البرلمان يتقصى حقيقة ملف “مافيا” الرمال

عقب سنوات عجاف من لامبالاة المسؤولين، ونهجهم لسياسة “كم حاجة قضيناها بتركها”، وجد أخيرا ملف “مافيا” الرمال طريقه نحو البحث والتقصي، من قبل نواب الأمة، الذين دفعوا إلى تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الموضوع.
ويجتمع أعضاء اللجنة البرلمانية الاستطلاعية، يومه الثلاثاء، برئاسة النائب البرلماني رشيد حموني، عضو المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، للنظر فيما يثار من ريع في استغلال أصحاب المأذونيات لهذه المنشآت التي تبيض ذهبا، والذين ظلوا لسنوات طوال يغتنون على حساب صناديق الدولة، كما تشكل في أحيان كثيرة تهديدا حقيقيا للبيئة.
وفي هذا الصدد، تشير المعطيات الرسمية إلى أن مقالع الرمال لم توفر لخزينة الدولة، منذ 2008 إلى 2017، سوى 335 مليون درهم، أي 3 مليارات سنتيم سنويا، باحتساب الضرائب المفروضة على جرف الرمال و الإتاوات على استغلال الملك العمومي، وهو رقم هزيل بالمقارنة مع عدد المقالع الموجودة في المملكة.
ويجتمع أعضاء المهمة الاستطلاعية، اليوم، ضمن اللجنة النيابية التي شكلتها لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة، في عملية تتبع ونبش للريع الذي يعرفه القطاع في ظل القانون الذي أعدته وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء لاستغلال المقالع، منذ سبع سنوات.
يشار إلى أن القانون الجديد للمقالع يستند على تبسيط المساطر المتعلقة بتسليم وصولات التصاريح لاستغلال المقالع، وحماية البيئة، وتكثيف المراقبة، إلا أن النواب يرون أن العديد من الاختلالات يعرفها القطاع، ومنها أساسا ضعف ما تحصله الدولة منه، والقضاء على الثروة البيئية.
من جهة أخرى، سبق أن حذر تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة من تدمير “مافيا” المقالع للرمال المغربية، عن طريق الاستغلال المفرط وغير المشروع لموارد الرمال.
وأوضح برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة، في تقريره، أن الزيادة في الطلب على الرمال تبلغ ثلاثة أضعاف على مدار العشرين عاما الماضية، وسط تزايد عدد السكان والتوسع الحضري وأعمال البناء؛ وهو ما ساهم في تآكل الشواطئ والفيضانات والجفاف.
وجاء المغرب، بحسب التقرير، ضمن البلدان التي تعاني من استخراج الرمال الساحلية بطرق غير قانونية، ، حيث أن نصف رماله “حوالي 10 ملايين متر مكعب في السنة” تأتي عن طريق استخراج الرمال الساحلية غير القانونية.
يذكر أن القانون يحدد المدة القصوى لاستغلال مقلع في 20 سنة بالنسبة للمقالع المكشوفة والباطنية، موردا أنه يمكن أن تصل هذه المدة إلى 30 سنة بالنسبة إلى المقالع المرتبطة بالصناعات التحويلية. وفيما يخص المقالع المتواجدة في عرض البحر، تحدد المدة القصوى لاستغلالها في 10 سنوات.
وألزم القانون مستغلي المقالع بتقديم كفالة مالية لضمان إعادة تهيئة مواقع المقالع بعد الانتهاء من استغلالها، تستعمل من طرف الإدارة في حالة عدم وفاء المستغل بشروط إعادة التهيئة، مشيرا إلى ضرورة إخضاع جميع أنواع المقالع لدراسات التأثير على البيئة وإخضاع جميع أنواع المقالع لبحث عمومي تعلن عنه الإدارة.
في هذا السياق، كشف رشيد حموني رئيس اللجنة الاستطلاعية للبحث في ريع مقالع الرمال عن استعداد اللجنة لاستئناف عملها الميداني بخصوص بعض التجاوزات والتهديدات التي يشكلها استغلال بعض المقالع على البيئة.
وقال رشيد حموني في تصريح لـ “بيان اليوم” إن اللجنة التي ستجتمع يومه الثلاثاء، ستعمل على البحث في بعض التجاوزات المحتملة لبعض المقالع والتي قد تشكل ضررا على البيئة.
وأضاف البرلماني عن حزب التقدم والاشتراكية أن اللجنة ستتدارس في جدول أعمال اجتماعها، نقطة وحيدة وهي تقرير وزير الطاقة والمعادن والبيئة حول نشاط بعض المقالع، والذي جاء فيه أن هذا النشاط لا يؤثر على البيئة، وذلك وفق لجان خاصة شكلتها الوزارة المعنية.
وأوضح حموني أن هذه الوثيقة الأخيرة تتعارض مع ما جاء في تقرير وزارة الفلاحة والصيد البحري الموجه لوزارة الطاقة والمعادن والذي يحذر فيه من تأثير استغلال بعض المقالع على الثروة السمكية، فضلا عن تقرير وزيرة البيئة، وأشار المتحدث إلى أن اللجنة ستتدارس الوثيقة الجديدة لوزارة الطاقة والمعادن التي لم تأخذ بعين الاعتبار تقارير باقي الوزارات والقطاعات المعنية وكذا دعوات المجتمع المدني وساكنة المناطق التي تقع بها هذه المقالع.
وشدد حموني على أن اللجنة ستتجه إلى استدعاء وزير الطاقة والمعادن والوكالة الوطنية لموانئ المغرب، وكذا طلب تقارير كل من وزارة الفلاحة والصيد البحري وتقرير وزارة البيئة، وذلك في أفق استئناف الزيارات الميدانية.
وأورد رئيس اللجنة الاستطلاعية للبحث في ريع مقالع الرمال أن اجتماع يومه الثلاثاء سيكون عنونا لاستئناف عمل اللجنة، مع طلب استئناف الزيارات الميدانية للمواقع الأربعة التي تدخل في مهام اللجنة وهي نهر أم الربيع، وآسفي، والمهدية، والعرائش، مع طلب بتوسيع المهام لتشمل جماعة الساحل التي تقع بمدينة العرائش أيضا، مشيرا إلى أن مجلس النواب كان قد أوقف مهام اللجان الاستطلاعية مارس الماضي بسبب تفشي فيروس كوفيد -19.
يشار إلى أن المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية، كانت قد قدمت منذ 2017 طلبات لرئيس لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب لتشكيل لجنة استطلاعية مؤقتة لمواقع جرف الرمال بكل من مدينة القنيطرة والعرائش، وأزمور، وآسفي، وذلك قبل أن يتم بداية السنة الجارية تشكيل هذه اللجنة برئاسة البرلماني عن المجموعة النيابية رشيد حموني، وهي اللجنة التي سبق وأن حلت بمجموعة من المواقع يناير الماضي قبل أن يتم توقيف المهام الاستطلاعية مارس الماضي بسبب تفشي “كوفيد – 19”.

<عبد الصمد ادنيدن
< محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top