الباحثة الأكاديمية فوزية لبيض: المعرض اختبر قدرتنا على التأقلم

 يحفل المعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته السابعة والعشرين الذي يقام هذه السنة بشكل استثنائي في الرباط؛ يحفل بمشاركة عدد كبير من الأدباء من داخل الوطن وخارجه، ومن أجيال مختلفة.

 بالمناسبة، كان لبيان اليوم لقاء مع نخبة منهم.

اليوم مع فوزية لبيض، أستاذة باحثة وناقدة ومديرة نشر مجلة الفنون الصادرة عن وزارة الثقافة.

ما يعنيه لي المعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته السابعة والعشرين بالرباط

في ظل استمرار الوضع الوبائي المرتبط بفيروس كورونا المستجد، ونظرا لكون المعرض الدولي للنشر والكتاب الذي تنظمه وزارة الثقافة والشباب في شهر فبراير من كل سنة يعتبر محجا سنويا، أعلنت الوزارة قرار تأجيل الدورة السابعة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب لاستحالة تنظيمها في موعدها المعتاد ككل سنة.

ها نحن بعد تجاوز محنة الحجر نعيش شغف معانقة الكتاب من جديد واستنشاق عبقه ولذة نصوصه من خلال البرنامج الثقافي للدورة السابعة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، بعد تنظيمه لسنوات سابقة بالدار البيضاء، برنامج حافل يضم مجموعة من الأنشطة الثقافية والندوات الفكرية، وفقرات متنوعة بين تقديم أقلام جديدة تخوض غمار التجربة الإبداعية او الكتابة النقدية الى جانب اسماء مغربية عربية وافريقية مرموقة، حيث تتعدد وتتنوع اللحظات الاحتفائية، الحوارات، تقديمات الكتب والمجلات العلمية التي صدرت مؤخرا، بمشاركة عارضين ودور النشر من مختلف الدول العربية والغربية والأفريقية.

 ولعل ما يميز معرض الكتاب كحركة ثقافية هو كونه يجسد بالنسبة لنا كمثقفين ونقاد وكباحثين عرسا وقبلة للكتاب والمثقفين وملتقى للحوار بين المبدعين والمهتمين بالكتابة الأدبية والعلمية حول آخر الإصدارات. عودة معرض الكتاب الدولي هو مناسبة أيضا لأعداد كبيرة من المهتمين من الطلبة الباحثين والتلاميذ وعموم المواطنين من مختلف الأعمار طيلة عشرة أيام يتجولون فيها بين الأروقة وداخل فضاء العرض للإطلاع على البحوث والكتب القيمة من أشغال الندوات والأطروحات والدراسات وكذا للتواصل المباشر مع أسماء مشهورة، ناهيك عن ملامسة القراء الجدد  لجماليات النصوص الابداعية الأدبية. هي فرصة لكي نعيد فيها طرح سؤال مآل سياسة الدعم التي تسلكها وزارة الثقافة لتشجيع القراءة العمومية ومدى انعكاسها على مستوى المقروئية وارتفاع منسوب التثقيف.

طبيعة مشاركتي في هذه الدورة؟

مشاركتي في فعالية هذه الدورة تجسدت في تسيير ندوة حول “المسرح من النص الى العرض ومن العرض إلى النص” بحضور كل من الأستاذ احمد مسعاية، والصحفية فدوى مسك والشاعر طه عدنان في إطار اغناء النقاش وتقديم المستجدات التي يعرفها الحقل الأدبي والمسرحي منه على وجه الخصوص.

النقاش دارت أطواره حول الاقتباس المسرحي من الرواية وامكانية تحول النصوص الابداعية الى عروض مسرحية او سيناريوهات لأعمال فنية سينمائية تعطي للكتابة روحا بعد تجسيدها فوق الركح أو على الشاشة. ما هي أساسيات التحول التقني؟ وهل كل النصوص صالحة للمسرحة؟ كيف يمكن إضفاء صبغة الطبيعة الدرامية على روايات لتتماهى مع تقنيات الخشبة، كالعمل الذي قام به عبد اللطيف الفردوس في مسرحية “انا ماشي حمار”  أو التي أخرجها بوسلهام الضعيف في غير ما عمل مسرحي.  هل كل النصوص المسرحية التي كُتبت بقصد النشر تصلح للإخراج؟ هل من الضروري خلق ترابط بين شكل كتابة النص وأسلوب العرض؟ هل لا زال الارتجال والتوليفات المسرحية والكتابة الجماعية تجد مكانا لها في ظل وجود نصوص منشورة؟ هل يعيش المسرح المغربي أزمة النص؟  إلى غيرها من الاسئلة البحثية التي تطرح نفسها للنقاش والتحليل مع ثلة من الاساتذة الباحثين الممارسين والمهتمين. 

نشاط الأدب الرقمي وكل الصيغ الالكترونية

 خلقت الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا على العالم جمودا امتدت تداعياته لتلامس الحقل الثقافي والفني، حيث انعكست سلبا عليه، تجسد في إلغاء مجموعة من التظاهرات بما فيها  المهرجانات الموسيقية وإغلاق المتاحف والمسارح وفضاءات العرض ودور السينما، حرصا على السلامة العامة، منعت التجمعات والملتقيات وتوقف العمل في استديوهات التصوير استجابة لإجراءات حظر التجول والحجر المنزلي.  واقع تسبب بأضرار مادية لآلاف العاملين في مجال الثقافة.

اختبرت هاته الأزمة الخانقة على كل المستويات قدرتنا على التأقلم، ففي الوقت الذي حاولت فيه كل المجتمعات التكيف مع الظروف المستجدة، شهدنا تحولات وترتيبات مستحدثة كالتي تعلقت بالعمل والتواصل عن بعد في مجال إدارة المؤسسات والقطاعات المختلفة من الصحة والتعليم وغيرها. المشهد الثقافي والفني وطنيا ودوليا تأثر بشكل ملفت خاصة فيما يتعلق بصناعة الكتاب وترويجه. حيث نشط الأدب الرقمي وكل الصيغ الالكترونية، عوض الصيغ الورقية للإصدارات التي عجت بها مواقع التواصل الاجتماعي كآلية لديمومة إنتاجها وإيصالها للجمهور

العريض في ظل الظروف القاهرة. ما هو ايجابي في هذا السياق هو توطيد العلاقة بين الأدب والتكنولوجيا. حيث أضحت الأداة التقنية جزءا من الإنتاج الأدبي الرقمي التفاعلي، نظرا لكونه يسهم في صناعة جمالية هذا الأدب الجديد.

إعداد: عبد العالي بركات

Related posts

Top