البرلمان الليبي يحجب الثقة عن الحكومة مع اقتراب موعد الانتخابات

صوت البرلمان الليبي الثلاثاء على حجب الثقة عن الحكومة الانتقالية التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، مع اقتراب موعد الانتخابات المقررة بعد أقل من مئة يوم، ما يمثل ضربة جديدة لجهود السلام الأممية في بلد تعصف به الفوضى منذ عقد.
وجاءت عملية حجب الثقة في جلسة مغلقة عقب أسبوعين من مصادقة رئيس البرلمان عقيلة صالح على قانون انتخابات رئاسية مثير للجدل، بدا وكأنه وضع على قياس المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد.
وجرت عملية تصويت البرلمان الذي اجتمع شرق البلاد، بحضور 113 نائبا، وصوت 89 نائبا لسحب الثقة من الحكومة ومقرها طرابلس، وفق ما قال المتحدث باسم البرلمان عبدالله بليحق.
وفي أول تعليق عقب قرار حجب الثقة عن حكومته، أكد عبد الحميد الدبيبة في كلمة في ختام حفل رياضي في مدينة الزاوية (40 كيلومترا غرب طرابلس) عزم حكومته مواصلة مسيرة “الحفاظ على الوطن”، وطرد “شبح الحرب” من دون رجعة.
وعقب عودته من مدينة الزاوية، شارك رئيس الحكومة الليبية في تظاهرة مؤيدة لحكومته في طرابلس، حيث تجمع المئات من المتظاهرين الرافضين لقرار البرلمان بحجب الثقة.
وردد المتظاهرون شعار “الشعب يريد إسقاط البرلمان”.
ورد رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، على هتافاتهم، قائلا “بإذن الله سيسقط البرلمان”.
وفي موقف رافض أيضا لقرار البرلمان، أكد خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة أن الحكومة مستمرة في مهامها تحضيرا للانتخابات.
وقال المشري في تصريح للصحافيين، عقب لقائه وزير الخارجية المغربي في الرباط، “أي عمل يشوش على الانتخابات لا نريد منحه أكبر من حجمه (…)،هذه الحكومة يجب أن تحضر للانتخابات في 24 دجنبر المقبل”.
وأضاف “الحكومة مستمرة في عملها حتى ذلك التاريخ، ويجب توفير المناخ لها لإجراء الانتخابات”.
وكان البرلمان أعلن الاثنين تشكيل لجنة تحقيق لاستجواب الحكومة ومنحها أسبوعين لتقديم تقرير متكامل، للنظر في إمكانية استمرارها أو سحب الثقة منها.
وبالتالي، جاء قرار الثلاثاء “مفاجئا” وتجاوزا للجنة التحقيق.
وتحسن الوضع نسبيا منذ بداية العام، عقب سنوات من العنف والفوضى، مع التوصل الى وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة الدبيبة مهمتها إدارة الفترة الانتقالية وصولا الى الانتخابات في 24 دجنبر المقبل.
ويؤزم هذا التطور الجديد الوضع مرة أخرى، ويلقي ظلالا من الشك على الانتخابات التي يضغط المجتمع الدولي لإجرائها.
وفي أول رد رسمي على قرار البرلمان “حجب الثقة” عن الحكومة، رفضت بعثة الأمم المتحدة القرار، مؤكدة أن حكومة ديبية “شرعية” حتى يتم استبدالها بأخرى عقب الانتخابات.
وأكد رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يان كوبيش، أن البعثة كانت تتوقع “تركز جهود مجلس النواب على وضع اللمسات الأخيرة على قانون الانتخابات البرلمانية، وتعزيز جهودها نحو بناء توافق واسع النطاق بشأن الإطار التشريعي للانتخابات”.
كذلك حثت البعثة مجلس النواب على “استكمال العمل على قانون الانتخابات النيابية الأسبوع المقبل في أقصى تقدير”.
ودعت جميع الأطراف السياسية “الامتناع عن أي إجراء يقوض العملية الانتخابية ووحدة البلاد وأمنها واستقرارها”.
وقد يتعرض قرار “حجب الثقة” للطعن في قانونيته. ورافق الجدل عملية التصويت وارتفعت أصوات تتحدث عن “أخطاء” و”تزوير”.
وأوضح مصدر برلماني لوكالة فرانس برس أن قانون النظام الداخلي للبرلمان لعام 2014 ينص على أن النصاب القانوني المطلوب للتصويت على منح أو حجب الثقة للسلطة التنفيذية يتطلب نصابا يتخطى ثلثي عدد النواب بواقع 120 صوتا.
وقال المتحدث باسم البرلمان أنه لن يتم استبدال حكومة الدبيبة، بل سيتم اعتبارها حكومة “تصريف أعمال”.
وقال الباحث في موقع “ليبيا آوت لوك” محمد الجارح عبر “تويتر”، إن تصويت البرلمان “تصعيد كبير” من شأنه زيادة “الارتباك” وحالة “عدم اليقين”، معتبرا أن ليبيا في “منعطف حرج”.
وحصلت حكومة الدبيبة في مارس على ثقة مجلس النواب، في تصويت وصف بـ “التاريخي”، وتمكنت من تسلم السلطة من الحكومتين المتنافستين آنذاك بطريقة سلسة لم تعهدها ليبيا كثيرا منذ عشرة أعوام.
كذلك تم إلى جانب الحكومة، اختيار مجلس رئاسي (أعلى سلطة تنفيذية) من ثلاثة أعضاء، كلف توحيد المؤسسات، وإخراج البلاد من الصراعات، والإشراف على عملية المصالحة الوطنية بين الأطراف المتصارعة.
وعانت حكومة الديبية من مشاكل كبيرة، أهمها الخلاف مع البرلمان الذي استمر منذ توليها السلطة حول اعتماد الموازنة العامة التي رفضت مرات عدة خلال جلسات البرلمان.
وكان الخلاف الأخير حول القانون الانتخابي الذي نص في إحدى مواده على إمكانية ترشح أي عسكري أو مدني لمنصب الرئيس شرط “التوقف عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر”، وفي حال عدم انتخابه “يعود لسابق عمله”.

< أ.ف.ب

Related posts

Top