضخمية ستظل مرتبطة بأسعار النفط في الأسواق الدولية والمتوقعة في حدود 65 دولار للبرميل.
وعلى الصعيد الوطني، توقعت المندوبية أن يشهد الطلب الخارجي الموجه للمغرب ارتفاعا بنسبة 9,2 في المائة، حسب التغير السنوي، سيهم بالأساس القطاعات الثانوية التي ستحقق زيادة بنسبة 3,2 في المائة، خلال الفصل الثاني من 2019. في المقابل، يرتقب أن يعرف القطاع الثالثي نموا يناهز 3,1 في المائة، ليساهم بـ 1,5 نقط في النمو الإجمالي.
وخلص التقرير إلى القيمة المضافة دون الفلاحة يتوقع أن تحقق ارتفاعا يقدر ب 3,3 في المائة، حسب التغير السنوي، مضيفة أنه باعتبار انخفاض القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 3,4 في المائة، سيشهد الاقتصاد الوطني نموا يقدر ب 2,4 في المائة، خلال الفصل الثاني من 2019، عوض 2,5+ في المائة، خلال نفس الفصل من السنة السابقة.

وصف تقرير للبنك الدولي النمو الاقتصادي بالمغرب، بالبطيء ودون إمكاناته، لاعتماده على قطاعات الموارد الطبيعية وتقييده بانخفاض الإنتاج، كاشفا أن نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي تراجع سنة 2018 إلى ما يقدر بنحو 3 في المائة مقابل 4.1 في المائة سنة 2017، مشيرا إلى أن الأداء الاقتصادي من المتوقع أن يتحسن على المدى المتوسط.

التطورات

ذكر التقرير الجديد الصادر عن المؤسسة المالية الدولية بداية الأسبوع الجاري، أن وتيرة ضبط أوضاع المالية العامة تراجعت، وزاد العجز في ميزان المعاملات الجارية مع ضيق قاعدة التصدير، موضحا أنه من الضروري زيادة إسهام مكاسب الإنتاجية في النمو الاقتصادي لضمان تحسين خلق فرص التشغيل وتوسيع الشمول الاقتصادي وبالتالي تعزيز التماسك.
وعزى التقرير تراجع نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي إلى انخفاض نمو القيمة المضافة الزراعية، والذي تم تعويضه جزئيا فقط عن طريق الأداء الجيد للأنشطة غير الزراعية.
وجاء في التقرير الذي تطرقت له جريدة بيان اليوم في عدد سابق، أن أنشطة التعدين ساهمت بالقدر الأكبر في النمو المتحقق بخلاف النمو من قطاع الزراعة والذي يُعزى في معظمه إلى تعافي إنتاج وصادرات الفوسفات، مضيفا أن معدل البطالة انخفض قليلا إلى 9.8 في المائة، لكنه يخفي تراجعا مزمنا في معدل المشاركة في القوى العاملة، الذي هبط 0.5 نقطة مئوية إلى 46.2 في المائة. مشيرا إلى أنه مع ربط سعر الصرف بسلة عملات تضم اليورو والدولار الأمريكي، ظل معدل التضخم أدنى من 2 في المائة.
وأوضح التقرير نفسه على أنه بالرغم من تباطؤ وتيرة ضبط أوضاع المالية العامة في الآونة الأخيرة، فقد ساعد تصحيح أوضاع المالية العامة على مدى السنوات الخمس الماضية وانخفاض أسعار الفائدة المستويات قياسية على احتواء المديونية، مضيفا أن عجز المالية العامة كان أعلى من المستهدف من قبل السلطات، ولم يسمح بتوليد المدخرات المتوخاة في سياق من النمو المنخفض.
على جانب الإيرادات، أشار التقرير إلى أن التدابير الرامية إلى تحسين الحصيلة الضريبية من خلال توسيع القاعدة الضريبية، وملاءمة معدلات الضرائب، والجهود المبذولة لمكافحة التهرب الضريبي تعوض تأثير ضعف النشاط الاقتصادي على عائدات الضرائب، مضيرا إلى أنه على جانب المصروفات، أدى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية إلى ارتفاع بنود الدعم. وبوجه عام، بلغ عجز المالية العامة 3.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهو نفس مستواه سنة 2017، وكانت نسبة الدين العام مستقرة عند حوالي 65 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لا يزال المركز الخارجي قويا، على الرغم من التدهور مؤخرا في ميزان المعاملات الجارية بسبب تأثير ارتفاع أسعار واردات الطاقة.
وأكد التقرير على أن العجز في ميزان المعاملات الجارية انخفض إلى حد كبير منذ سنة 2012، تماشيا مع تدابير تقييد المالية العامة، فيما أكد على أن العجز التجاري ارتفع مما يعكس نقص القدرة التنافسية وزيادة الاعتماد على الطاقة. وأشار إلى أن انخفاض أسعار النفط منذ منتصف سنة 2014 ساهم في انخفاض عجز المعاملات الجارية إلى 3.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي عام 2017، مشيرا إلى أنه على الرغم من التحول في الصادرات، انعكس مسار الانخفاض سنة 2018، وتشير التقديرات إلى أن العجز بلغ 4.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وفي الوقت نفسه، ارتفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 25.9 في المائة وارتفعت إيرادات السياحة بنسبة 1.5 في المائة، بينما انخفضت تحويلات المغتربين بنسبة 1.7 في المائة.

الآفاق المستقبلية

توقع البنك الدولي تحسن الأداء الاقتصادي على المدى المتوسط من خلال سياسات المالية العامة وسياسات نقدية سليمة واستراتيجيات قطاعية أكثر اتساقا وبيئة استثمار محنة، وكلها يهدف إلى دعم مكاسب القدرة التنافسية التدريجية.
وتابع التقرير أنه من المتوقع أن ينخفض النمو إلى 2.9 في المائة سنة 2019 بسبب توقع انخفاض الإنتاج الزراعي بعد عامين استثنائيين، مؤكدا على أن النمو سيستقر عند معدل 3.6 في المائة على المدى المتوسط.
وأضاف التقرير أنه من المتوقع أن يقل عجز المالية العامة الإجمالي إلى 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي بحلول سنة 2021، مما يؤدي إلى انخفاض نسبة الدين العام، شريطة أن تحافظ الحكومة على مسارها الحالي لضبط أوضاع المالية العامة وتحسن كفاءة الاستثمار العام، مشيرا إلى أن متطلبات التمويل العام ستظل تشكل شاغلا متوسط الشدة بالنظر إلى الانخفاض النسبي في الدين العام، وتصنيفات المغرب الاستثمارية في الأسواق العالمية.
وكشف التقرير أن الحكومة وضعت قائمة بالمؤسسات المملوكة للدولة لخوصصتها اعتبارا من سنة 2019، مما سيؤدي إلى التخفيف من مبالغ المنح المحتمل خفضها من دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات القليلة القادمة.
وفيما يتعلق بالاختلالات الخارجية، توقع البنك الدولي أن يتحسن عجز المعاملات الجارية إلى 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، مدفوعا بنمو الصادرات والعائدات السياحية وتحويلات المغتربين، مما سيعوض تكلفة واردات الطاقة المتزايدة.
وأكد البنك الدولي على أن النمو الاقتصادي لا يزال بطيئا ودون إمكاناته، حيث يعتمد على قطاعات الموارد الطبيعية ويقيده انخفاض الإنتاجية ويرتفع معدل البطالة مع انخفاض معدلات المشاركة خاصة للشباب والنساء، مؤكدا على أن وتيرة ضبط أوضاع المالية العامة تراجعت وزاد العجز في ميزان المعاملات الجارية مع ضيق قاعدة التصدير، مشيرا إلى أنه من الضروري زيادة إسهام مكاسب الإنتاجية في النمو الاقتصادي لضمان تحسين خلق فرص التشغيل وتوسيع الشمول الاقتصادي وبالتالي تعزيز التماسك.

***

اقتصاد المغرب رهين بقطاع الفلاحة ومن الصعب جدا التكهن بظروف إيجابية لتحقيق إنجازات اقتصادية واجتماعية

ذ: محمد بنحريميدة

قال أستاذ علوم التدبير بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، محمد بنحريميدة إن اقتصاد المغرب يبقى دائما رهين القطاع الأولوي للفلاحة، موضحا أنه عندما يكون الموسم الفلاحي جيدا يكون أيضا مستوى معدل النمو جيدا.
وسجل أستاذ علوم التدبير في تصريح لجريدة بيان اليوم، فيما يخص تقرير المندوبية السامية للتخطيط حول الظرفية الاقتصادية بالمغرب، فرق نقطة بين السداسية الأولى للسنة الجارية مع السنة الماضية، معتبرا أنه فرق كبير جدا.
وتابع بنحريميدة أن نقطة ليست بهينة خاصة إذا تمت ترجمتها إلى عدد مناصب الشغل، مستغربا عدم الإشارة لهذه المسألة في التقرير، خاصة أن أغلب المهتمين بالشأن الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي في المغرب يثيرون مسألة التشغيل، مضيفا أنه إذا مثلت تلك النقطة معدل 33000 منصب شغل فقط سيلاحظ أن هناك خيبة أمل.
وأكد الأستاذ الجامعي على أن المغرب يجب أن ينوع قليلا وألا يعتمد فقط على نوعية واحد من القطاعات، خاصة أن قطاع الفلاحة مرتبط بشكل كبير بالطقس والتغيرات المناخية، “إن كانت سنة ماطرة يكون الإنتاج جيدا وإن كان هناك نوع من نقص الأمطار يحدث خلل في الإنتاج”.
وشدد بنحريميدة على ضرورة القيام بمجهودات أكبر وتنويع أرضية النمو حتى لا يبقى رهينا بقطاع وحيد وأوحد، مشددا على أنه يجب أن نتجاوز المقولة “هذه السنة هناك مستوى نمو جيد وذلك راجع للقطاع الفلاحي أو نقول العكس مستوى نمو ليس في المستوى ونفس التبرير بالقطاع الفلاحي مرة أخرى”، معتبرا أن النمو سيتحسن إذا كان لدينا قطاعات متعددة مثلا في مجال الخدمات، مجال الصناعات بشتى أنواعها.
وأشار بنحريميدة إلى أن الإقتصاد المغربي يبقى رهينا أيضا بالاقتصادات المجاورة، اقتصاديات الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، الصين إلى غير ذلك…، مشيرا أنها بدورها ستؤثر على مستوى الاقتصاد المغربي، موضحا: “يعيني إن كان هناك نوع من الانكماش في الاقتصاد الأوروبي سيكون له نفس التأثير على الاقتصاد المغربي”.
ودعا بنحريميدة إلى ضرورة تنويع الشركاء في مختلف دول العالم، وتجاوز الارتباط فقط بالشركاء الكلاسيكيين لكي لا نبقى رهينين في كتلة معينة من الإقتصادية العالمية، داعيا إلى تفعيل اتفاقيات التبادل الحر، مشيرا إلى أن هذا ما نهجه المغرب في السنوات الأخيرة من خلال انفتاحه على إفريقيا جنوب الصحراء، معتبرا أن هذه مسألة مهمة لكن يجب المحاولة بشكل أكبر ويكون التدقيق في جميع مكونات الاقتصاد المغربي، “لا نبقى فقط في الأبناك والاتصالات فيجب أن يصبح لدينا حضور أكبر وأكثر بشكل ملحوظ في اقتصاد جنوب الصحراء”.
وأشار أستاذ علوم التدبير بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، محمد بنحريميدة، أيضا إلى الارتفاع الملحوظ لمستوى الدين العمومي خلال السنوات الأخير، مشيرا أن ذلك يجعل من الصعب جدا التكهن بظروف إيجابية لتحقيق إنجازات اقتصادية واجتماعية في السنوات المقبلة

*أستاذ علوم التدبير بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء

***

على الفاعلين الاقتصاديين التحلى بالوطنية الاقتصادية

> الفقير المهدي *

قال الخبير المالي والاقتصادي، والخبير المحاسب، الفقير المهدي، إن مؤشرات التي جاء بها تقرير المندوبية السامية للتخطيط تؤكد تباطؤ النمو الاقتصادي، مشيرا إلى أن التبعية للقيمة المضافة الفلاحية تؤكد وترسخ فصلا بعد فصل أن هناك تباطؤ في النمو الاقتصادي.
وتابع الخبير المالي في تصريح لجريدة بيان اليوم، أنه بحكم أن المغرب يعتمد بشكل كبير على الفلاحة وبحكم تأخر التساقطات كان من الواضح أن هناك تأثير مباشر وبالتالي سجل انخفاض للنمو وحتى انخفاض بالنسبة للتوقعات.
وأضاف الفقير أن هناك مسألة بنيوية هي أننا يوما بعد يوم ودراسة بعد دراسة نتأكد بأن المنظومة الاقتصادية هي منظومة محدودة جدا وجب إعادة النظر فيها، لأنها منظومة تعتمد على الطلب وليس على العرض مع كامل الأسف ومنظومة التي أثبتت محدوديتها.
واعتبر المتحدث نفسه أنه بحكم أن المنظومة الاقتصادية تعتمد على الطلب وعلى الفلاحة والقيمة المضافة الفلاحية دون اعتراف بأن مشكل الجفاف وضعف التساقطات هو مشكل بنيوي وليس ظرفي فإن ذلك عطب من الأعطاب الأساسية في هذه المنظومة، معتبرا أنه اختلال هيكلي ستستمر المعاناة منه، وستبقى نسب النمو تتقلب بتقلب نسبة القيمة المضافة الفلاحية ومساهمة الفلاحة في الاقتصاد وفي خلق قيمة مضافة حسب تعبيره.
وأكد الخبير على أن ما تضمنه التقرير كان واضحا منذ البداية، مؤكدا على أنه يجب التساؤل في الوقت الراهن أكثر من أي وقت مضى عن المجهود التنموي في شقه الاقتصادي وما إن كنا سنبقى رهيني وضعية مختلة هيكليا أم وجب المرور إلى إصلاحات أكثر عمقا.
وثمن الفقير سياسة التسريع الاقتصادي التي تريد أن تقوي المنظومة الاقتصادية لتصبح منظومة معتمدة على العرض أي على التصدير وعلى القيمة المضافة العالية وعلى ديمومة في التطور بالاعتماد على الصناعة، باعتبارها لا تخضع لتقلبات مناخية.
وأعرب المتحدث عن أسفه من كون نسبة مساهمة القيمة المضافة الصناعية حوالي 15 في المائة تبقى محدودة، “وبالتالي فلسنا بعد بلدا صناعيا حتى ننتظر أن تقوم الصناعة بدورها للحفاظ على ديمومة نسبة النمو تحصين الاقتصاد الوطني من هذه التقلبات التي نعانيها.
وأكد الخبير المالي والاقتصادي على أن هناك خطوات على المدى القريب لتجاوز البطء في النمو، مؤكدا على ضرورة إعادة الثقة بصفة عامة “الثقة في المجال الإقتصادي، في ميدان الأعمال عن طريق إشارات وتحفيز القروض، الضريبة على القيمة المضافة، الضريبة عن القيمة المنقولة”، مشيرا إلى ضرورة تعزيز الثقة لتشجيع الناس على الاستثمار وعلى الاستهلاك.
وأضاف الفقير أن هناك خطوات أخرى هيكلية ولكن مع الأسف يصنعها الإستعجال وهي التعجيل بوضع التصور النهائي للنموذج التنموي وخصوصا في شقه الاقتصادي، مضيفا أنه علينا أن نعرف ماذا نريد في الإقتصاد الوطني لأن هذا المحدد الأساسي هو الذي سيمكننا من بعد أن نأطر السياسات العمومية ولن نبقى في وضع سياسات ظرفية مبنية على الاستعجال وسياسات غير متداخلة وغير واضحة عن بعد.
وأكد الفقير على أهمية الاستثمار، ودعا الفاعلين الاقتصاديين إلى التحلى بالوطنية الإقتصادية وأن يقوموا بدورهم في الإستثمار على المدى البعيد لأنه يجب أن تكون لديهم الجرأة والواقعية العملية بأن يبدأ من الآن دون الإنتظار، معتبرا أن الإنتظارية هي التي تجعل الخسائر كثيرة.
واعتبر الخبير المالي والاقتصادي، والخبير المحاسب، الفقير المهدي، أنه على المسؤولين الحكوميين مواصلة إرسال إشارات الثقة للميدان الإقتصادي عن طريق إجراءات قانونية واقعية عملية لتسهيل ظروف الإستثمار وتحسين أيضا انخراط الفاعل الاقتصادي وتوفير الظروف الملائمة.

 خبير مالي واقتصادي، وخبير محاسب

> عبد الصمد ادنيدن

Related posts

Top