البطل الأولمبي والخبير الفني والمحلل التلفزي سعيد عويطة يتحدث لـبيان24

  ما من شك أن الحوار مع سعيد عويطة لم يكن ولن يكون أبدأ كباقي الحوارات، وهو نفسه لن يكون كباقي المحاورين، لأنه ببساطة ليس كباقي الرياضيين العاديين، لأنه البطل الأسطورة وقاهر المسافات.
   ركوبه التحدي وحبه المغامرة وتجاوزه الصعاب ومنافسته الخصوم والعداد… مميزات طبعت مسيرة عويطة كعداء فذ لا يقهر، هذه المميزات التي من الصعب أن تجتمع في شخص واحد، طبعت سلوكه وهو مؤطر ومحلل تلفزي، وحتى في حياته الخاصة وعلاقاته الشخصية، وعلى هذا الأساس فإن محاورته مسألة مطلوبة من طرف الصحافة، لأن الحوار معه لن يخلو من الإثارة والتصريحات القوية والإشارات الدالة والصراحة، حتى ولو كانت في بعض الأحيان جارحة، وكثيرا ما جلبت له مشاكل كثيرة مع محيطه.
  إلا أن عويطة يبقى دائما البطل الفذ في عيون الملايين ممن أحبوه وسهروا الليالي من أجل متابعة إنجازاته التاريخية  التي ما يزال مصدر فخر واعتزاز لكل الأجيال…
  عويطة الذي زار مؤخرا مدينة العيون بمناسبة إجراء اللقاء الاستعراضي بحضور نجوم كرة القدم العالمية يتقدمهم أسطورة آخر وهو الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا، منح «بيان اليوم» مناسبة كبيرة لمحاورته مرة أخرى، ومعرفة أخباره وتسجيل آرائه ومواقفه.
 وكالعادة ففي كل مرة تحاوره تكتشف جوانب أخرى من شخصية بطل غير العادي في تحليله وآرائه، وهذه مسألة مألوفة لأن عويطة لو كان إنسانا عاديا لما قهر العداد، ولما مرغ في الأرض كبرياء الإنجليز، ولما قال عنه يوما ما الملك الراحل الحسن الثاني: «أصبح من يسأل عن المغرب، يعرفه بفضل عويطة ونوال أكثر من ملكه المتواضع الخادم».

> بداية هل يمكن أن تطلع المغاربة على آخر أخبار سعيد عويطة؟ وما هي المهمة التي تتولاها حاليا؟
< أعمل باللجنة الأولمبية الإماراتية كخبير فني في إطار عدة مشاريع رياضية، وتحديدا في رياضة ألعاب القوى. لديهم مشروع «بطل أولمبي». ولقد أحضرنا 12 موهبة للتحضير بمدينة إفران في معسكر يمتد لثلاثة أشهر. كما تعلمون فأنا أعيش دوما متنقلا بين أمريكا والإمارات، أقيم بأمريكا وأعمل بالإمارات. الحمد لله أنا سعيد .. لا أقصد سعيد عويطة (مازحا)، بل إنني سعيد جدا.

> بالإضافة إلى ذلك، فأنت تعمل كمحلل بإحدى القنوات الرياضية، أليس كذلك؟
< حاليا .. لم أعد أعمل مع شبكة قنوات «بي إن سبورت» القطرية. وأنا غير مرتبط مع أي قناة في الوقت الراهن. أحيانا أعمل كمتعاون مع شبكة أبو ظبي الرياضية كما حدث بالدورة الأولمبية الأخيرة. عموما فأنا أعتبرها تجربة ممتازة وأتمنى تكرارها في المستقبل.

> ما هي آفاق وأهداف تعاقد سعيد عويطة مع اللجنة الأولمبية الإماراتية؟
< الأهداف تتمثل في صناعة أبطال يشاركون بأولمبياد طوكيو 2020، والمطلوب تحديدا هو تأهيل مجموعة من الأبطال إلى الألعاب مباشرة. شخصيا ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك، لأنه حسبما يظهر لي، فهناك مواهب كثيرة تستطيع بلوغ النهائيات والمنافسة على الميداليات.

> هل نعتبر هذا الكلام وعدا للأشقاء الإماراتيين بصفة خاصة والعرب عموما؟ وعلى ماذا تبنيه؟
< نعم .. هو وعد للإماراتيين. وعد أبنيه على اليد الساحرة والعقل المفكر (يضحك) …

> هل تابعت نتائج العرب بأولمبياد ريو دي جانيرو؟ وكيف تقيم حصيلتهم؟
< بكل صراحة .. لم نتقدم إطلاقا. أنا لا يهمني ما حصل عليه العرب بقدر اهتمامي بحصيلة المغرب. أعتبرها صدمة كبيرة، لأنه لدينا أبطال ومواهب كثيرة. كنت أنتظر على الأقل 5 ميداليات في ألعاب القوى فقط، لكن -مع كامل الأسف- تلقى المغاربة خيبة أمل كبيرة، وأنا أيضا أصيبت بخيبة أمل كبيرة.
هذه ضريبة التركيز على عداء واحد كإيكيدير الذي أقر بأنه أعطى الكثير للمغرب، إلا أنه يتوجب التفكير في أبطال آخرين. لدينا مواهب كثيرة، لكن المشكل يتمثل في كيفية الإعداد وأجوائه المصاحبة له. وإذا سألتني عمن المسؤول، سأجيبك: الجميع. إدارة الجامعة والإدارة التقنية التي باتت مصطلحا قديما جدا ولم تعد مستعملة في إطار الاستراتجيات الرياضية لصناعة الأبطال. هناك أشياء أخرى، لكن أحيزون لديه آراء أخرى وفكر آخر. وعلينا احترام آرائه.

> سبق لك أن تقلدت منصب مسؤول تقني في أكثر من مناسبة بالمغرب، هل أنت مستعد للعودة مجددا؟
< أبدا أبدا .. أرفض تقلد أي منصب في ظل الظروف الحالية، مع كاملي احترامي وتقديري للمسؤولين الحاليين. وشخصيا أعتبر إعادة التجربة بنفس الشروط  أمرا صعبا بالنسبة لي.

> هل المشكل في شخص واحد أم في منظومة ألعاب القوى الوطنية ككل؟
< شخصيا لا أكن أي عداء لرئيس الجامعة السيد عبد السلام أحيزون، صحيح أنني أختلف معه في بعض الأمور المتعلقة بالجانب الفني، لكنه يبقى شخصا محترما وناجحا في مجال عمله، وأتذكر أنه في سنة 2008 كنت صريحا معه وقلت له إن تركني أعمل سأمنحك ميداليات في دورة لندن 2012، شريطة توفير مجموعة من الشروط من بينها ضرورة التشطيب أولا على مجموعة من العدائين المخالفين لقواعد المنافسة النظيفة، وقد أدت ألعاب القوى الوطنية ثمن ذلك غاليا، مما جعل الجامعة تضرب بيد من حديد في هذا الجانب بتسليط أقصى العقوبات على كل من تورط في التعاطي للمواد المحظورة.  
أكرر أنني أحترم السيد أحيزون وأقدر أفكاره، لأنه إنسان ناجح في عمله المهني، بيد أن ألعاب القوى شيء آخر، ولها استراتجية أخرى وأفكار مختلفة تماما عن طريقة تفكير أحيزون الإدارية. ففي المجال الرياضي نتعامل مع بشر وليس آلات إلكترونية. نتعامل مع مواهب قادمة من مجتمع فقير جدا، والمطلوب هو جعل أهل الاختصاص يتحملون مسؤولية الجانب الفني، ومن ثم يمكن محاسبتهم وفق دفتر تحملات ببنود واضحة ومحددة، والدليل على أن الجانب الفني يعاني من خلل هو  تعاقب على المنصب منذ رحيلي من 10 إلى 20 مديرا فنيا.

> انطلاقا من تجربتك كبطل ومؤطر، ماذا يلزمنا لإعادة الأمور إلى مجراها وتعود ألعاب القوى المغربية إلى الريادة ومكانتها على الصعيد الدولي؟
<  العودة لتحقيق نتائج إيجابية مسألة صعبة، لكن ليست بالمستحيلة، وبالإمكان تصحيح الأوضاع من الجانب الفني، خاصة وأن الإمكانيات المادية متوفرة، ويحسب للجامعة الحالية نجاحها على مستوى التدبير الإداري والمالي، لكن يبقى الجانب التقني يناقش، وكما قلت آنفا فأنا أحترم الرئيس الحالي للجامعة، وهو صديقي. لقد رجعت الأمور إلى مجاريها بيني وبينه، وسوينا الخلافات خلال لقاء السنة الماضية بإثيوبيا، لكن لا بد من تغيير بعض الأفكار والهيكلة وأشياء أخرى. فنحن كرياضيين نعمل وفق تفاصيل مغايرة، لكن هو يشتغل بطريقة التدبير والبعض المقاولاتي التي لا تتلاءم مع الجانب التقني.

> في وقت كنا نتابع أبطال وأرقام قياسية، برزت في الآونة الأخيرة فضائح المنشطات، كيف ترى ذلك؟
< سعيد جدا لأن الاتحاد الدولي لألعاب القوى والجامعة الملكية المغربية للعبة يقومان بعمل رائع جدا، خاصة قبل أولمبياد ريو دي جانيرو. نظفا اللعبة بشكل جيد. وهذا هو التنظيف الذي تحدثت عنه في 2008، ولو حدث التنظيف آنذاك، لكان سعيد عويطة متواجدا بالجامعة وأحرزنا ميداليات بلندن وريو. مع الأسف الأمور لم تسر بالطريقة التي كنا نتوخاها. ما يمكنني قوله هو أن أحيزون قام بعمل رائع في هذا الجانب، حيث لم يستعمل العاطفة حتى مع أبطال مميزين وموهوبين، وشطب علي أي بطل ثبت تعاطيه للمنشطات، وهنا أقول له: برافو.

> هل من الممكن أن نتحدث عن عودة ألعاب القوى المغربية إلى سابق عهدها؟
< الأمل موجود مائة في المائة، لأن لدينا مواهب كثيرة. وفي طوكيو 2020 نستطيع حصد أزيد من 5 ميداليات إذا أردنا ذلك في ظل الأسماء والمواهب المتواجدة التي أخشى تعرضها للتهميش بسبب التركيز على اسمين فقط، وبالتالي ستقع الجامعة في نفس المشكل المتمثل في التعويل على إيكيدير وعدائين آخرين. الجامعة تعول على عدائين اثنين في مسافتي 3000م موانع و800م. وهذا خطأ لأن هناك مواهب كثيرة. والمشكل الآخر هو كيفية الإعداد للألعاب الأولمبية، خاصة أنه ليس هناك فنيون قادرين على مساعدة أحيزون في الوقت الحاضر.

> منذ سنوات وأنت تحلم بأكاديمية مشروع بطل، لكنك لم تنجح في تحويلها إلى حقيقة على أرض الواقع، فأين وصل هذا الحلم؟
< حلمي حققته وهو المدرسة الوطنية لسعيد عويطة، وجميع الأبطال الذين أنجبتهم ألعاب القوى منذ الثمانيات هم خريجو مدرسة سعيد عويطة. صحيح أن الاسم تغير، وسواء دعيت المدرسة الوطنية أو المعهد الوطني، فهو أمر غير مهم. هذا الحلم حققته، وأنا الآن أريد أن أكتشف أبطال آخرين من حجم آخر في وقت آخر ومختلف. حاليا أنا متواجد بالمغرب، وسوف أرى ما يمكنني فعله. سألتقي ببعض المسؤولين، ولدي أفكار لا أرغب في الكشف عنها.

> هل يمكن أن تزاوج بين عملك بالإمارات والمغرب؟
< أول شيء. أنا مغربي والأسبقية للمغرب، ولو أن الإماراتيين رائعون معي للغاية. يحترمونني كثيرا. أنا بصدد العمل في مشروع البطل الأولمبي بتواجد 12 رياضيا يتدربون بإفران بطريقة رائعة. سيصلون إلى النهائيات وسيحصلون على ميداليات. لست خائنا وأنا مغربي والمغرب في قلبي حتى وإن كانت لا تربطني علاقات جيدة ببعض المسؤولين المغاربة.  

> من خلال متابعة للأبطال الصاعدين، من هي الأسماء التي تتوقع إذا حظيت بالرعاية والاهتمام أن تتألق على المستوى الدولي؟
< سأقول شيئا واحدا، لدينا في المغرب 5 أو 6 أسماء قوية جدا. أتمنى أن يعي أحيزون قدرتها على إحراز ميداليات. إذا تم معرفة كيفية تحضير هاته الأسماء، فقد نستطيع الظفر بأكثر من 5 ميداليات وننسى الماضي.

> كلمة أخيرة للجمهور المغربي الذي يحتفظ بذكريات جميلة مع سعيد عويطة ..
< أشكر كثيرا الشعب المغربي، خاصة من يلجون شبكة التواصل الاجتماعي (فايسبوك) -ولو أني لا أملك حسابا شخصيا-، ويطالبون فيه بأن يعود سعيد عويطة إلى المغرب. وأقولهم لهم إنه لا أحد بمقدوره أن يمنعني من العودة إلى بلدي، لكن الظروف هي فرضت علي عدم الانضمام للجامعة، وأتمنى أن يتفهموا موقفي.

حاوره: محمد الروحلي

Related posts

Top