البلاستيك يغزو العالم

إذا كانت الكوارث التي خلفها إنتاج البلاستيك خلال العقود الماضية غير مؤثرة بشكل كبير على البيئة البحرية و المدن، فهي الآن أصبحت كوارث هائلة نتيجة استثمار صناعة البتروكيماويات مبالغ هائلة في صناعة البلاستيك، خصوصا مع احتمال ارتفاع إنتاجه بنسبة 40٪ في أفق عام 2030،
وتستهلك اليوم صناعة البلاستيك فيما مجموعه 14٪ من إجمالي مصادر الطاقة الاحفورية: النفط والغاز الطبيعي في العالم، وإذا استمر إنتاج واستخدام البلاستيك في النمو بنفس المعدل، وبنفس الوتيرة بحلول عام 2030 قد تصل انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بالبلاستيك إلى 1.34 مليار طن في السنة، أي ما يعادل حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لألمانيا و بريطانيا.
و عرفت السنة الماضية زيادة الطلب على البلاستيك عبر دول العالم، بينما لا يتم تدوير سوى 10٪ من البلاستيك في العالم، في حين يتم نقل الباقي إلى مطارح النفايات أو حرقها مباشرة في الهواء الطلق، والنتيجة طرح ثمانية ملايين من أطنان البلاستيك التي ينتهي بها المطاف في المحيطات و البحار.
وإذا كان البلاستيك يتميز بالعديد من الاستخدامات القيمة، فقد أصبحت ساكنة كوكب الارض مدمنة على استخدام البلاستيك، ففي كل دقيقة يتم شراء مليون قنينة ماء بلاستيكية، في حين يتم استخدام ما يصل إلى 5 تريليون كيس من أكياس البلاستيك الذي يستخدم لمرة واحدة. وأصبحت النفايات البلاستيكية موجودة الآن في كل مكان في الأوساط الطبيعية.
و منذ أوائل الخمسينيات تم إنتاج أكثر من 8.3 مليار طن من البلاستيك 60 ٪ منها انتهى بها المطاف في الأوساط الطبيعية، و جل المواد البلاستيكية يتم إنتاجها من مواد كيميائية مشتقة من النفط والغاز الطبيعي والفحم، وإذا ما استمرت الاتجاهات الحالية، فستستهلك صناعة البلاستيك 20٪ من إجمالي استهلاك النفط في العالم بحلول عام 2050.
و يتم حاليا تدوير 10٪ فقط من جميع النفايات البلاستيكية، في حين يتم حرق حوالي 12٪ منها، أما الكمية الباقية فتتراكم في مطارح النفايات أو في الأنهار و البحار و المحيطات، حيث تحمل الأنهار نفايات بلاستيكية من أعماق المياه الداخلية إلى البحر، مما يجعلها من أكبر المساهمين الرئيسيين في تلوث المحيطات، و ينتهي المطاف كل عام بواقع 8 ملايين طن من البلاستيك في محيطات العالم.
و تسافر الكثير من النفايات البلاستيكية عبر أنهار العالم، التي تعمل كقنوات مباشرة لجمع النفايات من المدن إلى البيئة البحرية، فهناك عشرة أنهار تحمل لوحدها أكثر من 90% من النفايات البلاستيكية التي ينتهي بها المطاف في البحار و المحيطات ومعظم هذه الأنهار يقع في الصين.
و يحمل نهر تشانغ جيانغ الصيني لوحده 1 469 481طن من النفايات البلاستيكية، وهو معروف في الصين باسم “جيانغ تشانغ”، وهو أطول نهر في آسيا، وثالث أطول نهر بالعالم، يتدفق بطول 418 كم من الأنهار الجليدية على هضبة تشينغهاي والتبت شرقا، عبر جنوب غرب ووسط وشرق الصين قبل أن يصب في بحر الصين الشرقي في شنغهاي.
كما يعتبر أحد أكبر الأنهار من حيث الحجم للتفريغ في العالم، ويستنزف خمس مساحة الأراضي لجمهورية الصين، يلقي سنوياً ما لا يقل عن 1.5 مليون طن من النفايات واللدائن البلاستيكية في البحر الأصفر الصيني عند مصبه.
ويحمل النهر الأصفر ثاني أطول أنهار الصين، والخامس في العالم، حوالي 124 249 طن من النفايات البلاستيكية على طول 5464 كم، ليلقي بها في بحر بوهاي بشمال شرق الصين.
نهر بيرل وهو ثالث أطول نهر في الصين يحمل لوحده 72845 طن من البلاستيك على طول 2400 كم وثاني أكبر من حيث الحجم ويسمى نهر اللؤلؤ بهذا الاسم بسبب احتوائه على القذائف الملونة كاللؤلؤ والتي تقع في الجزء السفلي منه.
نهر آمور وهو تاسع أطول نهر في العالم، بين الشرق الأقصى الروسي وشمال شرق الصين. ويحمل نهر الآمور 38267 طن على طول 4416 كم.
و في إطار زيادة الطلب على الموارد المائية، كأحد أهم عناصر  التنمية المستدامة، والتي تضعها لجنة المياه بالأمم المتحدة في أولويات جدول أعمالها، تقف قضايا تلوث المسطحات المائية عائقاً في مستقبل المجتمعات الأكثر فقراً، بل وفي التوزان البيئي بشكل كلي.
وتقف قضايا تلوث المسطحات المائية عائقاً في مستقبل المجتمعات الأكثر فقراً بل والتوزان البيئي بشكل كلي، وتكثر على ضفاف النهر حوادث التلوث التي ترفع معها السلطات حالة التأهّب، كان آخرها ما وقع عام 2014، من تسرّب مواد كيمائية مسرطنة من أحد مصانع البلاستيك الواقع في جزيرة النهر الأصفر بالصين، مما عرّض ملايين الأشخاص للإصابة بالسرطان، وما حدث عام 2006 من تحول النهر إلى اللون الأحمر نتيجة تسرّب كيماويات خاصة بمشروعات التدفئة في الصين، فأدى ذلك لحظر استخدام مياه النهر، وفي العام 2010 تسرب للوقود بقنوات مائية للتطهير السائل تصب في النهر الأصفر، ما أدى إلى تلوث المياه وحظرها عن السكان تماماً، ويعد هذا النهر أحد أكثر أنهار العالم تلوثاً بعد النيل.
نفس الخصائص التي تجعل البلاستيك مفيدا للغاية، لمتانته ومقاومته للتدهور، تجعله من المستحيل أن يندثر في الطبيعة، حيث لا تختفي معظم المواد البلاستيكية تماماً، إنما تتقلص فقط أصغر وأصغر، وتبتلع الأسماك العديد من هذه الجسيمات البلاستيكية الصغيرة، وبالتالي يمكن أن تجد طريقها إلى الأطباق التي نتناولها، كما تم العثور عليها في معظم صنابير المياه في العالم، وإذا ما استمرت الاتجاهات الحالية، يمكن أن تحتوي محيطاتنا على كمية من البلاستيك تفوق عدد الأسماك بحلول عام 2050.
وتنتج الولايات المتحدة واليابان والعديد من البلدان الأوروبية كميات كبيرة من النفايات البلاستيكية، إلا أن هذه البلدان جيدة نسبياً في تدوير هذه النفايات. وتأتي نصف كمية النفايات البلاستيكية في المحيطات من خمسة بلدان فقط هي الصين وإندونيسيا والفلبين وتايلاند وفيتنام. و تشهد هذه البلدان نمواً اقتصادياً سريعاً، مما يؤدي إلى الحد من معدلات الفقر وتحسين نوعية الحياة لمئات الملايين من الناس. ولكن مع نمو هذا النوع من الاقتصاد، يزدهر الاستهلاك و بالموازاة مع ذلك يزدهر استخدام السلع البلاستيكية.
و كانت الصين قد قررت منذ شهر شتنبر الماضي تشديد وارداتها من النفايات البلاستيكية بشدة على أراضيها التي تستوردها من فرنسا، كندا و اليابان.
بدأت صادرات نفايات البلاستيك من اليابان إلى الصين في الانخفاض بشكل حاد في عام 2018، وتنتج اليابان حوالي 9 ملايين طن من البلاستيك سنويًا، منها 1.5 مليون يتم تصديرها الى الصين.
لسنوات عديدة، قامت الصين باستيراد وإعادة تدوير النفايات البلاستيكية من الدول الأكثر ثراءً، وهو بديل أرخص لصنع البلاستيك من البترول، ومع ذلك غالبا ما تكون النفايات ذات نوعية رديئة جدًا بحيث لا يمكن إعادة تدويرها نظرًا لتلوثها بسبب أنواع النفايات الأخرى.
سنة 2017 أعلنت الحكومة الصينية حظر استيراد أنواع كثيرة من النفايات البلاستيكية، ونتيجة لذلك، صدرت اليابان فقط 50000 طن من النفايات البلاستيكية إلى الصين خلال عام 2018، أي أقل من الكمية المصدرة في شهر واحد من عام 2017.
مقابل ذلك صدرت اليابان المزيد من النفايات البلاستيكية إلى تايوان وماليزيا وتايلاند، في محاولة لتعويض الحظر الصيني، و مع اقتراب الوضع الراهن لتصدير نفايات البلاستيك من نقطة الانهيار، سيتعين على المستهلكين اليابانيين البدء في تقليل وإعادة استخدام حاوياتهم البلاستيكية.
في أوروبا و بعد توقف الصين عن استيراد نفاياتها البلاستيكية، سينتهي الأمر بجزء كبير منها لا محالة بالحرق أو برميها في مطارح النفايات، حيث لا تزال أوروبا تفتقر إلى القدرة على إعادة استخدام وإعادة تدوير وجمع كل نفاياتها البلاستيكية، وبالتالي تتجه إلى التصدير.
وانتقلت نفايات البلاستيك المصدرة للصين من الدول 28 المنتمية للاتحاد الاوروبي من 300000 طن شهريًا في عام 2016 إلى 150000 طن شهريًا في عام 2019، وستضطر دول الاتحاد الأوروبي اختيار وجهات جديدة لنفاياتها البلاستيكية: الهند، ماليزيا، فيتنام، تركيا، تايلاند، تايوان أو هونكونغ.
دول الوطن العربي بدورها تستقبل نفايات دول الاتحاد الاوروبي، حيث ارتفع حجم استقبال مصر للنفايات الأوروبية بنسبة ضخمة وصلت إلى 225 في المائة عن عام 2004، إذ استوردت مصر لوحدها عام 2018 حوالي 1.7 مليون طن.
كما سبق أن استقبل المغرب نفايات من بينها بلاستيكية وأخرى من بقايا العجلات المطاطية سنة 2016، هذه الشحنة من النفايات الإيطالية التي كانت موجهة لأجل حرقها في معامل الإسمنت المغربية، أدت  الى خلق نقاش وسط جمعيات المجتمع المدني حول قانونية استيراد مثل هذا النوع من النفايات الخطيرة على البيئة و صحة الإنسان خصوصا و انه سيتم حرقها في معامل الإسمنت ومدى انبعاث الغازات السامة التي ستنتج عن حرق هذه النفايات الخطيرة، هذا الحراك المدني البيئي أدى الى الضغط و بالتالي لجنة لتقصي الحقائق من الغرفة الثانية من البرلمان المغربي، إلا أن التحقيق الذي أعلنته الحكومة آنذاك لم يتم الكشف عن نتائجه ليومنا هذا.
و وفقا لدراسة أجراها معهد الأبحاث الفرنسي لاستغلال البحر، فإن كمية النفايات البلاستيكية التي تطفو على سطح البحر الأبيض المتوسط أو التي غرقت في قعر البحر تجعل منه “البحر الأكثر تلوثا في أوروبا”، قام هذا المعهد بمتابعة درجة تلوث البحر الابيض المتوسط خلال الفترة الممتدة ما بين 1994- 2017 و تبين أن التلوث قد استمر في الزيادة خلال هذه الفترة الزمنية.
ويمثل البلاستيك أكثر من 60٪ من النفايات التي توجد بالبحر الأبيض المتوسط، فكلما اقتربنا من الشاطئ، كلما زادت كمية النفايات المتراكمة، وتؤكد الدراسة أن مصادر التلوث جد متعددة: الملاحة التجارية أو السياحة البحرية، صيد الأسماك، تربية الأحياء المائية، مطارح النفايات، أو المناطق الصناعية أو الحضرية.
ويتم إلقاء 200000 طن من البلاستيك سنويا في البحر الأبيض المتوسط​​، مما جعل بعض العلماء قلقين اتجاه الفيروسات والطحالب والكائنات الحية الدقيقة التي يحتمل أن تكون خطرة لكونها تسكن النفايات المستقرة في قعر البحار والمحيطات.

محاولات للحد من الخطر

ومنذ سنوات تحاول دول العالم تخفيض نسبة إنتاج البلاستيك، في مسعى لتخفيف الضغط ولو قليلا على النظام البيئي الذي يواجه تحديات أخرى، مثل الأمطار الحمضية، والمبيدات الزراعية، والمخصبات الكيميائية و تغير المناخ بصفة خاصة.
وقد توصلت نحو 180 دولة إلى اتفاق يستهدف تحقيق خفض حاد في كميات مخلفات البلاستيك التي ينتهي بها المطاف في المحيطات حول العالم، بحسب بيان للأمم المتحدة.
حيث حضر بجنيف وتحت شعار “كوكب نظيف، أشخاص أصحاء: الإدارة السليمة للمواد الكيميائية والنفايات”، حوالي 1400 مندوب يمثلون 180 دولة شهر ماي 2019، حضروا اجتماعات مؤتمر الأطراف لاتفاقيات بازل وروتردام واستكهولم.
و تبنت الدول المشاركة في المؤتمر مجموعة من القرارات التي تهدف إلى حماية صحة الإنسان والبيئة من الآثار الضارة للمواد الكيميائية والنفايات الخطرة، و نجحت في التوصل إلى تعديل مجموعة من البنود في اتفاقية بازل و اتفاقية استوكهولم واتفاقية روتردام بشأن النفايات البلاستيكية في جنيف، نظرا لكون التلوث الناتج عن النفايات البلاستيكية، وصل إلى مستويات وبائية خطيرة.
وأكد مندوبو الدول المشاركة في مؤتمر الأطراف في جنيف على كون تعديل اتفاقية بازل لإدراج النفايات البلاستيكية أصبح أمرا واقعيا وشيئا ملزما قانونيا لجميع الدول الأطراف، وعليه وبعد التعديل مباشرة ستصبح تجارة النفايات البلاستيكية شفافة ومنظمة، وأكثر أمانا لصحة الإنسان والبيئة.
أشغال مؤتمر الأطراف تواصلت بجنيف حيث همت كذلك تعديل اتفاقية روتردام، هذه الاتفاقية التي توفر إطارا ملزما قانونيا لتبادل المعلومات واتخاذ القرارات في تجارة المبيدات الخطرة والمواد الكيميائية الصناعية، حيث أضيفت إلى المرفق الثالث للاتفاقية مادتان كيميائيتان، مما سيجعلهما خاضعتين لإجراءات الموافقة المسبقة عن علم.
و اعتمدت الاجتماعات الثلاث: الاجتماع الرابع عشر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية بازل (BC COP-14) والاجتماع التاسع لمؤتمر الأطراف لاتفاقية روتردام (RC COP-9) والاجتماع التاسع للمؤتمر الأطراف لاتفاقية استكهولم (SC COP-9) التي اختتمت أشغالها يوم 10 مايو 2019، في جنيف، اعتمدت 73 قرارا، بما في ذلك سبعة قرارات مماثلة للاجتماعات الثلاثة حول التعاون والتنسيق الدوليين، والتعاون بين الأمانة المشتركة لاتفاقيات بازل وروتردام واستكهولم وأمانة اتفاقية ميناماتا، آلية تبادل المعلومات لتبادل المعلومات، والتآزر في منع ومكافحة الاتجار غير المشروع في المواد الكيميائية والنفايات الخطرة .
وتعتبر اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود هي أكثر الاتفاقات البيئية الدولية شمولا بشأن النفايات الخطرة والنفايات الأخرى وهي اتفاقية تقريبا عالمية، وتضم 187 طرفا، مع هدف شامل لحماية صحة الإنسان والبيئة من الآثار الضارة للنفايات الخطرة والنفايات الأخرى، يغطي نطاقها مجموعة واسعة من النفايات المحددة بأنها “خطرة” بناءً على منشأها أو تركيبها وخصائصها، فضلاً عن نوعين من أنواع النفايات المحددة على أنها “نفايات أخرى” – نفايات منزلية ورماد محرقة.
أما اتفاقية روتردام فتتعلق بتطبيق إجراء الموافقة المسبقة عن علم بشأن مواد كيميائية ومبيدات آفات معينة خطرة متداولة في التجارة الدولية، بصورة مشتركة كل من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وتتقاسم الأطراف الـ161 في هذه الاتفاقية الملزمة قانونا المسؤولية وتتعاون لإدارة المواد الكيميائية بأمان في التجارة الدولية.
لا تفرض اتفاقية روتردام حظرا معينا ولكنها تيسر تبادل المعلومات بين الأطراف بشأن المواد الكيميائية ومبيدات الآفات الخطرة، ومخاطرها المحتملة، لإعلام وتحسين عملية صنع القرار على المستوى الوطني، بالإضافة إلى ذلك، من خلال إجراء الموافقة المسبقة عن علم، فإنها توفر آلية ملزمة قانونًا لدعم القرارات الوطنية بشأن استيراد مواد كيميائية ومبيدات آفات مختارة من أجل تقليل المخاطر التي تشكلها على صحة الإنسان والبيئة.
أما اتفاقية استكهولم بشأن الملوثات العضوية الثابتة فهي معاهدة عالمية لحماية صحة الإنسان والبيئة من المواد الكيميائية التي لا تزال سليمة في البيئة لفترات طويلة، وتوزع جغرافيا على نطاق واسع، وتتراكم في الأنسجة الذهنية للإنسان والحياة البرية، ولها آثار ضارة على صحة الإنسان أو على البيئة. ويمكن أن يؤدي التعرض للملوثات العضوية الثابتة إلى آثار صحية خطيرة، بما في ذلك الإصابة ببعض أنواع السرطان، والتشوهات الخلقية، واختلال وظائف الجهاز المناعي والتناسلي، وزيادة التعرض للأمراض وتلف الجهاز العصبي المركزي والمحيطي. وتلزم الاتفاقية أطرافها باتخاذ تدابير للقضاء على إطلاق الملوثات العضوية الثابتة أو تقليله في البيئة. اعتبارًا من اليوم، تضم هذه الاتفاقية الملزمة قانونًا 182 طرفًا، مما يمنحها تغطية عالمية تقريبًا.
وقال البيان الصادر عن الأمم المتحدة بعد اختتام أشغال مؤتمر الأطراف لاتفاقية بازل إن “التلوث الناجم عن مخلفات البلاستيك، والمعروف بأنه مشكلة بيئية كبرى تمثل قلقا عالميا، وصل إلى نسب وبائية في ظل وجود نحو مئة مليون طن من البلاستيك حاليا في المحيطات، يأتي ما بين 80 و90 بالمئة منها من مصادر على الأرض”.
وأشار رولف باييت السكرتير التنفيذي لاتفاقيات بازل وروتردام وستوكهولم، إلى أن المفاوضات التي بدأت قبل نحو 11 يوما وشارك فيها 1400 موفد حققت أكثر مما كان متوقعا.
تزايد الوعي

وأرجع مسؤولون ما تحقق من تقدم إلى تزايد الوعي العام على مستوى العالم بمخاطر التلوث الناتج عن مخلفات البلاستيك على الحياة البحرية، وقال باييت إن القواعد الجديدة ينبغي أن يكون لها تأثير على تلوث المحيطات وضمان ألا ينتهي المطاف بمخلفات البلاستيك في مثل هذه الأماكن.
و بحسب منظمة الأمم المتحدة، فإنه يتم شراء نحو مليون قنينة مياه بلاستيكية كل دقيقة حول العالم، بينما يصل استخدام الأكياس البلاستيكية التي تستعمل مرة واحدة إلى 5 ملايير كل عام، وقد تم تصميم نصف جميع المنتجات البلاستيكية ليتم استخدامها مرة واحدة فقط ليتم التخلص منها مباشرة بعد استعمالها.
ويؤثر التلوث البلاستيكي البحري على ثمانمائة نوع على الأقل من الحيوانات البحرية في جميع أنحاء العالم، وتشمل هذه الآثار وفيات ناجمة عن الابتلاع، والتجويع، والاختناق، والعدوى، والغرق، والتشابك، الذي تتسبب فيه المخلفات.
وتقتل النفايات البلاستيكية ما يصل إلى مليون طائر بحري ومائة ألف من ثدييات البحر والسلاحف البحرية والأسماك في السنة، وعندما تبتلع الطيور البحرية البلاستيك، فإنها تأخذ مساحة في معدتها، مما يتسبب في بعض الأحيان في الجوع الذي يسبب الموت البطيئ.
ولقد تم العثور على العديد من الطيور البحرية ميتة وبطونها مليئة بالنفايات البلاستيكية، حيث يقدر العلماء أن ستين بالمائة من جميع أنواع الطيور البحرية سبق لها و أن أكلت قطعا بلاستيكية، وهو رقم مرشح للارتفاع في أفق 2050.
و بدأت عدد من الدول حول العالم باتخاذ إجراءات قانونية وتنفيذية للحد من المخلفات البلاستيكية، ففي كندا، كانت مدينة فانكوفر هي الأولى في حظر الشفاطات البلاستيكية المصممة لشرب العصير، كما حظر مجلس المدينة توزيع أكواب الشاي والحاويات البلاستيكية، ودخل القرار حيز التنفيذ في بداية شهر يونيو 2019.
و في مقابل ذلك عملت ألمانيا منذ سنة 2019 على توفير بدائل مصنوعة من الورق أو المعدن للشفاطات البلاستيكية، لاسيما وأن البلاستيك من المواد التي تهدد سلامة البيئة، ويُعرض حياة ملايين الحيوانات خاصة في البحر إلى الخطر. وفي ألمانيا وحدها يتم سنويا رمي 5 مليارات شفاطة مشروبات بلاستيكية في القمامة، في حين أن معدل استخدام هذه الشفاطات البلاستيكية لا يتجاوز 20 دقيقة قبل رميها في القمامة.
و في المقابل، تسعى الدول الأوروبية التقليص من المواد البلاستيكية المخصصة للاستخدام الواحد، في حدود 50 في المائة في أفق سنة 2030، والتي تصل بطريقة أو بأخرى إلى البحر،
أما في كوستاريكا، سيتم حظر استخدام المنتجات البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد بحلول عام 2021، والتي تشمل الشفاطات، والزجاجات، وأدوات الموائد، والأكواب، والأكياس.
و في بريطانيا، أعلنت الحكومة عن نيتها في حظر بيع الشفاطات، وأدوات تقليب المشروبات، وعيدان الأذن البلاستيكية.
وفي نيودلهي بالهند، قررت المدينة حظر جميع المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد منذ عام 2017.
وفي أستراليا، فرضت الحكومة غرامة مالية على متاجر التجزئة الكبرى في جميع الولايات التي تستخدم المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، باستثناء ولايتين.
واتخذ الاتحاد الأوروبي بدوره عدة تدابير لمواجهة التلوث البلاستيكي، من بينها صنع عبوات بلاستيكية قابلة لإعادة الاستخدام أو قابلة لإعادة التدوير بحلول عام 2030، و يطمح إلى إعادة تدوير حوالي 90٪ من القنينات البلاستيكية بحلول عام 2025.
في حين اتخذت مجموعة من الدول عدة مبادرات استباقية اتجاه خطر النفايات البلاستيكية، وتخطط كل من الهند والبيرو الى التخلص من جميع المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد بحلول عام 2022، في حين ستعمل جزر المالديف تدريجياً على التخلص من جميع المواد البلاستيكية غير القابلة للتحلل.

 محمد بن عبو

ناشط بيئي رئيس جمعية أصدقاء البيئة

Related posts

Top